سرقة العقول
السعودية لم تستفد من هجرة العقول، فلماذا؟ وهل نسبة التوطين عائق؟
سرقة العقول
الحلقة حصرية لمشتركي ثمانية، لو تحبّ تسمعها
دائمًا ما نتحدث نحن العرب عن العلماء العرب العباقرة الذين هاجروا إلى دول الغرب مثل أمريكا أو أوربا... حينها يبرز سؤال جوهري: لماذا ذهبوا إلى هناك؟
ندرك حينها أن «العقول المهاجرة» تذهب إلى المكان الذي يجذبها لتزدهر وتنمو. فعندما نرى الرؤساء التنفيذيين لأكبر شركات العالم، نجدهم من الهند، وقد ازدهروا ونموا في أمريكا... لماذا؟ لأن أهم معادلة في الاقتصاد هي «القوة البشرية»، وهذه القوة ليست بالكم فقط، بل بالنوع والكيف.
إيلون ماسك، على سبيل المثال، جعل أمريكا متقدمة في مجالات نوعية على مستوى العالم... وهنا ندرك أثر العقول على الاقتصاد. ونجد دولًا كثيرة حول العالم تحاول جذب ألمع العقول، ليكونوا جزءًا من كيانها الاقتصادي. لكن قبل ذلك، نحتاج إلى فهم كيف تهاجر العقول؟ وما الأسباب الطاردة؟ وما الأسباب الجاذبة لهم؟ وأين يقع دور الحكومات في هذه المعادلة؟
كل هذا وأكثر في حلقة من الحلقات التي ستفتح لك آفاقًا جديدة لدور العقول النيرة في بناء اقتصادات الدول، مع هادي فقيهي ومحمد آل جابر. استمتعت قبل الحلقة بالموضوع، وخلال الحلقة، وبعد الحلقة. أتمنى لك نفس الشعور.
النسبة المئوية للمهاجرين من مجموعات مختلفة عالميًّا:
31% من الحائزين على جائزة نوبل بين 1900 - 2016 كانوا من المهاجرين.
10% من المخترعين خلال الأعوام 2000 - 2010 حسب «منظمة الملكية الفكرية العالمية» (WIPO) كانوا من المهاجرين.
5% من المتعلمين الجامعيين في حدود 2010 كانوا من المهاجرين.
النسبة التي تتحرك إلى الولايات المتحدة:
53% من المهاجرين الحائزين على جائزة نوبل انتقلوا إلى الولايات المتحدة.
57% من المهاجرين المخترعين انتقلوا إلى الولايات المتحدة.
41% من المتعلمين الجامعيين انتقلوا إلى الولايات المتحدة.
المهاجرون في مجموعة الولايات المتحدة:
33% من الحائزين على جائزة نوبل في الولايات المتحدة كانوا من المهاجرين.
18% من المخترعين في الولايات المتحدة كانوا من المهاجرين.
17% من المتعلمين الجامعيين في الولايات المتحدة كانوا من المهاجرين.
الزبدة 🧈:
النقاط المهمة هنا هي: أن الولايات المتحدة لديها قدرة استثنائية على جذب العقول ذات المهارات العالية، مثل الحائزين على جائزة نوبل والمخترعين، مما أثر كثيرًا على الابتكار الأمريكي. وأن حصة كبيرة من المهاجرين ذوي المهارات العالية يميلون للانتقال إلى الولايات المتحدة، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وهذا له أثر اقتصادي كبير على النمو في الولايات المتحدة.
من أكثر الأشياء التي نتذكرها في تاريخنا هو مجدنا نحن العرب والمسلمين في الأندلس. ومن أهم النتائج التي ترتبت على سقوط الأندلس، هجرة العقول منها. وهي واحدة من الأحداث البارزة التي تركت تأثيرًا كبيرًا على مسار الحضارة والمعرفة في العالم. وكما يقول الشيخ راغب السرجاني: «فأي رجاء من أمة استنزفت أغلى ما تملك؟» أي العقل.
ومع سقوط الأندلس في عام 1492، انتهى العصر الذهبي الذي شهد ازدهار العلوم والفنون بفضل التعايش الثقافي والديني بين المسلمين والمسيحيين واليهود. وفرضت السلطات الكاثوليكية سياسات قمعية شملت إجبار المسلمين واليهود على التحول إلى المسيحية أو مواجهة الاضطهاد، مما دفع العديد من العلماء والمفكرين إلى الهجرة.
