هل يمكن فعلًا التنبؤ بحالة الطقس؟

هل يمكن فعلًا التنبؤ بحالة الطقس؟ بشكل عام لا تزال توقعات الطقس غير دقيقة بنسبة مائة في المائة، لكنّها بشكل عام في تحسّن دائم وتزيد دقتها يومًا بعد يوم.

اشترك في نشراتنا البريدية

يمكنك أن تختار ما يناسبك من النشرات، لتصلك مباشرة على بريدك.

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
28 نوفمبر، 2017

استيقظ سكان جنوب إنجلترا في صباح السادس عشر من أكتوبر من عام 1987 على كارثة إنسانية، فقد هبت عاصفة تعد الأقوى من نوعها منذ 300 عام، حيث لقي ثمانية عشر شخصًا مصرعهم، في حين قُطعت الكهرباء عن منازل الآلاف من سكانها، وتم اقتلاع 15 مليون شجرة لتتغيّر بذلك الطرق السريعة والأحياء والمساحات الشاسعة، تلك العاصفة كانت قد تشكلت فوق خليج بسكاي شمال إسبانيا لتحلق شمالًا نحو إنجلترا حاملة معها وابلًا من الأمطار والرياح ارتفعت سرعتها لتصل إلى 185 كلم/ساعة.

توقع خبراء الأرصاد الجوية اقتراب طقس غير اعتيادي، فقبل خمسة أيام حذرت منظمة الأرصاد الجوية من قدوم رياح شديدة ذلك الأسبوع، كانت هذه التنبؤات نتيجة عمليات حسابية قامت بها الأجهزة المختصة بذلك. استمرت التحذيرات من الأجواء غير الاعتياديّة كما تم التحذير من هطول أمطار دون الإشارة إلى عواصف محتملة، ومع حلول نشرة المساء ظهر المقدم مايكل فيش (Michael Fish) ليعلن عن استحالة حدوث إعصار في الأيام القادمة، ومع خلود الناس إلى النوم لم تعلن أي محطة تلفاز أو إذاعة عن تحذيرات لقدوم عواصف قوية، مع تقدم ساعات الليل بدأت العاصفة تزداد قوة وتكبر مع مرور الوقت، عندها أدرك علماء الأرصاد ما يحدث ليتم بعدها إطلاق التحذيرات المتأخرة مع الاستعانة بالجيش نظرًا لخطورة الموقف.

التنبؤ بحالة الطقس

محاكاة الطقس التي تجرى بواسطة الحاسب الآلي في أيامنا هذه تستخدم نفس الطريقة المعتمدة في العام 1987، تجرى العمليّة بثلاث خطوات رئيسية: أولها جمع المعلومات من الأجهزة المختصة بحالة الطقس والموجودة على الأرض، وعلى العوامات الطافية، على مياه المحيط والبالونات المرتفعة في السماء، و التي تبقينا على اطلاع بما يحدث في الجو طوال الوقت.

بعد أن يتم جمع البيانات تُدخلُ في أجهزة الحاسب الآلي وتُستخدمُ معادلات رياضية لحساب ردات الفعل المختلفة للهواء والماء تحت ظروف مختلفة، باعتبار هذين العنصرين أحد أهم العوامل المؤثرة في حالة الطقس، يميل الهواء الساخن إلى الارتفاع فوق الهواء البارد حاملًا، معه كمية كبيرة من بخار الماء، ولكن كلما ارتفع الهواء الساخن لأعلى يصبح عرضة للتبريد فتتحول الأبخرة إلى قطرات ماء  لتصبح النتيجة النهائية تكوين الغيوم، تمامًا كما يحصل مع دش الماء الساخن حين تتجمع قطرات الماء على سطح المرآة البارد.

ما يجعل خبراء الأرصاد يخطئون التنبؤ بالطقس هو عدم جمع كمية كافية من البيانات، فمن المستحيل معرفة الجو في كل بقعة من العالم، خصوصًا فوق المحيطات، ليضطروا إلى تخمين  بعض الأرقام و المقرر إدخالها في جهاز الحاسب الآلي، ليقوم بعدها بعمل الحسابات اللازمة، وكل هذا يؤدي لزيادة احتمالية ادخال رقم خاطئ ليتحقق بذلك التنبؤ الخاطئ بشكل كبير وخصوصًا مع ازدياد الوقت وهو مايعرف لدى علماء الأرصاد بالاختلال، وهذا يعني أن زيادة كمية البيانات المجمعة ستضاعف من دقة التنبؤات مع تقليل نسبة الخطأ،  لكن حتى وأن كانت البيانات التي جمعت صحيحة مئة بالمئة قد لا يكون هذا كافيًا للتّنبؤ بالطقس بطريقةٍ سليمة، فقد يحدث خطأ في المعادلة المستعملة لحساب ردات الفعل المحتملة لعناصر الطقس.

