ليش تقييمات الأفلام اليابانية القديمة مرتفعة؟🇯🇵🥷

زائد: جو هيسايشي والألحان التي تبني القصة.

السينما اليابانية / تصميم: أحمد عيد
السينما اليابانية / تصميم: أحمد عيد

لماذا نقدر أفلام أكيرا كوراساو؟

البعض يسأل: ليش الأفلام اليابانية القديمة تحظى بكل هذا التقدير؟ ليش دائمًا نسمع عن أفلام كوراساو وكأنها من أعمدة السينما؟ 

الجواب بسيط: هذه الأفلام كانت مثل من مشى على الشوك حتى يفتح الطريق لمن بعده. لا تشاهدها بعين اليوم، بل شاهد الأثر الذي تركته، وشاهد كيف غيّرت في السرد السينمائي وألهمت كل مخرج عظيم جاء بعدها.

أكيرا كوراساو، هو رائد في تطوير تقنيات السرد السينمائي، ليس في اليابان فقط، بل على مستوى العالم كله. وهنا نستعرض أهم الابتكارات التي قدّمها وغيّرت السينما إلى الأبد:

1. السرد متعدّد المنظور والراوي غير الموثوق – تقنية «راشومون»

كان «راشومون» (1950) أحد أهم الأفلام التي غيّرت شكل السرد السينمائي. أخذ كوراساو في هذا الفِلم قصة جريمة بسيطة، وبدل تقديمها بالطريقة العادية، قرر عرضها من أربع وجهات نظر مختلفة. كل شخصية تعطيك زواية مختلفة عن الحدث، وفي كل مرة تشعر أنك تقترب من الحقيقة، لكن بالنهاية؟ الحقيقة تضيع بين زوايا السرد.

كانت هذه التقنية غير مسبوقة وقتها، لكنها أصبحت اليوم من أساسيات السرد السينمائي في أفلام الغموض والإثارة. مثلًا:

  • فِلم «The Usual Suspects»

أُنتج سنة 1995، ولعب بالأسلوب نفسه؛ جعل القصة بيد راوٍ غير موثوق، وكل شيء يظهر لك بالنهاية على عكس ما كنت تتوقع.

  • فِلم «Gone Girl»

أُنتج سنة 2014، استخدم التقنية نفسها في كشف الحقائق من منظورين مختلفين، وأنت تتساءل: من الصادق؟

قدم كوروساوا هنا مفهوم «نسبية الحقيقة»، وهو أن الحقيقة ما هي بالشيء المطلق، بل تتشكل حسب زاوية الرؤية. هذه الفكرة صارت حجر الأساس في أغلب أفلام الغموض والتشويق التي نشاهدها اليوم.

  1. التلاعب بالزمن في السرد – «إكورو» والدراما العكسية

ما كان كوروساوا مجرد راوٍ رهيب، بل كان يلعب بالزمن، وكثير من أفلامه تتنقل بين الماضي والحاضر بطريقة ذكية تجعل القصة تتراكم بشكل درامي عميق.

خذ هذا المثال: «إكورو» (1952). يبدأ الفِلم بحياة موظف حكومي ممل، وبعد وفاته، تبدأ الشخصيات الأخرى في استرجاع حياته من وجهات نظر مختلفة. هنا لا يأتي السرد خطيًّا، بل يتشكل الزمن من خلال الذكريات والاستعادات، وكل لحظة تمثل معنى جديدًا يضاف إلى القصة.

هذه التقنية ألهمت الكثير من المخرجين، وأبرزهم كريستوفر نولان الذي يعتمد عليها في أفلامه مثل:

  • فِلم «Memento»

تتكشف فيه الأحداث بالعكس، بحيث تكتشف الحقيقة مع البطل خطوة بخطوة.

  • فِلم «Inception»

يخليك تضيع في طبقات مختلفة من الزمن، تمامًا مثل ما كان كوراساو يحب يلعب بزوايا السرد.

