04: عندي مشكلة معقدة.. كيف أحلها؟
يساعدنا نهج التفكير التصميمي على أن نتحرك نحو الحل ونقترب إلى الوضع الأفضل في أي مكان كنت وبصرف النظر عن المشكلة المعقدة التي تواجهها الآن.
المفهوم💡
عندي مشكلة معقدة.. كيف أحلها؟
المشاكل المعقدة أو الشيطانية أو ما يطلق عليه علميًا (Wicked Problems) هي أي مشكلة صعبة التحديد والتعريف متعددة الأسباب متداخلة الفروع متشابكة الأطراف ترفض الحلول، نقول عنها بالعامية «مشكلة ما لها أول ولا آخر»، كلما «صلَّحت منها شي خرب عليك شي ثاني». هي مشاكل ليس لها في الغالب معايير نجاح واضحة، ويصعب أن يتفق فيها اثنان على الحل؛ لأنك كلما ظننت أنك وصلت إلى الحل تمحورت المشكلة إلى شكل جديد.
هناك أمثلة كثيرة من حولنا لمشاكل ينطبق عليها وصفنا أعلاه. لكن في سياقنا اليوم سنسلط الضوء على مثال صريح يجمعنا كلنا، ألا وهو حياتنا. فكلما حاولنا الاعتناء بالصحة فنحن نفعل ذلك على حساب وقت العمل. وإذا قضينا وقتنا في العمل فنحن نضحّي بوقت العائلة واللعب. وإذا كنا مع العائلة فنحن نهمل العمل والصحة معًا.
إحدى أكثر الطرق فعالية للتعامل مع هذه المشاكل أن تبتكر وتصمم الحلول وأنت في الطريق. فنهج التصميم أو طريقته فكرة جيدة عندما لا يكون لديك دليل أو حلول سابقة، ولا تمتلك نتيجة ثابتة محددة مسبقًا أو هدفًا واضح المعالم أو حلًا واحدًا صحيحًا. وعندما أتحدث عن نهج التصميم هنا فأنا أقصد بشكل دقيق نهج التفكير التصميمي.
كيف يساعدنا التفكير التصميمي؟
إحدى الأدوات المدهشة التي اكتشفتها خلال دراستي التصميم كانت أداة وإطار تفكير يسمى «التفكير التصميمي» (Design Thinking).
التفكير التصميمي بكل بساطة: عملية تصميم وأسلوب تفكير يتميّز بالقدرة على الجمع بين التعاطف مع ظروف مشكلة ما والإبداع في توليد الأفكار والحلول لها، ومن ثم تحليل هذه الحلول وتكييفها تبعًا لظروف المشكلة؛ لذلك هي أداة مثالية لحل المشاكل المعقدة (Wicked Problems).
هذا النهج العملي يتمحور حول المستخدم «الإنسان» ويتضمن في كيفيته ست مراحل:
التقمص: يسمى أيضًا التعاطف. وهو البحث والدراسة لفهم المستخدم.
التعريف: بعد التقمص والفهم نستطيع وضع تعريف محدد للمشكلة.
توليد الأفكار الإبداعية بعد تعريفنا المشكلة بأدوات عملية مثل العصف الذهني.
النموذج الأولي: نختار من هذه الأفكار فائزًا واحدًا للتجربة بنموذج أولي مصغر.
الاختبار: نختبر هذا النموذج ونحلله لنرى مدى فاعليته لحل المشكلة.
التطبيق للحل إذا نجح في الاختبار.
لست مضطرًا إلى حفظ كل هذا؛ لأننا سنتعرف هذه الخطوات من خلال ممارسة نهج التفكير التصميمي على خطوات تصميم نمط الحياة. لكن أنصح بالقراءة والاستزادة حول موضوع التفكير التصميمي لأهميتها كمهارة فعالة مفيدة في شتى المجالات.
يمكن أن يساعدنا نهج التفكير التصميمي على أن نتحرك نحو الحل ونقترب إلى الوضع الأفضل في أي مكان كنت وبصرف النظر عن المشكلة المعقدة التي تواجهها الآن. ولذلك، قبل أن نتمكن من «معرفة الاتجاه» الذي يجب علينا التوجه نحوه، علينا أن نعرف أولًا أين نحن الآن «موقعنا الحالي» وذلك بالتعاطف مع أنفسنا وتقمص ذواتنا المستقبلية، في محاولة لفهمها وتحديد المشكلة الحقيقية التي نحاول حلها.
