هل يصنع التعليم اليوم إنسانًا، أم موظفًا ناجحًا؟
ممّا لا شكَّ فيه أن التكرار المستمر لمقولة أنّ النجاح الدراسي مرتبط بشكل وثيق بنجاحك الوظيفي ساعد بشكل مباشر في انتشار المفهوم الخاطئ عن غاية التعليم و...
سأل الإعلامي عبدالله المديفر ضيفه وزير العمل السعودي معالي الوزير أحمد الراجحي في برنامج “في الصورة”: ” وزارة التعليم ، تكب أعداد مهولة من غير المؤهلين… ليش ما نحل مشكلة [البطالة] من هناك؟”
أجاب وزير العمل السّعودي معالي الوزير أحمد الرّاجحي: “الموضوع هذا هاجس وزير التعليم وهناك خطوات جادة لإيقاف القبول في بعض التخصصات، وأوقَفوا كثير من التخصصات الأدبية… “ ثم أضاف: “هناك لجنة لسياسات العمل…جزء من دورها مواءمة مخرجات التعليم [لاحتياجات] سوق العمل“.
هذه المقولة الأخيرة بحد ذاتها لا تدعو ضرورةً للفزع، لكنّها مقلقة إذ تدعونا للتسائل عن غاية التعليم.
غاية التعليم
جاءتني زوجتي قبل سنتين، وكانت للتوْ تخرّجت، وقالت: “أنا لا أفكّر بالعمل، وأود استثمار وقتي لتنشئة أبنائنا وإعداد أسرتنا فإنني أجد متعة في ذلك وشعورًا بالعطاء” ثم أخذتْ نفسًا وقالت: “إلا أنَّ الكثيرين ممن حولي يُشعرونني أنّني إذا لم أتوظّف أو أبدأ تجارتي الخاصة فإنّني غير ناجحة” استوقفتني الجملة… لأنّي أيضًا لا زلت أشعر بضغط داخلي لتعريف نجاح حياتي من خلال منظار العمل أو المال عمومًا. أخذتُ أفكّر: من أين أتى هذا المزاج العام؟
ممّا لا شكَّ فيه أن التكرار المستمر على مسامع الأطفال والشباب أن نجاحك المدرسي والجامعي مرتبط بشكل وثيق بنجاحك الوظيفي ساعد بشكل مباشر في انتشاره؛ وهذا يقود إلى سؤال: ما غاية التعليم؟ سأشارككم بعض التعريفات وحاولوا ملاحظة القاسم المشترك:
“هدف التعليم العام تخريج المواطن الصالح، العارف لربه ودينه ليعبده على بصيرة، والمتمكن والمتقن والفخور بلغته العربية، وأن يكون شخصية مستقلة قوية متمكنة من فنون الحياة ومهارتها لمواجهة الحياة” معالي وزير التعليم الراحل محمد الرشيد –رحمه الله-
“غاية التعليم الأساسية هي نقل الفرد (جسديًا، وعقليًا، وعاطفيًا، وقِيَميًّا) إلى الكمال” اللجنة الدولية لتطوير التعليم، برئاسة إدغار فوري – يونسكو 1972
“التعليم عليه تحقيق تنمية شاملة (عقلية، ذكاء، حساسية، جمالية، مسؤولية، وقيم روحية) لكل فرد … فغاية التعليم هو التحقيق الشامل للذات الإنسانية بكل أبعادها الغنية في الشخصية، وبالأبعاد المعقّدة لعلاقاته كفرد، كعضو في أسرة، ومجتمع ووطن، كمصنّع، كمخترع، وكحالم وكفرد خلّاق” اللجنة الدولية للتعليم للقرن الحادي والعشرين
“التعليم معني بتأهيل الفرد ليكون قادرًا على تحقيق أقصى ما يمكنه تحقيقه في المجال الذي يشاء السعي خلفه” جون لوك– منقول بتصرّف
“الغاية الوحيدة الدائمة للتعليم هو إعداد الفرد ليحقق –بقدر الإمكان- معنى الإنسانية” آرثر فوشيه
الحياة الناجحة
بحسب التعريفات أعلاه، فهناك غاية أو غايات حياتية كبرى يسعى التعليم لتحقيقها في حياة الفرد (ذُكِر مثلاً: “ليعبد ربّه على بصيرة”، “تحقيق الذّات”، “تحقيق معنى الإنسانية”)؛ وبناءً على الغاية فهناك طُرُق متنوّعة لتحقيقها (ذُكِر مثلاً: بناء “المعارف”، بناء “القدرات”، “تأهيل” الفرد).