بمعنى آخر، لو أن كوراساو ما كسّر الزمن وركبه بطريقته، لما شاهدنا كل تلك الأفلام التي جعلت الزمن مكوّنًا أساسيًّا في السرد.

  1. الصمت ساردًا دراميًّا – «الساموراي السبعة» 

الصمت في أفلام كوروساوا ما كان مجرد لحظة فراغ، بل جزءًا من القصة نفسها. كان كوروساوا يعرف كيف يجعل المشهد يتكلم دون كلمات، وكيف توصل لغة الجسد وتعبيرات الوجه القصة بالقوة نفسها التي يوصلها الحوار.

في «الساموراي السبعة» (1954)، تعتمد بعض المشاهد بالكامل على النظرات والتوتر وترقّب الحركة. هذا الأسلوب ألهم كبار المخرجين الذين اعتمدوا على الصورة أكثر من الحوار، مثل:

  • فِلم «The Good, the Bad and the Ugly»

أُنتج سنة 1966، وفيه اعتمد سيرجيو ليون على لغة الجسد؛ نظرات العيون تحكي الكثير، ما من أحد ينسى ذاك المشهد الأيقوني في فِلمه.

  • فِلم «Kill Bill»

أُنتج سنة 2003، قبل أي مواجهة عنيفة، كان تارانتينو يستخدم المشهد الصامت... ومعروف تأثر تارانتينو بسيرجيو ليون، لكن معلمهم كلهم هو أكيرا.

كان كوروساوا يؤمن أن الصمت قد يكون أقوى من أي حوار، وأنّ الترقب والانتظار أحيانًا أهم من الحدث نفسه.

ما توقف تأثير كوروساوا عند السينما الكلاسيكية، بل استمر حتى السينما الحديثة، لأن كوراساو لم يكن مجرد مخرج ياباني، بل صاحب مدرسة سردية ألهمت جميع أجيال السينما، من الكلاسيكية إلى الحديثة.

نايف العصيمي


فلم «The Face of Another»
فلم «The Face of Another»

  • يُعرض اليوم الخميس، في صالات السينما في السعودية فِلم «Captain America: Brave New World»، من إخراج يوليوس أوناه، وبطولة أنثوني ماكي. يعود الفِلم إلى عالم مارفل السينمائي، حيث يواجه «سام ويلسون» (كابتن أمريكا) تحديات سياسية وعسكرية تهدد استقرار العالم. وسط تصاعد التوترات، يجد نفسه في مواجهة قوى خفية تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي، ما يدفعه إلى اختبار قناعاته في إشارة لموضوع الحرية.

  • كما يُعرض في اليوم نفسه الفِلم المصري «سنو وايت»، من إخراج تغريد أبو الحسن، وبطولة مريم شريف. تدور أحداث الفِلم حول «إيمان» الحالمة بالزواج وإيجاد الحب الحقيقي، ولكن معاناتها من التقزّم تقف عائقًا أمام ذلك. تلجأ «إيمان» إلى الإنترنت وتتعرف على شاب عبر تطبيق للزواج، مخفيةً عنه حقيقة طولها، أملاً في تحقيق حلمها.

  • أُعلن عن بدأ تصوير «AVENGERS: DOOMSDAY» في شهر مارس المُقبل في إنقلترا.

  • أعلن المخرج ويس أندرسون عن فِلمه الجديد «The Phoenician Scheme»، الذي ينتمي إلى أفلام الجاسوسية ذات الطابع المظلم. من المقرر طرح الفِلم في صالات السينما في تاريخ 6 يونيو. ويضم العمل طاقمًا لافتًا من النجوم، من بينهم مايكل سيرا وتوم هانكس وبراين كرانستون وريز أحمد وجيفري رايت وسكارليت جوهانسون.

  • صدور الإعلان التشويقي الرسمي للنسخة المحدّثة (Remake) من فِلم «How To Train Your Dragon» المقرر عرضه في شهر يونيو المُقبل.