التمرين 🏋️
الخروج من المأزق
نمر بين الحين والآخر بظروف ومشاكل تُشعرنا بالإحباط، ولسان حالنا أننا عالقون مكبلون «وما باليد حيلة» للمضي قدمًا نحو الحياة أو الحالة الفضلى التي نريدها⛓️🔒. في مثل هذه الظروف نجد فرصة مواتية لتطبيق ما تعلمناه من نهج التفكير التصميمي.
للاستعداد لهذا التمرين جهّز معي بيئة التمرين من أحد الخيارات المفضلة لديك:
الخيار 1 عيانًا بيانًا 📋: حائط + أوراق لاصقة ملونة (Sticky Notes) + قلم.
الخيار 2 كل شي في الكشكول 📓: دفتر كبير (نحتاج مساحة مريحة للعصف الذهني) + قلم.
الخيار 3 التقنية تفوز 🤓: نسخ قالب الأفكار بتطبيقات مثل «FigJam» أو «Google Jam».
بعد تهيئة البيئة نبدأ تطبيق التمرين باتباع الخطوات الآتية:
استحضر المشاكل🌀: يقولون إن المصممين «يدورون» المشاكل🧐، في حالتنا هنا أريدك أن تبحث عن المعضلات التي تضايقك هذه الأيام. قد تكون لديك أكثر من واحدة، اكتبها كلها وحاول التفصيل في وصفها قدر الإمكان. مثال.
«في هذه الخطوة نطبق خطوة ❶ التقمص في محاولة التعاطف مع أنفسنا حتى نفهم ونسرد المشاكل التي تضايقنا وتحول بيننا وبين الحياة التي نريدها».
اختر مشكلة واحدة ☝️: لا يهم ماذا ستختار لأنك «تقدر تعيد» هذا التمرين أكثر من مرة، بل ربما تصبح لياقتك وفهمك لتطبيقه أفضل مع كل تكرار. أما الآن فاختر واحدة فقط من المشكلات الملحّة التي سردتها في الخطوة السابقة لنطبق عليها بقية التمرين.
أعد تأطير المشكلة 🖼️: في هذه الخطوة سنعيد تفكيرنا في المشكلة ونستخدم إحدى أهم أدوات المصمم الناجح «إعادة التأطير» (Reframing). كيف لنا أن نعيد تعريف المشكلة أو تأطيرها؟ ستجد بتطبيق هذه الخطوة أنك بدأت فعلًا التحرر والخروج من المأزق ولو بشكل بسيط. مثال.
«في هذه الخطوة نطبق ❷ التعريف: لننتقل بالمشكلة التي نعتقد بأننا نواجهها إلى تعريف أفضل وأكثر دقة من خلال إعادة تعريفها وتأطيرها. وكما يقال: التعريف الصحيح للمشكلة هو نصف الحل».
مصادر أخرى للاستزادة حول مفهوم إعادة التأطير: مصدر 1 – مصدر 2 – مصدر 3: كتاب ما مشكلتك؟
اعصف بذهنك 🌪️: لتوليد الأفكار والحلول الإبداعية من أجل تحسين الوضع أو حل المشكلة، وهناك عدة أدوات وتقنيات لتوليد الأفكار الإبداعية. في تمرين اليوم سنستخدم طريقة «الخرائط الذهنية» (Mind-Mapping) لتوليد الأفكار باستخدام فكرة مركزية تتفرع منها أفكار محورية. مثال
وللتذكير: كلما نجحنا في إعادة تأطير المشكلة من الخطوة السابقة سَهُل علينا توليد أفكار إبداعية في الخطوة الحالية.
«في هذه الخطوة نطبق ❸ توليد الأفكار كما هو موضح في المثال، أصبحت لدينا حلول و❹ نماذج أولية متعددة في أطراف الخريطة الذهنية نستطيع تجربتها و❺ اختبارها من أجل تحسين الأوضاع ومن ثم اعتماد ❻ تطبيق ما نجح اختباره منها كجزء لحل المشكلة».
نشرة أسبوعية تتجاوز فكرة «أنت تستطيع» إلى «كيف تستطيع» تحقيق أهدافك وتحسين نمط حياتك.