لماذا نصنع محتوى كاذب من الغرباء؟ 🤥

الغرباء الذين يُصوَّرون في الأماكن العامة لديهم توقعات معقولة بالخصوصية؛ لذا فإن تصويرهم دون موافقتهم فيه انتهاك.

في مقال علمي بحثي مثير للاهتمام عنوانه (Researchers need to better address time-of-day as critical biological variable)، ويتضمن صورة طريفة لفأر صغيرون مع ساعة🥹، تبيَّن أنَّ ردة الفعل البيولوجي لأجسادنا تتأثر بالساعة. بمعنى: ردة فعلنا أثناء الساعة الثامنة صباحًا تختلف بنسبة 50% إلى 100% من ردة فعلنا على المحفِّز ذاته في الثامنة مساءً. 

ولأسباب طبية وعلمية، يطالب المقال العلمي الباحثين بإدراج الساعة التي جرى فيها اختبار المشتركين في تجربة أو طرح سؤال عليهم حرصًا على مصداقية النتائج. سعادتي بهذا المقال أنَّ بات لديّ حجة علميَّة «للتناحة» التي تصيبني بعد الساعة الخامسة مساءً. 😏


محتوى الغرباء / Imran Creative
محتوى الغرباء / Imran Creative

لماذا نصنع محتوى كاذب من الغرباء؟

محمود عصام

أتذكر جيدًا المرة الأولى التي قرأت فيها رواية نجيب محفوظ «زقاق المدق»، كنت أمشي في شوارع القاهرة باحثًا عن أبطال الرواية، وما أن أجد رجلًا شارد الذهن يجلس على المقهى إلا وأقول في نفسي: هذا هو «عباس الحلو» يندب حظه بعد ضياع «حميدة»، وبالتبعية يتحول صاحب المقهى إلى «المعلم كرشة» وصبيه إلى «سنقر».

تذكرت هذا مؤخرًا بعد انتشار شكاوى من ناس عاديين وجدوا صورهم منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي رفقة عناوين وتعليقات لا تمت لواقعهم بصلة.

عروس تبكي لأنها ستفتقد عائلتها، فتُصَوَّر دون علمها وتنشر الصورة مع وصف «وكان للنصيب رأي آخر»، وكهل يجلس أمام البحر في هدوء فيجد صورته أصبحت «ترندًا» مع وصف «بماذا يفيد الندم بعد ضياع العمر»!

كان ذروة تلك الأمثلة عندما قرر مؤثر أسترالي شاب تصوير نفسه وهو يقدم باقة ورد لسيدة عجوز في مول تجاري بملبورن، مع وصف يفيد أنه حاول أن يجعل يومها أفضل. حصل الفيديو على أكثر من 59 مليون مشاهدة و11 مليون إعجاب مع الكثير من التعليقات المحبة.

ومع ذلك استاءت السيدة كثيرًا بعد أن وجدت نفسها مادة للتواصل الاجتماعي دون إذن منها، مؤكدة أن ما حدث عمل مصطنع بغرض المال وليس لطيفًا على الإطلاق، والأهم أنها لا توافق على تصويرها دون إذن منها تحت أي ظرف.

إذا فكرت قليلًا في غضب تلك السيدة ستجده منطقيًا، فقد استفاد هذا المؤثر من خلال انتشار مقطع الفيديو الذي استخدمها فيه. وإذا افترضنا أن رغبته الحقيقية إدخال السعادة في قلب العجوز، فلماذا صوَّرها بغير إذن؟

تفسِّر جينا درينتن أستاذة التسويق بجامعة «لويولا» في شيكاقو الأمر بأن إغراء الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي عزز من شهيتنا للتوثيق والنشر سواء أكان ذلك أخلاقيًا أم لا، وهكذا ظهرت أنواع كاملة من المحتوى تعتمد على تصوير الغرباء دون علمهم أو موافقتهم. 

ووفقًا لأخصائية علم النفس ليزا ستروهمان فإن الغرباء الذين يُصوَّرون في الأماكن العامة لديهم توقعات معقولة بالخصوصية؛ لذا فإن تصويرهم دون موافقتهم فيه انتهاك صريح لحقهم في التحكم في صورتهم.