  • الكشف عن ملصق دعائي جديدللنسخة المحدّثة (Remake) من فِلم «Lilo & Stitch» والمقرر عرضه في شهر مايو المُقبل.

  • صدر الإعلان التشويقي الرسمي لفِلم «Thunderbolts»، المقرر عرضه في صالات السينما في شهر مايو المقبل. يستعرض الفِلم فريقًا من الشخصيات المناهضة للأبطال، من بينهم «يلينا بيلوفا» و«باكي بارنز» و«ريد جارديان»، حيث تجندهم «فالنتينا أليقرا دي فونتين» لتنفيذ مهمة خطِرة. الفِلم من إخراج جيك شراير، ومن بطولة فلورنس بيو وسباستيان ستان وديفد هاربر ووايت راسل.

  • تدرس «The Academy» تعديل متطلبات الترشح لجوائز الأوسكار 2026 بجعل الكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي إلزاميًّا؛ تعزيزًا للشفافية والنزاهة الفنية. يهدف القرار إلى توضيح مدى توظيف هذه التقنية في الإنتاج، لضمان أن قرارات الجوائز تُتّخذ بناءً على فهم واضح للعناصر الإبداعية البشرية التي ساهمت في العمل.


ليست الموسيقا عنصرًا مكمّلًا في أفلام استوديو قيبلي، بل روحًا متكاملة تتناغم مع الصورة لتخلق تجربة سمعية وبصرية فريدة. كانت الموسيقا التصويرية في «Kiki's Delivery Service»، الصادر عام 1989، أحد أهم عناصر السحر، إذ أضفت طابعًا يمزج بين الحنين والمغامرة والنمو الشخصي.

العقل الموسيقي خلف السحر

يقف وراء هذه الألحان العظيمة جو هيسايشي، المؤلف الموسيقي الذي ارتبط اسمه بروائع استوديو قيبلي. ويتميز أسلوب هيسايشي بالمزج بين البساطة والعمق، حيث يخلق ألحانًا مألوفة رغم كونها جديدة، وتلمس المشاعر دون مبالغة درامية. في «Kiki's Delivery Service»، ابتكر هيسايشي موسيقا تجمع بين الترتيبات الأوركسترالية وعناصر الجاز، ما منح الفِلم طابعًا أوروبيًّا يناسب أجواء البلدة الساحلية الخيالية «كوريكو».

هوية موسيقية متفردة

في الفِلم، جاءت الموسيقا مزيجًا متناغمًا بين الأوركسترا التقليدية وعناصر الجاز الخفيفة. وقد استخدم هيسايشي البيانو عاكسًا لحظات التأمل والدفء العاطفي، واستخدم الآلات الوترية -الكمان والتشيلو والفيولا- لتضفي إحساسًا بالانسيابية في اللحظات الحالمة التي تعيشها «كيكي». بينما أضافت الآلات النفخية الخشبية -الفلوت والكلارنيت- إحساسًا بالخفة والسحر، خاصة في مشاهد التحليق. أما الساكسفون والإيقاعات الجازيّة، فقد منحا بعض المقطوعات طابعًا حيويًّا يعكس الحياة اليومية في «كوريكو»، مثل عمل «كيكي» في المخبز وجولاتها في المدينة. هذا المزج بين العناصر الكلاسيكية والحديثة منح الموسيقا طابعًا خالدًا، حيث حملت لمسة من الحنين دون أن تفقد انتعاشها وحيويتها.

الألحان التي حكت القصة

يعتمد هيسايشي على ما يُسمى «الألحان الرئيسة» (Leitmotifs)، وهي ألحان ترتبط بالشخصيات والمواقف، مما يمنح العمل وحدة موسيقية متماسكة.

