تك توك تزيِّف الذاكرة الجمعيّة

هل ستتحول «الذاكرة الجمعيَّة الزائفة» إلى عرضٍ شائع من أعراض الاتكال مستقبلًا على بوتات الدردشة والذكاء الاصطناعي؟

«ترامب لن ينقذ الصحافة من مأزقها المالي هذه المرة.»

لفتني في مقال رأي على «واشنطن بوست» أنَّ الصحافة الأمريكية كانت تعوِّل الكثير على دخول ترامب الانتخابات، إذ كانت تأمل تكرار تجربة عامي 2016 و2020 حين ارتفعت مداخيل الصحف بسببه. لكن هذه المرة لا يوجد اهتمام يذكر بأي أخبار أو مقالات تخصه.

هنا يتساءل الكاتب / الصحفي بيري بيكون إن كانت هذه علامة الموت الوشيك للصحافة التقليدية؟ ويتوقَّع أنَّ مهنة «صحفي» بدوام كامل لن يكون لها وجود في السنوات القليلة، بل ستكون مهنة جانبية. لكن هذا معناه أنَّ التحوُّل في شكل الصحافة سيكون نحو التحقيقات الاستقصائية والمقالات التحليلية العميقة (أسبوعية أم شهرية) مع اندثار صحيفة «الأخبار اليومية». 📰

في عددنا اليوم 📨 نعرف كيف غيَّر تك توك الذاكرة الجمعيَّة، ولماذا اعتمد جيل زد «الميزانية الصاخبة»، وكيف ينبغي أن نتعامل مع المستقبل المجهول، وما التطبيق الذي قد يساعدك على التخلُّص من السموم التقنية. ❤️

إيمان أسعد


الذاكرة الجمعية / Imran Creative
الذاكرة الجمعية / Imran Creative

تك توك تزيِّف الذاكرة الجمعيّة

شهد راشد

تبهرني الذاكرة كصندوق عتيق ومزخرف للذكريات، صندوق مفتوح يمكن أن نفقد منه أعز الصور والملامح والذكريات. لكن هل تتصوَّر أنَّ يمكن للآخرين إعادة ترتيبه، أو إلقاء معلومة أو موقفٍ أو ذكرى لم تحصل داخله، وتبقى في عقولنا كشيء نؤمن بحدوثه؟ 

عندما سمعت بمصطلح «الذاكرة الجمعية الزائفة» أو ما يسمى «تأثير مانديلا» (Mandela Effect) تعجّبت. فقد سمعت مسبقًا بحالات فردية لأشخاص يتذكرون أمورًا لم تحدث، وهذا طبيعي، ولهذا ذاكرة واحدة لا يعوّل عليها، أما ذاكرة جمعية كاذبة فهذا مقلق. وقد تتساءل كما فعلت: كيف يمكن لمجموعة كبيرة من الأشخاص تذكر شيء لم يحصل؟ 

هذا ما حدث حين انتشر مؤخرًا فيديو على تك توك لصانعة محتوى تُدعى هان ويليامسون تؤدي رقصة مَرِحة. لاقى المقطع انتشارًا واسعًا لم تتنبأ به ويليامسون، وحين بدأَت قراءة التعليقات استغربتْ من ذكر الجميع أنها تحاكي رقصة الممثلة ميليسا مكارثي في فلمها «تامي» (Tammy). الغريب أنَّ ويليامسون لم تشاهد الفلم، إلا أنَّ تك توك قرر أنَّ رقصتها تقليد لرقصة غير موجودة أساسًا. فإذا هممت بالبحث عن هذا المقطع، فلا بد أن تكتب في خانة البحث «رقصة ميليسا مكارثي». 

ما حصل أنَّ تك توك استخدم ردود الناس الأوليَّة الخاطئة في عنونة المقطع لكي يطوِّع الخوارزميات على زيادة جذب التفاعل، وبتسمية الأشياء بشكل غير دقيق أو خاطئ دسَّ ذكرى جديدة في ذاكرة بقية المستخدمين مبنيَّة على معلومة مغلوطة، وكثير منهم بات واثقًا أنه فعلًا شاهد الممثلة ميليسا مكارثي تؤدي الرقصة! 

