«The Substance»: يعيد إنعاش افلام رعب الجسد🩸👥

في «The Substance»، تعود فارقيت لاستكشاف ثيمة تتمحور حول هاجس تلاشي ملامح الأنوثة مع التقدم في العمر.

1+
فلم «The Substance» / تصميم: أحمد عيد
فلم «The Substance» / تصميم: أحمد عيد

«The Substance»: يعيد إنعاش افلام رعب الجسد

عبدالعزيز خالد

بالنسبة لي، أعد فِلمَي «Possession» الصادر عام 1981 و«The Thing» الصادر عام 1982 من العلامات الفارقة التي غيّرت وجه أفلام الرعب، وأبرزت تصنيفًا فرعيًّا جديدًا باسم «رعب الجسد» (Body-Horror). يتمحور هذا التصنيف حول التغيّرات الجسدية المروعة، وتصوير الإصابات والتشوهات بتفاصيل دقيقة، مما يثير شعور الغثيان والانزعاج عند المشاهد، لكن بأسلوب فنّي.

مؤخرًا قلّ مستوى أفلام هذا التصنيف، وفُقدت التجارب الجديدة منه، أو في كثير من الأحيان يغيب المعنى والسبب وراء اختيار هذا التصنيف لاستعراض القصص. في «Possession» نرى التحولات كمرآة لاضطراب العلاقات وانهيارها، بينما في «The Thing» تصبح رمزًا للخوف من المجهول والصراع من أجل البقاء.

في منتصف السنة، بدأ الحديث حول «The Substance» بأنه فلم يقدّم تجربة جديدة من هذا التصنيف، حيث فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان، وجائزة «اختيار الجمهور (قسم جنون منتصف الليل)» في مهرجان تورنتو لهذا العام.

وعند كثرة الحديث حول صدمة المشاهدين مما رأوه، انجذبت بشدة لمشاهدته. وإضافة إلى أنه فِلم رعب من تصنيف قلّما يحظى بتقدير في الجوائز الكبرى، فهو يعدّ ثاني تجربة إخراجية من الأفلام الروائية للمخرجة الفرنسية كورالي فارقيت.

في فِلمها الأول (Revenge» (2017»، أثبتت فارقيت جرأتها على طرح موضوع حساس مثل استغلال النساء ضمن إطار «أفلام الانتقام»، وأعادت صياغته بلمسة تتميز بأسلوب بصري «مفرط»، مع عنصر البشاعة الذي يميّز الموجة الجديدة المتطرفة من الأفلام الفرنسية.

في «The Substance»، تعود فارقيت لاستكشاف ثيمة مشابهة، تتمحور حول هاجس تلاشي ملامح الأنوثة مع التقدم في العمر، ونظرة المجتمع لهذا الموضوع. يستخدم الفِلم قالب «رعب الجسد» للتعبير عن هذه الأفكار والهواجس بأسلوب صادم وأكثر جرأة من «Revenge». وهذا التوجه تطلّب شجاعة كبيرة من ديمي مور، لأداء دور تستكشف فيه نفسها بعمق.

تدور القصة حول «إليزابيث سباركل»، نجمة برنامج رياضي شهير. تواجه «إليزابيث» صدمة مفاجئة في عيد ميلادها الخمسين عندما يقرر مديرها فجأة طردها من العمل، والبحث عن نجمة شابة بديلة عنها. وفي خضم أزمتها النفسية، تتلقى إليزابيث رسالة من مختبر لتجربة مادة تعد بتحويلها إلى نسخة محسّنة من نفسها.

على مستوى «رعب الجسد»، يتفنن الفِلم في تقديم سلسلة من الصور المروعة عند تصاعد أحداثه، فتفاصيل أجسام الحشرات، وحركات العيون، وتشوهات العمود الفقري، والغرز، والمفاصل المتآكلة، والأسنان المتساقطة، والأظافر المتمزقة، واختراق الإبر للجلد. كلها عناصر ساهمت في خلق تجربة مفعمة بشعور الغثيان والانزعاج، بالإضافة إلى مشاهد تصوّر الشراهة في الأكل، فتكمل لك شعور الانزعاج.

يقدّم الفِلم أيضًا تنوعًا عاطفيًّا يميّز تجربته. فخلال مشاهدتي شعرت بتناقض غريب بين الاشمئزاز مما أراه، والانبهار بجمالية الصورة. ولكن، وعلى نحوٍ مفاجئ، تظهر لمسات من الكوميديا السوداء، تنبع من غرابة الشخصيات والمواقف، لتضيف أبعادًا ممتعة في الفِلم. لاحظت أن الفِلم لا يقتصر على إثارة الخوف فقط، أو رفع معدلات ضربات القلب، بل يقدّم طيفًا واسعًا من المشاعر.

