المُبيد يزيد قوّة العدو

تلك الحشرات البغيضة اكتسبت القدرة على مقاومة كل المبيدات! وهي قدرة بدأت بتكوينها منذ الأربعينات حين اُخترِاع المبيد الكيماوي (DDT).

قبل عدة أعوام، ظهرت في أنحاء جسدي لدغات لم أعرف مصدرها، ولكن ومع نهاية الأسبوع هالني منظر حشرات صغيرة وأنا أنفض مفرش السرير سكنت في إحدى زاوياه مع نقط سوداء هنا وهناك، وخلال ثوانٍ من بحثي على الإنترنت تعرفت على الحشرة فكانت: «بقة الفراش» أو (Bedbugs). أسرعت بنفض السرير كاملًا، وفي عمليّة تعقيم سريعة تسلّحت بأقرب مبيد كيماوي وقعت عليه يدي.

تعثو البقّة بأسرة الكثير من البشر حول العالم، ونجاحي في القضاء عليها لم يكن سوى ضربة حظ! فتلك الحشرات البغيضة اكتسبت القدرة على مقاومة كل المبيدات! وهي قدرة بدأت بتكوينها منذ الأربعينات حين اُخترِاع المبيد الكيماوي (DDT)، أما اليوم، تبدو القشرة الخارجية لهذه الحشرات شمعية وسميكة أكثر.

وبالطبع، فإن هذه القدرة المناعية تتوارثها الأجيال، وعليها تُصنع مواد كيماوية مختلفة، ومع كل نوع جديد منها تكتسب هذه الحشرات مناعة ضدها، فحين تظهر ثانية على فراش أحدنا فإن هذه المبيدات قد تخيب آمالنا. 

سنويًا، نرش ملياري طن من المبيدات الكيماوية على كوكبنا للقضاء على أنواع متعددة من الحشرات في الطبيعة وفي الأماكن المغلقة، وفي الطبيعة، يحث هذا الحشرات الناجية من الجراد واليرقات وغيرها على تغيير مساكنها فتتجه إلى المياه.

وعند انتقالها إلى مختلف المسطحات المائية، تتعرض الحشرات الناحية والكائنات الحية الصغيرة لنقص من النيتروجين والإكسجين بفعل انجراف تلك المبيدات الكيمياوية إلى القاع، وتعرف هذه الظاهرة بـ «المنطقة الميتة» (Dead Zone) على سبيل المثال تلك الموجودة في خليج المكسيك، وعندما نتعرض نحن البشر إلى تلك المبيدات على اختلاف مصادرها، نكتسب أمراضًا سرطانية أو تنفسية مزمنة حسب قربنا من المنطقة المعالجة أو محاصيلها.

إذن كيف نقاتل الحشرات ونحمي أنفسنا من بقة الفراش البغيضة؟ يكمن الحل ببساطة في استخدام البدائل الطبيعية مثل مرشات تحتوي على سائل فطري واستخدام الزيوت الطبيعية المركزة التي يبدو أن نشاطها حيوي متعدد الجبهات (هضمي، تناسلي، وعصبي) يمنع الحشرات من مقاومتها على عكس نشاط المبيدات الكيماوية الأحادي الذي يركز على الجهاز العصبي للحشرة. 

بعد حوالي عام من تلك المأساة التي عصفت بغرفة نومي، اكتسبت عادات صحية لا يمكنني إلا أن أدين بفضلها لتلك الحشرات المقيتة، مثل استعمال زيت الخزامى المركز كل أسبوع لأرش شذرات منه على مرتبتي (أعني إغراقها حتى أنام كالقتيلة ليلتها).

لذا أود أن أقول لتلك الحشرات المهمة في السلسلة الغذائية (لسببٍ ما لست مهتمة جدًا لأعرفه الآن): قد أمقتك كثيرًا ولكنني ممتنة لدخولك في حياتي، وحين تفكرين في غزو فراشي مرة أخرى (بعيد الشر) فسأكون مستعدة حينها لمحاربتك بقارورة زيت.

الروابط:

الإنسانالطبيعةالمستقبل
بودكاست بُكرة
بودكاست بُكرة
منثمانيةثمانية

بُكرة، لكل الشباب الواعد، نطرح أسئلتنا الكبيرة والصغيرة والمتغيرة والعالقة، مع مختصّين وباحثين وعُلماء، ونفهم معهم كيف نعيش ونستعد ونعمل من أجل مُستقبل أفضل.