كيف تساعدنا الدراما «الفاخرة» على الشعور بالسعادة؟

عندما نشاهد الرواية تُعرض أمامنا على الشاشة فمشاعرنا ليست انعكاسًا حقيقيًا للأحداث، بل للمَشاهد التي تصور لنا الرواية بقالب ترفيهي.

أشعر بسعادة غامرة بعد أن أشاهد حلقة من المسلسل الدرامي الرومانسي (السوري – اللبناني) «الثمن»، الذي يُعرض على منصة «شاهد» ويحقق نسب مشاهدات عالية. وكنت أشعر بهذا عادة بعد مشاهدة حلقة من مسلسل المحاماة الأمريكي الشهير «سوتس» (Suites) الذي عُرض في منطقتنا العربية على منصة نتفلكس ولا يزال يحقق نسب مشاهدات عالية على رغم انتهاء مواسمه منذ عدة سنوات. وحتى عندما تكون أحداث الحلقات محزنة في كلا المسلسلين فإني أشعر بالسعادة عند نهاية كل حلقة!

بعيدًا عن القصة وتفاصيلها أرى أن القاسم المشترك بين المسلسلين أنهما من نوع الدراما «الفاخرة» من حيث مواقع التصوير وأزياء الشخصيات، فمثلًا: في مسلسل «الثمن» البطلة سارة أرملة وأم تبحث عن عمل كي تغطي تكاليف علاج ابنها، وتعيش في منزل أنيق جدًا وليس فيه «غلطة» كما يُقال بالعامية، وترتدي أغلى الملابس وتقتني أجمل المجوهرات، وبعد أن حصلت على الوظيفة لم يتغير مظهرها بل ظلت غنية من حيث المظهر كما كانت!

في كلا المسلسلين تبدو الصورة جميلةً دائمًا: المكاتب جميلة واللوحات معلقة في كل زاوية وكل الرجال شعورهم مرتبة جدًا و«بدلاتهم» تظل بقوامها نفسه من الصباح حتى المساء! حتى السائق أو الموظف البسيط منهم لو شاهدته دون معرفة تفاصيل المسلسل لظننت أنه تاجر أو ابن أحد الأثرياء.

تقول هيلين فيشر عالمة الأنثروبولوجيا البيولوجية التي تدرس الجاذبية في معهد «كينزي»:

إن المنطقة السقفية البطينية اليسرى في الدماغ هي المسؤولة عن ردود الفعل الإيجابية تجاه مظاهر الجمال المختلفة، فعندما ترى عشوائيًا وجهًا جذابًا أو تنظر إلى لوحة جميلة فإن هرمون «الدوبامين» المسؤول عن السعادة يُضخ في جسدك.

هذه العلاقة الطردية بين مشاهدة الجمال والسعادة تُفسر لي لماذا يحرص الممثلون على وضع مساحيق التجميل طوال الوقت، أو إصرارهم على الظهور بأسنان صناعية (ابتسامة هوليوود) وهم يجسدون أدوار فقراء لا يمكنهم تحمّل ثمن هذه الابتسامة الزائفة.

عندما نقرأ رواية حزينة نتخيل الشخصيات في أدمغتنا بطريقة متوافقة مع وضعها الدرامي، لكن عندما نشاهد الرواية تُعرض أمامنا على الشاشة فمشاعرنا ليست انعكاسًا حقيقيًا للأحداث، بل للمَشاهد التي تصور لنا الرواية بقالب ترفيهي في المقام الأول كي نستمر في المُشاهدة. لذلك أعتقد بأنني لو شاهدت مسلسل «الثمن» دون صوت ولا معرفة تفاصيل القصة فسوف يستمر معي شعور السعادة!

الإنسانالسعادةالمسلسلاتالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+80 متابع في آخر 7 أيام