أربعينية تودِّع السينما

مع عودة صالات السينما بعد انقطاع أكثر من عام نتيجة الجائحة، تغيب شريحة من المشاهدين فقدت حماس المشاهدة السينمائية بعد عثورها على خيارٍ آخر.

آخر فلم شاهدته في السينما كان فلم جيمس بوند. ما إن بدأ الفلم تناولتُ عبوة الفشار الكبيرة (ستة دولارات) وارتشفت البيبسي دايت الكبير (خمسة دولارات) واسترخيت على مقعدي الجلدي الوثير (ستة عشر دولارًا). يتهادى بوند وحبيبته نحو الفندق الرومانسي وفجأة، لدهشتي، انقطع المشهد! 

دهشت لأن الغضب كان ردة فعلي. فكل الأفلام التي شاهدتها في السينما منذ مراهقتي كانت مقطَّعة ولم أكترث. لكن مع تكرار غضبي طوال الفلم خمَّنت السبب. 

فمجموع ما دفعت مقابل الفلم سبعة وعشرين دولارًا، ليُعرَض عليّ في النهاية منتجٌ معطوب. 

إذن ما سأدفعه مقابل إحياء شغف حضور السينما أسبوعيًّا بعد انقطاع كورونا يفوق بكثير الاشتراك الشهري في نتفلكس البالغ تسعة دولارات وتسعة وتسعين سنتًا، حيث أنال أفضل منتج مقابل أرخص سعر. 

لا تتعجَّل في الحكم عليَّ بالبخل، فبعد أيام اكتشفت أني لست وحدي من يتملكها هذا الجفاء الجديد تجاه السينما. فقد نشرت وول ستريت جورنال مقالًا حول الغياب غير المسبوق لشريحة النساء الأكبر من خمس وثلاثين عامًا عن صالات السينما الأميركية، والتكلفة كانت السبب الرئيس. 

فوفقًا للإحصائية، 26% من النساء أبدين اهتمامًا بمشاهدة الأفلام السينمائية المقبلة. في حين أبدى 6% منهن فقط رغبة بمشاهدة تلك الأفلام في صالة السينما، والبقية سينتظرن عرضها في المنصات الرقمية. 

مع ذلك لم أقتنع، لماذا هذه الشريحة من النساء بالذات؟ لماذا أنا وليس شقيقتي العشرينية من لا تزال تواظب أسبوعيًّا على حضور السينما بالتكلفة ذاتها؟ في إحصائية نشرت حديثًا، تبيَّن أنَّنا -بالذات الأربعينيات- القطاع المستهدف في أجندة نتفلكس حتى تضمن مواصلة ارتفاع أسهمها. ففي عام 2021 ازداد عدد المشتركين شهريًّا من شريحتي العمرية بمعدل 22% مقابل 5% للشريحة الأصغر عمرًا. 

فهل عدَّلت نتفلكس شيئًا في خوارزمياتها الشهيرة بحيث تبرمج عقولنا، نحن النسوة الأربعينيات، على هجر السينما بعد عشقنا الطويل لها؟ 

أم أننا ببساطة، بلغنا مرحلةً من التعقل بتنا ندرك فيها روعة التقنية التي مُنحت لنا. مشاهدة أحدث الأفلام في شاشة مطوية على حجرنا، مستلقيات آمنات بهدوء في فراشنا، مع الحمَّام على بعد خطوات منا، وتشكيلتنا المفضلة من الأطعمة على المنضدة جانبنا. وفوقها، بالنسبة إليّ، مشاهدة فلم بلا وصاية الرقيب الأخلاقية على امرأة بعمري.

السينمانتفلكسالثقافةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+640 مشترك في آخر 7 أيام