لماذا انتحرت يا فان قوخ؟

ستنتظرك نسخة من فان قوخ تحادثك وتجيب عن أسئلتك. لكن، على رغم ذلك، هذه النسخة لن تعطيك إجابة مباشرة إذا سألتها: «لماذا انتحرت؟».

لدى دخولي تطبيق «ذ واشنطن بوست» استقبلتني الصحيفة بإحصائية بصرية لطيفة لقراءاتي هذا العام، وبناءً على تحليل المقالات التي قرأتها (157 مقالًا)، صنفتني «القارئ الذي يغوص في الأعماق» (the deep diver).

الجزء الذي أسعدني بهذه الإحصائية، إني على عكس الكثير من اشتراكاتي، نوعًا ما حلَّلت فلوسي مع واشنطن بوست! أما الجزء الذي دفعني للتفكُّر قبل الفرحة بهذا اللقب، هو إن كنتُ «قارئة تغوص في الأعماق» هل أنا ككاتبة «أغوص في الأعماق» أيضًا، أم ما زلت أعوم في المياه الضحلة؟ 

إيمان أسعد


نسخة فان قوخ / Imrancreative12
نسخة فان قوخ / Imrancreative12

لماذا انتحرت يا فان قوخ؟

إيمان أسعد

منذ عام 2018 لم أسافر في إجازة حقيقية أختبئ فيها من الناس، أو بالأحرى أختبئ فيها من قلقي الذي يلازمني لدى التعامل مع الناس. كانت تلك الرحلة مثالية، حدثت مرة واحدة في حياتي وإلى الآن لم تتكرر: 

أنا وحدي، في باريس، في متحف دورسى الهادئ، في الطابق الأول، جالسة ما يقارب الساعتين على مقعد الزوار أمام منحوتة «عصر النضوج» (The Mature Age)، أتفكَّر في كاميل كلوديل بعدما هجرها رودان، وسُلب منها موقعها في فن النحت قبل أن يرميها أخوها في مصحة عقلية. 

وأتذكَّر جيدًا، في الطابق ذاته، في جناح صغير، كانت معلَّقة لوحات فان قوخ، لا أتذكَّر أيَّا منها تحديدًا، لكن كما نعرف جميعًا، لا تحتاج إلى معرفة أعمال فان قوخ حتى تعرف أنها أعمال فان قوخ. بصمته فريدة إلى الحد الذي يجعل ذاكرتنا تصنف كل أعماله تحت «فان قوخ»: لا داعي لمعرفة اللوحة وحفظ اسمها، كلها تحمل «العلامة التجارية» نفسها. 

لهذا فإنَّ قوخ أكثر الفنانين «حلبًا» في سوق الرأسماليَّة، آخرها وأسخفها دمج أبطال البوكيمون بعالمه احتفاءً بمرور خمسين عامًا على متحف «فان قوخ» في أمستردام، ليتقمَّص بيكاتشو فان قوخ (أو هل فان قوخ تقمَّص بيكاتشو!) في لوحة «بورتريه ذاتي مع قبعة رمادية» (Self-Portrait with Gray Felt Hat). 

والآن حان الوقت لحلبه في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي، للأسف في ملاذي المفضَّل من بين كل متاحف العالم. فقد وافق متحف دورسى على مشروع «بونجور فنسنت» (Bonjour Vincent)، مشروع يتبع شركة ناشئة في الذكاء الاصطناعي التوليدي تُدعى «جمبو مانا» (Jumbo Mana)، مهمتها «بعث الحياة في الشخصيات الميتة». المهمة تبدو سخيفة، ومن حيث المبدأ لا تختلف عن بعث الحياة في الشخصيات الميتة من خلال الأفلام والتلفاز. لكن وعد الشركة لك أنَّك مع هذا النوع من «البعث» لن تكون متلقيًّا سلبيًّا، بل فاعلًا من خلال حوارك مع الشخصية.

ففي المتحف ستنتظرك نسخة من فان قوخ تحادثك وتجيب عن أسئلتك. بإمكانك أن تسأله عن أي شيء وسيعرف الإجابة؛ لأنَّ الشركة غذَّت النموذج بكل رسائله التسعمئة التي كتبها في حياته، والسير الذاتية التي كتبها المؤرخون عنه. لكن، على رغم ذلك، هذه النسخة لن تعطيك إجابة مباشرة إذا سألتها: «لماذا انتحرت يا فان قوخ؟»

هذا السؤال، وفقًا لمسؤولي المتحف، هو الأكثر طرحًا من الزوَّار على النموذج الرافض لإعطاء إجابة مباشرة. فالمطوِّرون تعمَّدوا برمجة الخوارزميات بحيث تزيح الجواب عن السؤال من موضوع الانتحار إلى ثيمة الأمل والتمسك بالحياة؛ لأنَّ الذكاء الاصطناعي ممنوعٌ إلى اليوم من تشجيع الإنسان على ارتكاب ما يؤذيه. 