رغم غرابة الأمر، لكنه ليس مستبعدًا. فنحن كل يوم نعالج ملايين المدخلات بسرعة شديدة دون انتباه للتفاصيل، وحين يغفل شخص واحد تفصيلًا معينًا تتكون صورة خاطئة في ذاكرته عن ذلك الشيء. ولأننا جميعًا نعالج المعلومات بسرعة ونصدق ما يخبرنا به الآخرون دون تمهُّل ولا تمحيص، سنتبنى هذه المعلومة كحقيقة دون التأكد من صحتها. (ارجع إلى ذاكرتك واسأل نفسك: كيف تتذكَّر ذيل «بيكاتشو»؟)

تناولَت عدة دراسات موضوع «الذاكرة الجمعية الزائفة»، وكيف يمكن لذكرى معينة أن تُخلق في أدمغتنا. فلو عرضتَ على أشخاص قائمة تحتوي على عدة كلمات تحت فئة معينة مثل «خيط، دبوس، قماش» ثم سألتَهم عنها سيضيفون كلمات لم تكن موجودة مثل «إبرة»؛ فأدمغتنا تميل إلى تصنيف الأشياء وملء الفراغ، وبما أن هذه أدوات خياطة بطبيعة الحال ستكون الإبرة ضمنها.

لكن ما علاقة مصطلح «تأثير مانديلا» برئيس جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا؟ في عام 2009 ابتدعت الكاتبة وباحثة خوارق الطبيعة «فيونا بروم» هذا المصطلح في مدونة ناقشت فيها ذكرياتها عن وفاة نيلسون مانديلا في ثمانينيات القرن الماضي، وكيف أنها تتذكر التغطية الإخبارية لوفاته في السجن، بينما في الواقع كان مانديلا معتقلًا منذ 1962 حتى 1990 ثم تولى الرئاسة بعد خروجه وتوفي عام 2013. بعدها شارك الكثيرون في الإنترنت أنَّ لديهم هذه الذكرى الزائفة نفسها عن وفاة مانديلا في السجن، وبررت فيونا بروم أنَّ السبب قد يعود إلى أنَّ مانديلا فعلًا مات في السجن في بعدٍ موازٍ!

لربما هذه حوادث بسيطة تثير السخرية، لكن مع كل ما نتعرض إليه من تلاعب ومعلومات مغلوطة عن عمد وبغير عمد في وسائل التواصل الاجتماعي، فذاكرتنا ليست بمأمن من إقحام ذكريات زائفة فيها. وأتساءل: هل ستتحول «الذاكرة الجمعيَّة الزائفة» إلى عرضٍ شائع من أعراض الاتكال مستقبلًا على بوتات الدردشة والذكاء الاصطناعي؟


خبر وأكثر 🔍 📰

مفلس تمامًا / Giphy
مفلس تمامًا / Giphy

وسم «الميزانية الصاخبة» في تك توك يشجع على الادخار!

  • اسم على مسمى! انتشر وسم «الميزانية الصاخبة» (loud budgeting) في تك توك، حيث يشارك جيل زد أوضاعه المادية وديونه بكل صراحة، ويشجع كلٌّ الآخر على وضع ميزانية وخفض الإنفاق على الكماليات والرفاهيات المبالغ بها التي لا يمكن للشخص العادي مجاراتها إلا بالاقتراض من البطاقات الائتمانية أو الدفع الآجل. ويأتي هذا «الترند» مناقضًا لموجة «الرفاهية الهادئة» التي اكتسحت تك توك العام الماضي. 💸

  • جيل زد يُخرج نفسه من خندق الديون! بلغ الإنفاق العالمي في السنوات الأخيرة حدودًا جنونية فيما يسمى «الإنفاق الانتقامي» بعد الجائحة، على الأخص على رحلات السفر والتسوق والمطاعم، واضطر الكثيرون إلى مراجعة أوضاعهم المالية، ومحاولة إيجاد طريقة للسيطرة على الميزانية وتسديد الديون المتراكمة. 😰

