فكّر بالسبب وراء تضخيم الحبّة إلى قبّة

دومًا ما نواجه في حياتنا هذا النوع من البشر. أناسٌ لديهم القدرة على تحويل خطأ يسير أو مشكلة محدودة الآثار إلى كارثة عالمية.

منذ سنوات طويلة وأنا أتعامل مع المقاول عبدالله، رجلٌ تقليدي من الطراز الرفيع، ويشرف بنفسه على كل الأعمال المتعلقة بالبناء والصيانة. فهو يجيد الهدم والترميم والتكسير وأعمال السباكة والكهرباء وكل ما يخطر في بالك، بوسعه أن يبني لك «ملحق خارجي» أو قصرًا ضخمًا! 

هو أيضًا رجلٌ صادق وأمين، وهاتان صفتان نادرتان مع الأسف بين المقاولين، لكنه يحب المبالغة في تهويل الأمور، و«يجعل من الحبة قبة» كما يقول المثل الشعبي الشهير!

دومًا ما نواجه في حياتنا هذا النوع من البشر. أناسٌ لديهم القدرة على تحويل خطأ يسير أو مشكلة محدودة الآثار إلى كارثة عالمية، فينتابهم الذعر منها، ويندفعون إلى التعامل معها على نحو مبالغ فيه جدًا.

قد ننظر إلى من يبالغ في ردة فعله على أنه شخص ضعيف غير قادر على مجاراة الموقف، لكن يُشير علماء النفس إلى أن ردة فعل البشر هذه هي نتاج طبيعي لتطوّر آلية الدفاع عن النفس من الأخطار المحدقة

فلو وقع لك حادث مرور -لا قدر الله- وتعرضت للإصابة، فسوف تصبح طريقتك في قيادة السيارة أكثر حذرًا، وتصبح هذه هي طبيعتك. كما أنك ستظهر انفعالًا أقوى وأكثر حديّة على أي سائق آخر يتصرف برعونة، حتى لو كان التصرف لا يهدد حياتك أو يهدد بوقوع حادث.

يمكن أن نستعين بهذا المنظور في تفسيرنا ردود الفعل المبالغ فيها بشأن بعض القضايا الحقوقية العامة. فنجد مثلًا بعض الناشطين في قضايا الاحتباس الحراري يغلقون الطرقات، ويلصقون أيديهم بالشوارع، ويصرخون في الشارع في محاولة لشرح أفكارهم.

استعنت شخصيًّا بهذا المنظور، وسألت المقاول عبدالله عن سبب ردود أفعاله المبالغ فيها، فقال بما معناه: «أخاف ألا أُقدِّر المشكلة بالشكل الصحيح، فأصبح أنا المخطئ في حال وقع شيء لا سمح الله». لذلك إذا لم تستطع تفسير تهويل الطرف الآخر في موضوع تراه أنت صغيرًا، ففكر في «الحبة» التي تخيفه، وتدفعه إلى تحويلها إلى «قبّة». 

الإنسانالخوفعلم النفسالرأي
نشرة أها!
نشرة أها!
يومية، من الأحد إلى الخميس منثمانيةثمانية

نشرة يومية تصاحب كوب قهوتك الصباحي. تغنيك عن التصفّح العشوائي لشبكات التواصل، وتختار لك من عوالم الإنترنت؛ لتبقيك قريبًا من المستجدات، بعيدًا عن جوالك بقية اليوم.

+80 متابع في آخر 7 أيام