فلم «عبد»: تجربة مختلفة كسرتها العشوائية
مثلما تبدأ المشاكل تتراكم على أبطالنا مع الرجوع في الزمن للوراء، يتزايد إحباطي مع مشاهدتي للفلم، إذ وجدت صعوبة كبيرة جدًا في الارتباط بالشخصيات.
فلم «عبد»: تجربة مختلفة كسرتها العشوائية
رياض القدهي
هي طبيعة الحياة أننا عندما نخطئ نتعلم ونكمل حياتنا، لذلك نرى الخيال العلمي دومًا يحاول كسر هذه الفكرة بمحاولته «العودة بالزمن» لإصلاح خطأ معين. لكن، وكما أثبتت لنا كل أفلام الخيال العلمي التي تطرقت لهذه المحاولة، فهذه الفكرة معرضة لمخاطر كثيرة، وقد تتسبب في فجوات كثيرة تحت مسمى «أثر الفراشة» (Butterfly effect): إذا رجعتَ بالزمن وغيرت شيئًا بسيطًا جدًا، ستُطلق سلسلة من التغيرات عواقبها على الأغلب وخيمة.
هذه المقدمة الطويلة تشير إلى التحدي الحقيقي أمام فلم «عبد» الذي حاول أن يكسر روتين الأفلام السعودية بتقديم فلم يندرج تحت «الخيال العلمي»، ومحاولة التلاعب بالزمن بنكهة سعودية.
«وعلى طاري الكسر»، نبدأ مع أحد أبطالنا «سَكِّر» -من تمثيل زياد العمري- الذي واجه طبقات درامية معقدة عبر «التمثيل داخل التمثيل». ففي الفلم يؤدي دور «ممثل» في فلم قصير، ثم يخرج من دور «الممثل» ويؤدي الشخصية الأساسية.
زوجته «لطيفة» -تمثيل خيرية أبو لبن- تجسِّد معاناة تعرُّف الفتاة على شاب ومحاولة إنشاء علاقة خارج العائلة وصولًا إلى مرحلة الزواج، بالإضافة إلى تجسيدها معاناة العمل في المجال الإبداعي والعمل الحر. من صور هذه المعاناة عدم تسليم الدفعات مقابل العمل، والتحدي المشترك بينها وبين زوجها «سكِّر» في محاولة تصوير فلم ومواجهة المجتمع بعد موجة عارمة من الانتقادات تجسدها شخصية واحدة بمسمى «الناقد». هذا «الناقد» -تمثيل فهد المطيري- نراه يتحدث دومًا وهو بسيارته، ونجح فهد المطيري في تقديم كوميديا خفيفة وجميلة في تلك المشاهد.
القصة لا تتوقف هنا. يأتي الجانب المكمل للقصة مع بطلنا المحقق «سليم» -تمثيل محمد السالم- ومعاناته مع ولده -تمثيل أحمد التركي- لكنها ليست الحبكة الأساسية.
الحبكة الأساسية تنطلق مما فعله «سكِّر» مع زوجته بإخراج فلم قصير تؤدي فيه «لطيفة» شخصية تتناول المُسكِر بهدف توعية الناس بأنَّ الإدمان ليس الحل، لكن محاولة التوعية تتحول إلى خطأ كبير في عين المجتمع. هنا يتقاطع طريق «سكِّر» مع المحقق «سليم» حتى يستطيع العودة بالزمن لإصلاح هذا الخطأ.
مثلما تبدأ المشاكل تتراكم على أبطالنا مع الرجوع في الزمن للوراء، يتزايد إحباطي مع مشاهدتي للفلم، إذ وجدت صعوبة كبيرة جدًا في الارتباط بالشخصيات. فطريقة ترتيب المشاهد في عملية التحرير (المونتاج) جعلت مشاعري مشتتة في جميع الأماكن. ومع كثرة استخدام العودة إلى الماضي كثرت الفراغات، وكل هذا لأجل الإجابة عن سؤال بسيط: «ليش سكِّر يحب لطيفة؟» فهل وُجدت هذه العلاقة في الفلم فقط لكي تمشي القصة ويكون هناك عذر في استخدام العودة بالزمن؟
ربما هذا ما جعل الرحلة بحد ذاتها غير محفزة للإكمال.
