هل سبق وعشت رمضان في الشتاء؟ 🌙❄️
زائد: الكتاب الذي لا يريد فيسبوك أن تقرأه 🤐




هل سبق وعشت رمضان في الشتاء؟
تتجلّى أجمل ذكرياتي مع رمضان في تلك الأيّام التي عشتها بعد منتصف التسعينيات، حين صادف رمضان فصل الشتاء. حينئذٍ، كنت لا أزال أدرس في المرحلة المتوسطة، وأجد في الذهاب إلى مسجد الحي في العشر الأواخر، بعد منتصف الليل لصلاة القيام، نوعًا استثنائيًّا من الحرية في الخروج في وقت متأخّر؛ الحرية التي كانت مقصورة على الكبار.
في تلك الأيام، انقسم مسجد حيّنا إلى قسمين: داخلي للصلاة، وخارجي توضع فيه دوّة الفحم، وحولها ما جلب المصلّون معهم من وجبات خفيفة ومطّارات الشاي والقهوة. كنت أجالس أقراني، وتأخذنا الأحاديث حتى نسمع الإمام يكبر للركوع، فنسارع بالدخول لنلتحق بالصلاة. وبعد التسليم، يخيّم الهدوء في القسم الداخلي من المسجد، حيث ينشغل كثير من المصلين بالقراءة من مصاحفهم، بينما نعود نحن الصغار إلى الخارج، ونتدفّأ حول الفحم والشاي، ونستأنف أحاديثنا.
القرقيعان
تُميِّز ليالي القرقيعان أجواء منتصف رمضان، من ليلة الثالث عشر إلى الخامس عشر. هنَّ أيضًا من أمتع ليالي رمضان لمن هم في سنّي آنذاك، حيث أحمل على صدري كيسًا قماشيًّا، وأسير مع مجموعة من الأطفال بين منازل الحي، نطرق الأبواب ونقول: «قرقيعان!» فيخبرنا صاحب المنزل باسم أحد سكان البيت، وليكن: «خالد»، فنبدأ في الغناء:
قرقيعان وقرقيعان
بيت قصيّر ورميضان
عادت عليكم صيّام
كل سنة وكل عام
سلّم «خالد» يالله
خلّه لأمه يالله
عسى البقعة ما تخمّه
ولا توازي على أمه
بعدها نفتح أكياسنا لنتلقّى، بكل سرور وبهجة، الحلوى والمكسرات التي يقدمونها لنا.
لكن براءتنا الطفولية كانت تحمل دائمًا خطّة بديلة إذا ما صادفنا بيتًا يرفض مشاركتنا فرحتنا، ويجيب: «ما عندنا قرقيعان!» كُنَّا نتراجع خطوةً إلى الوراء ونشرع في غناء أغنية نهجو بها أصحاب البيت:
ويص ويص
في بيتكم جعاميص
نرفع أصواتنا بالغناء عاليًا بينما نتجه نحو البيت التالي، محذّرين أصحابه بملاقاة الهجاء نفسه في حال رفضهم فتح الباب.
مائدة الإفطار
نستمد هذه الطاقة من مائدة الإفطار، حيث نجتمع على المائدة قبيل الأذان، وننصت إلى القرآن من جهاز الراديو، ريثما يقول القارئ: «صدق الله العظيم». عندها نكون قد اتّخذنا مواقعنا على المائدة، منتظرين صوت مدفع الإفطار المتبوع بالأذان. في الأيام الأولى من رمضان، كنت أبادر قبيل الأذان إلى الهاتف الأرضي لأتصل برقم الساعة: 113، الذي غالبًا ما كنت أجده مشغولًا.
