علِّمني لغة في ثلاثين يومًا

تعدنا تطبيقات تعليم اللغات بتعلُّم لغة ثانية في فترة قصيرة، بسهولة وسعرٍ رخيص. لكن ثمة عنصر أساسي تفتقد إليه تلك التطبيقات.

لطالما تساءلتُ عن التطبيقات الإلكترونية لتعليم اللغات، وادّعاءاتها الخيالية التي تعدني بتعلم لغة ثانية كاملة في فترة خارقة القصر. فكيف يمكن تعلم اللغة الإسبانية -مثلًا- من الصفر في ثلاثين يومًا فقط؟ 

قطاع تعليم اللغات ليس بجديد، فله تاريخ قديم وتطورات ظهرت على مر السنين. لكن لا شيء مما مضى أضفى عليه صفة استهلاكية كما فعل الإنترنت. حيث أدى اكتساحه إلى نقل عملية التعليم من تجربة واقعية إنسانية إلى عالم افتراضي يخلو من الملامح التي أكسبت التعليم قيمته.

لا أقصد أن تطبيقات تعليمية مثل «دولنقو» (Duolingo) و«آي توكي» (iTalki) وأخواتها سيئة تمامًا. فهي فرصة غير مكلفة لاكتشاف لغة جديدة، ويسهل الانسحاب منها. لكني أشعر أن شيئًا مهمًّا غاب عن المشهد.

يختلف تعلم لغة جديدة عن شراء أي منتج إلكتروني آخر، إذ يتطلب نجاحه وقتًا وجهدًا. على نقيض قطع الملابس أو البيتزا التي تصل إلى باب بيتك بضغطة زر. وكون تلك التطبيقات تقدم تعليم اللغة افتراضيًّا، فقد جعلها سلعة مستهلكة يمكن التخلص منها، وأعطت المتعلِّم الانطباع بأن تعلُّم اللغة يجب أن يكون سهلًا ورخيص السعر.

فإن لم يكن المتعلِّم من يدفع ثمن التعليم هنا، فمن؟ في الواقع من يدفع الثمن هو العنصر الغائب عن المشهد: المعلِّم.

فالتطبيقات التي تقدم ألعابًا لغويَّة توظف طاقمًا كبيرًا من مصممين ومسوّقين وغيرهم الكثير. أما المعلمون أو اللغويون المختفون وراء حجاب التطبيقات، يعملون عملًا حرًّا أو يتطوّعون بخدماتهم

المستخدمون أيضًا يدفعون الثمن. فنحن نتبرّع ببياناتنا حينما نستخدم التطبيق لتستفيد منها الشركة في تحسين خوارزمياتها.

فلو كان بيدي اختيار معلّم للغة جديدة، لاخترت معلّمًا مستقلًا يعمل لنفسه أو لمعهد مرخَّص، لا لتطبيق أو منصة إلكترونية. وأترك التطبيقات لهدفها الحقيقي؛ التسلية واللعب. فالتطبيقات وإن حملت نكهة تعليمية، بالتأكيد ليست تعليمًا.

التطبيقاتالتعليماللغاتالرأيالمستقبل
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+640 مشترك في آخر 7 أيام