تعلَّم ألا تكتب مثل الذكاء الاصطناعي 😁

وجدت نقاط ضعف لدى الذكاء الاصطناعي في الكتابة الإبداعية، لذا لربما لدينا هنا فرصة التعلُّم من أخطائه.

حدَّثتْ «أوبن إيه آي» بوت دردشتها «تشات جي بي تي» بمميزات صوتيَّة رهيبة:

  • بوسعك قطع كلامه في عز حديثه معك، وسيخرس فورًا ويصغي إلى مقاطعتك بمنتهى الأدب.

  • سيصغي جيدًا إلى صوتك لكي يقرأ مشاعرك وأفكارك دون اضطرارك للإفصاح عنها. وإذا لم يفهمها، فهذا عيب مصنعي فيه وليس عيبًا فيك.

أتصوَّر إلى أي حد هذه العلاقة السُّميَّة ستكون ممتعة ومريحة نفسيًّا، بما أنَّ الطرف الآخر ليس بشريًّا، ولن يطاردنا أي شعور بالذنب.😏


الذكاء الاصطناعي والكتابة الإبداعية / Imran Creative
الذكاء الاصطناعي والكتابة الإبداعية / Imran Creative

تعلَّم ألا تكتب مثل الذكاء الاصطناعي

إيمان أسعد

العنوان الأصلي لهذه التدوينة قبل كتابتها كان: «لماذا الذكاء الاصطناعي ناقدٌ لطيف»، وذلك بناءً على مقالة قرأتها صباحًا في «إم آي تي ريفيو» عن إطلاق تطبيق ذكاء اصطناعي الأسبوع الماضي (Callaia) يخدم شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود.

الخدمة التي يقدمها التطبيق تتلخَّص في قراءة آلاف السيناريوهات التي ترد الشركات والمنتجين، حيث يقيِّم التطبيق السيناريو الواحد في ظرف دقائق، يعطي رأيه إن كان قابلًا للإنتاج ويقترح الميزانية والممثلين المناسبين، وكل ذلك مقابل نحو 70 دولارًا، مقارنةً بالقارئ البشري الذي تبلغ كلفته 500 دولار.

وبطبيعة الحال، تضمَّن المقال الإشارة إلى بحث علمي بعنوان «فن أم خدعة» (?Art or Artifice) يبيِّن ضعف القدرات النقدية لدى الذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك لأنَّه تدرَّب على اللطف، ولا يسعك أن تكون ناقدًا إذا كنت لطيفًا. أنا عن نفسي أعرف ذلك، لأنَّ الروائية عدنية شبلي سألتني إن كنت لطيفة إلى الحد الذي يمنعني عن تقديم نقدٍ قاسٍ، لأجيب ببلاهة: أجل، أنا لطيفة! وأضيّع على نفسي فرصة الانضمام إلى دائرة الروائية المحدودة من القرّاء الثقة. 

لهذا لفتتني فكرة اللطف والنقد، وقررت شراء البحث الأصلي بخمسة عشر دولارًا لكي أتمكَّن من قراءته بأكمله، والحصول على معلومات أكثر بخصوص هذا الشأن. لكن تبيَّن أنَّ المذكور في المقال كان الخلاصة، ولا تفاصيل زيادة حوله في البحث الأصلي.

لكن لأنَّ المال الحلال لا يضيع، وجدت في البحث زاوية مثيرة للاهتمام، وهي نقاط الضعف لدى الذكاء الاصطناعي في الكتابة الإبداعية، لذا لربما لدينا هنا فرصة التعلُّم من أخطائه.

  • الذكاء الاصطناعي نادرًا ما يعرف كيف ينهي القصة، وتبدو النهايات كما لو أنها كتبها في حال من اليأس والسأم والتردد بين احتمالات مختلفة.

  • يدع خيوط القصة تتَّسع إلى أن تفلت منه، ويميل إلى تلقين شخصياته آراءً حول العالم وقضاياه لم يطلبها أحد، ودون أي مبرر سردي. 

  • الشخصيات الثانوية تأتي فجأة وتختفي فجأة، دون مبررات أو تأثير في القصة.

  • يهوى استخدام الكليشيه، ولا يجد غضاضةً في إعادة الكليشيه الواحد مرارًا وتكرارًا.

  • يهوى صفِّ الكلام المنمق الصحيح لغويًّا ونحويًّا وإملائيًّا، في جمل طويلة محشوَّة بأبلغ الصور الاستعارية. وإن عصرت هذه الجمل عصرًا لن تخرج بقطرة معنى حقيقي منها. 

  • الحوار سطحي، تفسِّر فيه الشخصيات مشاعرها وأفكارها بلغة مصطنعة، والذي لا يعكس طبيعة البشر في التحاور ما بينهم.

  • لسبب غير مفهوم على الإطلاق، يتكرر لدى نماذج الذكاء الاصطناعي توصيف الظلام بـ«سوادٌ حالك كما الحبر» (inky darkness)!