ملكة المائدة، بلا منازع، هي التشريبة، وتُسمى أيضًا الثريد. جاء في معجم الغني: «ثَرَدَ الخُبْزَ: فَتَّهُ ثُمَّ بَلَّهُ بالْمَرَقِ وَاللَّحْمِ». وهو من الأطباق التي تغيب طوال السنة، ولا تعود إلى المائدة إلا في رمضان. ولعلّ ذلك يعود إلى سبب ظهورها أول مرة؛ يُقال إن هاشم بن عبد مناف سُمي هاشمًا لأنه أول من هَشَم الخبز ليُطعم قومه الثريد في مكة، وحدث ذلك في وقت كان يعاني الناس من المجاعة.
لهذا الطبق مكانة معتبرة في تراثنا؛ فقد جاء في الصحيحين أن: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». ويصفه القرطبي في تفسيره بأنه: «أزكى الطَّعَامِ وَأَكْثَرُهُ بَرَكَةَ، وَهُوَ طَعَامُ الْعَرَبِ». كما يذكر ابن بطوطة في خبر سلطان أكريدور أن أهلها: «يقدمون الثريد تبركًا، ويقولون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فضّله على سائر الطعام، فنحن نبدأ به لتفضيل النبي له، ثم يأتي بسائر الأطعمة، وهكذا فعلهم في جميع ليالي رمضان.»
ومن الآثار التي خلّفها أهل الأندلس عند البرتغاليين إلى اليوم هذا الطبق المستوحى من الثريد، الذي يسمّونه (Açorda)، وهو أشبه بشوربة الخبز. ويرجع أصل التسمية البرتغالية إلى كلمة «ثريد» العربية.
بعد الإفطار، تبدأ عقارب الساعة بالتّسارع؛ نجتمع لشرب الشاي ومتابعة المسلسلات، وهي ساعة الذروة لمسلسلات رمضان. ثم يذهب إلى المسجد من يرغب في صلاة التراويح، وتبدأ بعدها زحمة الشوارع، حيث يكون وقت التزاور في الدواوين. ولا تكاد تنتبه لما تفعله، إلا وتجد الوقت قد مرّ سريعًا، واقترب موعد السحور.
القراءة الرمضانية
رغم أن ليالي رمضان تمرّ سريعًا، فإنّ النهار يبدو طويلًا وبطيئًا، ومن يُحسن استغلاله يجد فيه بركة كبيرة. بالنسبة لي، تحظى القراءة بجزءٍ مهم من وقتي خلال النهار، وتكون الكتب الدينية هي الأنسب لهذا الشهر.
ومما قرأته أيضًا في هذا الشهر وترك أثرًا طيِّبًا، بعض الأعمال التي تناولها جورج طرابيشي في كتابه النقدي «الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية»، مثل قصة «زعبلاوي» وروايتيّ «الطريق» و«ثرثرة فوق النيل». أحببت تحليل طرابيشي الدقيق لهذه النصوص، وكنت أعود إليه بعد كل قراءة لفهم أبعادها الرمزية، مما زاد من إعجابي بعبقرية نجيب محفوظ الأدبية.
أرسل نجيب محفوظ رسالة إلى جورج طرابيشي، أقرّ فيها بقوة تحليله، قائلًا: «بصراحة، أعترف لك بصدق بصيرتك، وقوة استدلالك، ولك أن تنشر عنّي بأن تفسيرك للأعمال التي عرضتَها هو أصدق التفاسير بالنسبة لمؤلِّفها».
في السنوات الماضية، كنت أستغل وقت الفراغ في رمضان لتحقيق هدفي السنوي بقراءة عددٍ محدّدٍ من الكتب. لكنني لاحظت أنني بدأت أركز على الكم أكثر من الفهم، فقرّرت التوقف عن هذه العادة. بدلًا من ذلك، تبنيت عادةً مختلفة تمامًا: إعادة قراءة الكتب التي استمتعت بها سابقًا. وفي الأجواء الروحانية لرمضان، التي تدعونا إلى التأمل في ذواتنا ومدى تطورنا النفسي، وجدت في إعادة القراءة وسيلةً لقياس تطور أفكاري وشخصيتي واهتماماتي.
