حين أدرك توم وامسقانقس في مسلسل «سكسشن» (Succession) أنَّ قهوته «الدوبل شوت» ليست موجودة على مكتبه في انتظاره لكي تبقيه متيقظًا بعد ليلة من الأرق وتشحذ تركيزه في أهم يوم في مساره المهني، دخل في نوبة انهيار مضحكة تنتهي بافتراضه انقراض العالم نتيجة فشل معاونه في إحضار قهوته.
في مسلسل «ذ كوينز قامبيت» (The Queen’s Gambit) ترافق القهوة أبطال العمل بصفتها المشروب الذي يبقي لاعبي الشطرنج متيقظين في أثناء المعركة العقلية. وفي «فريندز» تعمل ريتشل نادلة تحضِّر القهوة في مقهى «سنترال بيرك»، وتستلم راتبها الأول ببالغ الحماس لتذوق طعم الاستقلالية والاعتماد على النفس لأول مرة في حياتها.
هذه نماذج من نماذج كثيرة على كيفية استغلال القهوة في الدراما وتوظيفها لتمثيل مجموعة متنوعة من العناصر مثل القوة والتأثير والأمل والمرونة والتغيير، وثمة حقيقة في تلك الصورة.
ففنجان القهوة يرفع مستويات الطاقة، ويُحسِّن المزاج عبر «الكافيين» الذي يخدع الدماغ ويصده عن إشعار الجسد بالتعب من خلال منع مستقبلات «الأدينوزين» المسؤولة عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، فيظن الجسد أنَّ لديه مزيدًا من الطاقة أكثر من المعدل الطبيعي.
كما أن وجود «الكافيين» يفرز «الأدرينالين» المسؤول عن منح الشعور المكثف بالطاقة والإفراط في العمل والحماسة الزائدة، مما يؤدي إلى زيادة العبء على موارد الجسد وإجهاده بشكل مضاعف، مؤثرًا في إيقاعات الساعة البيولوجية الطبيعية وجودة النوم.
ولأننا نعيش في مجتمع لم يعد يتطلب الإنتاجية خلال ساعات عمل معينة فحسب، بل أحيانًا كثيرة خارجها، أصبح هناك طلب عالٍ للإنتاجية في جميع الأوقات. وبدل أن تصبح القهوة مفتاح بدء اليوم، تحوَّلت إلى ضرورة لإكمال النهارات والليالي الصعبة.
لهذا السبب نحن محاطون بالقهوة في كل زاوية بالشارع، والطوابير التي تطلب القهوة في فترة ما بعد الظهر لا تقل عن حجم الطوابير التي تطلبها في الصباح لإنهاء اليوم على خير. هذا عدا احتمالية أن يكون لدى الشخص جهاز صنع قهوة في مكان عمله أو في المنزل ليكون جاهزًا لصنع قهوة سريعة ولو في وقت انقطاع الكهرباء.
يقال إن الكاتب الفرنسي أونوريه دي بلزاك استهلك ما يعادل خمسين «كوبًا» من القهوة يوميًا في ذروته، لكنه لم يكن يشربها فحسب، بل كان يسحق حبوب البن ويحولها إلى غبار ناعم ويتناول المسحوق الجاف بمعدة فارغة، ووصف النهج بأنه «وحشي» ولا يجرؤ عليه إلا رجال «يتمتعون بالجرأة الحقيقية».
لم نصل بعد إلى مرحلة هوس بلزاك بالقهوة وأساليبه القاسية، لكن لا ننكر ارتباطها في اللاوعي لدينا بمدى إنتاجية المرء وسلطته، وقدرتنا على «طحن» المهام وتطبيق الإستراتيجيات والوصول إلى أعلى المناصب بكوب قهوة، حتى إن كنّا سنعاني في النهاية من الأرق المتواصل والقلق الليلي مثل توم وامسقانقس.
مقالات أخرى من نشرة أها!
«بي دي إف» أو بيدوفة؟
اقترحت إيمان عليّ تناول فكرة تعريب المصطلحات الأجنبية، بعد وقوعها على تغريدة تدعو لتعريب لفظة «بي دي إف» إلى «بيدوفة».
حسين الإسماعيلاقتلني ولا تسبّني
قد تكون هذه القوانين سلاحًا ذا حدين (أو أكثر). فقد تستخدم من أجل تكميم الأفواه وصد محاولات نقد أي من الشخصيات المشهورة أو الشركات.
ثمود بن محفوظمن أين تأخذ أخبارك؟
كان الوعد الإنترنتيّ الأول بضمان معرفتنا الأخبار من مصادر متعددة والتأكد من مصداقيتها. لكن حرَّاس بوابة الأخبار الجدد نقضوا الوعد.
مازن العتيبيكيف جرَّدتنا القبة الضوئية من السماء ذات النجوم
نحن نعيش في غفلة من التلوث البطيء الذي يلتهم سماءنا، ويهددنا بخسارة تأملها في سكينة، والذي كنا نحظى به قبل سطوة القبة الضوئية.
ياسمين عبداللهالحياة القصيرة السريعة
مع ازدياد انغماسنا في الشبكات الاجتماعية تمر علينا الحياة القصيرة بسرعة، نكاد معها نفوت فرصة منح وقتنا لمن نحب وما نريد أن نحقق.
عبدالرحمن أبومالحعش رحلتك بعيدًا عن الاكتظاظ السياحي!
إذا وجدتَ معلمًا جميلًا لم تصله رؤوس السيّاح بعد فإياك تشاركه في مقاطع الترشيحات، حتى يتسنى لك الاستمتاع به مرة أخرى بعيدًا عن الزحمة!
محمود عصام