لماذا لا يعد الإنترنت صديقًا للبيئة؟
تكمن المشكلة في أن مراكز تخزين البيانات تستهلك كمية كبيرة من الكهرباء حتى نحصل -نحن مستخدمي الإنترنت- على الخدمة التي نتوقعها اليوم.
تخبرنا المتحدثة في فيديو على اليوتيوب، بالصوت الآلي المزعج، عن سبع فوائد بيئية للكتاب الإلكتروني، فتقول إن «طنًا واحدًا من الورق يحتاج أربعًا وعشرين شجرة»، ولست هنا بصدد تكذيب الآلة، ولكن هذه الرواية المتداولة ناقصة، فالكتاب الإلكتروني الذي يُقرأ على جهاز لوحي متصل بالإنترنت له مثالبه البيئية كذلك.
يقابل تلك الأشجار التي تقتلع في سبيل صنع كتاب ورقي مقدرة أشجار أخرى على امتصاص ثمانية وأربعين طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل شجرة كبيرة خلال عام واحد. ما دخل الإنترنت بهذا الموضوع؟ عملية بحث بسيطة على قوقل تطلق في الجو ما يتراوح مقداره بين خمسة وسبعة غرامات من الكربون. و هنا يأتي السؤال: لماذا لا يعد الإنترنت صديقًا للبيئة؟
التكلفة البيئية للاتصال بالإنترنت
يشكل تكرار عمليات بحث من هذا النوع مليارات المرات، على مر السنوات، تحديًا بيئيًا كبيرًا. إذ يعد استخدام الإنترنت اليوم مسؤولًا عن 2% من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة المتوقع ارتفاعها إلى 14% خلال عشرين عامًا. ويمكن تقسيم المشكلة عمومًا إلى شقين: الأول: الكهرباء المستهلكة والثاني: أجهزة تشغيل الإنترنت؛ من وحدات التخزين السحابية وحتى أجهزة التقاط الشبكة التي يمتلكها المستخدمين. فمع تزايد مستخدمي الإنترنت خلال العقود الماضية كثرت البيانات كمًا ونوعًا في سبيل الحصول على إنترنت عالي السرعة والجودة.
ما المشكلة؟
تعتبر الكهرباء المستهلكة للاتصال بشبكة الإنترنت مشكلة حقيقية تواجهها صناعات أخرى مثل الطائرات والسيارات. فمراكز تخزين البيانات مثلًا تستهلك كمية كبيرة من الكهرباء حتى نحصل -نحن المستخدمين- على الخدمة التي نتوقعها اليوم. إذ تحتاج أجهزة التخزين في هذه المراكز إلى التشغيل والتبريد، لأن درجة حرارتها ترتفع جرّاء الضغط المتواصل عليها.
أما الشق الثاني من المشكلة؛ فيتعلق بالأجهزة المستعملة في هذه العملية التبادلية بين مزودي الخدمة ومستخدمها، إذ تلقى المواد المصنّعة منها عادة في مكب قمامة، دون الاهتمام بإعادة تدويرها رغم معرفتنا بسمّيتها العالية حال تحللها.
إنترنت أخضر
يقترح المختصون اقتراحات متعددة تبدأ باستخدام مصادر طاقة متجددة، وهو ما حصل فعلًا خلال السنوات الماضية. فقد صرحت الأمم المتحدة أن النقص الواضح في معدلات الطاقة المسجل حاليًا مرده استخدام مصادر طاقة صديقة للبيئة.
أما مراكز التخزين، فبالإضافة إلى التوصيات المعتادة فيما يخص إعادة التدوير، يتركز اهتمام المختصين اليوم على تقنيات جديدة لتخزين البيانات منها «ضغطها»، أي يمكن للمستخدم العودة لصورة واحدة في ملف كبير الحجم، ما يقلل أثره الكربوني حين طلب هذا الملف.
يعتمد حساب الأثر الكربوني لاستخدامك للإنترنت على عوامل عدة؛ منها الجهاز الذي تستخدمه للاتصال بالإنترنت. فيستهلك الهاتف النقال، مثلًا، طاقةً أقل من جهاز الحاسوب المحمول، كما يؤثر في هذه الحسبة قرارك حول ما ستفعله بجهاز من أجهزتك تود التخلص منه. بالإضافة إلى قرارات صغرى قد لا ننتبه لها، لكنها تحدث تغيرًا وإن لم يكن ملحوظًا: انظر إلى الرسائل المتراكمة في صندوق البريد، وإلى النسخ الاحتياطية التي يطلب منا الواتس آب اختيارها بين فترة وأخرى، هل تحتاجها فعلًا؟
حاولت أن أحسب الأثر الكربوني لكتابتي لهذه التدوينة، ولكني تذكرت أن الحسبة لن تكتمل دون معرفة عدد القراءات التي تحصل عليها، فتراجعت عن الحساب.
الروابط:
بُكرة، لكل الشباب الواعد، نطرح أسئلتنا الكبيرة والصغيرة والمتغيرة والعالقة، مع مختصّين وباحثين وعُلماء، ونفهم معهم كيف نعيش ونستعد ونعمل من أجل مُستقبل أفضل.