من الواضح أن الفِلم تأثر بأعمال مخرجين مثل ديفيد كروننبرق، وقاسبار نوي من جانب الثيمة والأصوات والألوان، ولوقن يوزنا من جانب تصوير تفاصيل الرعب. لكن نجحت فارقيت في إبراز أسلوبها الخاص، وأثبتت أنها فنانة ذات رؤية فريدة. فبقدر ما كان الفِلم مُستلهمًا من أعمال مختلفة، إلا أنه قدّم تجربة لم يسبق لها مثيل. ففي كل مرة تظن أن الأحداث وصلت إلى ذروتها، يفاجئك الفِلم بمزيد من الجنون، دون أي مراعاة للذوق العام. وكلما قلّت معرفتك بتفاصيل الفِلم مسبقًا، كانت التجربة أفضل. الفِلم عبارة عن كابوس، وأرى أنه أفضل أفلام الرعب لهذه السنة وأمتعها، وتجربته لا تُنسى.


فاصل ⏸️


فلم «Black Swan»
فلم «Black Swan»

  • يُعرض اليوم الخميس على شاشات سينما فوكس السعودية فِلم الفانتازيا الموسيقي «Wicked»، من إخراج جون إم. تشو. فبعد أكثر من عقدين على نجاح هذه المسرحية لتكون واحدة من أكثر المسرحيات الموسيقية شعبية واستمرارية على خشبة المسرح، تنطلق أخيرًا على الشاشة الكبيرة، وتصبح حدثًا سينمائيًّا منتظرًا.

  • كما يُعرض في اليوم نفسه فِلم الرعب «The Well»من إخراج لي جانياك. تدور أحداث الفِلم حول خبيرة ترميم أعمال فنية تسافر إلى قرية إيطالية صغيرة لإعادة لوحة من العصور الوسطى إلى حالتها الأصلية. ومع توغلها في العمل، تجد نفسها وسط أحداث غامضة تُحيط باللوحة.

  • أعلن المستشار تركي آل الشيخ عن تنظيم ليلة تاريخية للممثل والمخرج والمنتج السينمائي أنتوني هوبكنز، وذلك ضمن فعاليات موسم الرياض.

  • الإعلان عن أول عرض تشويقي لفِلم «THE STUDIO»، من بطولة سيث روقن في دور مسؤول تنفيذي في استوديو أفلام. يشارك في الفِلم كاثرين أوهارا وكاثرين هان وآيك بارينهولتز وبراين كرانستون ومارتن سكورسيزي وشارليز ثيرون ورون هوارد. ومن المقرر أن يُعرض في 26 مارس 2025 عبر منصة «+Apple TV».

  • الكشف عن ملصق دعائي جديد لفِلم «NOSFERATU» من إخراج روبرت إيقرز، والمقرر عرضه في 25 ديسمبر. يُنتظر من الفِلم تقديم رؤية جديدة لفِلم الرعب الكلاسيكي الذي أُنتج عام 1922.


فلم «Moon»
فلم «Moon»

اليوم نقول أكشن في هذا المشهد من فِلم «Moon» الصادر عام 2009، من إخراج دنكان جونز وبطولة سام روكويل.

يحكي الفِلم قصة «سام بيل»، العامل الوحيد في محطة تقع على سطح القمر، حيث يعمل على توليد الهيليوم-3، المصدر النظيف للطاقة الذي يغطي 70% من احتياجات الأرض. خلال ثلاث سنوات من وجوده في المحطة، كان يعتمد بالكامل على روبوت يدعى «جيرتي»، الذي يتولى الطبخ والرعاية الصحية، والدعم النفسي.

لكن قبل انتهاء مهمته بأسبوعين، يتعرض «سام» لحادثة تجبره على البقاء في المحطة، ليكتشف أن بديله المتوقع ليس سوى نسخة مستنسخة منه، مما يقوده إلى مواجهة حقائق صادمة عن نفسه وعن الشركة التي تنتج الطاقة الاندماجية للعالم.

يبدأ المشهد بـ«سام»، الذي تشاجر مؤخرًا مع نسخته الأخرى، وهو ساخط وغاضب بسبب تدمير النسخة للمجسم البنائي الذي استغرق منه 938 ساعة من العمل. يُظهر الروبوت «جيرتي» على شاشته رمزًا تعبيريًّا حزينًا، يعبر عن الاحتواء، عندما تأتي سيرة زوجة «سام» -«تيس»- التي تركته قبل ستة أشهر وانتقلت للعيش مع والديها.

