من يتحمَّل قرار إنعاش جدي في أيامه الأخيرة؟ ❤️‍🩹

زائد: هل جربت ترند لنكدإن؟


هل حوّلت نفسك إلى دمية في ترند لنكدإن؟

لأنَّ ترند جيبلي طفولي ولا يعبر عن مهنيتك واحترافك، دفعت لنكدإن بترند آخر من «جي بي تي» يحوّل صورتك إلى دمية صاحبة مهنة بمسمى (the A.I action figure). وللعلم هي أيضًا فكرة طفولية من عالم باربي: باربي المحامية وباربي الطيّارة وباربي المديرة وباربي الطبيبة وهلمَّ جرًّا، وطبعًا كل باربي محبوسة في علبتها مزوّدة بأدواتها المهنية.  

الترند ناجح في لنكدإن لكن لم يتمدد نجاحه إلى منصات التواصل الأخرى، لأنَّ عوالم جيبلي الخيالية تظل أروع من خيالات الحبسة في صندوق بيئة العمل. 🤷🏻‍♂️

في عدد اليوم تشاركنا مجد أبو دقة القرار الصعب الذي يواجهه أهل المسن في أيامه الأخيرة، وتشاركنا شهد راشد منظور ابن المقفع في تأديب النفس، وفي لمحات من الويب نعرف من اللي قفلت الترند💚.


قرار الإنعاش / Imran Creative
قرار الإنعاش / Imran Creative

من يتحمَّل قرار إنعاش جدي في أيامه الأخيرة؟ ❤️‍🩹

مجد أبو دقة

قبل ما يقارب الثلاثة أشهر سقط جدي فجرًا وهو يمشي بين غرف البيت. هذا السقوط -لمن تعاملوا مع كبار السن- منذر بما هو أبعد منه، فإن نجا كبير السن من الكسر وتبعاته، يكون السقوط - غالبًا- إشارة إلى اضطرابات في وظائف الجسم ومعادنه ومكوناته.

برحمة من الله لم يصب جدي بأي كسر. ولكن هذا السقوط أشار إلى خلل كبير في البوتاسيوم وغيره من المعادن، كما أشار إلى ضعف في وظائف الكلى وارتفاع في مؤشرات التهاب لا يعرف الأطباء تمامًا العضوَ المصاب به.

من هنا بدأت رحلة الدخول إلى المستشفى، فالعناية المركزة ثم الخروج منها، فالعودة إليها؛ وذلك لأنّ حالة جدي لا تستقر تمامًا، فيظهر عجز الطب الحديث عن إصلاح أي شيء. إذ إنَّ جسم الإنسان معقد ومترابط بشكل مُعجز، وتدهور عضو منه بسبب العمر يؤثر في الجسم ووظائفه كلها، وكل محاولات التدخل الطبي لها آثار إيجابية وسلبية في الوقت ذاته.

يُعيدني هذا إلى مرض جدتي الأخير -رحمها الله- إذ بدأ بسقوطها أيضًا ولكن بتفاصيل مختلفة، وبتجربة مشابهة، حيث نقف نحن والطب عاجزين عن الفهم وعن الإصلاح. في ذلك الوقت اتجهت إلى قراءة كتاب بعنوان «لأنّ الإنسان فانٍ» لمؤلفه أتول قواندي. الكتاب يتحدث عن الإشكالات الطبية والاجتماعية للشيخوخة، والتحديات التي يواجهها كل من كبير العمر وأقاربه، والمنظومة الصحية غير المهيأة بشكل كافٍ للتعامل مع مراحل الحياة الأخيرة للإنسان بطريقة تحافظ على نوعية حياته. فهدف الطب -وفق الكتاب- إطالة الحياة وإنقاذ المريض من الموت مهما كان الثمن المدفوع ماديًا أو معنويًا.