من أبرز مقطوعات الفِلم:

(A Town with an Ocean View)

مقطوعة حالمة تعكس انبهار «كيكي» بمدينة «كوريكو». تتدفق المقطوعة بسلاسة، ما يعزز الإحساس بالمغامرة.

(Heartbroken Kiki)

مقطوعة مؤثّرة تجسّد لحظات الشك الذاتي لدى «كيكي»، حيث تصبح الألحان أكثر هدوءًا وتأمّلًا، مما يعكس شعورها بفقدان الثقة بقدراتها.

(Flying Delivery Service)

مقطوعة مفعمة بالحيوية، تعكس متعة «كيكي» وهي تطير بحرية، بتصاعد لحني يمنح إحساسًا بالحركة والانطلاق.

كيف بنت الموسيقا عالم الفِلم

إلى جانب دورها في نقل المشاعر، كانت الموسيقا عنصرًا أساسيًّا في بناء الإحساس بالمكان؛ فقد نبضت الحياة في مدينة «كوريكو» عبر الموسيقا التي تنوعت بين النغمات المشرقة والخفيفة والمقاطع الأكثر تأملًا. كذلك، عكست الموسيقا رحلة «كيكي» الشخصية، إذ بدأت بألحان مفعمة بالحيوية، ثم تحوّلت تدريجيًّا إلى نغمات أكثر هدوءًا ونضجًا مع تقدم الفِلم، الأمر الذي يجسد انتقالها من الطفولة إلى الاستقلالية.


فِلم «Harakiri»
فِلم «Harakiri»

اليوم نقول أكشن في هذا المشهد من فِلم «Harakiri» للمخرج ماساكي كوباياشي.

تدور أحداث الفِلم حول «هانشيرو تسوقومو»، وهو ساموراي سابق يسعى لاسترداد كرامته من خلال طلب أداء طقس الهاراكيري داخل قصر عائلة «إي»، وهو الطلب الذي يُشعل فتيل سلسلة من الأحداث الدرامية التي تكشف تناقضات المجتمع الإقطاعي.

لطالما عكست الأفلام اليابانية فنون هذا الشعب وثقافته العريقة، مُبرزةً بعض الظواهر المميزة. وإذا كان الكاميكازي في العصر الحديث قد أضحى رمزًا لأساليب الانتحار الشرفية في تاريخهم العسكري، فإن فِلم ماساكي يقدم لنا لمحة عميقة عن طقس السوبوكو، أحد أقدم أساليب الانتحار التقليدية في اليابان، الذي يجسد مفهوم الشرف والتضحية في مواجهة العار والفساد، ويُعدّ تعبيرًا حيًّا عن استعداد الساموراي لتقديم حياتهم ثمنًا للمبادئ.

يبدأ المشهد المحوري بعرض محكمة يجتمع فيها أعضاء الساموراي من عائلة «إي» لطرح الاتهامات على «هانشيرو». أما «هانشيرو»، فيجلس مستمعًا بهدوءٍ لاتهاماتهم، مما يُبرز الصراع الداخلي والانقسام بين واجب الشرف والتشكيك في القيم التقليدية. 

يتصاعد التوتر تدريجيًّا مع ظهور الملامح الواضحة لعدم مصداقية النظام الذي بُني على أسس زائفة. وفي لحظة حاسمة، بعد أن يطُلب من «هانشيرو» أداء طقس الهاراكيري في المحكمة، يضحك ضحكًا هستيريًّا بدل الرضوخ بصمت، ساخرًا من الظلم الذي وقع عليه ومن حكم صاحب السلطة. ثم يخوض مواجهة عنيفة ضد حرّاس العائلة، ويقتل عددًا منهم، مما حوّل الفعل من مجرد انتحار شكلي إلى عمل انتقامي يعكس رفضه للقيم الزائفة.

