اُدرس معي على يوتيوب

يكمن الفرق بين ظاهرة «ادرس معي» والظواهر الأخرى أنها تقلل الحد الفاصل بين الجدية والترفيه. وتعطي دافعًا لصانع المحتوى للتركيز في مهمته.

قبل فترة «طحت على مقاطع عجيبة جدًا»؛ أشخاص ينشرون في يوتيوب مقاطع لهم أثناء مذاكرة دروسهم. فمثلًا، تتجاوز بعض المقاطع التي ينشرها طالب الطب ناصر المليون مشاهدة، رغم أنه لمدة عشر ساعات لا يقوم بشيء مميز أو ملفت. عند بداية تسجيله للمقطع، يتمنَّى ناصر للمشاهدين الاستمتاع، وأن يساعدهم المقطع على المذاكرة والتركيز!

بدأت ظاهرة «اُدرس معي» (Study with me) في عام 2019، وانتشرت خلال فترة حظر التجول التي تسببت بها جائحة كورونا. لو بحثت في يوتيوب ستجد المئات، بل ربما الآلاف من هذه المقاطع. بعضها مقاطع بسيطة تستمع من خلالها إلى صوت تقليب الصفحات أو قطرات المطر، وبعضها جرى إنتاجها كفلم رسوم متحركة!

روبي مراهقة لديها أكثر من نصف مليون مشترك في قناتها على يوتيوب. تقول إنَّ وجود كاميرا تصوُّرها يمنعها من التشتت والانشغال بهاتفها، ويحفزها بشكل كبير على الاستمرار في المذاكرة.

خلال فترة الحظر، توقف نحو 1.3 مليار طالب عن الذهاب للمدرسة. وفي كوريا الجنوبية زاد عدد مشتركي قناة اليوتيوبر كيم دونق مِنْ بواقع 50 ألف مشترك خلال فترة الحظر. ويقول دونق مِنْ أنَّ مقاطعه تساهم بشكل مباشر في جعل الطلاب الآخرين يشعرون أنهم ليسوا وحدهم من يدرسون، وأنَّ الكثير من الطلبة مثلهم.

تأتي ظاهرة «اُدرس معي» بعد عدد من ظواهر اليوتيوب الغريبة. منها ظاهرة «مكبانق» (Mukbang) التي انتشر عبرها مقاطع لأشخاص يتناولون طعامهم أمام الكاميرا، أو حتى ظاهرة مقاطع النوم أمام الكاميرا. ولا تزال جميع تلك الظواهر تحقق أرقام مشاهدات مليونية.

برأيي يكمن الفرق بين ظاهرة «اُدرس معي» والظواهر الأخرى أنها تقلل الحد الفاصل بين الجدية والترفيه. كما تعطي دافعًا لصانع المحتوى يمكّنه من التركيز في مهمته لأن هناك من يتابعه، أو بالأحرى «يراقبه». وفي الجانب الآخر من الشاشة تُشعِر المشاهد «المتابع» أنه ليس وحيدًا، فاللحظة هناك شخص غيره ملتزم بأداء مهمته أيًا كانت.

ربما نحن البشر أصبحنا نشعر بالوحدة، بل ربما أصبحنا نفضّل الوحدة. لكن في الوقت نفسه نبحث عن رفقة خفيفة لا تزعجنا، وتشعرنا بوجود بشر آخرين مثلنا لديهم حياتهم وأهدافهم وهمومهم وصعوباتهم، بدون أن نتواصل بالضرورة معهم. 

الإنسانالتعلم الذاتييوتيوبالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+430 متابع في آخر 7 أيام