في نهاية الثلث الأول من رمضان يخرج جدي من المستشفى إلى بيته وأسافر لزيارته، وفي اليوم الأول يستطيع خالي  بالكرسي المتحرك أن يساعده ليشاركنا سفرة الإفطار، يجلس على السفرة دقائق قبل أن يستسلم إلى حاجته للراحة ويطلب أن نعيده إلى سريره. وخلال الأيام اللاحقة تتناقص قدرته على تحريك جسده النحيل دون أن تتلاحق أنفاسه وتزداد نبضات قلبه بشكل ملحوظ، ولا يخفى على أحد منّا أنه: «اِمْصابِح اِمْماسي».

نضع له جهاز الأوكسجين في البيت، ونقضي الوقت نتأمله وهو يصلي ويقرأ ما تجود به ذاكرته من القرآن، ثم يوصينا بتقوى الله والصبر. فنبدأ في صراع داخلي نناقشه يوميًا: هل ننقله إلى المستشفى، أم نبقيه بيننا ونحن نرى ألمه؟

أُصِرّ بشدة على وجوب رفضنا دخوله العناية المركزة في حال اضطررنا لنقله إلى المستشفى، وأحاول بكل قوة أن أُؤجل قرار نقله إلى المستشفى، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.

في فجر يوم عودتي إلى بيتي وقبل مغادرتي بساعات تسوء حالة جدي إلى الحد الذي دعاه أن يطلب بنفسه الذهاب إلى المستشفى، فيُسقط في يدنا جميعًا. وفعلًا تنقله سيارة الإسعاف، وهناك يصرّ الأطباء على دخوله العناية المركزة لإعطائه نوعًا من الأكسجين المركَّز غير المتوفر خارجها.

هناك في غرفة العناية الباردة يعود جدي إلى وعيه ويغضب من خالي -الذي بذل كل ما في وسعه- لأنه أعاده إلى غرفة العناية مرة أخرى، ويرفض البقاء فيها، ولكن لا يقبل الأطباء رفضه. ويومًا بعد آخر تزداد تدخلات الأطباء إلى أن وضعوه على جهاز التنفس الصناعي، وحقنوه ببعض المنومات ليتحمل خراطيمه.

يعود الصراع إلى نفسي أقوى من قبل؛ أليس أفضل للإنسان أن يموت في بيته على سريره حوله أحبابه من أن يبقى في غرفة بيضاء باردة فاقدًا قدرته حتى على النطق؟ ولكن من منا يمكن أن يتحمل مسؤولية هذا القرار؟

أعود إلى كتابي السابق بحثًا عن الإجابات أو السلوى أو حتى لتغذية غضبي؛ فأقرأ عن دراسة أظهرت أن المرضى الذين خضعوا لتدخلات طبية -في مراحل حياتهم الأخيرة- من نوعية أجهزة التنفس أو الإنعاش القلبي أو أُدخلوا العناية المركزة كانت نوعية الحياة التي عاشوها أسوأ بمقدار ملحوظ من أولئك الذين لم تجر لهم هذه التدخلات. كما أن ذوي القسم الأول -وخاصة من يعتنون بهم- واجهوا قدرًا من الاكتئاب أكثر بثلاثة أضعاف من ذوي القسم الثاني.

فهذه التدخلات الطبية تحرم المريض حتى من وعيه، ولا تأخذ بعين الاعتبار أولوياته في تلك المرحلة، ومن أهم هذه الأولويات -وفق الإحصاءات- «تجنب المعاناة، وتقوية العلاقات مع الأهل والأصدقاء، وأن تحافظ عقولهم على وعيها».

يحاول الكتاب مناقشة كيفية تطوير النظام الطبي ليساعد في تخفيف آلام المريض ودعمه دون هذه التدخلات، ويقدم بعض التجارب والمقترحات، مثل نظام العناية التلطيفية، والتي يمكن أن يوقِّع المريض فيها بإرادته على رفض هذه التدخلات في حال احتاج إليها.