مرةً أجابت النسخة: «تشبَّث بالحياة، ففي أحلك اللحظات ظلمةً ستجد قبسًا من الجمال والأمل.» وفي جواب آخر: «آه عزيزي الزائر، موضوع انتحاري ثقيلٌ على قلبي، ففي أحلك اللحظات التي عشتُها ظننت أنَّ قتل نفسي سيكون ملاذي الوحيد من الألم الذي يعصف في عقلي.»

قبل أن تتأثَّر بقدرة النسخة على منح إجابات بهذا العمق والحساسية، أذكرك أنها إعادة تركيب من رسائل فان قوخ، بالضبط كما تفعل كل نماذج الدردشة من أشباه «جي بي تي» التي تغذَّت على كل ما كتبته البشرية في الإنترنت. 

المضحك في عجز النسخة عن إجابة سؤال الانتحار أنَّ المتحف يستضيف الآن معرض «الشهرين الأخيرين في حياة فان قوخ»، مع إقبال شديد على رؤية أعمال الفنان في آخر معركة له في ميدان الصحة العقلية ونوبات القلق، التي شهدت أيضًا رسم لوحات من أهم أعماله. وبدلًا من تأمُّل اللوحات التي رسمها واستنباط ما كان يشعر به، يخرج الزائر ويسأل النسخة علَّها تمنحه إجابة سريعة وافية عن قرار الانتحار بعد إنجاز كل هذه الروائع.

المعرض مستمر حتى الرابع من فبراير عام 2024، في حال أردتَ زيارته وإلقاء تحية «بونجور» على فنسنت. عن نفسي، سأخطط لرحلتي المقبلة بحيث تكون بعد الخامس من فبراير؛ لكي أحظى بالهدوء في ملاذي برفقة كاميل. 


خبر وأكثر 🔍 📰

قيادة السيارة / Giphy
قيادة السيارة / Giphy

النساء أكثر اقتناءً للسيارات، ومع ذلك فهي مصمَّمة للرجال!

  • المرأة صاحبة قرار الشراء. في عام 2019 أشارت إحصائية على موقع (cars.com) أن اقتناء النساء للسيارات الجديدة بلغ 62% في أمريكا، وتؤثر النساء بنسبة 85% في قرار شراء السيارة، خصوصًا أن استخدام النساء اليومي للسيارات يبلغ 4 ساعات لقيامهن بأعمال المنزل وإيصال الأطفال للمدارس والمستشفيات، بينما يقضي الرجال ساعتين يوميًا في السيارة. 🚘⏱️

  • سيارة أم قاذفة صواريخ؟ عند النظر إلى معظم السيارات نجد أنها مصممة للرجال. مثلًا سيارة (cybertruck) من تسلا أتت لتحقيق أحلام عشاق السيارات الرجولية، فهي سوداء بالكامل مع صندوق يكفي لاحتواء قاذفة صواريخ. ووكالة (hiphi's a hypercar) للسيارات الكهربائية مثالٌ صارخ على التوجه الذكوري في صناعة السيارات، كذلك سيارة نيسان (hyper force) المرعبة التي تبدو مستوحاة من فلم (death race 2000). 🏎️🚀

  • إعادة النظر في تصميم السيارات. نظرًا لأن غالبية إدارات صناعات السيارات ومعظم مصمميها من الرجال، كانت التطورات التي مرَّت بها أهم صناعات القرن العشرين موجهة للمستهلك الرجل بالمقام الأول. حتى تجارب أمان القيادة أجريت على دمى تمثِّل أجساد الرجال لاختبارات السلامة. أما المحركات الضخمة والمزعجة والتصاميم الخشنة فهي باقية حتى اليوم، لكن هل يمكن استبدالها في السيارات الكهربائية؟ بالطبع! لا تحتاج السيارات الكهربائية إلى محركات الاحتراق أو أنفاق نقل الحركة، مما يتيح مساحة داخلية أكبر لتصاميم أكثر اتساعًا وانسيابية وأقل جمودًا.🌀👩🏻

