محمد عبده يربح كل مرة يغني «بيلا تشاو»

ومن يعلم؟ قد تكون ثقافة إعادة مزج الإبداعات هي التوجه المقبل في عالم منصات الموسيقا، وحينها لن يستنكرها أحد.

في ظني أن ما حدَث يشبه «أحلام نومة العصر» يومَ وجدتُ مقطعًا غنائيًا لأريانا قراندي وهي تغني لطلال مداح «لالا يالخيزرانة» عبر تك توك من حساب اسمه «ناني ai». يقدم الحساب خليطًا من الأغاني الهجينة، نصفها لمطربين عرب يغني بعضهم أغاني بعض، أو مغنين أجانب لا يتحدثون العربية ويغنون لمطربين عرب. يطربك كانيه ويست وهو يصدح بالفلكلور الجنوبي بأغنية «ضامني البرد» ومحمد عبده يغني «بيلا تشاو».

 طبعًا لم أجرؤ على مشاركة الأغاني مع أحد حتى لا يساء الظن بذوقي الفني ويقال إني فقدت قدرتي على انتقاء ما أسمع، لكن معظم الإنتاجات الموسيقية التي تنتجها «ناني» تبدو وليدة عالم موازٍ تغني فيه أحلام أغنية ويتني هيوستن «آي هاف نثنق» (I have Nothing)، وتعود فيه الراحلة ذكرى إلى الحياة بأغنية لأصالة نصري.

وفي حين تشكِّل عودة ذكرى صدمة للبعض ممن يرى فيه تجاوزًا لخطٍ أخلاقي، غير أنَّ الأمر شبيه بما فعله المغني والكاتب الموسيقي بول مكارتني. إذ يحاول المغني الشهير إعادة إحياء زميله جون لينون عبر تلقين أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي صوت لينون من شريط كاسيت سجّله قبل وقت قصير من مقتله عام 1980.

قد يشفع لمكارتني كونه مبدعًا موسيقيًّا مخضرمًا، لكنْ يستطيع اليوم أي هاوٍ الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي ليكتب أغنية ويوزعها ويركِّب مقاطع متعددة عليها بأصوات مزيفة لمشاهير. إذ يجد كاتب الأغاني والملحن الهاوي في الذكاء الاصطناعي الوسيلة إلى لفت الانتباه في منصات شهيرة، ولن يهمه إنْ انتهى الحال بالمقطع الغنائي إلى الحذف. 

مثال على ذلك أغنية «هارت أون ماي سليف» (Heart on My Sleeve) التي قدمت دويتو غنائيًا بين «دريك» و«ذا ويكند» باستخدام أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وجمعت الأغنية عدد استماعات يكفي لأن تتصدر لائحة أكثر الأغاني استماعًا على جميع منصات البث، لكن سارعت سبوتيفاي إلى منع تداولها بعدما أجبرتها شركة التسجيلات «يونيفرسال ميوزيك قروب» على إزالة الأغنية لانتهاكها الحقوق الفكرية والنشر لأغانٍ «بشرية» قائمة. 

على المدى القريب، لا يبدو أن شركات التسجيلات والمحاكم ستسمح للناس بنشر إنتاجات الذكاء الاصطناعي الموسيقية علنًا، وثمة جدلٌ قائم حول حظر قاطع لجميع إنتاجات الذكاء الاصطناعي الموسيقية بحجة حماية الفن الأصيل. 

لكن مع غلبة هذه النوعية من الإنتاجات وسهولتها وسرعة انتشارها، لعل أحد الحلول التي سنراها مستقبلًا أن ترخِّص منصات البث استخدام الذكاء الاصطناعي لهذا الغرض. فتتمكن سبوتيفاي أو أنغامي مثلًا من إعطاء المستخدم خيار تطبيق أغنيته المفضلة على صوت الفنان الذي يختاره، بشرط أن يتشارك الفنان الأصلي والفنان المستعار العوائد المالية من تحميل الأغنية والاستماع إليها.

ليس أبدًا بالأمر المستبعد، فهذا ما فعلته المغنية الأمريكية قرايمز لمّا سمحت باستخدام بصْمتها الصوتية في تطبيق ذكاء اصطناعي من رعايتها، لقاء نسبة 50% من أرباح أي أغنية توافق عليها.

الأصالة الموسيقية البشرية حاليًّا في أمانٍ نسبيّ. فالذين يُنتجون الأغاني المهجَّنة مثل «ناني ai» غالبًا يفعلون ذلك لأن عملية إنتاج الموسيقى عبر الذكاء الاصطناعي ممُتعة بحد ذاتها، وتعبِّر عن إبداعهم في اختراع منظور آخر لأغنية معروفة مُسبقًا.

ومن يعلم؟ قد تكون ثقافة إعادة مزج الإبداعات هي التوجه المقبل في عالم منصات الموسيقا، وحينها لن يستنكرها أحد، أوَّلهم الفنانون البشر وشركات الإنتاج. 

الأغانيالذكاء الاصطناعيالمستقبلالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+610 مشترك في آخر 7 أيام