توجه هؤلاء العلماء إلى شمال أفريقيا والإمبراطورية العثمانية، حيث وجدوا بيئة أكثر تقبلًا ودعمًا للعلم والمعرفة. استقبلت المجتمعات الجديدة هؤلاء العلماء بترحاب، واستفادت من خبراتهم في مجالات متعددة مثل الطب والفلسفة والهندسة. في المقابل، فقدت إسبانيا جزءًا كبيرًا من تنوعها الثقافي والفكري، مما أثر على تقدمها العلمي لقرون لاحقة.
فاصل ⏸️
🎓 المنح الدراسية أداة لسرقة العقول
تعد المنح الدراسية بمثابة «الجواز الذهبي» للعديد من الطلاب الطموحين حول العالم. فهي ليست مجرد مساعدة مالية، بل بوابة لعالم مليء بالفرص والخبرات الجديدة. الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تمنح أكثر من 1.7 مليون منحة دراسية سنويًّا.
لكن على الجانب الآخر من القصة، فإن الدول ترى المنح استراتيجيةً أساسية لاستقطاب العقول النيرة من مختلف أنحاء العالم، تعزيزًا لاقتصادها.
🌠 حلم بلا فواتير
كثير من الطلاب يتمنون الدراسة في جامعات عالمية مرموقة، لكن تواجههم مشكلة التكلفة الباهظة. هنا تأتي المنحة مثل «المنقذ»، تغطي كل شيء، من الرسوم الدراسية إلى للسكن، وحتى المصروفات اليومية. مثل «منحة تشيفنينج» البريطانية التي تشمل كل شيء، مما يجعلك تركز على حلمك دون أي قلق مالي، وهذا المطلوب لتبدع.
🛠️ التخصصات المطلوبة
بعض الدول حريصة على اختيار تخصصات بعينها يحتاجها سوق العمل المستقبلي، مثل الهندسة والتقنية الطبية الدقيقة. هذه التخصصات تضمن جذب طلاب ذوي قدرات علمية وتخصصات مطلوبة عالميًّا، فتعمل على استقطاب عدد كبير جدًّا، أملًا بوجود «إيلون ماسك» القادم بينهم.
🏁 أمريكا vs الصين: حرب العقول
المنافسة بين الصين وأمريكا على استقطاب المواهب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات «STEM»، أصبحت أكثر حدة من أي وقت مضى. فقد تحولت الصين إلى ثاني أكبر تجمع للمواهب في العالم، وتقف خلف الولايات المتحدة مباشرة. لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة في جذب أفضل العقول الأجنبية، خصوصًا ذوي الأصول غير الصينية. تحاول الصين تغيير هذه المعادلة عبر التركيز على جذب المواهب من الدول المجاورة، والدول الأقل تطورًا، لكنها تواجه عقبات ثقافية وسياسية تعيق هذا الجهد.
تُشدد الدول الغربية على سياسات منع التكنولوجيا عن الصين، مما يدفع بكين إلى البحث عن حلول غير تقليدية لجذب المواهب، مثل استقطاب الباحثين من ذوي الأصول الصينية، ممن يشعرون بتدهور السياسات في الدول الغربية التي يعيشون فيها.
السباق على المواهب هو جزء جديد من المنافسة الجيوسياسية بين أكبر اقتصادين في العالم، والصين تدرك أنها لا تستطيع التهاون في هذا السباق.
🌍 فرصتنا
المنح الدراسية ليست مجرد فرصة للتعليم، بل جسر يعبر عليه الطموح، ليصل إلى آفاق غير محدودة. إنها أدوات جذب وصناعة، تجمع بين أحلام الأفراد وطموحات الدول. ومع ذلك، ففي عالمنا العربي، لم تُستغل هذه الأداة بالطريقة الأمثل. فأغلب الدول العربية تركز على التعليم المحلي، دون استثمار في استقطاب المواهب العالمية عبر المنح الدراسية.
