أول العلم خيال

كم مرة لعبت دور الأستاذ أو الطالب مع أصدقائك في الطفولة؟ هل فكّرت لم كانت لعبة «المدرسة» هذه متعةً بالنسبة لك؟

--:--

كم مرة لعبت دور الأستاذ أو الطالب مع أصدقائك في الطفولة؟ هل فكّرت لم كانت لعبة «المدرسة» هذه متعةً بالنسبة لك بينما كانت حصة العلوم كابوسًا تتمنى في كل درس لو أنك تراه لآخر مرة؟ هو السبب ذاته الذي كان يجذبك لحصة القصص والحكايات: الخيال!

كيف يبدأ العلم؟

مهَّد الخيال الطريق لعلماء الفلك والباحثين في بداية القرن العشرين لوضع خريطة يتفقون فيها على هيئة السماء. فاعتمدوا في تحديد مواقعها وأشكالها على الأساطير التي تناقلها الإغريق القدماء. 

ولم يكن الخيال معروفًا في السابق على أنه علم. وكان لهربرت جورج ويلز دورٌ في ظهور أدب الخيال وتسميته الفنتازيا. وفي عام 1929 أدخل العالم هيوقو جير نسباك مصطلح «الخيال العلمي» في مجلته «قصص عجائب العلم»، ومن حينها اعتمد هذا المسمّى. 

ويُعزى لجول فيرن تأسيس أدب الخيال العلمي في رواية «من الأرض إلى القمر» عام 1865 حيث تخيَّل رحلةً إلى القمر. فيمرُّ قرنٌ من الزمن ويهبط الإنسان حقيقةً على أرض القمر في العشرين من أغسطس 1969.

الخيال العلمي كأداة تعليمية وتربويَّة

في العالم العربي، حظي الأطفال حتى وقت قريب بفرصة الاستماع لقصص جدّاتهم المبنية في معظمها على الأساطير الشعبية. إلا أن هذه القصص ليست حاضرة بما يكفي في قاعات الصفوف المدرسيَّة.

ينصح تربويّون بضرورة استخدام الخيال العلمي في تحفيز المدركات الحسيّة للطفل لينطلق في رحلته الخياليّة نحو التعلُّم. ويتحقق ذلك من خلال التدرُّج من المحسوس إلى شبه المحسوس ثم إلى المجرَّدات، وذلك باستخدام التفكير الحاسم المرتبط بالخيال. 

ويُقسَّم الخيال في الطفولة إلى ثلاث مراحل. تسمَّى المرحلة الأولى بـ«الطفولة الواقعية والخيال المحدود» (من عمر ثلاث حتى ست سنوات). وينجذب الطفل في هذه المرحلة للقصص الخيالية ذات الشخصيات الحيوانية أو الناطقة أو المتحركة. 

وفي المرحلة الثانية «الخيال المنطلق» (من عمر السادسة حتى التاسعة) يتسع خيال الطفل ويقبل على قراءة القصص الخرافية وسماعها كالأساطير الشعبية مثلًا. وفي المرحلة الثالثة «البطولة» (من سن الثامنة حتى الثانية عشر) يهوى الأطفال قصص البطولة والعنف والقصص البوليسية.

تؤكد الدراسات التربوية أن 75% من تحصيل الطلبة يعتمد على الطالب نفسه و25% يعتمد على جهد المعلم. وبذلك يتعيّن على المدرّسين أن يضعوا نصب أعينهم أنماط التعليم الملائمة للطلبة على اختلاف مشاربهم ودمجها على نحوٍ متناغم بأنماط التعليم التي يتقنها المدرس.

وهناك عدة أنواع من قصص الخيال العلمي التي يمكن توظيفها في التدريس. منها مثلاً أسلوب «المراقبة» حيث يُسمَح للطالب تخيُّل امتلاكه القدرة على تغيير إحدى صفاته. كأن يتخيل نفسه أصغر من حجمه بحيث يمكنه الدخول إلى الجسم المراد التعرف عليه. 

وهناك أسلوب «راوي الحكايات»، حيث يعرض راوٍ قصة خيال علمي أمام الصف بالاعتماد على معرفته وخبرته بموضوع القصة وقدرته على جذب اهتمام الطلبة بالاستعراض والمؤثرات الضوئية والصوتية. ويتضمن الأسلوب كذلك اتباع نمط قراءة المدرِّس قصص الخيال العلمي ومناقشتها بأسلوب نقدي مع الطلبة.

العالم العربيّ بحاجة إلى الخيال العلمي

ينبّهنا المدوِّن والناقد ياسر أبو الحسب إلى افتقار العالم العربي لأدب الخيال العلمي، وذلك بسبب سعي الكتّاب لتلبية طلب القراء. إذ لا تعد كتب الخيال العلمي رائجة في الأوساط العربية، ولا تقدم المؤسسات الداعمة للأدب والثقافة منحًا بما يكفي لتشجيع الكتّاب على تأليف كتب قائمة عليه. 

صحيح أن روايات وأفلام الخيال العلمي ليست مرجعًا موثوقًا يستند عليه الباحثون، لكنها في الوقت ذاته تفتح آفاق العالِم الذي يعيش حبيس المختبر والتّجارب والنتائج المحسوبة والنّظريات المثبتة. فكتّاب قصص الخيال ومخرجو أفلام الخيال العلمي يتجاوزون العرف العلمي الذي تحكمه القوانين والمسلّمات.

وعلينا أن نتذكّر أنه لولا خيال الإنسان قبل ألف أو ألفي سنة، لما تمكن علماء الفيزياء -منذ حواليّ مائتي سنة فقط- من دراسة أطياف النجوم. أي أن الإلهام الذي استشعره الإنسان من مشهد السماء المضيئة بالنّقاط الزرقاء كل ليلة، كان سببًا في معرفتنا البديهية اليوم بالنجوم البعيدة جدًا وطبيعتها المماثلة لشمسنا.

في هذه الحلقة من بودكاست بكرة، يحدّثنا المدوِّن ياسر أبو الحسب عن الخيال العلمي ودوره في توسيع آفاقنا العلمية والأدبية، وبخاصة دوره في تعزيز الإبداع لدى الأطفال من خلال توظيفه في التّعليم. 

روابط:

  • أساطير مستلهمة من النّظر للسّماء

  • النجوم مصدر روايات وأساطير لا تنضب

  • فلنبدأ بالخيال العلمي.. لتنمية الإبداع والموهبة 

التعليمالطفلالعلم
بودكاست بُكرة
بودكاست بُكرة
منثمانيةثمانية

بُكرة، لكل الشباب الواعد، نطرح أسئلتنا الكبيرة والصغيرة والمتغيرة والعالقة، مع مختصّين وباحثين وعُلماء، ونفهم معهم كيف نعيش ونستعد ونعمل من أجل مُستقبل أفضل.