نبقى نحن في حالة من الصراع النفسي، فهذه البدائل ليست منتشرة، ولا يناقش الأطباء المرضى في خياراتهم قبل فوات الأوان، ولا يمكن لنا أن نأخذ هذا النوع من القرارات أو نتحمل مسؤوليته، من الناحية الإنسانية أو الشرعية والتي فيها تفصيل وخلاف؛ إذ من أهم مقاصد الشرع - كما الطب- الحفاظ على الحياة .

مع ذلك تبقى قواعد الطب المتمثلة بإبقاء جدي بعيدًا عن أهله في غرفة بيضاء باردة مربوطًا بخراطيم لا تمنع قدرَ الله ولا تؤخره، قواعد قاسية. وفعلًا بعد عصر السادس والعشرين من رمضان يأذن الله لروح جدي الطاهرة أن تعود إلى خالقها، وهو يرقد وحيدًا دون أن نسمع كلماته الأخيرة، ولكننا ندري أن رحمة الله تحفه، وأن أقدار الله كلُّها خير.


شبَّاك منوِّر🖼️

لا أبالغ حين أقول إن هوامش بعض الكتب ممتعة بقدر محتوى الكتاب وربما أكثر، فلطالما أخذني هامش لا يتجاوز السطرين إلى عوالم لم أتوقعها. وفي تصفحي كتاب «الأدب الصغير» وقفت على هامش يقتبس مقولة عن ابن المقفّع: 📖 

  • «سُئِلَ ابنُ المقفع: مَن أدّبك؟ قال: نفسي؛ كنت إذا رأيت من غيري حسنًا أتيته، وإذا رأيت قبيحًا أبيته. ويُروى أن نبي الله عيسى - عليه الصلاة السلام - قيل له: مَن أدّبك؟ فقال: ما أدبني أحد، ولكن رأيت جهل الجاهل فاجتنبته.» 🪽🪔

  • نعوِّل كثيرًا على تربية الوالدين لأبنائهما ليكونوا أفرادًا صالحين وخلوقين ومُنجزين ومساهمين في المجتمع، حتى نكاد نُلقي بالأمر كله على عاتقهما ونتجاهل الظروف المحيطة، أهمها قضاء طفلهما نصف يومه في بيئة المدرسة وما يشاهده ويتعلمه من أقرانه هناك، فنلقي بالعبء على شخصين يخطئان ويصيبان.🤰🏻👨🏻‍🏫

  • بتحميل الوالدين عبء صلاح إنسان طوال حياته، ننزع عن الأبناء مسؤولية النضوج؛ إذ كلما أخطؤوا يتنصلون عن دورهم في تربية أنفسهم ويرمون الخطأ على شمّاعة والديهم. من شأن هذا السلوك أن يسلب حرية الإرادة لدى كل منّا، ونربط كل تصرفاتنا بقرارات والدينا في التربية.👀🫢

  • التمسّك بهذه الحجة يقيّد الابن ضمن أُطر ومبادئ والديه، ويبقي العائلة بأسرها في حلقة صنعها شخصان والبقية تدور في فلكها على مضض باحثين عن مخرج خفيّ. فلا تكون للابن مساحة يخلق فيها شخصيته ويشكّل آراءه ويصقل مبادئه وتوجهاته في الحياة كما يرى ويتسق مع  أفكاره. فما يحتاجه الابن من والديه الأساس الأخلاقي القويم الذي سيساعده على تأديب نفسه وتحمُّل مسؤوليتها وصونها من الجهل. ⭕️🚪


🧶إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • الإحساس بالأمان الوظيفي لن يساعدك على الإنجاز.

  • تختلف الأسباب لكل شخص مصاب بهوس الكتب، ولكن الأغلب يلجأُ إلى جَمْع الكتب وشرائها في محاولة يائسة لتعويض ما فسد من علاقاته الاجتماعية.

سبوتيفاي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+360 متابع في آخر 7 أيام