اقتصاد اليابان
أبهر الاقتصادُ الياباني العالمَ في القرن العشرين، حينما كان على وشك اللحاق بالاقتصاد الأمريكي… ولكن، انتهى السباق بالاقتصاد الياباني نهايةً مفاجئة، إذ تجمّد لثلاث عقود.
اقتصاد اليابان
الحلقة متاحة حاليًّا لمشتركي ثمانية فقط، تحب تسمعها الآن؟
اليابان، أو كما يسميها البعض «كوكب اليابان»، بلد يبدو وكأنه خارج إطار المألوف، ويعكس قيم التقدم والحضارة بنحوٍ يُبهر الكثيرين. لكن فهم هذا البلد العميق والمعقّد ليس أمرًا سهلًا. إذ خلف هذا الهدوء الظاهر، تخبّئ اليابان كواليس تاريخية دموية وتحولات اقتصادية واجتماعية فريدة.
في هذه الحلقة، نستعرض اقتصاد اليابان، ونغوص في كواليس النهضة الكبيرة التي شهدتها. كيف تحولت اليابان من دولة ذات أطماع عسكرية إلى دولة تسعى لتصدير أجود المنتجات إلى كل ركن في العالم؟ وما هي التكلفة اللي دفعها اليابانيون لتحقيق هذا التحول الكبير؟
حلقة تربط بين نقاط كثيرة لفهم اليابان بعمق.
استمتعت جدًّا بكمية الإحسان في البحث والأرقام التي قدّمناها. أتمنى أن تستمتعوا بهذه الرحلة مع محمد آل جابر وهادي فقيهي.
دعوة للمساعدة 👋
ستسافر قريبًا؟ أو خطّطت لوجهتك السياحية القادمة؟
هذا الاستبيان القصير موجّه لك.
يحتاج إكماله أقل من 45 ثانية من وقتك.
اليابان تفقد مكانتها
التحول في ترتيب الاقتصادات يعكس ديناميكيات جديدة في النظام الاقتصادي العالمي. فالنمو السريع في آسيا، خصوصًا في الصين والهند، يمثل تحولًا في مركز الثقل الاقتصادي العالمي من الغرب إلى الشرق. في المقابل، يُظهر تراجع اليابان أهمية التجديد الاقتصادي والاستثمار في مواجهة التحديات العالمية للحفاظ على مكانتها.
بناءً على هذا الاتجاه، قد تكون المنافسة المستقبلية مركَّزة بين الاقتصادات الآسيوية، مما يعيد تشكيل معادلة القوة الاقتصادية العالمية بحلول 2030.
فاصل ⏸️
الاستسلام الذي هزّ اليابان
رغم التغيّرات الجذرية التي مرّت بها اليابان، جاءت الحرب العالمية الثانية لتكون أكبر اختبار تاريخي للمجتمع الياباني. فقد خاضت اليابان الحرب بتصميمٍ وإصرارٍ قويّين، ولكن النهاية كانت قاسية. فبعد القصف النووي المدمّر، الذي طال مدينتي هيروشيما وناقازاكي، في 6 و9 أغسطس 1945، والذي أدّى إلى مقتل مئات الآلاف من الضحايا، لم يعد أمام اليابان خيار سوى الاستسلام.
النقطة الفاصلة هنا
استسلام الإمبراطور هيروهيتو للقوات الأمريكية، في 15 أغسطس 1945، كان بمثابة كسرٍ عظيمٍ للروح الوطنية اليابانية. وقد ترك هذا الحدث أثرًا عميقًا ومستدامًا على نفوس اليابانيين؛ إذ كان الإمبراطور يُعدّ رمزًا إلهيًّا مقدّسًا، واستسلامه يعني فقدان رمزٍ موحِّدٍ يمثل هوية ووحدة الأمة.
الأمريكيون، بعد الاستسلام، فرضوا على اليابان تغييرات جذرية وشاملة. فالدستور الجديد، الذي كُتب بإشراف أمريكي، قد جرّد الإمبراطور من سلطاته التقليدية وأعاد صياغة هوية اليابان السياسية والاجتماعية. هذا التحوّل ألقى بظلاله على جميع مناحي الحياة اليومية في اليابان.
