ميقان رايس تبني سياق فلسطين

المسألة لا تتعلَّق أساسًا بانحياز الخوارزميات، بل بانحياز الشعب الأمريكي نحو فهم ما يراه، ثم صناعة السياق الذي يؤمن به ومشاركته مع الجميع.

لم أعرف لجين داغستاني إلا لدى ظهور تغريدتها التي تعلن فيها طلاقها، وليس الإعلان ذاته ما لفت انتباهي بل وصول عدد المشاهدات إلى 13 مليون. أخذت لفة على التعليقات وإعادة التغريدة، وتبيَّن أنَّ لجين كانت لأعوام تشارك زواجها السعيد، قبل أن تعلن قبل فترة إصابتها بالاكتئاب.

السؤال الاستنكاري الأكثر تداولًا (السؤال الاستنكاري الآخر يخص استخدامها «انفصال» بدل «طلاق»):
لماذا شاركت؟ لماذا لم تحتفظ بخصوصيتها؟

هذا سؤال عفا عليه الزمن، و يَفترِض أنَّ الحدود الفاصلة بين حياتنا الواقعية والافتراضية بيَّنة وواضحة، لكن حقيقة الحال على خلاف ذلك. العالم الافتراضي اليوم امتدادٌ طبيعيّ لحياتنا، مثلما الجوَّال أصبح امتدادًا طبيعيًّا لذراعك وجهازك العصبي. وكلما استغرقنا أكثر وأكثر في المشاركة، يعيدُ «مفهوم المتابعين» -سواء كان ألفًا أو 300 ألف أو مليون- برمجة «الخصوصية» لدى دماغنا من حيث لا نشعر.

حتى أقرِّب لك الصورة: إن بلغك خبرٌ مفرح أو محزن يخصك وأنت في السوق، أو حصل معك أي شيء مثير، دماغك سيمنعك عن الصراخ وإعلان الخبر، أو الإمساك بأقرب غريب ومشاركته. فلماذا لا يمنعك عن فعل ذلك في المنصات؟

لأنَّ دماغك ما عاد يعتبر المنصات خارج دائرة الخصوصيَّة. 

إيمان أسعد


خوارزميات تك توك / Imrancreative12
خوارزميات تك توك / Imrancreative12

ميقان رايس تبني سياق فلسطين

عبدالعزيز الحبيل

إذا صادفت فارس الفرزان في مطعم أو قهوة أو حتى إذا التقيته في ممرَّات مقر ثمانية، قبل توديعك سيذكرك بمتابعة «سياق»، برنامج ثمانية الذي يطرح أسئلة حول مفاهيم شائعة أو ظواهر جديدة، فيعيدك إلى أصلها وكيف بدأت ثم كيف انتهت على ما تراه اليوم، لتفاجأ بأنك لا تعرف المفهوم كما ظننت.

تذكَّرت فارس وبرنامجه مع ما شهدناه في تك توك الشهر الماضي من تحوُّل في سياق قضية فلسطين في أمريكا، والذي بدأ مع ميقان رايس. ميقان صاحبة حساب فاعل على تك توك مهتمة أساسًا بالكتب، دعتها أحداث حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة للعودة إلى أصل الأشياء. فقد هالها مرأى جرائم الحرب، وأذهلها كيف قابل شعب غزة هذه الأهوال بنفوسٍ مُطمئنّة مستقرة، يُثبِّتها اليقين أن الحياة الآخرة هي المستقر وأنَّ المآل عند الإله الذي لا يُظلم بين يديه أحد. 

لكن ما الذي جعلهم يُؤمنون بهذا؟ قررت ميقان استكشاف جواب هذا السؤال بقراءة القرآن الكريم والتعليق على ما تقرأ من خلال حسابها. وفتحت المجال لنقاشات افتراضية مع المهتمين مثلها للاستفادة من تنوع الآراء والأفكار. 

كيت مثالٌ آخر، هي سيدة يهودية أمريكية تربَّت بحسب تعبيرها في بيئة «صهيونية» داعمة لحقِّ إسرائيل في الوجود، لكنها قررت ذاتيًا أن تُثقِّف نفسها بنفسها وألا تسمح لوسائل الإعلام التقليدية أن تخبرها بالقصَّة وكأنها مُسلَّمة من المسلَّمات. استنتجت كيت بعد بحثها وقراءاتها أن هذا ليس صراعًا بين فريقين بينهما شيءٌ من التكافؤ، بل هذه إبادة على صاحب الحق الذي كان يحيا على أرضه ثم أُريدَ له أن يُمحى من التاريخ والوجود. 

هنا أمريكي أبيض، شارك في حسابه كيف أنه خلال سني عمره الأربعة والخمسين كان في يقينٍ من إرهاب الفلسطينيين، وأنَّ من يُحيط بهم من الدول العربية يحمونهم، في حين أن إسرائيل هي ضحية تكالب الإرهاب حولها. ثم يقول إنَّ هذا كلهُ هُدمَ اليوم بتأثير تك توك الذي ساعده على رؤية الحقيقة مُجرَّدة من السياقات التي تبنيها وسائل الإعلام الغربي التقليدية وتقدمها لمتابعيها على أنها حقائق. 

من بات يبني السياق اليوم إذن؟ تجربة الأسابيع الأخيرة تقول إنَّ بناء السردية وتعميم سياق موحَّد للأحداث لم يعُدْ حِكرًا على وسائل الإعلام التقليدية. مع استحضار أنَّ تك توك «الصيني» خارج السيطرة التقليدية للإعلام الغربي بأدواته وقنواته وشبكات تلفزته ومراسليه، فهي منصة تمنح مساحةً ليسَت ممكنة عند غيرها. إذ ما أن يلتقط رسالتك عدد من المستخدمين وتبدأ حركة التداول، تتحفَّز خوارزميات المنصة وتشارك هذه الرسالة على أوسع نطاق ممكن، فيحقق صانع «السياق» الفرد تفاعلًا بالملايين يفوق أحيانًا مشاهدات الشبكات الإعلامية.

