رسالة التهديد المفبركة لمارتن لوثر
في ستينات القرن الماضي تصل لزوجة مارتن لوثر كينق رسالة ابتزاز لزوجها، ليتضح أنها جزء من حملة مؤامرة تستهدف سمعته.
عام 1964م، استلمت زوجة مارتن لوثر كينق الابن طردًا يحتوي على مجموعة من أشرطة الكاسيت ورسالة. كانت تظن للوهلة الأولى أن الأشرطة تحتوي على تسجيل للخُطب التي ألقاها زوجها، إلّا أنها سمعت تسجيلًا لعلاقاته الجنسية خارج الزواج في غرف الفنادق. أما الرسالة فكانت تقول:
كينق
نظرًا لدرجتك الواطية، وسلوكك الشخصي المختل، لن أحترم اسمك بأي من لقب السيد أو الموقر أو الدكتور. أيضًا، اسم عائلتك يدعو الذهن إلى نوع ملكٍ مثل الملك هنري الثامن، والعدد الذي لا يحصى من أعمال الزنا والسلوك الغير أخلاقي وهو أوطى من الوحش.
كينق، انظر لقلبك. تعرف أنك خدعة بالكامل، ومسؤولية كبيرة علينا نحن الزنوج. لدى البيض في هذا البلد ما يكفي من احتيالهم الذاتي ولكني متأكد أنه ليس لديهم احتيال في هذا الوقت في أي مكان يساوي احتيالك. أنت لست رجل دين وأنت تعرف ذلك. أكرر، أنت محتال هائل وشرير وفاسد . لا يمكن أن تكون مؤمنًا بالرب وتتصرف كما تفعل. من الواضح أنك لا تؤمن بأي مبادئ أخلاقية شخصية.
كينق، مثل كل عملياتك في الاحتيال، لقد أوشكت على الانتهاء. كان بإمكانك أن تكون قائدنا الأعظم. من البداية تبيّن أنك لست بالقائد، بل معتوه فاسق ذو أخلاق مختلة. علينا الآن أن نعتمد على قادتنا الأكبر سناً مثل ويلكينز، رجل ذو شخصية ونشكر الله أن لدينا آخرين مثله. ولكن أنت انتهيت. إن شهاداتك “الفخرية”، وجائزة نوبل -يالها من مهزلة محبطة- وجوائز أخرى لن تنقذك. كينق، أكرر، لقد انتهيت.
مارتن لوثر كينق
اعتبر مارتن لوثر كينق من أهم الشخصيات التي ناضلت في سبيل الحرية وحقوق الإنسان.
لا يمكن لأي شخص -ولا حتى احتيالك- التغلب على الحقائق. طوّق أذنك الجنسية المضطربة. ستجد نفسك وكل قذارتك ووساختك وحديثك الشرير المغفل مكشوفًا على الشريط في كل الأزمان.
أكرر، لا يمكن لأي شخص أن يجادل بنجاحٍ ضد الحقائق. لقد انتهيت. سوف تجد في الشريط جميع رفاقك الأشرار البذيئين القذرين، ذكورًا وإناثًا بعد الأخذ في الاعتبار شذوذك الشنيع. بعضهم يدّعي أنه كاهن للإنجيل. الشيطان نفسه لم يفعل مثلهم. كم هو شر لا يصدّق! كل ذلك موجود في الشريط، كل عربدتك الجنسية. استمع لنفسك أيها الحيوان القذر المختل. أنت مسجّل.
لقد كنت تُسجّل – كل أفعالك الزانية وعربدتك الجنسية من وقت بعيد. ما هذا إلّا مجرد عيّنة صغيرة. سوف تفهم هذا. نعم، من رفاقك المتعددين الشريرين على الساحل الشرقي إلى [جزء محجوب] وآخرون على الساحل الغربي وخارج البلاد، أنت تُسجّل. كينق، لقد انتهيت.
الجمهور الأميركي، ومنظمات الكنيسة التي كانت تساعدك -البروتستانت والكاثوليك واليهود سيعرفون حقيقتك الفعلية- وحش شرير مختل. وكذلك سيعرف الآخرون الذين دعموك. لقد انتهيت.
كينق، لم يبقى لك إلا شيء واحد لتقوم به. أنت تدري ما هو. أمامك فقط 34 يومًا للقيام بذلك (تم تحديد هذا الرقم الدقيق لسبب محدد، فقد كان له أهمية عملية محددة). لقد انتهيت. لا يوجد لك سوى طريق واحد للخروج. عليك سلوكه قبل أن تُكشف نفسك القذرة المختلة المحتالة للأمة.
كُتبت الرسالة بلغة إنقليزية ضعيفة مع تكرار كثير للكلمات. قد يظن القارئ أن الكاتب هو أحد الأميركيين ذو الأصول الأفريقية عندما قال “نحن الزنوج،” إلا أن الحقيقة بعيدة عن ذلك، حيث أنها كُتبت وأُرسلت من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI).
كانت الرسالة نفسها معلنة للشعب الأميركي لغرض الشفافية مع حجب أجزاء كثيرة منها، حيث أقرّت المحكمة بحجب النصوص التي تتحدث عن محتوى الأشرطة المسجلة، وذلك حتى عام 2027م. إلّا أن المؤرخة بيفيرلي قايج من جامعة يال اكتشفت في نوفمبر عام 2014 نسخة كاملة كانت مطوية في أحد المستندات في الأرشيف الوطني أثناء بحثها عن السيرة الذاتية لادقار هوفر، أول رئيس لمكتب التحقيقات الفيدرالية. كان هوفر معروفًا بكرهه لكينق وتجسسه عليه في منزله ومكتبه وغرف الفنادق التي سكنها.
تعتقد المؤرخة قايج أن الرسالة كُتبت من قبل رئيس العمليات الاستخبارية ويليام سوليفيان الذي كان يرأسُه هوفر. بعد يومين من مسيرة واشنطن للحرية والخطبة المشهورة لقينج “لدي حلم،” أرسل سوليفيان إلى رئيسة هوفر رسالة يقول فيها:
علينا أن نعتبره الآن، إذا لم نقم بذلك من قبل، أخطر زنجي مستقبلي في هذه الأمة من ناحية الشيوعية، والزنوج، والأمن القومي.
كان الدافع المعلن لمكتب التحقيقات الفيدرالي خلف مشاريع تجسسهم على كثير من النشطاء السياسيين وأعضاء الحزب الشيوعي الأميركي والمعادين للحرب ضد فيتنام والمؤسسات المناصرة لحقوق السود والأميركان الأصليين هو “حماية الأمن القومي، ومنع العنف، والحفاظ على النظام الاجتماعي والسياسي القائم”
جمع كينق المقرّبين له وعرض عليهم محتويات الرسالة والأشرطة. كان الجميع – مع كينق- موجهين أصابع الاتهام لهوفر، كما أقروا أن الرسالة كانت تطلب منه الانتحار، حيث دُعيت الرسالة بـ“رسالة الانتحار“
أما توقيت الرسالة، فقد كان 34 يومًا من حفل جوائز نوبل التي كُرم فيها كينق، إلّا أنه لم يستلمها إلا بعد إنتهاء رحلة طويلة من بعد الحفل.
اغتيل كينق عام 1968م، ولم تقرع أذنيه أجراس الحرية.