نعود دائمًا إلى أهم سؤال في الاقتصاد، وهو: لماذا بعض الدول فقيرة بينما الأخرى غنية؟
ومفتاح الجواب هو «المورد البشري»، فهو لا يزال أقوى وأفضل استثمار لأي اقتصاد. فالسباق على العقول ليس مجرد منافسة بين القوى الكبرى، بل فرصة لكل أمة تريد أن تكتب اسمها على صفحة المستقبل.
لماذا تهاجر النساء المبدعات أكثر من الرجال؟
في الرسم تتضح معدلات هجرة العقول بين الذكور والإناث في عام 2000، عبر مجموعة من المناطق والفئات الاقتصادية المختلفة. عمومًا، يمكن ملاحظة ارتفاع النسبة بين الإناث في معظم المناطق مقارنة بالذكور، مع استثناءات قليلة.
الفئة ذات النسب الأعلى هي «الجزر الصغيرة»، حيث تتجاوز معدلات هجرة الإناث 45% بينما معدلات الذكور تتجاوز 35%.
في المناطق ذات الدخل المنخفض والمتوسط، والدول الأقل تطورًا، تكون معدلات هجرة الإناث -عادةً- أعلى من الذكور، مما يشير إلى وجود عوامل محددة تجعل النساء أكثر ميلاً للهجرة.
لماذا ؟
الاختلاف في الاستجابة للعوامل الطاردة: النساء المؤهلات يظهرن حساسية أكبر ناحية العوامل التي تجعل الشخص يقرر ترك بلده، مثل نقص الفرص الاقتصادية والاجتماعية. بمعنى أن المرأة لما تشعر بمحدودية الفرص، وأنها ما عادت تساعدها على تحقيق طموحاتها، تكون أكثر ميلًا من الرجل للبحث عن فرص أفضل في مكان آخر. هذا السبب يجعل النساء عمومًا أكثر رغبة في الهجرة من الرجال.
العلاقات العائلية وبرامج لمّ الشمل: في موضوع الهجرة، نجد التقلص في الفجوة بين الجنسين يبدأ عندما يزداد تأثير قرارات العائلة. بمعنى أن كثيرًا من النساء يهاجرن ليلحقن بأفراد الأسرة ممن سبقوهن. وبرامج لمّ الشمل لها دور كبير في تعزيز الرغبة عند النساء للهجرة ليلحقن بعوائلهن.
المهن ذات الطابع الأنثوي: هناك مهن كثيرة تعد «أنثوية» بطبيعتها، مثل التمريض، وغالبًا ما يكون الطلب العالمي على هذه المهن عاليًا. هذا الأمر يعطي النساء فرصًا أكبر للهجرة، ليحصلن على وظائف في هذه المجالات.
هجرة العقول المبتكرة من وإلى السعودية
حركة المخترعين تُستنتج من بيانات براءات الاختراع المنشورة من مكتب براءات الاختراع الأمريكي، التي يمكن من خلالها معرفة الدولة التي قدّم فيها المخترع طلب براءة الاختراع. ويدلّ اختلاف الدول بين براءة اختراع وأخرى للمخترع نفسه، على انتقال المخترع إلى بلد جديد.
على سبيل المثال: إذا طلب«محمد أحمد» تسجيل براءة اختراع في عام 2015 أثناء عمله في جامعة تكساس في الولايات المتحدة، ثمّ سجّل براءة اختراع عام 2019 أثناء عمله في جامعة كاوست في السعودية، فيُفسّر هذا الحدث بأنّ «محمد أحمد» قد انتقل إلى السعودية في عام 2017، وتعدُّ هذه نقطة المنتصف بين تاريخ تقديم براءة الاختراع الأولى وتاريخ تقديم براءة الاختراع الثانية.
خلال تسجيل الحلقة، رن جوالي لأول مرة خلال التسجيل، طفيت الجوال وبعد فترة شغلتة مرة ثانية. قلت لنفسي: المرة هذه خلاص على الصامت من الإعدادات وطلع صوت مرة ثانية.
تقدرون تسمعونها هنا هههههه.
ومن الصورة تقدرون تعرفون ردة فعلهم 😂
كلّ أربعاء يقدم محمد آل جابر وهادي فقيهي تحليلات وإجابات مبسطة للأسئلة الاقتصادية المحيرة، ومع كل حلقة تصلك رسالة بريدية بمصادر ومعلومات ووجهات نظر مختلفة لم يتسع لها وقت الحلقة.