عودة إلى الناحية التحريرية، تزايد انزعاجي عندما بدأت بعض المشاهد تنخفض جودتها من ناحية عدد الإطارات مما جعلني أشك «هل المشكلة من عندي؟» وتذكرت أني بصالة السينما. (تعرَّف أكثر على قصة جودة الإطارات هنا). كذلك، سألت نفسي «لماذا هذه المشاعر كانت مبعثرة في كل مكان؟» يرجع السبب إلى شعوري بأن هنالك مشاهد كانت من أفكار أخرى خارجة عن إطار الفلم وجرى تجميعها كلها في مكان واحد. كيف حصل هذا الفلم على جائزة أفضل تحرير؟ إذ لم يساهم التحرير إلا في جعل القصة غير واضحة.
ومما زاد العشوائية مشاهدتي شخصية «سولد سنيك» (Solid Snake) من لعبة «ميتل قير» الجزء «Metal Gear Solid: The Phantom Pain» وخصوصًا في طريقة المكياج والقرن الشيطاني (للتوضيح). هذا المشهد جعلني «ساكت» وفي حالة إحباط لأن برأيي المشهد لم يضف أي شيء.
ما جعل رحلة الوصول إلى نهاية الفلم جيدة هي قصة «المحقق سليم» كأب مع ابنه. عجبتني العلاقة بينهما والأداء المميز من محمد السالم على رغم تكرار القالب القصصي الذي عهدته خلال سنوات حيث يريد الأب من ابنه الدخول في تخصص جامعي معين «الطب»، لكن الولد يرغب بعد التخرج من الجامعة أن يصبح «طباخًا». لكن ظلّ السؤال: ما الذي جعل الابن يود التوجه للطبخ؟ هل بسبب ماضيه؟ أو جزئية لم نشاهدها على الشاشة؟
بعد انتهاء الفلم، خرجت من السينما بشيء من السعادة لرؤية فكرة ممتازة تكسر روتين الأفلام السعودية لكن النص والتنفيذ كانا ضعيفين. ولا أخفيكم أني شعرت بكل دقيقة رغم أنَّ مدة الفلم ليست طويلة (ساعة و16 دقيقة)، وهذا يعني لي شخصيًا أني كنت غير مستمتع.
ملاحظة أخيرة. خلال الأسبوع الأول من عرض الفلم لم أعرف عنه إلا عبر الملصقات في صالات السينما، وأوحى لي الملصق أنَّ طابع الفلم إجرامي مما جعلني أبتعد عنه. لكن خلال الأسبوع الثاني عندما عيَّن لي رئيس التحرير نايف مهمة مراجعة الفلم، وجدت صعوبة بالعثور على وقت يناسبني حتى أستطيع شراء تذكرة لمشاهدته، بالرغم أننا في الأسبوع الثاني من العرض!
هل يعني هذا أنَّ الفلم لم يحرز أي نجاح في شباك التذاكر؟ وأيضًا، من ناحية التسويق، فأنا لم أسمع عن الفلم إلا من الحسابات الشخصية لمن عمل فيه.
ختامًا، فلم «عبد» يعاني من مشاكل في التحرير (المونتاج)، وعكَّرت العشوائية استمتاعنا بالتفاصيل البسيطة التي حاولنا من خلالها التعلُّق بالشخصيات. النقطة التي تُحسب فعلاً هي كسر المخرج روتين الأفلام السعودية وتقديم فلم خيال علمي.
أدَّت الكلمات ما عليها، والآن مع لغة الأرقام: التقييم 4 من 10 🍿😵💫
اقتباس النشرة
أخبار سينمائية
أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي عن قائمة الأفلام المشاركة في دورته الثالثة التي ستقام في الفترة ما بين 30 نوفمبر إلى 9 ديسمبر المقبل في مدينة جدة، تحت شعار «قصتك..بمهرجانك».
إطلاق الإعلان الرسمي الأول لفلم «مندوب الليل» من إخراج علي الكلثمي وبطولة محمد الدوخي، وسيُعرض في صالات السينما يوم 14 ديسمبر هذا العام.
إطلاق أول تشويقة لفلم «أحلام العصر» للأخوين قدس، وسُيعرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي.
