كل مرة تسأل «جي بي تي» أنت تحرق البيئة

تعريضنا البيئة للحرق لأجل طرح سؤال سخيف على شات جي بي تي يعني أننا حوّلنا الذكاء الاصطناعي من أداة تخفض البصمة الكربونية إلى أداة ترفعها.

الذكاء الاصطناعي والبيئة / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
30 مايو، 2023

أعترف أنَّ كل محاولاتي في تقبُّل توغُّل «جي بي تي» في حياتي المهنيَّة باءت بالفشل، لأصبح بذلك الثلاثينية المتعصّبة وعدوة التطور في كل اجتماع عمل ومناقشة مع الصديقات. لذا قررت الاستعانة بالعلم لأفسِّر قلقي من الذكاء الاصطناعي، واكتشفت أننا، نحن البشر، لسنا الوحيدين المعرضين للخطر على يد الذكاء الاصطناعي، بل البيئة أيضًا.

لأكون منصفة، الذكاء الاصطناعي ليس أبدًا بالشرير فيما يخص المجال البيئي. فهو أداة فعّالة في الوقاية من الظواهر المناخية، إذ يمكن الاعتماد على قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة في جمع قواعد ضخمة من البيانات وتحليلها في رصد التفاعلات بين الظواهر المناخية وتتبع انتشارها بمساعدة الخوارزميات. وبفضله يتسنَّى إطلاق إنذار مبكر يساعد على تلافيها، أو أضعف الإيمان تقليل الأضرار الناتجة منها، مثل حرائق الغابات والجفاف والمشكلات البيئية الناتجة من الأنشطة البشرية. وتركيا مثلًا من الدول التي تستعين بالذكاء الاصطناعي لتلافي أخطار حرائق الغابات. 

وحاليًّا، مع توجُّه الشركات نحو التقليل من «بصمتها الكربونية» تحت ضغط التشريعات الرقابية المتزايدة تجاه التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أضحى الذكاء الاصطناعي الأداة الأولى لتحقيق هذا الهدف. والفضل يعود أيضًا إلى قدرته الخارقة على جمع البيانات وقياس الانبعاثات على أدق مستوى، وهذا يؤدي إلى خفض «البصمة الكربونية» للشركة بنسبة 5% إلى 10%، أي ما يعادل 2.6 قيقا طن إلى 5.3 قيقا طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

لكن مفترق الطرق الذي تحوَّل فيه الذكاء الاصطناعي إلى سلاح محتمل ضد البيئة كان حين وقع أداةً في يدك تلهو بها. 

يعطينا الذكاء الاصطناعي هذه النتائج الخارقة التي تبهرنا بالطاقة التي يستهلكها في عمليات الحوسبة السحابية، من خلال اعتماده على آلاف الرقائق الإلكترونية في مراكز الخوادم المنتشرة حول العالم، وهي تفوق الطاقة المستهلكة في أي عمليات حوسبية أخرى. 

فتدريب أداة ذكاء اصطناعي «عادية» للتعرف إلى الصور ينتج «بصمة كربونية» تعادل بصمة طائرة تحلق من ساحل الولايات المتحدة الغربي إلى الساحل الشرقي. وتدريب أداة ذكاء اصطناعي «متطورة» للتعرف إلى الصور يعادل في انبعاثاته الكربونية خمسة أضعاف دورة حياة سيارة مع مرحلة تصنيعها. وفق التقديرات، يستهلك تدريب نموذج ذكاء اصطناعي توليدي في قوقل ومايكروسوفت و«أوبن إيه آي» طاقة كهربائية تفوق ما يستهلكه 100 منزل في الولايات المتحدة على مر عام. 

هذه الأرقام يمكن تقبُّلها إذا كانت العمليات جديَّة وتتعلَّق بتطوير الصحة والبيئة والتعليم، لكن تعريضنا البيئة لهذا «الحرق» في كل جزء من الثانية فقط لأجل طرح سؤال سخيف من بين ملايين الأسئلة السخيفة على «شات جي بي تي» يعني أننا حوَّلنا الذكاء الاصطناعي من أداة يفترض بها خفض «البصمة الكربونية» إلى أداة ترفعها. ولهذا علينا النظر بجدية في ممارسة حياتنا الشخصية والعملية بأقل قدر ممكن من الذكاء الاصطناعي.

وهذه حجتي في لقائي المقبل متى تحدثنا عن «جي بي تي» ومخاطر استخدامه. 


مقالات أخرى من نشرة أها!
14 سبتمبر، 2023

كيف سنعيش في قرية إيلون مسك بلا حظر؟

زر الحظر حق كل مستخدم ضمن مساحته الافتراضية، وفي حال طبق مسك رغبته بإزالة الخاصية ستكون السلامة النفسية لأي فرد في المنصة مهددة بالانتهاك.

سحر الهاشمي
20 يوليو، 2022

هل شعرت بلسعة التضخم؟

صحيح، لدينا تضخم، وربما تشعر في بداية الأمر أنَّ الرقم -المنخفض نسبيًّا مقارنة بالتضخم الأوربي والأميركي- غير متسق مع ما تراه في يومك.

تركي القحطاني
23 ديسمبر، 2021

علِّمني لغة في ثلاثين يومًا

تعدنا تطبيقات تعليم اللغات بتعلُّم لغة ثانية في فترة قصيرة، بسهولة وسعرٍ رخيص. لكن ثمة عنصر أساسي تفتقد إليه تلك التطبيقات.

رويحة عبدالرب
6 يوليو، 2023

كيف جرَّدتنا القبة الضوئية من السماء ذات النجوم

نحن نعيش في غفلة من التلوث البطيء الذي يلتهم سماءنا، ويهددنا بخسارة تأملها في سكينة، والذي كنا نحظى به قبل سطوة القبة الضوئية.

ياسمين عبدالله
15 مايو، 2022

أبل باي تحرمك «الكنسلة»

يكمن سر تميّز أبل باي في توفيرها ميزتيْ الأمان والسرعة في آن واحد. فهل كنت تتخيل خروجك من المنزل دون حملك النقود أو بطاقة بلاستيكية للدفع؟ 

تركي القحطاني
21 يوليو، 2022

البحث عن صديق في زمن التواصل الاجتماعي

في زمن يدفعنا للبحث عن متابعين أكثر من الأصدقاء، ربما يجدر بنا أولًا معرفة الحاجة لكِلا الاثنين ودورهما في حياتنا.

أحمد مشرف