بعض الكتب التي أثرت فيّ بعمق في قراءتي الأولى، اكتشفت لاحقًا أنها تحمل نظرةً سوداوية وتشاؤمية لم أنتبه لها من قبل، مما جعلني أتساءل عن الأفكار التي كنت أجدها ممتعة آنذاك. في المقابل، هناك كتبٌ أخرى ازداد استمتاعي بها في القراءة الثانية، حيث توقفت عند أفكارٍ وعباراتٍ لم ألحظ أهميتها سابقًا. هذا التغيّر في نظرتي لما أقرأ، جعلني أدرك كيف تتطور رؤيتنا مع الزمن، وكيف تعكس إعادة القراءة مسار نضجنا الفكري.
الناس ليسوا سواء في رمضان
الكثير من الناس يتغير حالهم في رمضان؛ فتجدهم يكثرون من الصدقات، ويجتهدون في قراءة القرآن، ويقومون الليل، ويؤدّون العمرة. إلا أن هناك من الناس من يثقل عليهم هذا الشهر، ويكون حالهم فيه أشبه بالحالة التي ذكرها ابن الجوزي في كتاب «أخبار الظراف والمتماجنين»: «نظر أعرابيٌّ إلى البدر في رمضان، فقال: سمنتَ وأهزلتني، أراني فيك السلّ. وقيل لبعضهم: أيّ وقتٍ تحبّ أن تموت؟ قال: إن كان ولا بد، فأوّل يوم من رمضان».
في الختام
كل ثلاثٍ وثلاثين سنة، يُتِّم رمضان طوافه على الفصول الأربعة، وفي السنوات الأخيرة صار يقترب أكثر من فصل الشتاء بأجوائه المناسبة للصيام. ولا تزال المساجد عامرة بالمصلين والمعتكفين، والموائد الرمضانية وفيرة، والأطفال يملؤون الشوارع في منتصف الشهر، والمسلسلات لا يمكنك أن تحصيها. لكن تبقى اللمَّة العائلية اليومية على مائدة الإفطار، والتبريكات، واللقاءات مع الأقارب والأصدقاء، هي أحلى ما في هذا الشهر الفضيل.
فاصل ⏸️

رحلة ممتعة مع الفكر والأدب 📚☕️
مبادرة الشريك الأدبي تجمع القرّاء مع الأدباء والمفكرين، في جلسات حوارية، وورش ولقاءات مع كتّاب بارزين في تجربة غنية بالتفاعل والتفكير النقدي.
انضم لمجتمع الأدب، واكتشف الفعاليات القريبة منك عبر منصة جسر الثقافة.

أناةٌ في عواقِبها دَرَكٌ خيرٌ من عجلةٍ في عواقِبها فَوْت
تُعدُّ مقولة المهلب بن أبي صفرة دعوةً إلى التفكر والتأني، وهي نهجٌ يلائم زمنًا تطغى عليه السرعة إلى حدٍّ يصعب السيطرة على سيولته. نجد أنفسنا في سباقٍ دائم، حتى في أدقِّ تفاصيل حياتنا اليومية، ففقدنا بذلك القدرة على التمتع بنجاحاتنا، واستشعار جمال علاقاتنا الإنسانية.
قيل: «إذا لم يُدرَك الظَّفَرُ بالرفق والتأني، فبماذا يُدرَك؟!»
ومن المهم التفريق بين التأني والتواني؛ فالتواني يرتبط بالكسل وإضاعة الوقت، وهو ترك العمل على الأهداف والاعتماد على القدر. أمَّا التأني، فهو الرفق والابتعاد عن العجلة، والتمعّن في العواقب. فأصل العقل التثبت، وثمرته السلامة.
