لماذا نحب الموسيقا

"ها نحن ذا..على دروب كنزنا...نسير معاً وآمالنا تسير قبلنا" إن كنت من الجيل الذهبي الذي لم يتربى على سخافة سبونج بوب فأغلب الظن أنك بدأت في ترديد الأغنية والموسيقا تعزف داخل عقلك، وستجد الابتسامة ترتسم قليلاً على شفتيك وأنت تعزف البداية الموسيقية في دماغك والتي لن يسمعها سواك.

ها نحن ذا..على دروب كنزنا…نسير معاً وآمالنا تسير قبلنا” إن كنت من الجيل الذهبي الذي لم يتربى على سخافة سبونج بوب فأغلب الظن أنك بدأت في ترديد الأغنية والموسيقا تعزف داخل عقلك، وستجد الابتسامة ترتسم قليلاً على شفتيك وأنت تعزف البداية الموسيقية في دماغك والتي لن يسمعها سواك.

يعرف البعض الموسيقا بأنها خلط الصوت مع الأدوات بطريقة تخلق لك نوعاً من الجمال وتعبيراً عن المشاعر وهذا الكلام النظري جميل، لكن في عصرنا الحالي أصبحنا نميل للتفسير العلمي “الجاف” الذي يفسر اللوحات الجميلة بأنها ألوان على قماش والموسيقا الكلاسيكية بأنها مجرد اهتزازت للأوتار.

ما الفرق بين الموسيقا والضوضاء؟

ففي النهاية كل هذه الأصوات عبارة عن موجات صوتية تنتج إما من أوتار العود أو من المطرقة، لكن هناك تفسير “فيزيائي” للموضوع.
حين تنظر إلى الموجات الصوتية لكل من مقطوعة موسيقية وضوضاء عشوائية ستبدأ الصورة في الاتضاح لك، فالموجات الصوتية للموسيقا يكون فيها نمط مرتب ومتكرر في حين أن الضوضاء عشوائية ولايوجد نمط متكرر.

وجود نمط في الصوت لايعني تحوله المباشر إلى موسيقا، فالطرق المنتظم للمطرقة يعتبر نمطاً منتظماً. هناك بعض الأمور الإضافية التي يجب أن تتوافر في الصوت ليتحول إلى موسيقا، أول هذه الأمور هي تنوع الصوت والنغمات ولكن بما يتماشى مع المبدأ الأول وهو وجود نمط مرتب، ولكن هناك اشتراط ثاني وهو أن تكون هذه النوتات متناغمة وترتبط مع بعضها بسلاسة لتشكل نمطاً مرتباً ومتناغماً.

لو قمت بدمج صوت مطرقة مع صوت وتر حاد قد ينتج عن ذلك نمط منتظم ولكن بسبب عدم وجود أي تناغم بين هذه الأصوات فإن دماغك قد يرفض تصنيفها كموسيقا فدماغك ينظر للأمر وكأنه دمج للونين لا تناغم بينهم (أخضر + فوسفوري مثلاً).

ما الذي يجعلك تحب الموسيقا العربية في حين تكره الغربية منها؟

هذا السؤال لاتوجد له إجابة مباشرة.

حاول بعض العلماء الإجابة عن أسباب اختلاف الذائقة الموسيقية منهم البرت لي-بلانك، الذي وضع بعض المعايير المختلفة والتي تحدد مدى تقبلك لنوع معين من الموسيقا مثل الخلفية الثقافية، العائلية والعرقية والقدرة الموسيقية. لو حاولنا نظريًا تطبيق معايير لي-بلانك فإننا نستطيع أن نتفهم لمَ يحب الشخص الذي درس في الولايات المتحدة الموسيقى الغربية! فهذا الشخص تشرب جزءًا من تلك الثقافة، لذلك تجد أنه قادر على تذوق الموسيقا الغربية، لامتلاكه الفهم الكافي لتفسير معانيها الجمالية.

هناك تجربة أخرى قام بها الباحثون في جامعة مينيسوتا على 250 طالب وجد الباحثون أن الإعجاب بالموسيقا قد يكون له علاقة بفروق التردادات بين النوتات والعلاقة الرياضية بين هذه الفروقات.

الإنسان يستطيع تمييز الأصوات مابين 20 إلى 20,000 هرتز، وبحسب التجربة التي أجراها باحثوا جامعة مينيسوتا فإن الأشخاص يميلون إلى إبداء الإعجاب بالموسيقا التي غالبًا مايكون هناك توافق رياضي بينها، فمثلا حين تنتقل الموسيقا من 100 إلى 200 إلى 300 هرتز فإنها تكون متناسقة أكثر لأن جميعها من مضاعفات الرقم 100، لكن الباحثين شددوا في دراستهم على أن هذه النتيجة لا تعني أن ماتوصلوا إليه بالإمكان تطبيقه على أنواع الموسيقا المختلفة والثقافات الآخرى لأن التجربة شملت طلاباً في جامعة غربية فقط.

لكن هذه ليست الإجابات التي نبحث عنها، فلو نظرت إلى نفسك ستجد أن ذائقتك الموسيقية متأثرة بمحيطك وبمدى إطلاعك على الثقافات الآخرى لكن يظل هناك بعض الأمور التي لاتستطيع تفسيرها مثل انجذابك لأغنية إيطالية او هندية دون أن تفهم معانيها ولاتستطيع إيجاد تفسير علمي لها سوى أنها “أعجبتك”.

لغز …؟

حين نقوم بتفصيل الجمال وتفكيكه لفهم معانيه قد لانصل إلى الإجابة التي نتمناها وفي الكثير من الأحيان لن نعثر عليها، أمور مثل الموسيقا والرسم وغيرها من الفنون لا تستطيع فصل مكوناتها لفهم كيفية عملها، في الوقت الحالي على الأقل، فهي تأتي كحزمة مجتمعة لتمتعك وتثير بعضًا من مشاعرك، وقد يستمر الفن لغزًا إلى الأبد لأنه يلامس الجانب الذي لايستطيع العلم لمسه…”الروح”.

الفنالموسيقاالثقافة
مقالات حرة
مقالات حرة
منثمانيةثمانية