بينما يظهر القاضي داخل الغرفة وهو يرقب القتال، وكأنَّه مدرك تمامًا أنَّ ما يجري ليس مجرد صراع فردي، بل مقاومة جماعية أو إشارة إلى قدوم ثورة ضد القيم الزائفة التي يدعمها النظام. لذلك، قد يكون تصرفه في هذا المشهد دلالة على وعيه بأن ما يحدث ليس صراعًا مع شخص واحد فحسب، بل بداية تمرد أوسع قد يظهر في المستقبل ضد الفساد والطغيان.

وفي لحظة مفصلية من المشهد، يتحول القتال إلى فعل دراماتيكي، حين يحطّم «هانشيرو» الرداء الرمزي الذي يمثل معايير الشرف وتقاليد الساموراي، في إعلان صريح عن رفضه للنظام القائم وكشفه عن فساده.

وعندما يصبح في النهاية في حالة ضعف، ينهي حياته بالطريقة التقليدية، بطقس الهاراكيري، لكن ليس دحضًا للعار كما جرت العادة، بل تحديًا لمنظومة الشرف الزائفة التي سلبته كل شيء.

في المواجهة الجماعية، أتقن المخرج إظهار التعب والجروح والخوف المرتسم على وجه «هانشيرو» ووجوه المقاتلين من حوله، كاشفًا قدرة «هانشيرو» على التفوّق على خصومه، ليس بالقوة، بل بقدرته على زرع الرعب فيهم، مما يدفعهم إلى التردد في مهاجمته رغم تفوقهم العددي.

ما أظهره «هانشيرو» هو مفهوم الشجاعة في أغلب الثقافات: فعل الصواب رغم سيطرة الخوف. واللافت أن هذا الخوف لم يكن مجرد تمثيل، بل انعكاسًا لما جرى أثناء التصوير، إذ كان تاتسويا ناكاداي خائفًا بالفعل خلال أدائه مشاهد القتال بالسيوف والرماح، لأن السيوف المُستخدمة كانت حقيقية (وهي ممارسة أصبحت محظورة في الأفلام اليابانية بالوقت الحالي). حتى مع وجود مبارزين محترفين لضبط المبارزات، ظلّ الخوف حاضرًا، مما أضفى على المشهد توترًا حقيقيًّا يتجاوز مهارة الأداء التمثيلي.

انعكس هذا الإحساس بالتوتر أيضًا في أسلوب التصوير، حيث استُخدمت زوايا الكاميرا بذكاء لتعكس الصراع النفسي والتناقضات بين الشخصيات، بينما عزّزت اللقطات الثابتة والطويلة مشاعر الجمود والتأمل.

ولم تكن الإضاءة القاتمة والظلال الحادة -خاصة في مشاهد المواجهات- مجرد عناصر بصرية، بل أدوات درامية تُبرز الرهبة والتوتر، مسلطةً الضوء على تعبيرات الوجه والسيوف بوصفها رموزًا للشرف.


فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

فِلم «Tokyo Story»
فِلم «Tokyo Story»

بعض الأفلام لا تقتبس القصص الواقعية، ولكنها تقتبس السلوكيات واللحظات الإنسانية، فتخلق عالمًا يعكس الواقع من خلال التفاصيل الدقيقة. ومع مرور الزمن، يزداد بريقها مع نضج الإنسان، حيث تُكشف معانٍ جديدة وتفاصيل لم نكن لندركها في البداية.

لن يأتيك الإعجاب بفِلم «Tokyo Story» فور مشاهدته، بل ينبغي أن تكرر المشاهدة مرات عديدة؛ فكلما كررت مشاهدته، يصبح أكثر عمقًا وتبرز الرؤى بوضوح أكبر. وهذا ما يتفق عليه أغلب محبي المخرج الياباني ياسوجيرو أوزو!

هناك أسباب أخرى تجعل هذا الفِلم محل اهتمام، ليس فقط في موضوعه، بل في تفاصيل كواليسه وأسلوب صناعته الفريد.