تلتقي المقولة مع فلسفة البطء التي انتشرت نهاية الثمانينيات، واعتمدها عدّة مفكرين لمواجهة عصر الحداثة، وذاعت حاليًّا بفضل انتشار المؤثرين على مواقع التواصل. تهدف هذه الفلسفة إلى تبني نمط حياةٍ قوامه التمتع باللحظة في كل نواحي الحياة اليومية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أُعطي حظَّه من الرفق، أُعطي حظَّه من الدنيا والآخرة»


الكتاب الذي لا يريد فيسبوك أن تقرأه 🤐
لقد كان توم وديزي لامباليَين – لقد حطَّما كل شيء وكل المخلوقات، ومن ثم انسحبا متراجِعَين إلى أموالهما أو لامبالاتهما الهائلة… وتركا للآخرين أمر إزالة الفوضى التي أحدثاها.
فيتزجيرالد - «غاتسبي العظيم»
صدر هذا الشهر في الولايات المتحدة الأمريكية كتابٌ بعنوان «اللامبالون، حكاية تحذيرية عن السلطة والجشع والمثالية الضائعة»، لمؤلفته سارة وين وليامز.
تتطرق سارة في كتابها، الذي استوحت عنوانه من رواية «غاتسبي العظيم»، إلى عدة خروقات وأسرار مرتبطة بشركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، وقد أثار الكتاب، فور صدوره، جدلًا واسعًا، خاصةً مع محاولة الشركة منع تداوله بأمرٍ قضائي.
سارة وين وليامز، دبلوماسية نيوزيلندية سابقة، ومحامية في القانون الدولي، وخبيرة في مجاليّ حقوق الإنسان وقضايا البيئة. انضمَّت إلى فيسبوك عام 2011، وتدرَّجت في المناصب، إلى أن تقلَّدت إدارة السياسة العامة العالمية للمنصة. أتاح لها المنصب فرصة العمل لسنوات قرب مارك زوقربيرق، لكن مسيرتها المهنية في الشركة انتهت بعد إقالتها من منصبها عام 2017، إثر توجيهها اتّهامًا بالتحرش لرئيسها جويل كابلان.
تبرز هذه السيرة، بأسلوب صادم وساخر، جوانب مثيرة مما يحدث خلف كواليس إحدى أكثر الشركات إثارة للجدل في العالم، مسلِّطة الضوء على التجاوزات والأخطاء التي ارتكبها قادتها، مثل مارك زوقربيرق وشيريل ساندبرق وجويل كابلان. وعلى الرغم من أن بعض هذه المعلومات سبق وكُشفت في الماضي، تمنح الكاتبةُ القارئَ معلومات حصرية وجديدة متعلقة بشخصيات المديرين التنفيذيين في الشركة.
تعود وليامز إلى جلسة الاستماع التي عُقدت أمام مجلس الشيوخ والنواب الأمريكي عام 2018، التي تناولت عدة مواضيع حساسة، منها فضيحة خرق بيانات مستخدمي فيسبوك من قبل شركة كامبريدج أناليتيكا. وتتهم الكاتبة مارك بتطوير مشروع «أولدرين» قبل عقد من الزمن، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز استراتيجية التوسّع في الصين. وفقًا لوليامز، سعى مارك إلى استرضاء الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، عبر السماح لشركة صينية بمراقبة المحتوى المنشور من قِبَل المستخدمين في الصين، ومنح الحكومة الصينية إمكانية الوصول إلى بياناتهم. وتؤكد أن مارك كذب حين قلّل من أهمية هذا التعاون أثناء جلسة الاستماع، وأنكر اتخاذ أية إجراءات بخصوص ذلك.