〰️ بين سطور
استسلام اليابان لم يكن مجرد إعلان هزيمة عسكرية، بل كان تفكيكًا لمفهوم الإلهية السياسية المرتبطة بالإمبراطور. والعجيب هنا أن اليابان، التي كانت تُدار تحت معتقدات مقدسة تجعل الإمبراطور محور الدولة، اضطرّت فجأة إلى إعادة صياغة هويتها بالكامل. هذه الخطوة الإجبارية، التي هدفت إلى فصل الإمبراطور عن الدولة في اليابان الحديثة، قد كانت البذرة الأولى لتحوّل جذري أدّى إلى تمهيد الطريق لنظام سياسي أكثر انفتاحًا وعقلانية، بعيدًا عن التقديس المطلق لشخصية واحدة.
الإنماء للاستثمار سهّلها عليك بتطبيق تداول الإنماء 💰
يجمع منتجات وخدمات متنوعة، تحقق تطلعاتك الاستثمارية.
فيه كل ماتحتاجه، من تداول في الأسهم أو الصكوك أو الاشتراك بصناديق استثمارية متنوعة -----> وبالتسهيلات! تقدر تضاعف قوتك الشرائية 🫱🏻🫲🏼
حمل التطبيق وابدأ رحلتك الاستثمارية «مرخص من هيئة السوق المالية»
🎌✨ كيف استخدمت اليابان الأنمي لتحسين صورتها أمام العالم؟
صناعة اللطافة 101
استطاعت اليابان تحويل الأنمي من مجرد وسيلة ترفيه إلى أداة دبلوماسية فعّالة تُبرز ثقافتها وهويتها أمام العالم بطريقة جذّابة وإنسانية. فأصبح فالأنمي يغطي مواضيع متنوعة مثل الخيال العلمي والإثارة والقصص، ويلبي أذواق جميع الأعمار، ويعكس صورة عصرية وإنسانية لليابان.
🕊️ الأنمي بوصفه رسالة سلام
ظهرت صناعة الأنمي في أوائل القرن العشرين، عندما بدأ فنانون مثل أوتن شيموكاوا في إنتاج أفلام رسوم متحركة قصيرة. لكن في تلك الفترة، كانت الصناعة تواجه تحديات كبيرة بسبب تكاليف الإنتاج المرتفعة وهيمنة أعمال شركة ديزني. وخلال الحرب العالمية الثانية، تحوّلت الرسوم المتحركة في اليابان إلى أداة دعائية بأمر من الحكومة العسكرية. ولكن بعد الهزيمة، توقّفت الصناعة مرة أخرى.
في عام 1952، أعاد الفنان أوسامو تيزوكا إحياء الأنمي من خلال إنتاج مسلسل «Astro Boy»، الذي يحكي قصة صبي روبوت محب للسلام، ويتمتع بقدرات خارقة. لم يكن هذا العمل مجرد ترفيه، بل رمزًا لليابان الجديدة التي تسعى للسلام والتقدم.
🗺️ انتشار عالمي
بحلول الثمانينيات والتسعينيات، كانت صورة اليابان النمطية في الغرب محصورة بين اليابان الإقطاعية واليابان العصرية المزدحمة. لكن شعبية الأنمي الياباني، مثل «بوكيمون» و«دراقون بول زد»، نجحت في تقديم جانب مختلف وأكثر إنسانية. هذه الأعمال لم تكن مقتصرة على الترفيه فقط، بل نجحت في نقل قيم مثل الصداقة والعمل الجماعي والتصميم، مما جعل اليابان أقرب إلى قلوب المشاهدين حول العالم.
🌍 التحول الاقتصادي والثقافي
بعد انهيار الاقتصاد الياباني في التسعينيات بسبب «فقاعة أسعار الأصول»، وظّفت اليابان الأنمي لإعادة تعريف نفسها. فبدلًا من الاقتصار على دورها الاقتصادي فقط، أصبحت مصدرًا لثقافة فنية فريدة.
وفي عام 1997، بدأت وكالة الشؤون الثقافية اليابانية بدعم المعارض التي تروّج لأعمال الأنمي وألعاب الفيديو والفنون الإعلامية. وبحلول عام 2017، سجّلت صناعة الأنمي رقمًا قياسيًّا في المبيعات بلغ 2.15 تريليون ين ياباني (19.8 مليار دولار)، مدفوعة بالطلب الخارجي. وتضاعفت صادرات الأنمي ثلاث مرات منذ عام 2014، وساهمت منصات مثل «Netflix» و«Amazon» في توسيع انتشار الأنمي عالميًّا.
