قبل عدة سنوات عملت مع فريق على تصميم منتج رقمي يهدف إلى ترتيب البيانات وتنظيفها، فكنا نطبع البيانات ثم نفرزها ونقوّمها، من ثم نصنفها حسب النوع والفئة. خرجت الفكرة الأولية لهذا المنتج من معاناتي وفريقي من تنفيذ المهمة يدويًا، فحاولنا حلها بطريقة تساعدنا على التوسع في تقديم خدمات بجودة أعلى وكلفة أقل. واليوم يستطيع موظف واحد باستخدام المنتج إنجاز ما كان لزامًا عليَّ أنا وعشرة من زملائي أن نتعاون لننجزه في السابق.
لدي قاعدة تعلمتها عند تصميم أي منتج رقمي، وهي أن أبدأ بمحاولة تصميمه على برنامج «إكسل»، فإذا استطاع «إكسل» حل المشكلة التي تواجهني ففي غالب الظن لا فائدة من تصميم منتج رقمي لحلها. لكن في حال فشل البرنامج، أنتقل عندها إلى الخطوة التالية في تصميم المنتج، وهي تصميم نموذج أولي منخفض الكلفة (MVP) أحاول من خلاله تجربة الحل المقترح.
ما ذكَّرني بتجربة تصميم المنتجات مشاهدتي فلمًا وثائقيًا على يوتيوب حول مشروع يعود إلى ستيف جوبز عُرف باسم «ليزا» (Lisa project). المشروع كان في مطلع الثمانينيات ويهدف إلى بيع أجهزة حاسوب مكتبية للمرة الأولى للمستخدم العادي؛ ففي ذلك الوقت كانت أجهزة الحاسوب مصممة للاستخدام التجاري في الشركات ومراكز الأبحاث ولم تكن متاحة للأفراد كما الحال اليوم.
كان «ليزا» نموذجًا قريبًا جدًا من الحواسيب التي نستخدمها اليوم لكن بفئة سعرية خيالية؛ فالجهاز كان يُباع بنحو عشرة آلاف دولار، وهذا السعر لا تصل إليه حتى أفضل الأجهزة في أيامنا الحالية. إضافة إلى أن شركة «IBM» كانت حاضرة في المنافسة بجهاز قيمته نحو 1,600 دولار، وبمواصفات أفضل.
المثير للاهتمام في قصة أجهزة «ليزا» أنها بعد أن بيعت عبر عقود بالجملة بأسعار مخفضة انتشرت في السوق مدة من الزمن، ولكن مع نهاية الثمانينيات جمعت أبل الأجهزة التي باعتها بفضل بند في عقودها يمكنها من استعادتها، ومِن ثَم حطَّمتها كلها وألقت بها في مكب للنفايات في وادي «يوتا» غربي أمريكا!
ما فعلته أبل كان غريبًا جدًا، والتفسير الوحيد لي هو أنها أرادت طمس فشلها تمامًا وأن تبدأ من جديد في السوق دون أن يتذكر أحد مشروعها الفاشل الغالي الثمن.
الخطأ الذي وقع فيه ستيف جوبز في نظري هو أنه صنع جهازًا بكميات تجارية ومِن ثم كانت الكلفة عالية فبلغت نحو 50 مليون دولار -حسب بعض التقديرات- دون أن يتأكد أولًا من أن منتجه صالح للبيع.
وما حصل مع ستيف جوبز حصل مع كثيرين، إذ تشير الدراسات إلى أن 90% من الشركات الناشئة تفشل، وأعتقد بأن النسبة تزداد إذا نظرنا إلى عدد المنتجات الرقمية الفاشلة. لذلك من المهم أن تكون البداية في تصنيع المنتج الرقمي منخفضة الكلفة وسريعة وبسيطة كي لا تخسر أموالك وتحاول «دفن فضيحتك».
رغم الكلفة الباهظة التي دفعتها أبل، فإنَّ جوهر النجاح في تصميم المنتجات هو التجربة والفشل. وربما لو لم تفشل أبل في «ليزا» (Lisa project) لما كنا نراها اليوم تقود سوق المنتجات الرقمية دون أن تضع نفسها في موقف يضطرها إلى دفن منتجاتها!
مقالات أخرى من نشرة أها!
هل صوت آلتك الذكية ذكوري أم أنثوي؟
إن الطبيعة البشرية عامّةً تفضل الصوت الأنثوي. لكن لو أسقطت هذه النتيجة على التعاملات اليومية، فسوف أجد أنَّها ليست صحيحة دائمًا.
أنس الرتوعياستنسخ الناجح ولا تبتكر الجديد
الغاية من تشابه المنصات الرقمية في ضمان معرفة المستخدم المسبقة بالهيكلة العامة. فحين يدخل منصة جديدة لن يتعب في البحث عن أيقونة التسجيل.
أنس الرتوعيرتّب مكانك خارج التطبيقات
من يحرص على ترتيب مكانه أكثر جدوى في تنظيمه لمشاعره وأفكاره وأعماله. وهذا النوع من التنظيم لا يحتاج إلى تطبيقات إلكترونية خارقة.
أحمد مشرفلا تصنع من أبويك المسنَّين محتوى
آبائنا وأجدادنا المسنين في حالة لا حول لهم ولا قوة فيها للدفاع عن أنفسهم أو رفض تصويرهم أو حتى تذكُّر من هُم من الأساس.
حسن عليالشيف يوتيوب صديقك في المطبخ
أثبت يوتيوب أنه معلّم رائع للطبخ والخَبز، فقد وفّر لي فيديوهات لا نهاية لها، مما جعلني أستغني عن كتبي كالكثير من أقراني.
رويحة عبدالربلماذا نفتقد باث وبي بي إم؟
إنَّ القاسم المشترك بين المنصتين -باث وبلاك بيري مسنجر- هو سماحهما للمستخدمين بتشكيل ثقافة مستترة مغايرة للفضاء العام.
حسين الإسماعيل