تشير السيرة أيضًا إلى أن مارك يميل إلى التنصّل من تحمل المسؤولية عن أخطائه الشخصية، بإلقاء اللوم على فريقه. وتذكر مثالًا على ذلك ما حدث في رحلة إلى البيرو حين أضاع مارك جواز سفره وعاتب مرافقيه بشدّة. كما تكشف وقائع أخرى تُظهر شخصية مارك القيادية التي تتسم بالنرجسية ونوبات الغضب المتكرّرة والجهل العميق بالتاريخ. وتصفه وليامز بـ«الخاسر السيئ»، الذي لا يقبل الهزيمة ويغضب مثل الأطفال متى خسر في الألعاب التي تجمعه بزملائه، مما يصيب الجميع بالإحراج.
تقول سارة وين وليامز: «من الممكن أن يأمل المرء أن الأفراد الذين يتمتعون بقدر كبير من السلطة سيطوّرون حسّ المسؤولية، لكن يبدو أنهم لا يُظهرون أي بوادر لتحقيق ذلك.» وأضافت: «في الحقيقة، ما يحدث هو العكس تمامًا؛ فكلما زادت رؤيتهم لعواقب أفعالهم، قلَّ اهتمام مارك والمسؤولين التنفيذيين في فيسبوك بذلك».
كما اتهمت وليامز في كتابها شيريل ساندبرق، المديرة التنفيذية لقسم العمليات في فيسبوك، بخلق بيئة عمل سامة، مشيرةً إلى تصرفاتها المشينة معها ومع مساعدتها، وتجاهلها حقوق النساء، خاصة تلك المتعلقة بإجازة الوضع، وهو ما عانت منه وليامز شخصيًّا بعد إنجابها. ولم يَفُت وليامز أن تقارن هذه التصرفات بمضامين كتاب نشرته ساندبرق سنة 2013 بعنوان «تقدمي إلى الأمام: المرأة والعمل و إدارة القيادة»، وضعت فيه شيريل ما سمته «مانيفستو» يقود النساء نحو تقلد المناصب القيادية. تؤكد وليامز أن الأفعال التي كانت شاهدة عليها تتعارض مع هذا الخطاب الداعي إلى تمكين النساء.
من جهة أخرى، جدَّدت وليامز اتهامها لمديرها السابق، جويل كابلان، بالتحرش، الذي طالها داخل العمل وخارجه، ولم يحترم وضعها بعد الإنجاب، مما دفعها إلى رفع الأمر إلى الإدارة. وأدّت التحقيقات في النهاية إلى تبرئته وفصلها عن العمل. وسَّعت وليامز اتهاماتها لكابلان مشيرةً إلى تقاعسه عن تعيين خبراء في مجال حقوق الإنسان للتعامل مع قضايا حسَّاسة تمس الأقليات، مثل ما حدث مع مسلمي الروهينقا في ميانمار، مما ساهم -حسب قولها- في انتشار خطاب الكراهية والعنف على منصات الشركة. وأكّدت أن هذا الإهمال لم يكن بسبب نقص الموارد أو سوء النوايا، بل نتيجة لعدم اهتمام الإدارة التنفيذية في ميتا تجاه هذه القضايا ولا مبالاتها.
لم تبقَ الشركة مكتوفة الأيدي أمام هذه الاتهامات، بل بادرت إلى اتخاذ إجراءات قانونية، مستندة إلى بنود اتفاقية عدم التشهير التي وقّعتها وليامز قبل مغادرتها الشركة سنة 2017. وجادلت الشركة أن الكتاب «كاذب وتشهيري»، ومليء بالأكاذيب والافتراءات، ويعتمد على مزاعم سبق وحقّقت فيها الشركة داخليًّا. وعلى الرغم من صدور حكم لصالح ميتا، يقضي بمنع سارة وليامز من الترويج للكتاب أو توزيعه، بسبب مخاطر الضرر غير القابل للإصلاح الذي قد يلحق بشركة ميتا، أكد الناشر فلاتيرون بوكس نيته مواصلة النشر والتوزيع.
