ما الذي تحكيه الأحلام عنَّا

الأحلام ليست مجرد اندفاعات عشوائية للدماغ النائم، ولكنها مرآة تعكس لنا تحديات وقيم حياتنا في اليقظة.

سهرت البارحة -إثر نوبة أرق مفاجئة- على أحدث حلقة من البرنامج الاستقصائي الساخر (Last Week Tonight) وموضع التحقيق هذه المرة كان إيلون مسك! خلاصتان لفتتا انتباهي: 

  • إذا كان صافي إنجازات الشخص إيجابيًّا في تطوُّر الإنسانية، هل هذا الصافي يمنعنا من محاسبته على سلبياته؟ 

  • إيلون مسك لا يختلف كثيرًا عن أباطرة التقنية ذوي الشخصيات المريبة والمزعجة مثل توماس إديسون وهنري فورد وستيف جوبز، لكن على خلاف هؤلاء، هو الوحيد الذي فتح دماغه من خلال توتير لنطَّلع على كل خاطرة غبية ومرعبة ومقلقة، بسبب عجزه عن السيطرة على إدمانه التغريد 😎📲

في عددنا اليوم 📨 نستكشف ما الذي تحكيه الأحلام عنَّا، وكيف بدأ الذكاء الاصطناعي يخطف الجوائز الأدبية، وهل يستحق صانع المحتوى الإبداعي التقدير بالاسم، وكيف انخدعنا بلون كوكب نبتون. ❤️
 

إيمان أسعد


حلم الإنسان / Imran Creative
حلم الإنسان / Imran Creative

ما الذي تحكيه أحلامنا عنَّا

محمود عصام

اعتدت في طفولتي أن أقص على أمي أحلامي بمجرد أن أستيقظ، ليس لأنها تتقن تفسير الأحلام، لكن لأنها بحنان جم تفسر كل الأحلام في مصلحتي. جعلني هذا أمتلك ذاكرة جيدة فيما يخص الأحلام ولا أنساها أو أتذكرها مشوهة مثلما يشتكي البعض. وكنت أعتقد أن تلك مزية كبيرة حتى قرأت مؤخرًا كتابًا يتناول الحكايات الشعبية عند الغجر!

بفضل هذا الكتاب ظللت شهرًا كاملًا أحلم بساحرة غجرية تتعقبني وملك ظالم يريد الفتك بي وخيام تقتلعها الرياح وأنا بداخلها. وددت لو أخبر أمي بأحلامي تلك، لكن كيف أقول لها إنني أصبحت أحلم مثلما يحلم الغجر!

هل تختلف أحلام الإنسان من منطقة لأخرى؟

دفعني هذا إلى سؤال بدا لي منطقيًا: هل للغجر أحلام تخصهم؟ وهل تلك الأحلام تختلف عن أحلام الذين يعيشون في صحراء إفريقيا مثلًا؟ وهل نحن العرب والأوربيون نحلم الأحلام نفسها؟ أم أننا جميعًا حلمنا بأشباح تطاردنا في الطفولة ومقابلة عمل تفوتنا رغم الركض دون توقف؟

وجدت إجابة هذا السؤال من خلال بحث نشره دكتور الأنثروبولوجيا ديفيد سامسون بعنوان «وظيفة الأحلام في التأقلم العاطفي: دراسة تعتمد التقاطع الثقافي» (Evidence for an emotional adoptive function of dreams: a cross-cultural study). أقام سامسون لعدة أشهر مع قبيلة «باياكا» في جمهورية الكونقو الديمقراطية وشعب «الهادزا» في تنزانيا بهدف تسجيل أحلامهم.

أوضح البحث أن أحلام شعوب «الباياكا» و«الهادزا» جاءت غنية بالمحتوى المجتمعي؛ والسبب أنها مجتمعات «صيَّادة وجامعة للطعام»، وهو هدف لن يتحقق إلا ضمن مجتمع يتمتع بمستوى عالٍ من العلاقات التبادلية الداعمة ومشاركة الموارد. فمثلًا، في حلم لإحدى الأمهات: «وجدت مع ابنتيّ شيهم عالقًا في فخ، فأخذته إلى القرية لكي نتناوله.» حتى في الأحلام المرعبة التي يغلب عليها طابع مطاردة الحيوانات والمسلَّحين، نجد الروابط الاجتماعية قويَّة: «طاردني جاموس هائج وضربني لدى بحثي عن العسل، فوجدني رجلٌ يُدعى يناير وساعدني.»

