معبد الأدباء هدمه أصدقاء الإنستقرام
أصبحت دور النشر تتابع حسابات القرّاء، وتبني علاقة مباشرة معهم تأخذ فيها جديًّا بآرائهم. وهنا يأتي عمل النواة الفاعلة في رحلتي.
حين تواصلت معي «تكوين» تدعوني إلى المشاركة كضيفة في ملتقاها الأدبيّ السنوي، وافقت. وضعت الآيفون جانبًا، وعدت بذاكرتي إلى عام 2005 ومحاولاتي الفاشلة دخول معبد الأدباء، وقتَ أدركت يائسةً أنَّ كونك موهوبٌ ومجتهد غير كافٍ لفتح الباب. ما لم أدركه حينها، أنَّ تطبيقًا غريبًا يُدعى «الإنستقرام» سيأتي ويغيّر المعادلة.
هذه النظرة المستقبلية التي افتقدتها، كانت لدى الرؤيوي التقنيّ والتفاؤلي كيفن كيلي. ففي عام 2008، بداية ثورة صناعة المحتوى عبر الإنترنت، كتب كيفين كيلي مقالًا عنوانه «ألف معجب وفيّ» (One Thousand True Fans) يستشرف فيه «لا مركزيّة» الإبداع بعد إطلاق «ويب 2».
تقوم نظريّة كيلي أنَّك كمبدع في عصر الإنترنت فقد وهبتك «ويب 2» منصّة مفتوحة تشارك فيها إبداعك مع الآخرين دون وسيط مؤسسي. وبهذا، لن تحتاج إلى أن تبدأ مع رأس مال كبير، أو تدخل في شبكة علاقات مع كهنة المجال، أو تؤمّن عقودًا مع شركات، حتى تبدأ في تحقيق النجاح. يكفيك ألف معجب وفيّ يؤمن بموهبتك.
بعد عامين من المقال، انطلق الإنستقرام. وحين انضممتُ إلى التطبيق عام 2014، لم أدرك أنّي بمشاركة ترجماتي الشعرية كهواية كنت أصنع محتوى، وبالتقاطي صورة القصيدة مع فنجان القهوة والدمى، كنت أبني نواةً فاعلة من القرّاء.
فالتطوّر غير المسبوق الذي حققه الإنستقرام في الوسط الأدبي بالذات أنَّ دور النشر أصبحت لأول مرّة تعرف القرّاء بالاسم بعد أن كان القارئ العنصر المجهول. حسابات «مراجعة الكتب» (Bookstagram) أصبحت المرجع المفضّل لتتراجع أمامها الصفحات الثقافية. وهكذا أصبحت دور النشر تتابع حسابات القرّاء، وتبني علاقة مباشرة معهم تأخذ فيها جديًّا بآرائهم. وهنا يأتي عمل النواة الفاعلة في رحلتي.
فرصتي في الترجمة الروائية جاءت عن طريق «منشن» لحسابي من المترجمة إيناس عباسي. ندوتي الأولى جاءت في معرض كتاب الشارقة عن طريق القارئة رولا البنا. تشجيع القرّاء لي بالإعجاب والتعليقات ومشاركة محتواي في حساباتهم وشراء أعمالي بالاسم من معارض الكتب، فتح لي باب التعاون مع تكوين كمترجمة، وبعدها كروائية.
في عام 2005، في آخر محاولة يائسة، أخبرتني أديبة أنَّها فرصتي الوحيدة في دخول معبد الأدباء، مؤكدةً بنبرتها الناصحة «ولا تتخيلين إنَّ أحد يفتح لك الباب من غيري.» حينها كانت الأديبة محقّة، لكن لحسن حظي وحظ الكثير من المبدعين، كيلي أيضًا كان محقًا.
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.