  • أخيرًا وليس آخرًا، يُظهِر الذكاء الاصطناعي معرفةً بالغة بكل عناصر بناء القصة التي يقدِّمها الروائيون في ورشات الكتابة، يحفظها عنصرًا عنصرًا، لكنه عاجز عن دمج هذه العناصر في بناء سردية مقبولة. 

طبعًا، لم تنل قصص الذكاء الاصطناعي في البحث تقييمًا عاليًا لدى النقّاد البشر، ولم تتجاوز أفضلها تحقيق 9% في الاختبار النقدي. لكني متأكدة أني لو قرأت مسوّدة رواية كتبها شخصٌ أعرفه وتعاني كل هذه العيوب، كنت على الأرجح سأمنحه 50% دون استغراق في ذكر العيوب، لأني لطيفة ولا أود كسر خاطره. وإن كان البحث انتهى بأنَّ نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مهيَّأة للتحسُّن الذاتي كتابةً ونقدًا مع الوقت، ربما لا يزال لديّ أمل في التحسُّن. 🤷🏻‍♀️  


شبَّاك منوِّر 🖼️

خلال تصفحي الأعمال الفنية، استوقفتني لوحات الفنانة جيني تومانيك؛ فأعمالها تبعث في النفس قلقًا خفيفًا، أو تحفِّز شعورًا من عدم الراحة حتى لو ظننت للوهلة الأولى عكس ذلك.🫣

  • عملت جيني في وظيفة عادية، لكنها أحبت الرسم طيلة حياتها. تقول إنها كانت ترسم أحيانًا لوحة واحدة في العام، وفي سن الخمسين قررت التقاعد لكي تتفرغ للرسم. تستلهم مواضيع لوحاتها من القصص الشعبية والأدب، فهي شاعرة أيضًا، وفي أوقات كثيرة تحيي قصائدها بفرشاتها. 👩🏻‍🎨📖

  • دائمًا تطلُّ المرأة بطلًا في لوحاتها، كذلك القطط والكلاب والسماء المرصعة بالنجوم والحقول المزهرة. بلغت جيني السبعين من العمر، ولا تزال ترسم أعمالها وتبيعها رغم تشخيصها بسرطان الثدي قبل بضع سنوات. ⭐️🐈‍⬛

  • تميل جيني في أعمالها إلى الألوان الداكنة، فلا تكاد تخلو لوحة من البني المائل للأسود مثل لوحتها «قطعة من السماء» التي تصوِّر امرأة تحتضن القمر، أو الأزرق القاتم في لوحة «لص الظل». كما سُلبَت معظم الشخصيات في لوحاتها من الملامح والتعابير، فنساء لوحاتها هُنَّ كل امرأة، وهذا ما يخلق رابطًا بين اللوحة ومُتأمّلها. 👁️🖼️

  • ما أحببته في لوحاتها قلة التفاصيل وغموضها. فهي ضربات فرشاة تحاكي الزهرة والكلب والشجرة دون دقة شديدة، فتشعر أنها من عالم متخيَّل لا أهمية للعناصر فيه رغم حضورها، فالمهم هو الشعور والفكرة. وأظن لوحة «إيمان» تعكس ذلك بوضوح: فنرى السلم المقصوص من المنتصف، وامرأة موقنة تريد عبوره للضفة الأخرى، ولا شيء آخر. 🌕🎨

  • اللوحة التي استوقفتني من أعمال جيني غلافٌ رسمته لكتاب بعنوان «Seeding The Soul»، ثم اتضح لي أنها رسمت سلسلة مشابهة تتنوع عناوينها بين «بذرة القلب» و«بذرة». لا أعرف كيف أصف شعوري عندما وقعت عيني على اللوحة للمرة الأولى، غمرتني طمأنينة عابرة لأنها تُظهِر مقدرة الإنسان على عودته إلى جذوره وشعوره بالانتماء حين يفعل. وبعد تأمُّل أطول، ساد الحزن محلّ الطمأنينة حين استوعبت أن الأزهار بجمالها وسحرها هي ما يحصل على التقدير والاعتراف والثناء، بينما تختفي الجذور والبذور فلا تُذكَر، وهذا يشبه حالنا في جوانب كثيرة. 🌷🤍

🧶 إعداد

شهد راشد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • أقف أمام تساؤل مهم فيما يخص الواجبات الدراسية؛ هل بإمكان آلة مثل «تشات جي بي تي» أن تُقنع أستاذًا بأن الطالب أنشأ نصًّا إبداعيًّا أصليًّا؟ 🤖

  • النجاح الإبداعي لا يتطلب أن يكون كاملًا، بل من الممكن أن يكون جزئيًا في بعض الأحيان. وهذا أفضل من الاستسلام الذي سيقبل به الذكاء الاصطناعي. 👨🏻‍🎨

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+500 مشترك في آخر 7 أيام