ماذا حدث في الربع الأول من 2023

شهد الربع الأول من العام 2023 انخفاض مبالغ الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة 53%، إذ بلغت 76 مليار دولار.

انخفاض الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة 53%

شهد الربع الأول من العام 2023 انخفاض مبالغ الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة 53%، إذ بلغت 76 مليار دولار مقارنة بمجموع الربع الأول من العام الماضي والذي بلغ 162 مليار دولار. شهدت جولات المراحل المتأخرة انخفاضًا بنسبة 54%، بينما شهدت المراحل المبكرة انخفاضًا بنسبة 44%.

وليد البلاع ومعاذ خليفاوي:

من الواضح أنَّ هناك منحنيين مختلفين في مسار الاستثمار بين المراحل المبكرة والمتأخرة. مثلًا حين ننظر إلى التقييمات ما قبل الجولة، نجد أنَّ التقييمات في جولة البذرة في هذا الربع ارتفعت 30% عن التقييمات في الربع الأول عام 2021، وفي الجولة (أ) زادت 8%، لكن نجد أن التقييمات تنخفض في الجولات التالية للجولة (أ)، ففي الجولة (ج) انخفضت 55%، وفي الجولة (د) نحو 80%. أما ما يخص حجم الجولات، فنجد أن كل الجولات عدا جولة البذرة انخفضت أحجامها.

من التخمينات حول هذا التغيّر في سلوكيات الاستثمار أنَّ «المستثمرين السياح» -ونعني بهم المستثمرين غير المتخصصين في استثمارات رأس المال الجريء- وصلت نسبتهم في نهاية 2021 إلى 50% من الجولات. مع الانخفاض في السوق، انسحب عدد كبير من المستثمرين السياح من الجولات وعادوا للتركيز على الاستثمار في الأصول المألوفة لديهم. 

وأيضًا ثمة هجرة للصناديق ضمن المنظومة نفسها من المراحل المتأخرة إلى المبكرة، في محاولة منها لتفادي المشاكل «الدموية» التي تقع في المراحل المتأخرة من ناحية التقييمات والشروط.

هبوط التمويل 15% في الشرق الأوسط

هبط مجموع التمويل في منطقة الشرق الأوسط خلال الربع الأول من عام 2023 بنسبة 15% عن الربع الأول في العام الماضي ليصل إلى مجموع 818 مليون دولار، مع حصول 3 شركات على 67% من مجموع التمويل في هذا الربع. 

معاذ خليفاوي ووليد البلاع:

من بعيد قد يبدو أنَّ وضع السوق في المنطقة أفضل منه عالميًّا، بما أنَّ التمويل انخفض لدينا بوتيرة أقل. لكن ما إن تطّلع على تفاصيل البيانات تكتشف أنَّ 67% من التمويل جاء من نصيب 3 شركات (فلاورد ونعناع وحالا)، وإذا استثنينا هذه الشركات الثلاث يتبين أنَّ حجم انخفاض التمويل الحقيقي يتراوح ما بين 75% إلى 80%، وبمعدل متسارع أكثر من معدل الانخفاض العالمي. 

حين ننظر إلى هذا التركيز في التمويل من زاوية القطاعات، سنجد أنَّ قطاع التقنية المالية استحوذ على 45% من إجمالي التمويل في المنطقة، وجاءت بعدها التجارة الإلكترونية بنسبة 39% تقريبًا، أما القطاعات الأخرى التي تليها تراوحت نسب استحواذها ما بين 1% إلى 2%. لذا حين تتصاعد أصوات تشتكي من وجود تمويل زائد عن الحاجة في السوق، تنسى أنَّ هذا التمويل مركّز في قطاعات معينة وجولات متأخرة، أما بقية المراحل والقطاعات لم تحصل على النصيب المناسب لها من التمويل. 

41991091 10156023727194107 5992202564513300480 N
جانب من أحد المؤتمرات التي نظّمتها «واي كومبينيتر» / Albert Law

تحليل دفعة «واي كومبينيتر» شتاء 2023

جرى قبول 260 شركة مع 625 مؤسس في مسرّعة «واي كومبينيتر» دفعة شتاء 2023، وتتضمن الدفعة شركات محلية، منها الشركة السعودية «سرداب» تعمل في قطاع اللوجستيات، والشركة الإماراتية «الآن» (Alaan) في مجال التقنية المالية. وأغلب الشركات في القائمة شركات أمريكية، تليها شركات من الهند. 

