سوق عمل بدون سعودة
كيف نحسّن الوظائف ونرفع الرواتب بدون ما ترتفع الأسعار؟ وليه التوطين الكامل مهم؟



من الكلمات اللي تتردد علينا كثير: «السعودة» وعلاقتها بالبطالة. وكلها ترجع لمفهوم التوطين، مثل توطين قطاع الزراعة والاتصالات، أو حتى القطاعات العسكرية مؤخرًا.
وكل دولة في العالم تهتم كثير بتنمية مواطنيها؛ لأنهم جزء من أمنها القومي. فالفكرة: إنك ما تعتمد على غيرك قد ما تقدر، واحنا في السعودية جزء من هذا العالم.
في هذه الحلقة، مع محمد آل جابر وهادي فقيهي، قررنا نغوص في الفكرة اللي تؤثر بشكل أساسي في فهم اقتصادنا، ونشرح الموضوع بطريقة تخلّيك تفهم وش ورا هذه المصطلحات الرنانة.


ليه المنطقة الشرقية ومكة في الصدارة؟ 🗺
لكل منطقة طابعها الخاص وفرصها المتنوعة: فالمنطقة الشرقية تُمثّل قلب الاقتصاد النفطي؛ إذ تضمّ شركة أرامكو والصناعات الثقيلة، ممّا يفتح أبواب التوطين في مجالات مثل الإدارة والهندسة والطاقة والصيانة.
وأمّا مكة المكرمة، قلب الضيافة الدينية في العالم، فتتزايد فيها الحاجة -مع كل موسم عمرة أو حج- إلى كوادر في التنظيم والإيواء والأمن والخدمات السياحية. ولذلك، تصدّرها في هذا المجال أمر طبيعي؛ لأن الطلب مرتفع، وتستمر فيها فرص التوطين بخطى ثابتة.
فاصل ⏸️
«برق» محفظة تقنيّة ماليّة💸
الخدمات، البطاقات، والمنتجات ما عليها أي رسوم.
والكاش باك، على الحوالات الدولية وتحويل رواتب العمالة، وبطاقة فيزا ومدى!
محفظة .. تعطيك ما تأخذ منك!

كيف بدأت «السعودة»؟
في منتصف السبعينيات، بدأت تتشكّل ملامح سياسة إحلال المواطنين في سوق العمل، نتيجة الاختلال الواضح في نسب التوظيف بين السعوديين والوافدين؛ حيث لم يكن هناك سوى موظف سعودي واحد مقابل كل ثلاثة من غير السعوديين. ودفع هذا الخلل الدولة -مع النمو السكاني المتسارع- إلى التفكير في إجراءات طويلة الأمد لضبط سوق العمل وتوفير فرص حقيقية للمواطنين.
ومع دخول خطط التنمية الخمسيّة حيّز التنفيذ، أصبحت «السعودة» هدفًا رسميًّا للدولة، وظهرت بوضوح في الخطة الرابعة، التي دعت إلى تقليص الاعتماد على العمالة الأجنبية.
ورغم صدور سياسات وتشريعات عديدة، لم يكن التنفيذ سهلًا؛ إذ اِصطُدم بواقع السوق وتفضيل القطاع الخاص للعمالة الأرخص، حتى مع تحديد نسب مُلزِمة في بعض المهن والأنشطة. واستمرت نسب التوطين في التأرجح، إذ عُدّلت بعض الأهداف أو مُنحت بعض الإعفاءات في حالات خاصة.
كيف تتخيّل بيت العمر؟ 💭
مسكن متكامل ومريح، موقعه قريب من كل شي، وفيه كل شي 🏡✨
موقفك الخاص، مصلى، مقهى،بقالة، صالة رياضية، وترفيهية!
هذي هي تجربة السكن في صفا 🔗
التجربة اللي تسبق الحاضر وتنبض بالحياة 🖼️🥁


