شاهدتُ كمعظم مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الجدل الذي أثاره الملصق الدعائي لمسلسل «تحت الوصاية»، الذي ظهرت فيه منى زكي بالحجاب في هيئة رثة باهتة. لتظهر تصريحات تفيد بأن الدور يستدعي تلك الملامح، وليس للأمر علاقة بالهجوم على الحجاب والمتدينين في الدراما التلفزيونية.
لا يمكن إنكار أن الدراما العربية تتناول صورة المتدين بكثير من التنميط والإسقاط على تيارات الإسلام السياسي. فهناك دومًا نموذج الملتحي المتشدد المزواج ذي الشخصية المعقدة، أو الطامع سياسيًا، أو الدجّال المتربّح من الدين، دون أن نجد ملتحيًا سويًّا نفسيًّا ناجحًا بشوشًا يأكل الطعام الصحي ويتمشى مع أصدقائه وعائلته في الأسواق.
وبالتنميط نفسه يجري تناول المرأة المحجَّبة على أنها محدودة مقهورة متشائمة رغم دورها الفاعل في المجتمع، حيث تعتمد أسرتها بالكامل عليها في معظم تلك الأعمال. ولم تنجح الأدوار القليلة جدًا التي قدمت المرأة المحجبة أنيقة وذكية في رسم صورة ذهنية جيدة مقابل هذا الحشد من غير المحجبات الطموحات الناجحات. رغم أنَّ تناول المحجبات دراميًا يُفترض أن يكون الهدف منه في المقام الأول الواقعية؛ حيث إن معظم النساء في المجتمعات العربية محجبات.
وهذا ما يجعل المشاهد يميل إلى التشكيك في عدالة تناول الدراما العربية لشخصية الملتزم دينيًا.
عن نفسي، نشأتُ وأنا أشاهد أفلام السينما التي تتناول الملتحي أو المتدين وتربطه بالإسلام السياسي والإرهاب والتشدد والتجهّم. ولم أتأثر بتلك الصورة لأني كنت أتعامل مع جيران ومعلمات ومعلمين ملتزمين دينيًا وكانوا صورة ضدًّا في معظم الأحيان لِما تروّج له الدراما والسينما.
لكن لا يمكن إغفال أثر تناول المتدينين بتلك المحدودية في الصورة الذهنية لغيري من المشاهدين من جيلي ومن الأجيال اللاحقة، ولا يمكن إغفال دور الدراما في التأثير العاطفي وتشكيل الانطباعات لدى المشاهد بدرجة تجعله ينحاز دون وعي إلى صورة الذهنية التي قدّمتها الشاشة ولو كانت عكس الحقيقة.
فمثلًا: إن قلت: أبو لهب، استدعى ذهني فورًا صورة نمطية لرجل مخيف الطلعة بحواجب غزيرة كما صورته أفلام السينما، والتي جاءت عكس ما ورد بالفعل في كتب التراث عن ملامح هذا الرجل. ولا ننسى محاولات نتفلكس وديزني الترسيخ الناعم لوجود مثليي الجنس من خلال إشاعة صورة ذهنية وديعة لهم، تمررها إلى المشاهد عبر محتواها.
الحجاب واللحية ليسا علامات ملائكية مؤكدة، فداخل كل إنسان الخير والشر، بغض النظر عن هيئته الخارجية. لكن أن يتحول الالتزام على الشاشة إلى سمات خنوع وفقر وشر مؤكدة، هذا يوجب أن تراجع الدراما العربية نفسها، وأن تقدم نماذج واقعية وموجودة نراها حولنا لنساء محجبات أنيقات وناجحات، ورجال ملتحين مبتسمين ومستنيرين. أم سيقال إنه لا بُدّ، لأغراض درامية، أنْ يظلّ الملتزم يُعاني؟!
مقالات أخرى من نشرة أها!
لا خصوصيّة في زمن المسحّب
أجد نفسي متسائلًا: متى بلغتُ هذا التساهل في إفشاء بياناتي؟ وما الذي جعلني لا أتردد بتاتًا في مشاركة بعضها؟
حسين الإسماعيلماذا لو عاش عنترة في الميتافيرس؟
الشواهد على حياتنا قد تختفي باختفاء مالكيها، آخذةً معها جزءًا من تاريخنا البشري وأحداثه، تمامًا كما حدث في قصتي مع المرحوم إكسبلورر.
ثمود بن محفوظحرروا الرواية العربية من قبضة النازيين
يوجد احتقان ضد اللهجات المحكيّة في الأدب، ودعاوى بأنها ليست كفئًا لأن تكون لغة أدبية. وكلما ظهر عمل جديد باللهجة المحكية برز معه الاحتقان.
حسين الضوتحيا الإقطاعيّة الإلكترونية
تطوَّرت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها ميتا.
إيمان أسعدصُنع في الذاكرة
لا يمر يوم دون التقاطنا صور توثق لحظاتنا بأدق التفاصيل خوفًا من النسيان. لكن حتى تتشكل الذاكرة عاطفيًّا لدينا نحتاج إلى نسيان التفاصيل.
إيمان أسعديوتيوب يُشبع حاجتك العاطفية
على أي شيء يدل الطلب العالي لمنتج الـ«ASMR»؟ أهو انعكاس لحاجة الإنسان الأساسية إلى الاهتمام؟ أم أنه أسلوب الحياة العصرية؟
معاذ العميرين