معاذ خليفاوي وعبدالله سعيدان:

أستغرب الوجود الضعيف للشركات المحلية في دفعات «واي كومبينيتر»، خصوصًا في المراحل المبكرة مع جفاف منابع التمويل حاليًّا، فهل يعود السبب إلى قلة معرفة بأهمية المسرّعة أو التقييم المجحف بحق الشركات المحلية؟ وربما يعود السبب إلى اختلاف تركيز القطاعات في المنطقة عن الذي تبحث عنه «واي كومبينيبتر»، إذ 40% من الدفعة المقبولة تعمل في قطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي، بينما محليًّا التركيز على قطاع التقنية المالية والتجارة الإلكترونية. 

ومما يثير الاستغراب أنَّ العام الماضي 12% من الشركات المقبولة كانت تعمل في قطاع الكريبتو، بينما انخفضت هذا العام إلى 3%. فعلى مرّ العام الماضي طغى الحديث عن بناء قطاع الكريبتو و«الويب ثري»، ومع ذلك فشل المروجون لها من شرح هذه التقنية وتفسيرها والاستخدام الفعلي لها، مما أدى إلى فشل تأسيس بنية تحتية ثابتة لهذا القطاع، والذي يظهر اليوم في انخفاض قبول تلك الشركات في دفعة شتاء 2023. 

سبستاك تتيح لكتّابها فرصة الاستثمار فيها

أعلنت منصة النشرات البريدية «سبستاك» (Substack) عن فتح جولة تمويلية مخصصة للكتّاب تتيح لهم فرصة الاستثمار في المنصة. تُعد هذه الجولة تقنيًّا امتدادًا للجولة (ب) التي جمعت فيها المنصة 65 مليون دولار في 2021. ويبلغ تقييم «سبستاك» حاليًّا 585 مليون دولار ما قبل التمويل، ووفقًا للمنصة، فقد دفع القراء 300 مليون دولار من خلال اشتراكات النشرات البريدية. وتطمح «سبستاك» إلى جمع 2 مليون دولار من الجولة عن طريق «وي فندر» (Wefunder).

وليد البلّاع ومعاذ خليفاوي:

نود أن نحسن الظن في هذه الجولة، وأنَّ هدفها حقًّا منح الكتّاب فرصة الاستثمار، لكن ثمة شك في وجود أسباب أخرى وراء هذه المبادرة مختلفة عن المعلن عنها. ومما يعزز هذا الشك أنَّ جمع المال عن طريق التمويل الجماعي (crowdfunding) لا يتطلب من الشركة الإفصاح عن كثير من معلوماتها المالية التي تسمح بتمحيص وضعها المالي. فما يحدث أحيانًا أنَّ الشركات إذا لم تجد إقبالًا أو شهيّة لدى المستثمرين المؤسساتيين، تلجأ إلى منصات التمويل الجماعي حيث يكون الدافع للاستثمار لدى الأفراد إما رغبة الدخول كمستثمر في شركة معروفة أو لأسباب عاطفية تعود إلى الولاء للمنصة. 

ونشرت نيويورك تايمز تقريرًا في مايو 2022 عن محاولة «سبستاك» جمع جولة من 75 إلى 100 مليون على تقييم 750 مليون دولار إلى مليار دولار، ولم تنجح الجولة بسبب الوضع المالي في قطاع الاستثمار حينذاك. لذا فإن التمويل الجماعي الذي ستأخذه «سبستاك» -المتوقع أن يتراوح بين 9 إلى 10 مليون دولار- قد يخدمها كملاءة مالية للأشهر الستة القادمة بحيث لا تضطر إلى تقليص تقييمها السوقي إذا دخلت في جولة تمويلية الآن. 

الموجز:

الاستثمارالشركاتالرأسمالية
نشرة السوق
نشرة السوق
منثمانيةثمانية

موجز أخبار ريادة الأعمال، وقراءة لأهم تحوّلات الأسواق العالمية والمحلية. اشترك فيها الآن.