يوتيوب يُشبع حاجتك العاطفية

على أي شيء يدل الطلب العالي لمنتج الـ«ASMR»؟ أهو انعكاس لحاجة الإنسان الأساسية إلى الاهتمام؟ أم أنه أسلوب الحياة العصرية؟

بعد يوم عصيب، يتوقف بطل فلم الخيال العلمي «بليد رنر 2049» (Blade Runner 2049) أمام إعلان هولوقرامي يناديه «مرحبًا أيها الوسيم». يلتفت البطل فإذا بأشعة ليزرية مُجسّدة على هيئة فتاة عارية تقول له «تبدو وحيدًا، أستطيع تغيير ذلك».

تكمن عبقرية هذا المشهد القصير في تقديمه نبوءة عن مستقبل الحميمية في عالمنا الافتراضي.

ففي السنوات الأخيرة، اجتاحت يوتيوب فيديوهات «الاسترخاء والاستثارة الحسية» (ASMR). وفيها، يصدر صُنّاع المحتوى أصواتًا متنوعة بطُرُقٍ مختلفة تهدف إلى استثارة المستمع حسيًا. يتنوع محتوى هذه الفئة من الطبيعي إلى الغرائبي وحتى الإباحي، لكن معظمها يشترك بخصائص قائمة على خلق تجربة حميمية عن طريق التصوير من المنظور الشخصي للمُشاهد، واستثارته بالصوت والصورة.

تجد اقتراحًا -لا علاقة له بتاريخ مشاهداتك- لفتاة تعدك بأن تكون حبيبتك المُتخيّلة في عشرين دقيقة. قد تسأل نفسك «مَن يخوض مثل هذه التجارب الافتراضية؟»، الإجابة: الملايين من مستخدمي الإنترنت كل يوم.

ويكمن سر رواج هذه الفيديوهات في قيمتها الحميمية العالية، إذ تتيح استخدام ثيمات خاصة تستهدف المُشاهد حسب احتياجاته العاطفية. ففيها ثيمة العُشّاق، وثيمة الأطباء، وثيمة مُصففي الشعر، وغيرها العديد من الثيمات التي يجمعها عنصر الرعاية المُقرّبة. يتماهى المُشاهد مع دوره المُتلقي للاهتمام المُعَزَّز باستجابته الحسية للمُثيرات الصوتية والصورية، ليعيش تجربة يكون هو محورها الأساسي.

تعني افتراضية هذه التجارب الحميمية أن نتائجها تبقى منقوصة في أصالتها. بمعنى، أن الفتاة التي وعدتك بأن تكون حبيبتك وتظل بقربك، لن تكون كذلك، كما أنها وعدت نصف مليون شخص آخر. فهي منتج افتراضي يُباع للباحثين عن الاهتمام والرعاية في أزقة الإنترنت.

لكن على أي شيء يدل الطلب العالي لمنتج فيديوهات «الاسترخاء والاستثارة الحسية»؟ أهو انعكاس لحاجة الإنسان الأساسية إلى الاهتمام؟ أم أن أسلوب الحياة العصرية بلغ درجات مُرهقة من القلق والتوتر حتى أصبح يستوجب الاسترخاء نهاية كل يوم على صوت شخص يخبرنا أن كل شيء سيكون على ما يرام؟

الإنسانالتقنيةرعاية الذاتالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+440 متابع في آخر 7 أيام