هذا النجاح أثبت أن الأنمي ليس مجرد فن محلي، بل صناعة عالمية متنامية.
💞 ارتباط عاطفي عالمي
اليوم، عندما يُذكر اسم اليابان، غالبًا ما يتبادر إلى الذهن شخصيات الأنمي المحبوبة قبل أي شيء آخر. هذا الارتباط العاطفي لم يغيّر فقط صورة اليابان أمام العالم، بل خلق أيضًا علاقة إنسانية عميقة بين ثقافة اليابان وشعوب العالم. الأنمي أصبح أكثر من مجرد ترفيه؛ وإنما جسر ثقافي يعكس هوية اليابان الحديثة.
فاصل ⏸️
بزنس «الموت في وحدة»
ظاهرة «الموت في وحدة» أو «كودوكوشي» في اليابان تعكس تحولًا اجتماعيًّا عميقًا بعد تزايد عدد كبار السن الذين يعيشون بمفردهم. ويشير المصطلح إلى وفاة أشخاص في عزلة تامة، بحيث لا يُكتشف موتهم إلا بعد أسابيع أو أشهر على حدوثها، وغالبًا يتم ذلك بعدما يشكو الجيران من ظهور روائح أو عند ملاحظة غياب غير طبيعي.
ومن الحالات الموثّقة مؤخرًا، العثور على جثة رجل يبلغ من العمر 85 عامًا في شقته وسط طوكيو، بعد مضي أكثر من شهر على وفاته. إذ كان إيجار شقته يُدفع تلقائيًا عبر البنك، ولم تزره أسرته خلال هذه الفترة. لذلك، لم يُكتشف أمر وفاته إلا عندما اشتكى أحد الجيران من رائحة خفيفة.
تشير التقارير إلى أن المصطلح «كودوكوشي» بدأ بالانتشار عقب زلزال هانشين عام 1995، حيث نُقل الآلاف من كبار السن إلى مساكن مؤقتة، وظهرت حالات عديدة من هذه الظاهرة. منذ ذلك الحين، زادت التقارير حول «الموت في وحدة»، مما أدى إلى ازدهار قطاع أعمال متخصص في تنظيف الشقق والمنازل عند وقوع هذه الحالات.
في عام 2010، أعلنت شركة نقل في أوساكا أن 20% من وظائفها كانت مرتبطة بحالات «كودوكوشي»، في حين قالت شركة أخرى في طوكيو أنّ نصف طلبات التنظيف، البالغ عددها 450 حالة، كانت تتعلق بأشخاص ماتوا بمفردهم.
وبدأت بعض المناطق اليابانية حملاتٍ للتصدي لهذه الظاهرة، عبر تعزيز الروابط الاجتماعية، ورصد كبار السن المعرضين للعزلة. ومع ذلك، يتوقع الباحثون أن هذه الوفيات ستستمر في الارتفاع مع زيادة عدد الأسر المكوّنة من فرد واحد. ففي تعداد عام 2010، شكّلت الأسر الفردية 32% من سكان اليابان، مقارنة بـ25% في عام 1995. وفي طوكيو وحدها، مثلت هذه الأسر 46% من السكان، ومن المتوقع أن تصل النسبة إلى 40% بحلول عام 2035.
الزبدة هنا 🧈
دفع اليابانيون ثمنًا باهظًا لتقدمهم السريع واهتمامهم الشديد بالإنتاجية على حساب التوازن الاجتماعي. وقد أدّى التركيز الكبير على العمل والانضباط الفردي، الذي ساهم في جعل اليابان من أقوى الاقتصادات العالمية، إلى تفكّك الروابط الأسرية والاجتماعية.
كتاب من توصيات محمد آل جابر:
لمالكوم قلادويل، يتكلم عن التحديات الأخلاقية التي واجهتها الحرب الجوية في الحرب العالمية الثانية، ويركّز على فكرة القصف الدقيق للتقليل من الخسائر البشرية.
ورحنا مطعم ياباني عشان نكمل الحلقة هناك 🙃
كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.