يتساءل «سام»: منذ أن كنت هنا، أرسلت إلى «تيس» أكثر من مائة رسالة ولم ترد على واحدة منها. يتهرب «جيرتي» من الإجابة، مكتفيًا بإظهار وجوه تعبيرية على شاشته. فنيًّا، لم يكن وجود الوجوه التعبيرية مجرد وسيلة تواصل، بل كانت أداة لتعزيز الغموض والتشويق، وإيصال المشاعر المعقّدة بصورة بسيطة ومباشرة، مما يجعل هذه اللحظة أكثر تأثيرًا وعمقًا.

ففي لحظة مصيرية، يطرح «سام» السؤال الحاسم: هل أنا مستنسخ؟ ليكتشف بالفعل أنه مجرد نسخة مستنسخة، وأن كل الذكريات التي يحملها عن زوجته «تيس» وابنته «إيف» التي كانت تسعده بيومياتها، ليست سوى ذكريات مزيفة جرى تحميلها وتعديلها من ذاكرة «سام بيل» الأصلي.

حينها تتجلى لحظة الإحباط والحزن، فتبدو المشاعر متداخلة ومربكة، حتى أن الآلة تتفاعل معه بمواساة لطيفة، وتطبطب على كتفه، بفضل أنظمة الاستجابة العاطفية المتطورة التي تعتمد على تحليل بيانات معقدة مثل تعابير الوجه، ونبرات الصوت، ولغة الجسد. هذه الأنظمة تعمل بتناغم لإيجاد استجابة تحاكي التعاطف البشري، وتخفف من وطأة الموقف.

وهذا الأمر، في الحقيقة، يضاعف حالة الزيف المطلق الذي يعيشه «سام»، فأن يكون هو نفسه مزيفًا، وحب حياته مجرد وهم مبرمج، ثم تأتيه دفقة تعاطف من «آلة»، هي مزيفة بدورها، فهذا يزيد من صدمته مع كل مرحلة يتنامى فيها وعيه.

ولربما كانت هذه الوحدة المطلقة هي التي تضاعف حدة المشاعر، وهي ما سعى المخرج ألفونسو كوارون إلى استكشافها كذلك في فلمه «Gravity»، حين قرر التركيز على مفهوم العزلة. قاده هذا الاهتمام بالعزلة إلى دراسة مواقع معزولة مختلفة، مثل الصحارى التي تعكس تحديات العزلة، إلا أنه توصل في النهاية إلى أن قمة العزلة تكمن في الوحدة بالفضاء، حيث يصبح الانفصال عن العالم في أقصى صوره.

كلا الفيلمين يتشاركان في طرح أسئلة حول العزلة الإنسانية والجدوى والمصير، مع استخدام بيئة الفضاء رمزًا للتحديات الكبرى التي تواجه الإنسان عند الابتعاد عن الأرض ومجتمعه.


فقرة حصريّة

آسفين على المقاطعة، هذه الفقرة خصصناها للمشتركين. لتقرأها وتستفيد بوصول
لا محدود للمحتوى، اشترك في ثمانية أو سجل دخولك لو كنت مشتركًا.

اشترك الآن

أبطال فلم «Face/Off» جون ترافولتا ونيكولاس كيج
أبطال فلم «Face/Off» جون ترافولتا ونيكولاس كيج

قبل بدء تصوير «Face/Off»، أمضى أبطال الفِلم، جون ترافولتا ونيكولاس كيج أسبوعين معًا في دراسة دقيقة لتفاصيل الأداء. ركزا على الحركات اللا إرادية والإيماءات ونبرات الصوت وطريقة الكلام لكل منهما، لضمان تجسيد مقنع لتبادل الهوية بين الشخصيتين الرئيستين، حيث كان على كل منهما أن يعكس أسلوب الآخر بإتقان، لجعل الفكرة الأساسية للفِلم أكثر إقناعًا وواقعية. وبهذه المعلومة نستهل فقرة «دريت ولا ما دريت» عن الفِلم الأيقوني «Face/Off» الصادر عام 1997:

  • في الأصل، كان تصنيف الفِلم خيالًا علميًّا، وكانت أحداث السيناريو في نسخته الأولى تدور في المستقبل، وذلك لتبرير تقنية زراعة الوجه في الفِلم، الأمر الذي جعل جون وو لا يرغب بإخراجه في البداية. حيث فضّل التركيز على الشخصيات والدراما عوضًا عن عناصر الخيال العلمي.

  • في تلك الفترة، طُرحت أسماء أخرى لإخراج الفِلم، مثل سام رايمي، قبل أن يُعلن في منتصف عام 1995 عن اختيار ماركو برامبيلا لإخراجه. لكن عاد المشروع لاحقًا إلى جون وو بعد تعديلات كبيرة على السيناريو ليتناسب مع رؤيته.