  • نساء في صناعة ذكورية. بالرغم من تدني عمل النساء في المجال، إلا أنهن صمَّمن عددًا من السيارات مثل (nissan 350z) و(acura nsx). كما وظفت شركة فولفو فريقًا متكاملًا من النساء لتصميم سيارة حديثة تغطي كامل احتياجات النساء في 2004، وكانت النتيجة تصميمًا عصريًّا بمسمى (your concept car) لكنه لم ير النور. وفي مطلع 2023 اجتمعت لجنة نسائية بحضور عدد من ممثلي صنّاع السيارات لمناقشة فرص تصميم وتصنيع سيارات تضع أمان وراحة النساء في اعتبارها، وربما قريبًا ستتمكن النساء من قيادة سيارات آمنة بسهولة وانسيابية مع لمسة أناقة! 🎀🛞

🌍 المصدر

شبَّاك منوِّر 🖼️

نشير للأشخاص الناجحين بأنهم محظوظون وأنَّ الفرص ترتمي في طريقهم، فهل فعلًا هم محظوظون؟ قضى عالم النفس ريتشارد وايزمان عقودًا طويلة درس خلالها سيكولوجية الحظ، وأجرى تجربة على مدى عشر سنوات كشفت لنا غموض عقلية الشخص المحظوظ. جاءت النتائج أبسط مما نتوقع، وفي متناولنا جميعًا، فالحظ يقوم على تصرفاتنا وآليات تفكيرنا، وعليك التحلي ببضع صفات لتكون من زمرة المحظوظين. 😃🪄
  • حط عينك على الفرصة. يعتقد معظمنا أنَّ الفرص تتجلى في صورة سحرية وكبيرة، لكن بإمكان حديث عابر أن يفتح لك بابًا جديدًا في حياتك المهنية. اغتنم الفرص وكن واعيًا بمرورها، ولا بأس من خلقها أحيانًا. تحدَّث مع أحد في المصعد أو الاستقبال مثلًا واذكر ثلاث حقائق عن نفسك واجعلها متنوعة ومثيرة للاهتمام، هذا النوع من الحديث، هو «استراتيجية الخطَّاف» كما أسماها كريستيان بوش مؤلف كتاب «عقلية الصدفة»، فربما يكون المستمع مديرك القادم. 🤝

  • دوِّن الأحداث الجيدة. يقول وايزمان: درِّب عقلك على رؤية الأمور الإيجابية لتتمكن من الاستفادة منها. دوِّن حدثًا إيجابيًا واحدًا كل يوم، أو أمرًا سيئًا من الماضي كفَّ عن الوقوع في حياتك. سيعطيك هذا شعورًا باحتمالية حدوث الأشياء الجيدة في المستقبل، مما ينعكس على تعاملاتك مع من حولك، وبذلك تخلق فرصًا غير مباشرة معهم. فالمحيطون بك بإمكانهم مساعدتك في تمويل مشروع أو إيجاد وظيفة أو فتح باب فرصة لم تتوقعها. 📝

  • المرونة صديقتك. تمكِّنك المرونة من تحويل المواقف السيئة إلى جيدة، وتساعدك على رؤية مسارات عديدة لا يراها من يتمسَّك بطريقته الضيقة والمحدودة في التفكير. حاول ممارسة شيءٍ جديد باستمرار، تابع فلمًا حول موضوع لا يهمك أو تناول وجبة لا تعرفها؛ أنت بذلك تدرب نفسك على الانفتاح، مما يمتد إلى انفتاحك على الفرص في حياتك العملية والشخصية. 🏄🏾

  • اخلق عادة مع بداية العام. اقرأ كتاب «عامل الحظ» (the luck factor) في مطلع العام القادم، وابدأ بتطبيق نصائحه على مدى العام ودوِّن النتائج. جرِّب دعوة صديق للقراءة وشجِّعا بعضكما على الاستمرار، فالحظ يتَّسع إذا شاركته الآخرين.🌟🗺️

🧶 المصدر

لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • القاعدة الأولى لحياة سعيدة هي التوقعات المنخفضة. إذا كانت لديك توقعات غير واقعية، فستكون بائسًا طوال حياتك. 😌

  • متعة مشاهدة المباريات مع الأصدقاء لها طعمها الخاص؛ فإنَّ الخسارة بلا أصدقاء شامتين لها وقع خاص كذلك. ⚽️

نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+350 متابع في آخر 7 أيام