هل توجد مخلوقات فضائية تشاركنا الكون؟
هل شاهدت فلمًا عن الفضاء من قبل؟ هنالك الكثير من الأفلام التي تناقش العالم الفضائي، السفر عبر الفضاء، أو الاتّصال بالفضائيين، أو غزو الفضائيين لنا. تبدو هذه الأفلام ممتعةً، ولكنّك على الأغلب ستفكّر في احتمالية حدوث أيٍّ من التخيلات التي ظهرت في الفلم. وستفكّر فيما إن كانت أفلام الفضاء قابلةً للحدوث أو أنّ قابلية حدوثها كقابلية حدوث أفلام الزومبي؟
هل شاهدت فلمًا عن الفضاء من قبل؟ هنالك الكثير من الأفلام التي تناقش العالم الفضائي، السفر عبر الفضاء، أو الاتّصال بالفضائيين، أو غزو الفضائيين لنا. تبدو هذه الأفلام ممتعةً، ولكنّك على الأغلب ستفكّر في احتمالية حدوث أيٍّ من التخيلات التي ظهرت في الفلم. وستفكّر فيما إن كانت أفلام الفضاء قابلةً للحدوث أو أنّ قابلية حدوثها كقابلية حدوث أفلام الزومبي؟
نحن كبشرٍ كائناتٌ بالغة الفضولية، ربما كان فضولنا هو ما ميزنا عن بقية الأجناس التي مرت على هذا الكوكب. وربما فضولنا هو السبب الذي يدفعنا إلى الاستمرار في الحياة والبحث العلمي. وهو بلا شكّ، السبب في نظرنا باهتمامٍ بالغٍ إلى السماء. نحن النوع الوحيد في كوكب الأرض الذي ينظر إلى السماء متسائلًا عما هو أبعد منها، أو ربما، “عمن” هو أبعد منها.
إنذارٌ واضحٌ بوجود حضارةٍ فضائية ذكيةٍ
هذا الفضول هو الدّافع وراء إطلاق مشروع SETI، يعني لفظ SETI “البحث عن مخلوقاتٍ ذكية خارج الأرض”، وهذا البحث قد بدأ منذ مئات السنين، إلّا أنّ جهود البحث لم تتوحّد إلّا في ستّينيات القرن الماضي، بادئةً ما صار يعرف بعصر SETI الحديث، أمّا مُنظَّمةُ SETI الرسميّة فقد بدأت في عام 1984، بدأ المشروع برصد وصول موجاتٍ لا سلكية تعبر عن وجود كائناتٍ ذكية، ورغم أنّ البحث عن المخلوقات الفضائية كان قد بدأ منذ مئاتٍ من السنين الماضية، إلّا أنّ مشروع منظّمة SETI لم يبدأ إلّا منذ وقتٍ قريب، وهو على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية، فإن وصلتنا موجاتٌ راديوية كهذه سيكون هذا إنذارًا واضحًا بوجود حضارةٍ فضائية ذكيةٍ بما فيه الكفاية لتتواصل معنا. نحن البشر لم نتمكّن من استعمال الموجات اللاسلكية هذه إلّا حديثًا، منذ مئة عامٍ تقريبًا.
ما احتماليّةُ أن نجِدَ هذه الحضارة؟ فرانك درايك، عالمٌ أميركيّ. كتبَ معادلةً في عام 1961 تتوقّعُ عدد الحضارات الذكيّة التي من الممكن أن نكتشِفَها. نتيجة هذه المعادلة غير معروفة، فهي تعتمد على متغيراتٍ لم نكتشفها بعد. هنالك رغم ذلك نتائجٌ يمكن الخروج بها من المعادلة، جميعها تقريباتٌ وتوقّعات. درايك في معادلته الأصلية خرج بتوقّعٍ يقول بأن عدد الحضارات الذكية يصل إلى 18,750,000 فقط في درب التبانة. 2,812,500,000 حضارةٍ في الكون المرئي.
في الخامس عشر من أغسطس عام 1977، تلقّى الفلكيُّ جيري إيهمان إشارةً راديويّة في إطارِ بحثِهِ التطوُّعيّ، كتبَ إيهمان لشدّةِ تعجُّبِهِ من هذِهِ الإشارة بجانبها كلمةَ “WOW!”. سُمّيت الإشارةُ لهذا بإشارة WOW. أشارت التيلسكوبات إلى مصدر هذه الإشارة، ولكِنّها لم تخرُج بشيء.
وفي عام 1998 انتشرت شائعةٌ مصدرُها رجلٌ بريطانيّ ادّعى أنّ إشارةً وصلتهُ من الفضاء. أرسل هذا الرجل قِصّتَهُ إلى BBC وعرضت بدورها الخبرَ على العالم لينتشِرَ بِسُرعة. ردّ العلماءُ على هذه الشائعة وفنّدوها. لكِنّهُم اجتمعوا بعدها عام 2000 في ريو دي جانيرو وخرجوا بمقياس ريو، مقياسٌ لأخبار الإشارات الفضائية والتواصل مع الفضائيين يقيس صحّة الأخبار المماثلة من عوامل عدّة. مقياس ريو يتدرج من الصفر إلى العشرة، الصفر في هذا المقياس يعني أنّ تنسى شأن هذا الخبر الكاذب بينما يخبرك العشرة بأنّ البشر قد تواصلوا مع الفضائيين بلا شكّ. إشارة WOW على أهميتها وجذبها للاهتمام الإعلامي لم تحصل إلّا على 1-3 على مقياس ريو.
