لا تسلبوني مشترياتي الرقميَّة
وفَّرت المنصات مثل آيتونز وكندل وبلاي ستيشن سهولة شراء المنتجات الرقمية عبر خدماتها. لكن ما يغيب عنَّا أنَّ الشراء منها شراءٌ وهميّ.
بدأت أصاب بالقلق النفسي تجاه حساباتي الرقمية مع تمكين المنصات من البيع والشراء عبر الإنترنت، وأخصُّ هنا «الشراء». شراء المنتجات الرقمية عبر خدمات مثل آيتونز وكندل وبلاي ستيشن. ورغم أن هذه الخدمات سهلت علينا الوصول إلى المحتوى من أي مكان وفي أي وقت، أهلع كل مرة أشتري لعبة رقمية مخفَّضة السعر من سوق بلاي ستيشن. فالمشكلة هنا أنََّ الشراء شبه «وهمي» أو سمّه «إيجار» أو سمّه ما تريد، إلا أن يكون شراءً.
حين تذهب إلى المكتبة وتشتري النسخة الورقية من كتاب «كلام العشاق في جزر الواق واق» فعملية الشراء هنا نهائية. لو شتمت المكتبة -وهنا لا أدعو إلى شتم المكتبات وإن كانت أحيانًا تستحق، أو شتم الكاتب لأن الكتاب لم يعجبك (فلماذا يشتم إنسانٌ عاقل شخصًا آخر فقط لأنَّ أفكاره لم تعجبه!)- فلا يمكن للمكتبة أن ترسل مندوبًا إلى بيتك يسحب منك الكتاب ردًّا على قلة أدبك.
يختلف الوضع في حالة الحسابات الرقمية. فأنت رهينة سياسة المستخدم التي لم يطَّلع عليها أحدٌ سوى جماعة محامي الشركة -الذين حرصوا على إقفال أي خرم قد يعرضهم للمساءلة- وأنا.
هنا ندخل في المنطقة المخيفة. فهنا أنت رهينة معتقدات الشركة وما تراه مناسبًا. لنفترض مثلًا أن حسابك تعرَّض لبلاغات تتهمك بالعنصرية أو معاداة السامية أو أيٍّ من التهم التي تجعل الغرب يصرخ «أوه ماي قاد آي كانت بيليف إت!»؛ ستغلق الشركة حسابك لأنك خالفت القواعد الأدبية لخدمتها.
كم مرةً تخيلتُ إغلاق حسابي على بلاي ستيشن فتطير معه مكتبة الألعاب التي جمعتها على مدار أكثر من عقد! وقتها سأجلس على الكنبة وأردد جملة فريد شوقي الشهيرة «راحت فلوسك يا صابر.»
وقد أكون محترمًا، كما هي حقيقتي، ولا أتكلم ولا أعبِّر مطلقًا عن أي رأي. مع ذلك قد أشتري كتابًا تختلف آراؤه مع الجو العام للإنترنت، فتقرر أمازون حذفه من المتجر. وهوبا، الكتاب الذي «اشتريته» طار من مكتبتك!
نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.