  • رفاهيات يتخلّى عنها أفراد الطبقة الوسطى. قررت ناتالي فيشر إلغاء عضويتها في النادي البالغ اشتراكه الشهري 208 دولار وتجنب تصفيف شعرها وتزيين أظافرها في الصالون. وحين كفَّت تيفاني كوهوت عن الإنفاق على المطاعم والتسوق منذ أكتوبر الماضي، انخفضت ديون بطاقتها الائتمانية من 17 ألف دولار إلى 9 آلاف دولار.💅🏻

  • لمسة «سوشال-ميديائية» للسيطرة على الميزانية! وضع ميزانية شخصية ليس أمرًا جديدًا، لكن حديث الشخص عن وضعه المالي أمر غير محبذ ثقافيًّا ويخضع للصمت. إلا أنَّ ممارسة «الميزانية الصاخبة» تشجع المرء على مواجهة وضعه المالي باستمرار والالتزام بميزانيته أمام الآخرين، كما يسهِّل رفض قبول دعوة إلى عشاء في مطعم فاخر مثلًا إذا لم يملك ميزانية لهذا البند.🤐

  • الكبار يتعلمون من جيل زد! يقول المستشار المالي ديريك أوبر إنه جرَّب بنفسه ممارسة «الميزانية الصاخبة» وبات يوصي عملاءه باتباعها لأنها «إحدى أكثر الطرق احترامًا في التعامل مع وضعك المالي: كن صادقًا حول رفضك دعوة صديق أو شراء غرض أو السفر لأنك ببساطة لا تستطيع تحمل التكاليف، بدل اللجوء إلى الغموض.»😌

🌍 المصدر


شبَّاك منوِّر 🖼️

هل تقلق من المستقبل المجهول بعد وقوع حدث مفاجئ في حياتك؟ حين وقعت الجائحة فجأة كلنا دخلنا في عالم بتنا فيه غير متأكدين من مستقبلنا؛ ارتفع لدينا القلق من عدم اليقين، وتقلبنا في احتمالات مرعبة، لكن في النهاية تخطيناها. 💪🏻

  • التركيز على المجهول ينغِّص أيامك. كشفت دراسة في جامعة أوهايو أثناء الجائحة أنَّ البالغين الذين سجلوا درجات عالية في مقياس «عدم تحمُّل المجهول» كانوا الأكثر عرضة للتوتر والقلق واضطرابات الأكل والاكتئاب، وينظرون إلى المجهول على أنه تهديد وليس تحديًّا.😰

  • الخوف يؤدي إلى الانفصال. أظهرت دراسة بريطانية وجود ارتباط بين ارتفاع القلق من المجهول وضعف التكيُّف مع الواقع الجديد، مما يؤدي إلى وجود النزعة نحو الإنكار والانفصال عن الواقع وحتى اللجوء إلى المؤثرات العقلية. 🫠

  • تقلُّب الأقدار يعلمك النجاة. يعتمد الدماغ على «نماذج مسبقة» للأحداث يبنيها اعتمادًا على تجاربنا السابقة، فإذا وقع حدث غير متوقع، تنطلق إشارة عصبية تحذر من وقوع خطأ في التطابق بين الواقع والنموذج، مما يسبب لدينا الشعور بالخوف. لكن الإشارة أيضًا تحفز تغيُّرات عصبية إيجابية منها: تحفيز الانتباه واستيعاب المعلومات الجديدة وزيادة في سعة الذاكرة وتحسين قدرتها على استحضار المعلومات. هذه المحفزات هي أساس مهارة التكيُّف والنجاة أمام المجهول. 😎

  • رحابة عدم اليقين. الحياة بطبيعتها غير متوقعة ومتقلّبة، ونخشى منها على استقرار حالنا. لكن طبيعتها غير المتوقعة هي ما تمنحنا الفرص الثانية لكي ننضج ونختبر إمكاناتنا الحقيقية. 💎

🧶 المصدر


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • من حقك أن تخشى على اللغة العربية وتبجّلها من بشاعة الأخطاء اللغوية، لكن ليس من حقك أن «تقبِّح» اللغة العربية ببشاعة تنمّرك على الآخرين. 😈

  • لكل عميل طلب وحاجة مختلفة عن العميل الآخر. لكن نمو المنتج أو المشروع مرتبط بالأساسيات التي تحتاجها الشريحة المستهدفة. 🧲

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+360 متابع في آخر 7 أيام