الفضائيون لم يتواصلوا معنا، حتّى الان. لكن ماذا لو فعلوا؟ بم نرد؟ وماذا نفعل؟ اليوم الذي سنتّصل فيه بالفضائيين يعدّ من أهم أيام البشرية حسب توقّعات المؤرخين إن لم يكن أهمها، فاليوم نحن نقسم التاريخ إلى ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد، ولكنّنا بعد الاتّصال بالفضائيين حسب التوقّعات سنقسم التاريخ إلى ما قبل الاتّصال وما بعده. رغم كلّ ذلك، لا توجد سياساتٌ أو قوانينٌ دولية لما بعد الاتّصال حتّى الان. لكنّ الفضائيين إن تواصلوا معنا سيضعون البشر في موضع حيرةٍ مما يجب الردّ بهم عليه. إن أردنا إظهار ذكائنا وتقدّمنا كمخلوقاتٍ حية فيمكننا إرسال رقم Pi باي (3.14) أو متتابعة فيبوناتشي. لكن، أعلينا حقًّا أن نردّ عليهم؟ الأفضل أن لا نفعل.
في عام 1964، أطلقَ العالِم نيكولاي كارداشيف مقياسًا لتطوّر الحضارات سُميّ بمقياسُ كارداشيف، وهو يقيس تطوّر الحضارة طبقًا لقدرتها على استخدام الطاقة من حولها في منفعتها. هنالك خمسة مستوياتٍ في مقياس كارداشيف، الحضارات من النوع الأوّل تستطيع استعمال كلّ الطاقة في كوكبها وتتحكّم في ظواهره الطبيعية من براكين وزلازل. النوع الثاني تكون الحضارة فيه قادرةً على استعمال طاقة نجمهم. وحضارات النوع الثالث قادرةٌ على التنقّل عبر المجرة من نجمٍ لاخر لجمع الطاقة واستعمالها، من المتوقّع أن تكون الالات والـ”Cyborg” هي النوع الأساسي في هذه الحضارة.
الحضارات الخمسة
كارداشيف توقّع أنّ وصول أي حضارةٍ لما بعد المستوى الثالث أقرب للمستحيل، لكنّ علماءً اخرين أضافوا للمقياس مستوياتٍ أبعد من المستوى الثالث. ففي المستوى الرابع تتمكّن الحضارة من استعمال طاقة الكون بأكمله. أتتخيل قدرة المستوى الخامس؟ حضارات المستوى الخامس تستطيع أن تتنقّل بين الأكوان وتجمع طاقات مجموعاتٍ من الأكوان.
لماذا ذكرت قبل قليلٍ أنّ من الأفضل أن لا نردّ على تواصل الفضائيين معنا؟ نحن البشر مرتبتنا على مقياس كارداشيف هي.. لا شيء. لسنا على مقياس كارداشيف بعد. نحن البشر ما زلنا مخلوقاتٍ ضعيفةً ومهمشةً في زاويةٍ من مجرةٍ كبقية المجرات في كونٍ واسع، إن هز الأرض زلزال أو انفجر من باطنها بركان أو هطل عليها شيءٌ من المطر نهلع ونرتعد ولا نتمكّن من مواجهة القوى الطبيعية على كوكبنا وحده فضلًا عن استعمال طاقته بأكملها كي نكون على المستوى الأوّل. لكن لا داعي للقلق، فمن المتوقّع أن نصل إلى المستوى الأوّل خلال مئةٍ إلى مئتي سنة.
السبب الأوّل إذًا هو أنّنا أضعف من أن نواجه حضاراتٍ تؤخذ بعين الاعتبار على مقياس كارداشيف، وهذا يقودنا إلى السبب الثاني. عبر تاريخنا كبشر نجد أنّنا كلّما وجدنا أمةً أضعف منّا، حتّى لو كانت من نوعنا نحن البشر. نستعبد هذه الأمة ونستحلّ أرضها ونسرق مواردها وطاقتها. ستيفن هوكنج يقول بأنّ “وصول الفضائيين إلى أرضنا سيكون كوصول كولومبوس إلى أميركا”. وهو وصولٌ لم يبشّر بالخير للأميركيين الأصليين.
عام 2013، خفضت الحكومة الأميركية الدعم الحكومي لمنظّمة SETI نظرًا لعدم إظهارها لنتائج جديدة. المحير هنا هو ما إن كنّا نستمع للفضائيين.. ويستمعون لنا أيضًا؟ منذ أن بدأ عصر SETI الحديث قبل زهاء الخمسين عامًا ولم نفلح في إيجاد مخلوقاتٍ غيرنا، فكيف سيكون الحال حين نجد؟