بإمكاننا اختزال هذه التعريفات إلى تعريف فضفاض وأكثر عمومية وهو أن التعليم في جذوره: (إعداد الإنسان للنجاح في الحياة). إذن تعريف غاية التعليم مرتبط بشكل وثيق بتعريفنا للحياة الناجحة.
وبالعودة إلى التركيز الشديد على سوق العمل، يبدو أن البعض قرّر أن الوظيفة تُعد العنصر الأهم في تعريف الحياة الناجحة. وكأنّ المزاج العام يقول: “إن كنتَ ترسًا في ماكينة الاقتصاد، فأنت ناجح. وكلّما كَبُرَ التِّرس، كلّما كَبُرَ النّجاح. وإن لم تكن ترسًا فأنتَ لستَ ناجحًا“. بالتالي، يجب أن يكون “الإعداد” المذكور في تعريف التعليم، مُكَيَّف لأجل إدخال الشباب إلى سوق العمل كأولوية.
لكن، بالنّظر إلى التّركيبة السكانية لدى المملكة العربية السعودية فهناك فوق 12 مليون مواطن فوق سن 22 سنة (متوسّط سن التخرّج من الجامعة).؛ أكثر من 42% منهم (أي 5,3 مليون مواطن) خارج سوق العمل (أي غير موظفين ولا يبحثون عن وظيفة).
فهل الحياة مقتصرة على سوق العمل؟ وهل العمل غاية أم وسيلة؟ ألا يمكن للنجاح في الحياة أن يكون خارج سوق العمل؟
وللإجابة لعلّنا ننظر إلى هذه الأسئلة من خلال ثلاثة دوائر للإنسان: علاقة الإنسان بنفسه، وبالمجتمع، وبالحياة. إذا استطعنا معرفة أبعاد النجاح الخاصة في كلٍّ منها، سنتمكّن من معرفة الدّور الأمثل للتعليم.
الدائرة الصّغرى:“علاقة الفرد بنفسه”
للإنسان أبعاد مختلفة: بعدٌ روحي، واجتماعي، وصحّي، وعاطفي، ونفسي، وبدني. وبالعودة إلى تعريف غاية التعليم: (إعداد الإنسان للنجاح في الحياة) فعلى المدرسة إعداد الطفل للتعاطي مع هذه الأبعاد المختلفة بعيدًا عن كونها تتقاطع مع سوق العمل أم لا. بل بالإضافة إلى ذلك، فإن لكل فرد حالة خاصّة مع هذه الأبعاد وبالتالي تعريف النجاح قد يختلف من فرد لآخر.
فقد يعيش مدير عام أو وزير أو مليونير عاق لوالديه في ضنك، بينما قد يعيش إنسان قليل الدخل راحة في كنف والديه. وهناك فتاة قد تجد نفسها في العمل التجاري بينما أخرى تريد أن تتفرّغ للأمومة والتربية، وثالثة تُبحِر في فنون الرسم والشعر. وكل واحدة منهن قد تحقق ذاتها وتشعر بمعنى لحياتها ممّا لو اقتصر تركيزها على سوق العمل.
فضلاً عن ذلك فإن الإنسان يمر بمراحل مختلفة، قد تكون المهنة أولوية في مرحلة وقد تتغيّر تمامًا في مراحل أخرى. بل حتّى بالنّظر إلى الموجودين في سوق العمل (البالغ عددهم 6 مليون مواطن) فهؤلاء يعملون بمتوسّط 8 ساعات في اليوم (أي ثُلث يومهم)، بينما تدور بقيّة أوقاتهم حول محاور غير وظيفية صرفة (وإن تأثّرت بها).