  • كان لدى شركة باراماونت بعض التحفظات بشأن استخدام الخط المائل بين الكلمتين في عنوان الفِلم، نظرًا لتشابه شكل المصطلح مع «Face-off» المستخدم في رياضة الهوكي للإشارة إلى بداية اللعب. شعرت الشركة أن هذا التشابه قد يسبب ارتباكًا للجمهور، ويصعّب تسويق الفِلم بفعّالية على لافتات السينما.

  • أراد الاستوديو مشاركة جوني ديب في البطولة إلى جانب نيكولاس كيج، حيث كان ديب مهتمًّا بالمشاركة في الفِلم. لكنه عندما قرأ النص، أدرك أنه لا يتمحور حول رياضة الهوكي!

  • فكرت شركة باراماونت في عدة ثنائيات لتأدية الأدوار الرئيسة، مثل أرنولد شوارزنيقر وسيلفستر ستالون، أو مايكل دوقلاس وهاريسون فورد، وحتى روبرت دي نيرو وآل باتشينو، قبل أن يختار المخرج جون وو الثنائي جون ترافولتا ونيكولاس كيج.

  • فِلم الإثارة «Infernal Affairs» هو نسخة من قصة «Face/Off»، لكن دون وجود الخيال العلمي، حيث أراد أندرو لاو مخرج الفِلم تقديم نسخة أكثر واقعية للقصة نفسها. حقق فِلم «Infernal Affairs» نجاحًا كبيرًا، وقُدمت عنه نسخة محدثة (Remake) في فِلم «The Departed»، الذي فاز به مارتن سكورسيزي بأول جائزة أوسكار له عن أفضل فِلم.


عمومًا، تظل ثيمة القتلة المأجورين ثابتة في الأفلام والمسلسلات، دون تغيير يُذكر. ومع ذلك، لا نشعر بالضجر من تكرار هذه السردية التي تؤكد ما أشار إليه علماء الأنثروبولوجيا حول محدودية قصصنا. بل تثيرنا كل لحظة ترقب لعملية قتل من مسافة 3,815 مترًا، حيث لا يظهر من غرفة في برج بعيد سوى لمعة ماسورة البندقية. ولا نسأم من فتور البطل، ولا من هدوئه، ولا حتى من سخافة اهتماماته.

ربما لأن هذه الثيمات، رغم تكرارها، تعكس شيئًا مألوفًا في طبيعتنا البشرية. نحن نبحث عن الإثارة في التفاصيل الصغيرة، ونتوق إلى الكمال في أداء العمل، حتى وإن كان غير أخلاقي من حيث المبدأ. لهذا نجد أنفسنا، بطريقة غير مباشرة، موالين للشخصية الشريرة، منبهرين بقدرتها على تنفيذ ما يبدو مستحيلًا تنفيذه بدقة وهدوء.

وهذا ما حصل لي في الحلقة الأولى من مسلسل «The Day of the Jackal»، المقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب فريدريك فورسيث. تدور أحداث الرواية الأصلية في عام 1963 حول محاولة اغتيال الرئيس الفرنسي شارل ديقول، إلا أن المسلسل يعيد تقديم القصة بنقلة زمنية إلى العصر الحالي، مما يضفي على الأحداث طابعًا معاصرًا يتناسب مع تطلعات المشاهدين اليوم، مع الحفاظ على التشويق والدقة التي ميزت العمل الأصلي.

في هذا السياق، يمكن مقارنة أداء إيدي ريدماين في المسلسل بشخصية مايكل فاسبندر في فِلم «The Killer». فريدماين يقدم شخصية قاتل تغمض لديه المعايير الأخلاقية، مما يجعل دوافعه وتصرفاته مفتوحة للتأويل، ويضع المشاهد في حالة من الترقب. أما فاسبندر، فكان عدميًّا بوضوح وصراحة، وذلك ما يبرر مسار أفعاله الدموية، ويمنح شخصيته ثباتًا يجعل المشاهد أكثر تقبلًا لانحرافها. هذا التباين يعكس فلسفة كل عمل في تناول فكرة الشر المطلق ودوافعه، مما يجعل هذه الأعمال مميزة رغم تشابه سرديتها.

الحلقة الأولى من «The Day of the Jackal» لا تترك مجالًا للشعور بالملل أو الرتابة، وهو أمر يُحسب للحبكة التي استفادت من كل مساحة ودقيقة معطاة، لتضع المشاهد في حالة شد وترقب مستمرين.

النشرة السينمائية
النشرة السينمائية
منثمانيةثمانية

مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.

+80 متابع في آخر 7 أيام