وهو ما يختلف بشكل صارخ مع المواضيع السائدة في أحلام المجتمعات الغربية التي تفتقد للروابط الاجتماعية وتتمحور حول المشاعر السلبية والقلق والوحدة، والتواصل المشتت والبعيد من خلال الجوَّال.

هذا معناه أن الأحلام تختلف كثيرًا باختلاف البيئات الاجتماعية والثقافية، وهنا تساءلت: إذا كان لكل منا حلمه الذي يعكس ثقافته فهذا يعني أننا شخصيًا مصادر أحلامنا. إذن لماذا نحلم من الأساس، أو ما الرسالة التي نريد توجيهها لأنفسنا من خلال الأحلام؟

تقول أليس روب مؤلفة كتاب «لماذا نحلم» (Why We Dream) أننا نحلم لكي نتغلب على مخاوفنا. لهذا تأتي الأحلام بالكثير من المبالغة واللاواقعية في الأحداث؛ لأنه بمجرد تجربة تلك الأحلام يتحول الواقع إلى مصير ألطف مقارنة بها. فإذا حلمت بأنك تطير قلقًا فوق مكان عملك، أو عدت مذعورًا لأداء امتحان الرياضيات في الثانوية العامة، فهذا معناه أنك تحتاج إلى إجازة من العمل.

أما الإجابة الثانية فهي أن الأحلام وسيلة تساعد العقل على التعلم. خير مثال هو الروائي البريطاني قراهام قرين، الذي تفادى «حبسة الكاتب» بتدوين أحلامه فور استيقاظه، وجزء من هذه الأحلام وجدت طريقها إلى رواياته الناجحة. جمع قرين أحلامه التي دونها ونشرها في كتابه: «عالمٌ من صنعي: مذكرات أحلامي» (A World of My Own: Dream Diary). لكن المضحك أنَّ آراء القراء لم تكن لصالحه، إذ وجدوا أحلامه تافهة يتكرر فيها لقاؤه بملكة بريطانيا وزوجها وهتلر، وتبادله أحاديث جانبية باردة معهم! 

لهذا كلِّه، فالأحلام ليست مجرد اندفاعات عشوائية للدماغ النائم، ولكنها مرآة تعكس لنا تحديات وقيم حياتنا في اليقظة، وفرصة مثالية لمحاولة التعمق في ذواتنا.

أخيرًا، استجمعت شجاعتي وقررت أن أحكي لأمي أحلامي الغجرية. لم يأخذ الأمر منها أكثر من دقيقة واحدة حتى أطلّت عليَّ بالتفسير الأكيد: أنا أحلم بالغجر الذين هم كثيرو الترحال؛ وهذا معناه أنني سأرحل إلى بلاد أجمل وأفضل حيث الرزق الوفير والخير الكثير.

صحيح تختلف الأحلام باختلاف الثقافات والأشخاص، لكن تفسير أمي لأحلامي لم ولن يختلف أبدًا.


خبر وأكثر 🔍 📰

الكتابة والذكاء الاصطناعي / Giphy
الكتابة والذكاء الاصطناعي / Giphy

الذكاء الاصطناعي يخطف الجوائز الأدبية!

  • رواية يابانية تفوز بفضل «تشات جي بي تي». كشفت الكاتبة اليابانية «ري كودان» أن «تشات جي بي تي» أسهم في كتابة 5% من روايتها «Sympathy Tower Tokyo» والتي فازت بجائزة «أكوتاقاوا» الأدبية التي تحمل اسم الروائي «ريونوسوكي أكوتاقاوا». وتُمنح الجائزة للكتَّاب الجدد مرتين سنويًا، وتعد إحدى الجوائز المرموقة في اليابان 🇯🇵 📕

  • كسل وتحايل أم ذكاء وتأقلم؟ تقول «كودان» إنها استعانت بالذكاء الاصطناعي لاستخدام الكلمات بعناية، والعثور على مفردات معينة تجسد المواضيع الشائكة حول العدالة ضمن فصول كتابها التي تحكي قصة مهندسة معمارية تعمل على تصميم برج تعاطف يتوسط طوكيو ويختص بإعادة تأهيل المجرمين. ووصفت اللجنة كتابها بأنه «عمل ممتع ومثير للاهتمام، ولا تشوبه شائبة».💪🏻🤖