بِيعَ من الكتاب ما يزيد عن 60 ألف نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية في أول أسبوع من إصداره، وتصدَّر قائمة نيويورك تايمز، المنشورة الخميس الماضي 20 مارس، عن أفضل الكتب (غير الخياليَّة) مبيعًا، كما احتل في اليوم نفسه المرتبة الرابعة في قائمة الكتب الأكثر مبيعًا على أمازون.
هذه الدعوى القضائية تعيد إلى الواجهة مواجهات سابقة لشركة ميتا مع الكُتّاب ودور النشر، حيث سبق وواجهت الشركة دعاوى قضائية رفعها مؤلفون أمريكيون، يتهمون ميتا باستخدام البيانات المحمية بحقوق المؤلف والنشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل (Llama).
أعادتني مضامين هذه السيرة، التي أفردت لها معظم الصحف الأمريكية والأوربية مراجعات عدة، إلى فِلم «الشبكة الاجتماعية»، من إخراج ديفيد فينشر وكتابة آرون سوركين، المقتبس من كتاب «بليونيرات بالصدفة: حكاية الجنس والمال والعبقرية والخيانة»، الصادر عام 2009 للكاتب بين ميزريق. ويستعرض الفِلم القصة الحقيقية لإنشاء موقع الفيسبوك والدعاوى القضائية المرتبطة بذلك.
في المشهد الافتتاحي الذي جمع «مارك» وحبيبته «إيريكا»، يُظهر الحوار هوس «مارك» بالتقنية، إلى جانب حقده الطبقي، وعقدة النقص تجاه المجتمع. وهذا ما دفع حبيبته في النهاية إلى التخلي عنه، قائلة: «ستقضي عمرك وأنت تعتقد بأن الفتيات لا يَحبَبنك لأنك مهووس بالعلم، وهو أمر غير حقيقي… لن تُعجب بك الفتيات لأنك سافل فحسب».

لمن هذه الصورة؟


الأدب السري لمسلمي إسبانيا الأواخر
تأليف: لوثي لوبيث بارالت/ ترجمة: نادية العشيري ومحمد برادة / الناشر: مركز البحوث والتواصل المعرفي / عدد الصفحات: 1284 (يقع في مجلدين)
تعدُّ الباحثة لوثي لوبيث بارالت -وهي من بورتوريكو- من أبرز من اعتنى بالتراث المورسكي، في ظل علمٍ ناشئ يدعى «الموريسكولوجيا»، الذي اكتسب مكانة علمية لاهتمامه بفحص الذاكرة التاريخية لمسلمي إسبانيا، مدفوعًا بإرثهم الثقافي الذي لا يزال يحظى باهتمام الباحثين المتحدثين بالإسبانية.
في هذا الكتاب، الذي يمزج بين حضارتين وثقافتين، قدّمت بارالت صوتًا للمورسكيين المنسيّين، الذين حوصِرت أحلامهم وحياتهم وشعائرهم الدينية تحت وطأة التهميش بعد سقوط غرناطة عام 1492م، في نهاية الحكم الإسلامي فيها. على الرغم من ذلك، استطاع أولئك المورسكيّون أن يتركوا بصمةً فريدة في الأدب الإسباني، عبر تفاعل ثقافي مع الآداب المسيحية التي سادت آنذاك.
عُرف هذا الأدب بأدب المورسكيين، أو أدب العجم، أو الأدب الإسباني المكتوب بالخط العربي. وعلى الرغم من ندرة الدراسات حوله، فإن نحو 200 مخطوطة محفوظة في المكتبات الإسبانية والعالمية تشهد على ثراء هذا الأدب، الذي ظل غالبه حبيس الأدراج حتى وقت قريب.