الدائرة الوسطى: “علاقة الفرد بالمجتمع”
كما أن للفرد أبعادًا مختلفة، فإن للمجتمع الفعّال أبعادًا متنوّعة أيضًا: بعدٌ ثقافي، واجتماعي، وبيئي، وديني، واقتصادي، ومدني. ولا يُشترَط ضرورةً التعاطي مع هذه الأبعاد من خلال بوابة سوق العمل؛ فالمجتمعات بحاجة على سبيل المثال إلى:
شعراء وفنّانين وأدباء ليحفظوا ويصدّروا ثقافة المجتمع وحضارته.
مؤرّخين ولغويّين وعلماء اجتماع ليحفظوا ثقافة وهويّة المجتمعات وإرثها ويستنبطوا المفاهيم من ماضيهم.
مربّين مؤثّرين ليحققوا استقرارًا نفسيًا ضروريًا للوحدة الأسرية التي تؤثر بدورها على المجتمع ككل.
متخصصين في علوم الشريعة واللغة والتاريخ والاقتصاد والسياسة والاجتماع ليرسموا الخطوط العريضة لمجتمعاتهم التي تُبنى عليها سياساتهم
مُصلِحين اجتماعيين مثاليين (كمن يعملون في الإصلاح البيئي مثلاً) ليجمعوا الناس لما فيه مصلحتهم.
وغيرها من الأدوار التي يحتاجها المجتمع دون أن تمر ضرورةً بطريق سوق العمل؛ فكما أنَّ المجتمعات العربية بحاجة إلى أمثال غازي القصيبي وأبناء الراجحي الذين أضافوا للمجتمع بشكل كبير (من خلال سوق العمل وخارجه)، فهم بحاجة أيضـًا إلى أمثال عبدالوهاب المسيري، وعبدالرحمن السميط، وأحمد شوقي، وصالح المغامسي، وأحمد الشقيري.
ودلالةً على ذلك، يقول عالم الاجتماع الفرنسي جاك بيرك (Jak Burke):
إن أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسي في المغرب هي اللغة العربية، بل العربية الفصحى بالذات… [وكانت العربية] عاملاً قويًا في بقاء الشعوب العربية
رسم ملامح المجتمع
هنا، صار جانب الهوية مهمًّا جدًّا لأمن المجتمع وبالتالي نجاحًا. لذلك، فالإعداد هو غاية التعليم، وهو متعلّق بقائمة طويلة من المعارف والمهارات غير منحصرة ضرورةً بسوق العمل. معارف مثل: معرفة قدسية الأمومة، وبر الوالدين، وأهمّية البيئة، وعلوم التاريخ واللغة والدين؛ ومفاهيم كالوطن والمواطنة وفلسفة الحكم وغيرها.
قام محافظ ولاية ويسكونسن في أمريكا بمحاولة تغيير رسالة جامعة ويسكونسن التي كانت “البحث عن الحقيقة” و”تحسين المجتمع البشري” إلى “مواءمة المخرجات مع احتياجات سوق عمل الولاية” ممّا تسبب في موجة اعتراض من أكاديميين وسياسيين. بدوره، تراجع المحافظ مباشرةً تحت الضغط ليقول إنّه كان خطأ مطبعيًّا.
وقامت بريطانيا في عام 1995 بدمج كلٍّ من وزارة العمل والتعليم مكوّنةً وزارة التعليم والتوظيف. كانت الغاية تحقيق هذه المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، ولكن سرعان ما تراجعت عن هذا القرار في عام 2001 لتفصل التوظيف إلى وزارة أخرى؛ فبريطانيا -كما قال المحتجّون- بحاجة إلى برتراند رسل، وفرانسيس بيكون، وجيرمي بينثام، وأنثوني فلو، وكارل بوبر، لرسم ملامح المجتمع والأسس الفلسفية التي تقوم عليها.
