تصرخ ابنتي التي تبلغ الرابعة من العمر في وجهي لتفصح عن رغبتها في تشغيل الجهاز اللوحي (الآيباد)، وتصر على قضاء وقتها في مشاهدة حلقة إضافية من مغامرات «ديانا وروما». فأستجمع كل «أونصة» متبقية من قواي الأمومية لأتبع نصائح ألفي كوهن من كتاب «التربية غير المشروطة» (Unconditional Parenting) في عدم انتقاد تصرفها، بل محاولة شرح العواقب المترتبة من مجالسة الجهاز اللوحي مدة طويلة.
أفعل ذلك بنبرة هادئة متفهمة لغضبها، موضحة لها حدود ساعات المشاهدة اليومية؛ لأن انتقاد تصرفات الأبناء، بحسب كوهن، قد يؤدي بهم إلى الاكتئاب أو الإضرار بثقتهم بذاتهم على المدى الطويل.
ويُعرف هذا الأسلوب باسم «التربية اللطيفة» (Gentle parenting)، وهو اتجاه تربوي حديث يركز في محاولة فهم المشاعر الكامنة وراء سلوك الطفل والحوار معه للوصول إلى حل يرغب فيه بدلًا من إجباره عليه. وفي حين يتطلب مني التزام هذا الأسلوب مهارات إقناع طفلة في الرابعة والتزامًا جادًا بتوصيات كوهن، فإنني أشعر بالتقصير في طريقتي في إيصال المعلومة إليها أو القسوة عليها أحيانًا؛ لأني لا أمتلك غالبًا رفاهية الوقت اللازم لتفسير خطورة الأجهزة اللوحية على مهارات التركيز والتواصل عند ابنتي وتأثيرها فيها على مدى السنوات العشر المقبلة.
هنا تعرفت إلى مجتمع «آباء وأمهات تك توك» الذين يستخدمون المنصة كمساحة للتحدث بصراحة عن تجاربهم الأبوية وصراعاتهم مع أبنائهم والحصول على أفضل النصائح من خبراء الأبوة والأمومة. فمثلًا: هذا مقطع تشرح فيه إحدى الأمهات كيفية التغلب على نوبات الغضب بطرح الوسائل التي أجْدَتْها نفعًا مع ابنتها. وهنا مقطع قصير من أم تفسر فيه استعاضتها تقنية الوقت الهادئ بدلًا من الوقت المستقطع للتعامل مع غضب الطفل غير المسوّغ.
وعلى رغم أن النصيحة التي أحصل عليها غالبًا ما تكون اجتهادًا شخصيًا لا أكثر، فإن هذا التواصل الجمعي مع مثيلاتي من الأمهات دفعني إلى بذل قصارى جهدي للبحث عن الأسلوب الذي يلائمني ويلائم ظروف ابنتي. فإن لم تنفع «التربية اللطيفة» فهناك مزيد من الاتجاهات الأخرى التي قد تتماشى مع ابنتي لأطبقها أو العكس لأتجاهلها.
على سبيل المثال: هناك طريقة تدعى «التربية الحرة» (free-range parenting)، وتشرح في هذا المقطع إحدى الأمهات أن أفضل حل لتطوير الطفل هو تركه يلعب خارج المنزل ليستكشف الطبيعة ويتعلم كيف يتكيف معها بلا تدخل مباشر من الأهل. هذا الأسلوب يبدو كحبكة فلم رعب لي، لكنه قد يناسب غيري.
لا أزعم أني ملتزمة بـ«التربية اللطيفة» 100%، فلا أزال أستخدم أساليب المكافأة والعقاب التقليدية التي تربيت عليها، لكني أعلم أن التربية عمل شاق ويتطلب كثيرًا من العمل. لذلك أجدني أنا وغيري من الآباء والأمهات في حالة عدم رضا وبحث مستمر عن أفضل الطرائق المجربة بالتربية الحديثة، ولو كانت عبر «مجموعات تك توك».
ومما تعلمته خلال مشاهدة مئات الفيديوهات أنه لا طريقة واحدة مثالية للتربية، ولا بأس من استكشاف الجديد والتعلم من الآخرين. لكن الأهم اختيارُ الأسلوب الذي يناسبك ويناسب طفلك وشخصيته وظروفه؛ لأن ما يناسب طفلًا يعيش في ضواحي الولايات المتحدة قد لا يناسب بالضرورة طفلًا عربيًا يعيش في مدينة كبيرة.
مقالات أخرى من نشرة أها!
ومتى نُضْرِب نحن المشاهدون ضد نتفلكس؟
اللغة الوحيدة التي تفهمها هذه المنصات لغة «عدد المشتركين»، وإضرابنا بعدم المشاهدة وتجديد الاشتراك يوجعهم.
سحر الهاشميمستقبل الجنس البشري
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتصنيع روبوتات تحاكي طبيعة الإنسان، تصبح ممارسة الجنس مع الآلة والوقوع في حبها احتمالاً لا يمكن تجاهله.
أشرف فقيهزمن العطالة الروبوتية
تنبئنا الأخبار بحلول الروبوتات في الكثير من الوظائف، ما يهدد بمستقبل تحكمه البطالة البشرية. لكن كيف سيستفيد السوق من اختفائنا كمستهلكين؟
أشرف فقيهالتدوين علاجك للتصالح مع الذات
القيمة الأكبر للتدوين هي في تمكين المدوّن على التبصّر وفَهم ذاته، وتفسير مواقفه بوضوح، وخاصة ما يتعلق بفهم الأحاسيس والمشاعر.
حسين الضوالموظف غير المدخّن يستحق إجازة أطول
اعترف صديقي أنه لم يبدأ رحلته في التدخين إلا حين صار موظفًا، إذ منحته السجائر في المقام الأول فرصةً للتعرف على الناس في بيئة جديدة.
حسين الإسماعيلكيف تتفوق على المنتجات الرائدة بضربة واحدة
إذا أردت منافسة منتج رقمي مكتسح السوق فيجب عليك أن تنافسه في مزيّته الأساسية، فإذا غلبتَه فيها فلن يصعب عليك التفوّق على بقية المزايا.
أنس الرتوعي