  • استخدم الفِلم تقنية «لقطة التاتامي مات»، حيث تُوضع الكاميرا على مستوى الأرض لتصوّر الممثلين من زاوية منخفضة. هذه التقنية تتوازى مع الفنون اليابانية التقليدية، مثل لوحات اللفائف والكابوكي ومسرح الشيمبا. من خلال هذه الزاوية، يظهر الممثلون في الخلفية، ما يجعل المشاهد يشعر وكأنه مُراقب، ويضفي على المشهد طابعًا منظّمًا وطبيعيًّا في آن واحد. كما يُعزز أسلوب التصوير الحميمية في الفِلم، حيث يُشعر المشاهد بالاندماج في حياة الشخصيات. ويتعمّق هذا الشعور عندما يخاطب الممثلون الكاميرا مباشرة، ما يُزيد من الإحساس بأننا جزء من الحياة اليومية البسيطة والمليئة بالعواطف للشخصيات.

  • أُنتج الفِلم في أوائل الخمسينيات، إلى جانب أفلام يابانية أصبحت الآن كلاسيكيات، مثل «راشومون» الصادر عام 1950، و«أوقيتسو مونوقاتاري» الصادر عام 1953، و«جيقوكومون» الصادر عام 1953. ومع ذلك، لم يُعرض الفلم في الولايات المتحدة حتى عام 1964، وبحلول ذلك الوقت كان أوزو قد فارق الحياة.

  • فُقدت النسخة الأصلية من الفِلم بعد فترة قصيرة من اكتماله نتيجة حريق في خزنة المختبر بمدينة يوكوهاما، مما اضطر المسؤولين إلى إنتاج الفِلم باستخدام نسخ مطبوعة من نسخة احتياطية كانت موجودة.

  • يعكس الفِلم رؤية ياسوجيرو أوزو للحياة الأسرية، إذ يتعاطف الفِلم بوضوح مع الوالدين. ربما يعود ذلك إلى تجربة ياسوجيرو أوزو، حيث لم يتزوج قط، وظل يعيش مع والدته طوال حياته.

  • تُعزى عظمة «طوكيو ستوري» إلى قدرته على عكس آلام المجتمع الياباني بعد الحرب بحدّةٍ لم يبلغها أي فِلمٍ سابق؛ فقد رُويت القصة من وجهة نظر كبار السن، وهو أمر نادر، وكانت خيبة أملهم في جيل ما بعد الحرب واضحة.

  • يُعد أسلوب أوزو جزءًا من تقليد سينمائي ياباني يتميز بالصور البطيئة أو الثابتة، حيث تعبّر الفراغات أو الظواهر الطبيعية عن المشاعر، ويكون للجو العام الأهمية ذاتها التي للشخصيات. وإذا ما قارنّا الأمر بالسينما الهوليودية، تبدو السينما اليابانية قاتمة جامدة، متقشفة وبسيطة.

  • اللافتات التي ظهرت في الفِلم كانت من رسم المخرج نفسه.

  • قضى ياسوجيرو أوزو ومعاونه الدائم كوجو نودا 103 أيام في نزل ريفي في تشيقاساكا لكتابة السيناريو. وبعد الانتهاء منه، تم التصوير والمونتاج بسرعة كبيرة، ليكتمل إنتاج الفِلم بالكامل خلال أربعة أشهر فقط.

  • صُنف الفِلم بأنه أعظم فِلمٍ في استطلاع «سايت أند ساوند» لآراء المخرجين عام 2012. استُلهم الفِلم من فِلم «Make Way for Tomorrow» للمخرج ليو ماكاراي (1937). وعلى الرغم من أن أوزو لم يشاهده، فإن السيناريست كوقو نودا قد اطلع عليه. كما صُنّف الفِلم بأنه ثالث أفضل فِلم غير ناطق بالإنقليزية في استطلاع للنقاد أجرته «BBC» عام 2018.

الأفلامالموسيقا
النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
أسبوعية، الخميس منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+50 متابع في آخر 7 أيام