ردَّ المخرج ريدلي سكوت بعبارة «get a life» (بالعربي «مو شغلك») على مقطع تك توك ينتقد فيه باحث تاريخي الأخطاء التاريخية في إعلان فلم «نابليون».
توصيات سينمائية
تصوَّر لو نتفلكس خالية من القوائم ولا تعرض عليك سوى فلم واحد كل يوم، إما تشاهده أو تتجاهله. هذا ما سنفعله هنا في توصيات النشرة، سنقنعك بفلم واحد فقط كل أسبوع🍿🤩 ونريحك من حيرة تصفُّح قوائم المشاهدة في المنصات وخيبة الأمل بعد نصف ساعة من اللف والدوران.
بروس ويليس بطل «Die Hard» دائمًا يجيد الشخصية التي تراكمت عليها المصايب -أي الشخصية «المتسطرة أو المنجلدة»- فتخيَّل حين يجتمع هذا المزيج مع براد بت «وش تطلع النتيجة»!
الفلم «Twelve Monkeys» مقتبس من فلم «La Jetée» الفرنسي الذي صدر عام 1962، والغريب في الفلم الفرنسي أنَّ اللقطات كلها صور ثابتة مثل «الكوميكس». القصة: تخيَّل نحن في المستقبل وكوكب الأرض أصبح موبوءًا، البشر يعيشون تحت الأرض ولا يستطيعون المشي عليها إلا في بدلة حماية وتعقيم ولقاحات وإلخ. مهمة بطلنا «جميس كول» -من تمثيل بروس ويليس- هي محاولة العودة بالزمن واكتشاف سبب الوباء ليتمكن الفريق من إرسال أحد العلماء للوقت الصحيح في الماضي وحل هذه الأزمة.
سرعان ما يتعقَّد الموضوع، وبالخطأ يسافر «جميس كول» إلى زمن أبعد عن الحادثة، والكل يظن بأنه مجنون. يصل بطلنا إلى مستشفى المجانين ويصادف هناك «جيفري جوينز» -من تمثيل براد بيت- وتبدأ القصة تتعقَّد مع مشاهدتنا تلاعبات الزمن؛ مشاهد ناقصة لكنها تكتمل كلما تقدمنا بالفلم.
عنصر التشويق من أفضل وأجمل ما رأيت، وتتميز نهاية الفلم بغموض يذكرك بأفلام «Shutter Island» و «American Psycho». وإذا شاهدت الفلم وتود إنعاش ذاكرتك بدون مشاهدته كاملًا، هذا الفيديو يذكّرك به في ثلاث دقائق ويحرق لك كل التفاصيل!
ميم النشرة
يعرض الآن
في السينما فلم مغامرات أبطال مارفل الخارقين «The Marvels» بطولة بري لارسون وتيونا باريس وإيمان فيلاني. تختلط قوى ثلاث بطلات خارقات «كابتن مارفل» و«مس مارفل» مع شخصية «مونيكا رامبو» من مسلسل «واندا فيجين» فتُجبَر البطلات على التعاون في مهمة إنقاذ الكون.
في السينما الفلم الكوميدي «5 محي الدين أبو العز» بطولة أحمد فتحي وهاجر الشرنوبي. يسعى بطل القصة للارتباط قبل سفره للخارج، لكنه يفاجأ بحكم ضده بالإعدام في جريمة لا يعلم عنها شيئًا، فيقرر الهرب من المطار ويمر بالعديد من العقبات والمواقف الكوميدية.
في السينما فلم الصور المتحركة العائلي «The Snow Queen and the Princess» بطولة إيرينا تشومانتيفا وسفيتلانا كوزنتسوفا. كاي وجيردا تعيشان في بلدة هادئة مريحة، وفجأة تأتي الأرواح الجليدية إلى هناك لتجميد الجميع. لكن، تأتي إيلا، وهي ساحرة صغيرة، لمساعدة الأبطال وينطلق الجميع في رحلة إلى عالم ميرورلاند السحري لاستعادة الأرواح الجليدية.
مقالات ومراجعات سينمائية أبسط من فلسفة النقّاد وأعمق من سوالف اليوتيوبرز. وتوصيات موزونة لا تخضع لتحيّز الخوارزميات، مع جديد المنصات والسينما، وأخبار الصناعة محلّيًا وعالميًا.. في نشرة تبدأ بها عطلتك كل خميس.