بريطانيا بحاجة إلى المحافظة على لغتها وإرثها وهويّتها في ظل الانصهار العالمي، فهي بالتّالي بحاجة إلى من يحمل فنونها، ولغتها، وتاريخها، وثقافتها عمومًا. بحاجة إلى غاندي الهند، وآينشتاين الفيزياء النظرية، ومانديلا الجنوب أفريقي، ودوستويفسكي الأدب.
الدّائرة الكُبرى: “علاقة الإنسان بالحياة”
إذا كان الباحث يريد معرفة غاية آلة معقّدة فعليه سؤال صانعها. وبالمثل، إذا كان الباحث يريد معرفة غاية شيء معقّد للغاية مثل غاية التعليم أو غاية الحياة، فعليه سؤال خالق الحياة في حال تناولنا هذه الغاية الأخيرة. تكرّرت كلمة “الحياة” 64 مرة وكلمة “الدنيا” 111 مرة في القرآن الكريم. بعد استقرائها هناك بعض الحقائق التي لا يمكن إنكارها
الحقيقة الأولى: الحياة هذه ما هي إلا فصل أوّل قصير جدًّا من حكاية سرمدية: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)
الحقيقة الثّانية: هناك نجاح واحد رئيس يُعد النجاح الأكبر يأخذ أولوية على أي نجاح آخر (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)
الحقيقة الثّالثة: طريقة تحقيق هذا النجاح الأكبر تكون بمعرفة واتباع مجموعة من التعليمات: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
الحقيقة الرابعة: السعي للنجاح الأكبر لا يعني أبدًا أبدًا ألا يكون للإنسان رحلته الخاصة وطريقته الخاصة لنجاحات أخرى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ)
على ضوء هذه الحقائق، تتضح أن هناك دائرة كُبرى السَّير فيها ضروري للنجاح. وبالعودة إلى تعريف غاية التعليم: (إعداد الإنسان للنجاح في الحياة)، فإن أولى غايات التعليم على ضوء هذا يكون بإعداد الفرد والمجتمع لمعرفة واتباع التعليمات التي من شأنها إدخالهم في دائرة النجاح الكبرى هذه. ولكن، في نطاق هذه الدائرة الكبرى تكون هناك مساحة للعمل المتنوّع والتعاريف المتنوّعة للنجاح الدنيوية بحسب الفرد والمجتمع.
لكن، لمَ لا يتم إعداد الإنسان لهذه الأمور خارج المدرسة؟ لماذا نحمّل المدرسة كل هذه المسؤولية؟
كاهل المدرسة مُثقَل
المدارس الحديثة بعكس مثيلاتها في القرون الماضية بدأت تشكّل حيّزًا أكبر في حياة الطفل.
الطفل في الماضي كان يتعلّم من والديه، والكتاتيب، والمسجد، والشّارع، والدوائر الاجتماعية، والخُطَب. وكانت هذه المصادر تفضي إلى منظومة من المهارات والمعارف والقيم تعكس أبعاد الحياة المتنوّعة الغنية.
أمّا اليوم فالوحدة الأسرية منشغلة بيوم عمل أطول، والساعات الأسرية تسرقها وسائل التواصل، والمسجد لم يعد محور الحَيْ، والدوائر الاجتماعية (من مجالس ولقاءات) باتت أضيق وأقل تنوّعا، مما أدّى إلى مصدر متفرّد لفهم الحياة: ألا وهي المدرسة؛ التي صارت اليوم الأم والأب، والطبيب النفسي والصديق، والمدرّب والمصلح، حيث يقضي الطفل قرابة 15 ألف ساعة منذ دخولها في الصف الابتدائي الأول وحتّى خروجه منها في الصف الثانوي الثالث.
المدرسة بمفهومها الحديث باتت المربّي الأوّل. لذلك، فالعقد الاجتماعي بين المدرسة والمجتمع أكبر من أن ينحصر في أداة لإصلاح البطالة وإنعاش سوق العمل.