  • الصين سبقت اليابان! في العام الماضي استعان أستاذ جامعي صيني في كلية الصحافة بالذكاء الاصطناعي لكتابة رواية خيال علمي في ثلاث ساعات فقط ليحصد عنها جائزة في مسابقة وطنية. وتعهَّد بكتابة دليل يساعد الكتّاب على «كتابة رواية جيدة بمعونة الذكاء الاصطناعي»! 🇨🇳🥇

  • هل سنرى هذا الفوز في الرواية العربية! يعتمد الفوز على القوانين الفكرية في البلاد وتعريفها لدور الذكاء الاصطناعي: هل هو كاتب بديل، أم كاتب مشارك، أم محرر أدبي، أم الملهم؟ في الصين، حكمت المحكمة لصالح منح حقوق الملكية الفكرية للصور الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، بينما حكمت أمريكا بأنَّ تلك الصور ليست ناتجة عن إبداع بشري وبالتالي لن تنال الحقوق الفكرية . فإذا أخذنا بحجة الصين، توقَّع فوز رواية عربية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي! 😦💡

🌍 المصدر

شبَّاك منوِّر 🖼️

هل من حقك أن تنال التقدير كصانع محتوى إبداعي؟ من إشكاليات العمل في المجال الإبداعي، سواء كنت مستقلًّا أم ضمن شركة، أنَّ أفكارك ومنتجاتك الإبداعية قد لا تُنسَب لك بالاسم وتُنسَب للعميل أو الشركة. فإذا كنت صانع محتوى في بداية طريقك، تحتاج إلى الانتباه إلى تلك النقاط.😟🖊️
  • أنت لا تعمل لصالح نفسك! قد يبدو من المزعج أن تصنع فكرة متكاملة من بين ألف فكرة مثلًا، تلقى صدىً ورواجًا واسعًا على إثرها، دون أن يظهر اسمك أثناء تقديمها. لكن ذلك من متطلبات العمل الجماعي الذي تمثله كفرد من الشركة التي تضُخ فيها أفكارك، أو وفق اتفاقك المسبق مع العميل، ويُضخ لك بالمقابل أجرًا على ذلك. 🤝💵

  • السمكات الصغيرة في الحوض العملاق تحتاج إلى الدعم! إن كنت في بداية طريقك، فمن الطبيعي أن تتوقع الحصول على التقدير والاعتراف بأعمالك الجيدة ونسبها إليك، لأنَّ من شأن ذلك أن يشجعك على النمو والازدهار ويعزز ثقتك بنفسك. لكن ركِّز على التقدير بعيد المدى، فمع تكرار نجاحك مع العملاء أو في الشركة، تزداد قيمتك المهنيَّة، ويعلو اسمك في مجالك. 🐠🪜

  • هل انزعاجك أساسه التهميش؟ إذا ظننت أنَّ تجاهل ذكر اسمك أساسه التهميش وليس سياسة الشركة، تحدَّث مع مديرك على انفراد فيما يخص قيمتك الحقيقية في الشركة. واذكُر رغبتك في الحصول على تقدير على عملك الجيد حتى لو كان تقديرًا لفظيًا، لأنَّ ذلك يسهم في تحفيزك وانتمائك للشركة. وأكِّد أنك منفتح لتقبّل النقد على الأفكار غير الجيدة وستعمل بشكل جدّي لأجل تحسينها وتطويرها. ☎️👨🏻‍💼

  • استعن بمنصة لنكدإن! لا تحتاج كصانع محتوى إبداعي إلى أن يُذكَر اسمك في كل محفل، لأنك بالفعل تتقاضى أجرًا متفقًا مقابل أعمالك، لكن بالتأكيد يحق لك إضافة إنجازاتك في ملف أعمالك، ومشاركتها في صفحاتك الشخصية، أهمها لنكدإن، وستنال التقدير المستحق من نظرائك وتلفت إليك من يقدِّر عملك. 🥳👁️

🧶 إعداد

إيلاف محمد


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • يصوّر واقعك أنَّ استخدام الأسماء المستعارة هروبٌ من إبداء رأيك ومواجهة رد الآخرين عليه، لكنها ببساطة تعني أنَّك قررت الاحتفاظ بخصوصيتك. 🤫

  • المطلوب منا جميعًا أن نسعى ونحاول ونتأقلم مع الحياة وتحدياتها وتسوياتها؛ لأن هذه طبيعة الإنسان والحياة التي يعيشها. 🤩

نشرة أها!نشرة أها!نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.