أين وصلنا في توطين الصناعات العسكرية؟
شهدت السعودية في السنوات الأخيرة تحولًا نوعيًّا في مسار توطين الصناعات العسكرية، مدعومًا برؤية استراتيجية تهدف إلى رفع نسبة التوطين إلى 50% من إجمالي الإنفاق العسكري بحلول عام 2030. وانطلق هذا التحول من نقطة منخفضة لم تتجاوز 3% ورُفعت إلى 20% خلال فترة وجيزة، عبر حزمة من الإصلاحات، أبرزها: إنشاء أنظمة للتراخيص الصناعية، وتنظيم عمليات الشراء العسكري، وبناء شراكات محلية ودولية لنقل التقنية وتطوير القاعدة الصناعية الوطنية.
مصانعنا تصنّع
أبرز الأمثلة على هذا التحول: ما حدث في قطاع الملبوسات العسكرية؛ حيث أصبحت 80% من المنتجات تُصنّع محليًّا، بعدما كانت تُستورد بالكامل. كما وُقّعت عقود تصنيع بمئات الملايين مع مصانع داخلية لتغطية الاحتياج الوطني. وفي المجال البحري، جرى توطين إنتاج الزوارق الاعتراضية بالتعاون مع شركاء دوليين، مع ضمان مرور جميع عمليات البيع الإقليمي على الشركات السعودية، لتعزيز السيطرة الصناعية وتوليد فرص التصدير.
أما على مستوى التوسع الصناعي، فقد قفز عدد المنشآت المرخّصة من 5 فقط إلى أكثر من 150 جهة تعمل في التصنيع والصيانة، مع إصدار أكثر من 230 ترخيصًا صناعيًّا. كما حُدّد 74 منتجًا استراتيجيًّا تحتاجه السعودية خلال العقد القادم، اختيرت منها 30 فرصة رئيسة بتقديرات استثمارية تتجاوز 17 مليار ريال. وهذه الخطوات بمثابة تأسيس حقيقي لقطاع صناعيٍّ سياديّ، قادر على تلبية احتياجات الأمن الوطني، وفتح آفاق اقتصادية واعدة للسعودية.
الزبدة 🧈
توطين الصناعات العسكرية هو محاولة لإعادة توزيع مراكز القرار في ملف حساس مثل الدفاع، كما أنه يُستخدم أداةً لتقليل الاعتماد على الخارج، خصوصًا في ظل تجارب سابقة أظهرت هشاشة هذا الاعتماد عند حصول أزمات سياسية أو حظر مفاجئ.
ووراء كل نسبة توطين مُعلَنة، ثمة سؤال أعمق: من يملك التقنية؟ ومن يحدد شروط التوريد؟ ومن يتحكم بالاستمرار أو التوقف؟ يعكس المشروع فهمًا واضحًا لهذه الأسئلة، ويحاول -عبر بناء القدرات المحلية من مصانع وتشريعات وشراكات وكوادر- نقل أكبر قدر ممكن من التحكم من الخارج إلى الداخل.


من الكم إلى الكيف
يُشير التركيب الديموغرافي للمقيمين في السعودية إلى تركّز واضح في جنسيات محددة تستحوذ على النسبة الأكبر من إجمالي الوافدين. ويعكس هذا التركّز نمطًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا تراكم عبر عقود من العلاقات الثنائية بين السعودية وتلك الدول، إضافة إلى احتياجات محلية مستمرة في سوق العمل.
وعبر استقراء الواقع الاقتصادي، يمكن استنتاج أن سياسات استقدام العمالة لم تعد تعتمد على الكثافة العددية فحسب، بل بدأت تتجه نحو النّوعية والمهارة. فارتفاع نسب المقيمين من بعض الدول يُفهَم في ضوء ما تقدّمه هذه الجنسيات من كوادر مهنية مؤهلَة تلبي متطلبات الاقتصاد الحديث، خصوصًا في مجالات التقنية والخدمات الصحية والهندسية.
في المقابل، لا تزال بعض القطاعات تعتمد على العمالة ذات الكلفة الأقل والمهارات البسيطة. وهو ما يعزز استمرار التوافد من دول توفر هذا النوع من العمالة. وبذلك، تتكوّن خارطة العمالة في السعودية بشكل يعكس التحول التدريجي من الكمّ إلى الكيف، مع الحفاظ على توازن يغطي كافة احتياجات التنمية.


كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.