سعت الكاتبة في عملها إلى كشف النقاب عن هذا الإرث، وإعادة الاعتبار إليه عبر تتبّع آثاره الخفية في الثقافة الإسبانية. وقد لاقى الكتاب ترحيبًا واسعًا بين متخصصي تاريخ الأندلس، كما نال عدة جوائز. وقد قال عنه المؤرخ التونسي، عبد الجليل التميمي، المختص في الشأن الأندلسي: «بعد نحو خمسين عامًا من متابعة الدراسات والأبحاث في تاريخ الأندلس والمورسكيين والعثمانيين والعالم العربي الإسلامي، أسجّل أن هذا الكتاب هو أهم كتاب في تاريخ الأندلس.»
أثر القرآن الكريم في اللغة العربية
تأليف: أحمد حسن الباقوري/ الناشر: دار المعارف / عدد الصفحات: 136
يتناول هذا الكتاب، برؤية تأملية رائعة، تأثير القرآن الكريم العميق في الشعوب العربية، مستعرضًا كيف نجح في تحويل نزوات الفرد والأثرات الذاتية إلى قيمٍ ومعانٍ سامية، تجعله جزءًا لا يتجزّأ من روح الأمة وهويتها. يُظهر الكتاب كيف أن القرآن هذّب أخلاق الأفراد، ورفع شأنهم الروحي والنفسي. ومن خلال هذا التحوّل، أثّرت تعاليم القرآن في اللغة العربية، فأصبحت لغة المسلمين التي يتعبدون بها، ويعتزون بها.
ينقسم الكتاب إلى جزأين محوريّين: الأثر العام للقرآن، والأثر الخاص. وينقسم كل محور إلى عدة أقسام تفصيلية. في البداية، يسلّط الكتاب الضوء على حال العرب قبل الإسلام، بما يشمل طبيعة معانيهم وأحاديثهم وأشعارهم وألفاظهم، في عرض موجز وشامل. ثم ينتقل الكتاب إلى المرحلة التي تلت مجيء الإسلام، موضِّحًا التغيير العميق الذي طرأ على الألفاظ العربية ومعانيها، بفضل التعاليم السامية التي جاء بها القرآن الكريم.
مسمّيات الإبل دراسة لغوية تاريخية
تأليف: عبدالحكيم بن عبدالله جهيلان / الناشر: مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية / عدد الصفحات: 332
صدر كتاب «مسميات الإبل» سنة 2024، ويعد تنقيحًا لرسالة علمية قدّمها المؤلف نهاية الثمانينيات لنيل درجة الماجستير. تتبّع الكاتب في مؤلَّفه مكانة الإبل الراسخة في التراث العربي والإسلامي، بدءًا من ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومرورًا بتجلياتها في الشعر الجاهلي والإسلامي، ووصولًا إلى حضورها في الأمثال الشعبية والثقافة العربية. وقد استعان الكاتب بنماذج توضيحية واستشهادات عدة تكشف عمق هذا الحضور.
لا يقتصر العمل على الجانب الأدبي وحسب، بل يطرح دراسة شاملة، تجمع بين التحليل اللغوي والتأريخ الاجتماعي والبحث الميداني، مقارنًا تطوّر مفردات الإبل عبر العصور، وراصِدًا ما اندثر منها، وما بقي حيًّا في الذاكرة الجماعية. ويستند الكاتب في ذلك إلى منهجية علمية دقيقة، تعتمد على التوثيق والمقارنة، كما اعتنى بتراجم من ساهم في تدوين وتوثيق عالم الإبل عبر التاريخ.
يُعدّ الكتاب موسوعة تضمُّ كل ما يتعلق بعالم الإبل: فوائدها الاقتصادية والاجتماعية، وأوصافها الجسدية، وأنسابها ونعوتها، ثم دورها المحوري في تاريخ العرب العسكري والتجاري، مما يجعله مرجعًا للباحث والمهتم بدراسة الإبل.


سواء كنت صديقًا للكتب أو كنت ممن لا يشتريها إلا من معارض الكتاب، هذه النشرة ستجدد شغفك بالقراءة وترافقك في رحلتها. تصلك كلّ أربعاء بمراجعات كتب، توصيات، اقتباسات... إلخ.