تطور الأدوات

هناك تطور ملحوظ في قدرات الأجهزة منذ عام 1987 إلى يومنا هذا، ففي العام 1982 كان بإمكان أجهزة الكمبيوتر حساب 200 مليون عملية حسابية في الثانية الواحدة، ثم تضاعف هذا العدد إلى واحد تريليون في عام 1997، أما عن وقتنا الحالي فبإمكان تلك الأجهزة حساب 14 كوادرليون (أي 14 وبجانبها 15 صفرًا) عملية حسابية في الثانية الواحدة.

هناك تطور من جهة أخرى، تحديدًا في تقنية الأقمار الصناعية وأجهزة الرادار، أما من ناحية كمية البيانات فقد تمت إضافة عوامات أكثر داخل المحيطات، وإذا عدنا لأحد أسباب عدم القدرة على تنبؤ ما حصل في إنجلترا في العام 1987 تنبّؤًا صحيحًا، لوجدنا أنّ السبب هو عدم وجود بيانات كافية من المحيط الأطلسي، ولكن العمل مازال متواصلًا بهذا الشأن خصوصًا مع صعوبة تغطية مساحات كبيرة من ذلك المحيط الهائل وغيره من المحيطات.

الخطأ وارد

المحصلة النهائية لكل هذا التقدم هو في عدم وجود تنبؤ صحيح للطقس بشكل كامل، على الرغم من التطور المستمر في المعدات المستعملة، و أجهزة الحاسب الحديثة، إلا أنه ومع اقتراف أيّ خطأٍ مهما كان بسيطًا في أحد أجزاء المعادلة قد يتضخم لتصبح السيطرة عليه أصعب  ومع مرور الوقت تتم إضافة درجات حرارة إضافية أو تقليل من سرعة الرياح الحقيقية.

التقدم التقني رغم ذلك له إيجابياته، فقد أصبح من الصعب أن تباغتنا عاصفة بحجم “العاصفة العظيمة” والتي ضربت إنجلترا قبل ثلاثين عامًا دون التنبؤ بوقوعها، فيصبح بمقدورنا تفادي أضرارها بأقل عدد من الخسائر لكن ستظل منظمات الأرصاد الجوية تردد على مسامعك جملة “ننصح بأخذ مظلتك احتياطًا في حال سقوط بعض الأمطار”.

الوسوم: البيئة . المناخ .

اقرأ المزيد في المستقبل
مقال . المستقبل

هل يمكن للموضة السريعة أن تكون أخلاقية؟

تستنزف شركات الموضة موارد الطبيعة. وبعد سنوات من وعود بتحول إلى موضة خضراء، لم تحرز هذه الشركات تقدمًا ملحوظًا إلا في السنوات الأخيرة.
جنان الهاملي
بودكاست أرباع . المستقبل

هل نحجب الشمس لمواجهة الاحتباس الحراري؟

أعاد مجموعة باحثين من جامعة هارفارد -وبدعمٍ من رجل الأعمال بيل قيتس- فكرة تعتيم الشمس للحد من ارتفاع درجات الحرارة.
سلمى وعمرو
مقال . المستقبل

الحذاء الرياضي في المستقبل

كيف يمكننا أن نخرج بحذاء رياضي صديق للبيئة ويعتمد على جهد العداء ومهارته، ويحافظ على الأرباح الكبيرة التي تحققها مبيعات هذه الأحذية؟
جنان الهاملي
مقال . المستقبل

الآيباد واستراتيجية أبل في تفريخ المطورين الصغار

يدر استثمار أبل في سوق تطوير التطبيقات أرباحًا خيالية، واليوم توجه استراتيجيتها إلى «جيل الآيباد» من طلبة المدارس لمضاعفة أرباحها.
ثمود بن محفوظ
مقال . المستقبل

خوارزم للحُب: متى سنتزوج الروبوتات؟

إنسآلات الجنس قد تمثل أخف الضررين إذا وضعناها في مقابل مشاكل الدعارة والاغتصاب والبيدوفيليا وغلاء المهور والخيانة الزوجية والأمراض السرية.
أشرف فقيه
مقال . المستقبل

هل ستتحقق نبوءة قسطنطين؟

تنبأ قسطنطين بالحداثة الغربية وهي تغرق في وحل زمن الآلة الذي سينتزع من الإنسان إنسانيته ويحكم عليه بالفناء. فهل ستتحقق نبوءة قسطنطين؟
أروى الداوود