كل مرة تسأل «جي بي تي» أنت تحرق البيئة

تعريضنا البيئة للحرق لأجل طرح سؤال سخيف على تشات جي بي تي يعني أننا حوّلنا الذكاء الاصطناعي من أداة تخفض البصمة الكربونية إلى أداة ترفعها.

الذكاء الاصطناعي والبيئة
الذكاء الاصطناعي والبيئة

أعترف أنَّ كل محاولاتي في تقبُّل توغُّل «جي بي تي» في حياتي المهنيَّة باءت بالفشل، لأصبح بذلك الثلاثينية المتعصّبة وعدوة التطور في كل اجتماع عمل ومناقشة مع الصديقات. لذا قررت الاستعانة بالعلم لأفسِّر قلقي من الذكاء الاصطناعي، واكتشفت أننا، نحن البشر، لسنا الوحيدين المعرضين للخطر على يد الذكاء الاصطناعي، بل البيئة أيضًا.

فوائد الذكاء الاصطناعي في المحافظة على البيئة

لأكون منصفة، الذكاء الاصطناعي ليس أبدًا بالشرير فيما يخص المجال البيئي. فهو أداة فعّالة في الوقاية من الظواهر المناخية، إذ يمكن الاعتماد على قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة في جمع قواعد ضخمة من البيانات وتحليلها في رصد التفاعلات بين الظواهر المناخية وتتبع انتشارها بمساعدة الخوارزميات. وبفضله يتسنَّى إطلاق إنذار مبكر يساعد على تلافيها، أو أضعف الإيمان تقليل الأضرار الناتجة منها، مثل حرائق الغابات والجفاف والمشكلات البيئية الناتجة من الأنشطة البشرية. وتركيا مثلًا من الدول التي تستعين بالذكاء الاصطناعي لتلافي أخطار حرائق الغابات. 

وحاليًّا، مع توجُّه الشركات نحو التقليل من «بصمتها الكربونية» تحت ضغط التشريعات الرقابية المتزايدة تجاه التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أضحى الذكاء الاصطناعي الأداة الأولى لتحقيق هذا الهدف. والفضل يعود أيضًا إلى قدرته الخارقة على جمع البيانات وقياس الانبعاثات على أدق مستوى، وهذا يؤدي إلى خفض «البصمة الكربونية» للشركة بنسبة 5% إلى 10%، أي ما يعادل 2.6 قيقا طن إلى 5.3 قيقا طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

لكن مفترق الطرق الذي تحوَّل فيه الذكاء الاصطناعي إلى سلاح محتمل ضد البيئة كان حين وقع أداةً في يدك تلهو بها. 

يعطينا الذكاء الاصطناعي هذه النتائج الخارقة التي تبهرنا بالطاقة التي يستهلكها في عمليات الحوسبة السحابية، من خلال اعتماده على آلاف الرقائق الإلكترونية في مراكز الخوادم المنتشرة حول العالم، وهي تفوق الطاقة المستهلكة في أي عمليات حوسبية أخرى. 

فتدريب أداة ذكاء اصطناعي «عادية» للتعرف إلى الصور ينتج «بصمة كربونية» تعادل بصمة طائرة تحلق من ساحل الولايات المتحدة الغربي إلى الساحل الشرقي. وتدريب أداة ذكاء اصطناعي «متطورة» للتعرف إلى الصور يعادل في انبعاثاته الكربونية خمسة أضعاف دورة حياة سيارة مع مرحلة تصنيعها. وفق التقديرات، يستهلك تدريب نموذج ذكاء اصطناعي توليدي في قوقل ومايكروسوفت و«أوبن إيه آي» طاقة كهربائية تفوق ما يستهلكه 100 منزل في الولايات المتحدة على مر عام. 

هذه الأرقام يمكن تقبُّلها إذا كانت العمليات جديَّة وتتعلَّق بتطوير الصحة والبيئة والتعليم، لكن تعريضنا البيئة لهذا «الحرق» في كل جزء من الثانية فقط لأجل طرح سؤال سخيف من بين ملايين الأسئلة السخيفة على «شات جي بي تي» يعني أننا حوَّلنا الذكاء الاصطناعي من أداة يفترض بها خفض «البصمة الكربونية» إلى أداة ترفعها. ولهذا علينا النظر بجدية في ممارسة حياتنا الشخصية والعملية بأقل قدر ممكن من الذكاء الاصطناعي.

وهذه حجتي في لقائي المقبل متى تحدثنا عن «جي بي تي» ومخاطر استخدامه. 

البيئةالذكاء الاصطناعيالطاقةالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+420 متابع في آخر 7 أيام