بعد مرور الثلث الأول من موسم الدراما الرمضانية، لفتتني صياغة تغريدة متداولة، يعترف فيها صاحبها بأنه ينتمي إلى نادي متابعي مسلسل «جعفر العمدة» في السر!
من المفهوم أن يكون للعمل الجيد جماهير تتابعه وتترقّب حلقاته؛ لأن القصة ماتعة وأجواء العمل حماسية للمشاهِد. لكن الأمر لم يعد مقصورًا على الجودة كعنصر جاذب للجماهير، إذ بات هناك مشاهدون يتعمدون البحث عن العمل الرديء ومتابعته حتى الحلقة الثلاثين.
وأعترف بأنني واحدة من أولئك الأشخاص الذين يشكل الضعف الدرامي عاملًا أساسيًّا ودافعًا قويًّا لهم لاختيار عمل سيئ في سباق الموسم الرمضاني والتزام متابعته. وكلما قلّت جودة العمل وكان مستفزًا أكثر كانت متعة المشاهدة واعدة أكثر.
ما الذي نعنيه بالدراما السيئة؟ هي المسلسلات أو البرامج الفنية التي يتفق الجماهير والنقاد على سوء محتواها من ناحية القصة أو تمثيل أو الإخراج، على سبيل المثال: قد يحمل عمل خليجي حوارات متوقعة إلى درجة أن تنبئك بجمل الشخصيات المليئة بالأمثال الشعبية المكررة والحبكات القدَرية التي يُعاقَب فيها الشرير ويكافأ الخيّر، أو أن يحوي المبررات الدرامية التي تحركها الصدفة اللا معقولة أو الحوارات الصارخة في دوامة الإرث وقصص الخيانة والطلاق التي تصنع «ترند».
وتتضمن قائمة السوء أعمالًا مصرية أو شامية تحمل قالبًا ثابتًا، مثل: ابن البلد الخيّر (الفتوّة / القبضاي) الذي يقوم بالواجب ويتغلب على قوى الشر في الحلقات الأخيرة. ولا يمنع إن كان البطل هو نفسه قد مثّل في عمل مشابه عبر السنوات السابقة، مع اختلاف عنوان العمل وبعض الشخصيات أو الحقب الزمنية، لكن المضمون هو نفسه. وكذلك على مستوى الدراما التركية التي تجد شعبية واسعة، ستجد ستين حلقة لدراما متوقّعة الأحداث، لها جماهير عريضة من كل بقاع الأرض.
الحقيقة أن مشاهدة الدراما السيئة على اختلاف هويتها تولّد شعورًا بالذنب لدى المشاهد؛ لأنها في الأخير مضيعة للوقت، وتشجيع على إنتاج نسخ جديدة من تلك الأعمال في السنوات المقبلة ما دام لها معجبون ينتظرون حلقاتها بالرغم من سوئها.
لكني أجد جوانب إيجابية لمتابعة الدراما السيئة. أولها وجود رابطة من نوع خاص تتشكل بين المتابعين أو «رفاق المشاهدة» للحديث معًا عن عدم منطقية الحوارات، مخالفة الحبكة للتاريخ أو القوانين، أو كمية المبالغة في عمليات التجميل في مسلسل من المفترض أنه يمثّل حقبة زمنية سابقة.
أجل، هناك تناقض لدى جماهير الدراما السيئة. فنحن نسخر منها ونستمتع بها في الوقت نفسه؛ لأننا نشاهد غالبًا العمل الفني لتصيّد الأخطاء، مما يشعرنا بالفوقية لكوننا أذكى وأفضل من أولئك الشخصيات وصنّاعها، والتي لا تشبهنا في شيء. لكن الجزء الآخر الذي يجعلنا نبحث عنها ونتابعها هو أن هذه النوعية من الأعمال تسلّينا، فننسى معها هموم الحاضر طوال مدة عرض الحلقات، وكلما ازدادت سخافتها، فتح ذلك فجوة إلى عالم فانتازي نهرب به من الواقع الحقيقي نحو خياليّة تلك العوالم وسطحيّتها.
مقالات أخرى من نشرة أها!
صانع المحتوى يلحق جزرة الخوارزميّات
لم «تجبرني» إنستقرام على التحوّل إلى الريلز، لكنها بالتأكيد مارست عليّ «الإجبار الناعم» من خلال «دندلة» جزرة الانتشار أمام عينيّ.
إيمان أسعدهذه ليست توصية شراء
يعلمني المجتمع أنني يجب أن أصطاد (أستثمر) ويمنحني أدوات الصيد (البنوك)، لكن لا يساعدني في اختيار أفضل أنواع السمك السعودي (الأسهم).
أنس الرتوعيتويتر يقلِّد عين حائل
بعد أن كانت وسيطًا محايدًا، تخطو منصات ميتا وتويتر وقوقل نحو تحمُّل مسؤولية مجتمعية، لكن إلى أي حد سيقبل عملاء تلك المنصات بهذا التحوُّل؟
مازن العتيبينتفلكس لن تختار لك جلباب أبي
تستخدم منصات البث العديد من الخوارزميات التي تحلل حركتنا داخل التطبيق، ومع الوقت تبني لنا أذواقنا عبر اقتراحها ما يجب أن نشاهده.
أنس الرتوعيجوّالك الغبي صديقك المستقبليّ؟
الحنين للهواتف الغبية ولزمن كان فيه الجوال للتواصل المحدد، قد يكون محاولة لاشعورية منّا للتعافي من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.
ياسمين عبداللهمعنى الانتماء الطبقي للأبطال الخارقين
أتذكر التعقيب الساخر الذي قرأته في ورقة بحثية حول هيمنة أفلام الأبطال الخارقين على الإيرادات؛ بأنها تعكس رغبة الشعب الأمريكي بإنقاذه.
حسين الإسماعيل