أنا أهتم بمظهري، وحريصٌ على اختيار أفضل أنواع الأقمشة لثيابي وشراء «أشمغة» ذات نوعية ممتازة، وأضع في مكتبي عطرًا وفرشاة شعر، ولديَّ أقلام فاخرة نسبيًا وحقيبة جميلة للعمل والاجتماعات المهمة. وعندما قررت شراء سيارة جديدة راعيتُ أن يكون الاختيار ملائمًا وضعي المهني والاجتماعي.
مع هذا، فاجأتني تغريدة رائجة في تويتر تحثُّ الموظفين الجدد على أخذ قرض وشراء سيارة فاخرة في بداية مسيرتهم المهنية بحجة أنَّ المظهر أحد المؤهلات التي تستحق الاستثمار فيها مثلها مثل التعليم. ذكّرتني هذه التغريدة بالفلم المصري «أنا لا أكذب، ولكني أتجمل».
يحكي الفلم قصة الطالب الجامعي إبراهيم (أحمد زكي) الذي يسكن في المقابر (التُرَب باللهجة المصرية) الذي أحب خيريَّة (آثار الحكيم) ابنة الأديب رفيق حمدي التي تسكن حي المهندسين الراقي بالقاهرة.
كان الشاب إبراهيم يهتم بمظهره بشكل خاص لدى ذهابه للجامعة؛ وهذا ما أوحى لزملائه أنه من عائلة أرستقراطية وثرية، ومع الأيام وقع في حب «خيرية» وعاش معها قصة حب جميلة إلى أن صُدِمت هي وعائلتها بحقيقته التي لم يظهرها لهم.
التأثير الذي تركه حُسْن اهتمام إبراهيم بمظهره يُسمَّى «تأثير الهالة» (Halo Effect). أي أنَّ لدى تصنيف شخص بأنه يتمتع بأناقة المظهر فإننا نميل أيضًا إلى الاعتقاد بأنَّ لديه صفات شخصية إيجابية وأنهم أشدّ ذكاءً. ويقول عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك «يقوّمُ الناسُ الأفرادَ الذين يتمتعون بجاذبية المظهر تقييمًا عاليًا في صفاتهم الأخرى حتى دون أن يتحدثوا إليهم».
ولا يؤثر الاهتمام بالمظهر الخارجي في ثقة الإنسان بنفسه فحسب، بل يؤثر بشكل مباشر في دخله المالي. ففي عدة دراسات متفرقة وجد الباحثون أن الأشخاص الأطول قامةً والأقل وزنًا وأصحاب الجسم الرياضي يتقاضون بالمجمل رواتب أعلى من نظرائهم قصار القامة أو أصحاب الوزن الزائد. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة «ييل» أنَّ الأشخاص الأكثر جاذبية يحصلون على رواتب أعلى بنحو 5% من زملائهم الأقل جاذبية.
ويتضح «تأثير الهالة» أيضًا في ثقتنا في مشاهير مواقع التواصل وما يعلنون عنه. فنحن نرى المظهر الخارجي للمشهور فيعجبنا، ويؤدي ذلك إلى أن نفترض بغير وعي أنه أمين وصادق على رغم أننا لا نملك أي دليل على ذلك.
عودةً إلى «النصيحة المهنيَّة» في التغريدة الرائجة، لا أحد ينكر أنَّ الاهتمام بأناقة مظهرك ولياقتك الجسدية عاملٌ من العوامل المؤثرة في التقييم الوظيفي. لكن لا يعني هذا أن تعتمد على المظاهر «الكاذبة» مثل اقتناء السيارة الفاخرة والعلامات التجارية الباهظة التي تثقل عليك ماديًّا فقط لكي تعكس عن نفسك حقيقة أخرى تخالف الواقع، وتظهر بصورة أجمل.
في نهاية قصة إبراهيم، تقول له خيرية: «إن الحقيقة أقوى من التجميل». فيرد عليها: «أنا لم أكذب بمزاجي لكن المجتمع أجبرني على ذلك».
مقالات أخرى من نشرة أها!
لماذا نحتاج إلى بعض الأوهام؟
تمسُّكنا بالأوهام شكلٌ من أشكال استحضار الصبر. نتدرب من خلاله على الإمساك بالطرق الطويلة التي توصلنا إلى نتائج غير متوقعة.
أحمد مشرفأعترف، أحب المواعيد النهائية
تذكّر أنَّ المواعيد النهائية حليفتك، وليست ذلك الوجه المتجهم الذي يراقبك وسيظل يراقبك إلى أن تنجز عملك.
ياسمين عبداللهنازيّون بطبعنا!
اللاجئون والمشردون الذين حرمتهم الحروب من حياتهم، لم يشاركوا في قرار الحرب، لا يريدونها ولا يتمنونها، لكنهم وحدهم من يدفع ثمنها.
عبدالله المزهرلماذا يتعاطف الذكوري العربي مع أندرو تيت؟
هل يعي الذكوري العربي الذي يبتهج بإهانة امرأة في العالم الافتراضي، أنه يشجع على أذاها واغتصابها وقتلها في العالم الواقعي؟
ياسمين عبداللهمقاطع «الريلز» لا تغيّر شيئًا
ما تدعونا إليه مقاطع «الریلز» من اعتزال ما یؤذینا، والسعي نحو الثراء السريع، هي نصائح مثيرة؛ إلا إنها، على أرض الواقع، لا تغير شیئًا.
أحمد مشرفأين العقول المبتكرة؟
تخيل فقط لأنّك في روسيا، حُرمت البلاي ستيشن وتعطّلت تطبيقات دفعك بأبل باي! لهذا نحتاج إلى مستثمرين كإيلون ماسك يجد لنا العقول المبتكرة.
تركي القحطاني