بالطبع لا يُمكن تحميل المدرسة فقط مسؤولية إصلاح الفرد؛ فإن للأفراد وأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني والمشرّعين أيضـًا دورًا محوريًا. إلا أن علينا في التعاطي مع المدرسة، وضع هذا الواقع في الحسبان.
المطلوب؟
هل المطلوب نسيان سوق العمل؟ هل يمكن للمجتمع أن يكون في غالبيّته عاطلاً عن العمل؟ بالطبع لا.
المطلوب: استحضار أن هناك أبعادًا أخرى للإنسان والمجتمع، ودوائر مختلفة للنجاح، عند وضع سياسات التعليم. المطلوب: معرفة أن المهارات والمعارف التي يحتاجها الإنسان لينجح في حياته تتقاطع مع سوق العمل إلا أن بعضها تتموضع خارجه.
المدارس
على المدارس تقديم برامج تنموية متكاملة صفية ولاصفية لبناء إنسان قادر على النجاح في الدوائر الثلاث يشمل ذلك الاستبقاء والتركيز على نشاطات غير مرتبطة بشكل مباشر بسوق العمل (كاللغة العربية، والتاريخ، والدين، والرياضة البدنية والفنون).
الجامعات
أمّا الجامعات فعليها تقديم تخصصات جامعية معنيّة بالدائرة الكبرى والدائرة الوسطى المذكورة آنفًا بالإضافة إلى إعطاء مساحة للعمل الفردي والجماعي خارج نطاق المقرّرات الجامعية كأندية تدعم العمل التطوّعي أو التوعوي أو الاجتماعي. أيضـًا بإمكان الكليّات استضافة مفكّرين وعلماء وتسليط الضوء عليهم من باب تشجيع هذه المسارات الحياتية التي لا ترتبط ضرورةً بسوق العمل.
أولياء الأمور
بالنّسبة لأولياء الأمور، فعليهم بالدرجة الأولى أن يكونوا واعين بالدوائر الثلاث وتنمية ميول أطفالهم وعدم التسفيه بهم. أيضًا على أولياء الأمور التواصل مع مدارسهم لتوفير برامج صفية ولاصفية قادرة على تحقيق تنمية فردية شاملة لأطفالهم وأن يشكّلوا مجموعة متعاونة لتحريك هذه الملفّات في مدارس أبنائهم. أيضـًا بإمكانهم اختيار المدارس بناءً على قدرتها على تنمية أبنائهم بشكل متكامل، وبهذا ترسل رسالة ضمنية إلى “السوق” بأهمّية الأمر.
من أهم الأمور أيضًا هو أن يسد أولياء الأمور الثّغرات الموجودة في النظام التعليمي من خلال استثمار وقت أكبر مع أبنائهم لغرس المفاهيم وتنمية المهارات المطلوبة لنجاحهم. أو حتى إشراك أطفالهم في أندية أو دور من شأنها تحقيق التوازن في المطلوب للدوائر الثلاثة.
الإعلام
الإعلام له دور فعّال، خصوصًا الإعلام الجديد، وعلى عاتقه حل كبير، إذ عليه استخدام لغة أكثر حكمة تجاه دور التعليم. عليها أيضًا ألا تكتفي بتقديم نماذج ناجحة قائمة على معيارَيْ النجاح المهني أو الشهرة. فالأول أحد معايير النجاح، والثّاني معيارٌ سطحي جدًّا، إذ ليس كل مشهور ناجح، وليس كل ناجح مشهور.
المختصر
مواءمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل حاجة مهمة لكن عليها ألا تُشغِّب على الاحتياجات الأخرى للفرد والمجتمع، فالطريق إلى النجاح قد لا يمر ضرورةً بسوق العمل.
وقد يكون خير ختام استحضار تعريف معالي وزير التعليم محمد الرشيد رحمه الله للغاية من التعليم من جديد:
هدف التعليم العام تخريج المواطن الصالح، العارف لربه ودينه ليعبده على بصيرة، والمتمكن والمتقن والفخور بلغته العربية، وأن يكون شخصية مستقلة قوية متمكنة من فنون الحياة ومهارتها لمواجهة الحياة