هذا ما يفسِّر رد فعل تك توك لدى اتهام المؤسسات الأمريكية لها بنصرة فلسطين وتفضيل المنشورات المؤيدة للقضية الفلسطينية؛ أنَّ المسألة لا تتعلَّق أساسًا بانحياز الخوارزميات، بل بانحياز الشعب الأمريكي نحو فهم ما يراه، ثم صناعة السياق الذي يؤمن به ومشاركته مع الجميع. وليس ذنب تك توك أنَّ أغلب من بنوا السياق فيها وجدوا أنَّ فلسطين هي من يستحق النصرة. 


خبر وأكثر 🔍 📰

«قيم بوي» في التسعينات / Giphy
«قيم بوي» في التسعينات / Giphy

مسلسل بوكيمون الواقعي يتعامل مع ضغوط بيئة العمل!

  • السر وراء 25 عامًا من النجاح. أحد أهم أسباب نجاح «علامة بوكيمون» والاحتفاظ بشعبيتها وقدرتها على در إيرادات تفوق عالم مارفل السينمائي يكمن في قدرتها على التطور والتأقلم مع متغيرات الحياة. منذ بدأت مع لعبة «قيم بوي» بسيطة، تطورت إلى مسلسل كرتوني ثم لعبة بطاقات وسلسلة من ألعاب الفيديو المتطورة، وهذا ما تفعله الآن مع إطلاق أول مسلسل «بوكيمون» واقعي. 🎮⚡️

  • «بوكيمون» يرافق أبناء الألفية في بيئة العمل. تدور قصة المسلسل «بوكيتسوم» (PokéTsume) حول شابة يافعة حديثة التخرج تنتقل إلى طوكيو لتعمل في وكالة إعلانات، وتفاجأ بأنَّ الحياة في المدينة ليست كما تخيلتها في أحلامها. وفي غمرة إحساسها بالضغط تحت مسؤوليات العمل، يصلها طرد من والدتها يتضمن هديَّة: لعبة «قيم بوي بوكيمون» أصلية تعود إلى الأم. 🎁🥹

  • ماذا لو كانت اللعبة الحل لتوترات العمل؟ الأساس الذي تعتمد عليه هذه الحبكة ليست بعيدة أبدًا عن الواقعية. فالألعاب وسيلتك لكسر دائرة القلق وشحن طاقتك وتحسين صحتك النفسية.🥴 (هنا مقالة لطيفة من ثمانية بوسعك إرسالها إلى مديرك إذا سألك لماذا تلعب). لذا ليس من الغريب أن تصبح لعبة «قيم بوي بوكيمون» جزءًا من أسلوب حياة البطلة في عملها وخارج عملها. 👩🏻🔋

  • «بوكيمون» دليل على قوة سرد القصة، وكيف لعلامة تجارية أن تحافظ على معجبيها القدامى وتجذب معجبين جدد من خلال سرد قصص تتداخل مع نسيج حياتهم اليومية، سواء من بوابة العوالم الخيالية أو باب مكتب العمل شديد الواقعية. 🧶👩🏻‍💼

🌍 المصدر

شبَّاك منوِّر 🖼️

«كان أبو نواس قد استأذن خلفًا في نظم الشعر فقال له: لا آذن لك في عمل الشعر إلا أن تحفظ ألف مقطوع للعرب، ما بين أرجوزة وقصيدة ومقطوعة. فغاب عنه مدة وحضر إليه، فقال له: قد حفظتها. فقال: أنشدها، فأنشده أكثرها في عدَّة أيام. ثم سأله أن يأذن له في نظم الشعر، فقال له: لا آذن لك إلا أن تنسى هذه الألف أرجوزة وكأنك لم تحفظها.» 
  • هذا الموقف قرأته في «الكتابة والتناسخ» لعبدالفتاح كيليطو، وذكره ليبيَّن لنا «فن النسيان» بصفته أداة إبداعيَّة. ببساطة لا يفترض بك حفظ كل ما تقرأ حتى تتمكن من الكتابة، وهو ما يهوِّن عليّ خجلي طيلة سني حياتي من عجزي عن تذكر اقتباس واحد من الذاكرة من أي كتاب قرأت.

  • القيمة المعرفية ليست في حفظ الاقتباسات، بل في تشبعك فكريًّا مما قرأت حتى لو نسيته، مثلما نسي أبو نواس الألف أرجوزة وقصيدة ومقطوعة كما لو أنَّه لم يحفظها يومًا، ونال أخيرًا الإذن لكي ينظم الشعر. 

  • (وإن يظل السؤال: كيف أثبت أبو نوَّاس أنه نسيَ ما حفظ!؟)

🧶 المصدر

إعداد فريق النشرة


لمحات من الويب


قفزة إلى ماضي نشرة أها! 🚀

  • حكاية الهاكاثون قصة فشل لن يذكرها أحد غيري، ورغم ذلك فقد تعلّمت الكثير من هذه المشاركة التي كانت بعيدة جدًا عمّا اعتدته. 🤩

  • تعلمت درسًا لن أنساه: حين تستفحل المعضلة وتستغلق أبوابها، فالنوم جزءٌ رئيس من أي محاولة لإدراك خيوط حلها. 😴

نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+650 مشترك في آخر 7 أيام