نشارك يوميًا الأصدقاء والمتابعين أجزاء من حياتنا عبر مختلف تطبيقات التواصل، إلا أن الفرق الأساسي هنا أننا نشارك نسخة مفلترة من حياتنا، نحذف الصورة التي لا نظهر فيها بشكل جيد أو نعيد تسجيل مقطع الفيديو لأننا نبدو في هيئة غير جيدة، أما هؤلاء الغرباء فلم يمتلكوا هذا الحق. نحن قررنا عوضًا عنهم أن نشارك حياتهم دون علمهم.

طبقًا لرؤية الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو في كتابه «المراقبة والمعاقبة»، فإن شعور الفرد بأنه مُراقب كافٍ تمامًا لتغيير سلوكه، حيث يبدأ فورًا في حساب كيفية رؤية الآخرين له ثم يغير من نفسه في محاول للتوافق مع تلك الرؤية، وذلك تهديد لحرية الفرد الشخصية أكثر من أن يكون محبوسًا خلف القضبان.

تلك هي النقطة الأقسى في عملية استخدام الغرباء كمحتوى عبر الإنترنت، فجميعنا غرباء في نظر بعضنا، ومعرضون بشكل أو بآخر لأن نكون محتوى على الإنترنت في أي وقت، وهذا يقيد حريتنا جميعًا وكأن كل شخص يملك هاتفًا حولنا هو فرصة محتملة لاستغلالنا دون مبرر منطقي.

أحمد الله أنني لم أقرأ «زقاق المدق» للمرة الأولى في عصر التواصل الاجتماعي، فربما كنت سألتقط صورة للرجل شارد الذهن رفقة صاحب المقهى لأكون صانع «ترند»: «وضاع حب العمر».


فاصل ⏸️


خبر وأكثر 🔍📰

شجر من المال / Giphy
شجر من المال / Giphy

الين الياباني مزروع على سفح جبل نيبالي!

  • أثبتت الأوراق النقدية اليابانية الجديدة المعاد تصميمها أنها نعمة غير متوقعة للمزارعين النيباليين. فقد اكتُشِف أن ورق «الأرقيلي» النيبالي، الذي ينمو على سفح جبال الهيملايا، يمكن أن يكون بديل ورق «الميتسوماتا» الذي كان يتناقص في اليابان بسبب تناقص السكان الريفيين وتغير المناخ. 🌳⛰️

  • بعد زلازل 2015 التي عرَّضت نيبال إلى دمار شديد أرسل اليابانيون متخصصين لمساعدة المزارعين النيباليين على إنتاج الأوراق اللازمة لطباعة عملة الين. تعلم المزارعون كيفية تجهيز «الأرقيلي» وفقًا للمعايير اليابانية الصارمة، وهذا أدى إلى تحول في حياتهم الاقتصادية، حيث تدر المهنة نحو 25 ألف روبية (185 دولارًا) شهريًا، وهو أعلى بكثير من متوسط ​​الراتب الشهري البالغ 17,300 روبية (129 دولارًا)، وفقًا لصحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست».🧑🏻‍🌾💰

  • لا تزال اليابان تعتمد بشكل كبير على العملة المادية، وتحتاج البلاد إلى الكثير من الأوراق النقدية الجديدة لاستبدالها بالأوراق القديمة. ولا تنمو شجيرة «الميتسوماتا» في اليابان لطبيعتها الجغرافية، لذلك توظِّف المزارع النيبالية مزيدًا من الموظفين الجدد هذا العام لتلبية زيادة الطلب على الشجيرة. وساعدت هذه التجارة الجديدة على تقليل هجرة النيباليين إلى دول الخليج والهند بحثًا عن عمل. 💴🌾

🌍 المصدر


شبَّاك منوِّر 🖼️

🧶 المصدر


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • التلذذ بالحزن سلوك نفسي ضعيف، ويميل أصحابه للتسلط على الآخرين. لذا في كل مرة ترى نفسك تتلذذ بحزنك، توقف.. وفكر بأنك تملك زمام حياتك. 🐴

  • اكتشفت أن مماطلة النوم لا يُكسبني اليوم الذي ضاع مني، وليس فيه انتقام من عملي أو دراستي أو عائلتي التي «سلبت» وقتي. فأنا المتضررة الأولى. 🥱

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+700 مشترك في آخر 7 أيام