بدأ التدوين معي منذ طفولتي. كان الأمر لا يتعدى كتابة حديث نفس قصير على دفتري الخاص يحمل انطباعي عن الدرس بعد انتهاء كل حصة مدرسية، وأنهيه بكتابة مهماتي المتعلقة بالمادة.
تلك العادة ظلت ترافقني إلى اليوم، إذ لا أزال أدوّن حديث نفسي وأختمه بشرح المهمات التي تنتظرني وكتابة أفكاري عنها بالكامل، ثم أنقلها في صورة عبارات مقتضبة في تطبيق «نوشن» (Notion) المفضل لدي. فإلى جانب اهتمام التطبيق بوجود قوائم للقراءة والتدوين الشخصي، يمنحني إمكانية استخدام لوحة خاصة بكل قائمة.
وها أنا أنتظر يونيو على أحر من الجمر بعد تسريب تقرير عن اعتزام أبل إطلاق تطبيق تدوين يومي خارق في مؤتمرها العالمي للمطورين.
يفيد التقرير المسرَّب أنَّ «أبل» أطلقت على التطبيق لقب «جوراسيك» (Jurassic) وأنه مُعد للعمل مع أجهزة الآيفون التي ستحمل نسخة (iOS 17). يتمتع التطبيق بالمزايا الأساسية لتطبيقات التدوين الأخرى، لكنه يتميز عنها بقدرته الخارقة على جمع بياناتك وتحليلها. إذ سيرتبط «جوراسيك» ببقية تطبيقات أبل الخاصة بالرسائل النصية والصحة وتحديد الموقع الجغرافي والمكالمات والتقويم، كما سيرتبط أيضًا ببيانات «ساعة أبل».
هذا الارتباط سيساعد التطبيق على رسم صورة يومك العادي من خلال تحليل عاداتك وسلوكياتك اليومية، ومن ثم تقديم اقتراحات سريعة في دفتر التدوين. سينبهك إن تجاوزت الساعات المعتادة لبقائك في البيت. سيقترح عليك الموعد الأنسب لممارسة تمرينك الرياضي في النادي مع جدول تمارينك. سيقترح عليك مَن مِن أصحابك ومعارفك تخرج معه نهاية الأسبوع. وسيقترح عليك الموضوع الذي تحتاج إلى التدوين عنه اليوم من خلال معطياتك.
تعي أبل أنَّ التدوين اليومي أداة تعزز الرفاهية العقلية والجسدية للشخص، فهذا ما ذُكِر في التقرير الذي يصف التطبيق ضمن استراتيجية استثمارها في قطاع الرعاية الصحية. فالتدوين مواجهة ذاتية لفهم أنفسنا والتصالح معها، وبتخفيفه من مشاعرنا السلبية يساعدنا على حل مشكلاتنا من خلال تفريغ أفكارنا وعواطفنا لنراها واضحة بتجرد وأمان، فنعرف أسبابها ونعمل على حلها. فخمس جلسات تدوين -تُراوح مدة الواحدة منها بين خمس عشرة وعشرين دقيقة- قد تساعدنا على تخطي كثير من المواقف المؤلمة.
هذا التطبيق، كما تتصوَّره أبل، سيكون أشبه بكاتم سرّي ومُحللي الشخصي لسلوكياتي وأفكاري. بوسعي أن أتخيل وأنا أدوّن أيامي فيه يؤشر لي «👍🏻» دلالةً على جودة يومي وصدق ما أكتبه بناءً على ما التقطته استطلاعاته الاستخباراتية عني ومن ساعتي وتطبيقاتي، فـ«جيوراسيك حاططني في دماغه» و«يراقبني» وقد يتدخل في صنع قراراتي، لكني لست خائفة مما سيعرفه عني، إذ هل تتخيَّل مدى روعة أن تحادث نفسك وتجيبك 😇.
مقالات أخرى من نشرة أها!
قتلني غياب الرصيف
غياب الرصيف عن مدننا لم يكن هجومًا على صحتنا البدنية والنفسية فقط، وإنما هجومًا يفتك بعلاقة الفرد بأرضه وطبيعتها، وبنسيج مجتمعنا.
حسين الضورصيدي البنكي يحوّلني للقراءة الإلكترو-ورقيّة
أنا نشأت على الطريقة التقليدية في التعلُّم الورقيّ، ولم تفلح محاولاتي في إقناع دماغي بأنَّ القراءة من على الشاشة ليست مؤقتة وسريعة.
حسين الإسماعيلالذكاء الاصطناعي لم يولد على الفطرة
قررت أن أجرب بنفسي ضمير الذكاء الاصطناعي، وطلبت منه كتابة قصائد عن بعض السياسيين الذين نعرف موقف الحكومة الأمريكية منهم.
ثمود بن محفوظالتجلي لا يحقق الأمنيات
لا أُنكر أن بعض مفاهيم تطوير الذات فعّالة، مثل تغيير عاداتنا للأفضل. لكن ذلك لا يعني أن مجرد تفكّري في سيارة سيجعلها تتجلَّى.
رويحة عبدالربالحياة القصيرة السريعة
مع ازدياد انغماسنا في الشبكات الاجتماعية تمر علينا الحياة القصيرة بسرعة، نكاد معها نفوت فرصة منح وقتنا لمن نحب وما نريد أن نحقق.
عبدالرحمن أبومالحسناب شات تصنع مستقبلي
نقطةٌ حمراء صغيرة على مبوبة الذكريات في سناب شات كفيلةٌ بإثارة اهتمامنا وتهييج نوستالجيّاتنا: أين كنا في مثل هذا اليوم قبل عام؟
حسين الإسماعيل