يعرف محبو كرة القدم أنَّ أفضل أيام الأسبوع هو «السبت الممتاز». والمقصود بالسبت الممتاز هنا يوم السبت الذي تجري فيه غالبية مباريات الدوري الإنقليزي الممتاز. عن نفسي، أحاول جاهدًا ألا أفوت سبتًا ممتازًا إلا لسبب يتعلق بالأسرة أو العمل، وفيما عدا ذلك أحضّر نفسي للاستمتاع بوجبة دسمة من المباريات الندّية مضمونة المتعة والإثارة. إلا أنني لاحظت مؤخرًا أن متعتي بتلك المباريات بدأت تنخفض تدريجيًّا، والسبب إشعارات هاتفي!
من سمات السبت الممتاز أن تقام أربع مباريات أو خمس على الأقل في التوقيت ذاته. وقد كنت قديمًا أختار مباراة بعينها لأتابعها وأستمتع بتفاصيلها كاملة، ولا ألقي بالًا لبقية المباريات إلا بعد نهاية اليوم، حيث أهتم بمعرفة النتائج وتأثيرها في جدول الترتيب. كان هذا قبل أن أتعرف على تطبيقات متابعة المباريات مثل «سكور365» (365scores) و«سوفاسكور» (sofascore)، والتي توافيني آنيًا بإشعارات تعلن عن بداية المباريات والأهداف المسجلة والنتائج النهائية.
أبدأ السبت كعادتي باختيار المباراة الأجدر بالمتابعة، إلا أنه وبعد دقائق قليلة يرن الهاتف بإشعار يعلن عن تسجيل هدف في مباراة أخرى. أقلب في القنوات سريعًا بحثًا عن الهدف المنشود، الذي يشغلني عن مباراتي الأساسية لعدة دقائق، ثم يرن الهاتف مجددًا معلنًا عن هدف آخر، وهكذا يبدأ بحث جديد عن هدف جديد. وينتهي اليوم دون أن أستمتع بأي مباراة.
ربما تتساءل، وأنت محق في تساؤلك، لماذا لم أحذف ببساطة التطبيقات، أو على الأقل ألغي الإشعارات؟ لقد جربت هذا بالطبع، لكنني وجدت نفسي أغرد وحيدًا خارج سرب العالم. أدخل تويتر لأجد الجميع يتحدث عن هدف لم أشاهده، أو مباراة مثيرة لم تكن مباراتي المختارة لليوم. فأشعر بالتشتت، وبأن متعتي أصبحت ناقصة لأنني فوت متعةً أكبر. لهذا أبقي على التطبيقات حتى لا يفوتني شيء أبدًا!
يقول مات هيق في كتابه «ملاحظات حول كوكب متوتر» (Notes on A Nervous Planet):
لقد تمكنا من مضاعفة كل شيء من حولنا، ولكننا لم نضاعف ذواتنا. هنالك ذات واحدة لكل منا وجميعنا أصغر بكثير من الإنترنت. ولكي نستمتع بحياتنا، ربما علينا أن نتوقف عن التفكير في الأشياء التي لن نتمكن من قراءتها أو مشاهدتها أو قولها أو فعلها، وعلينا التفكير في طريقة للاستمتاع بالعالم في حدودنا البسيطة.
وهذا تحديدًا ما أعانيه كل سبت ممتاز، أحاول أن أشاهد المباريات كلها حتى أكون جديرًا بالإنترنت الذي يعج بأناس يتحدثون عن كل شيء. لكن في الحقيقة أنا لست مطالبًا أبدًا أن أشارك الجميع في الحديث. لن يتوقف سرب العالم عن الطيران من أجلي، وفي المقابل لن أجني شيئًا من محاولاتي الدائمة للحاق به سوى التعب والقلق والمتعة المنقوصة على الدوام.
لهذا بتُّ مقتنعًا أنَّ أفضل هدف هو الهدف الذي شاهدته لأنني استمتعت به شخصيًّا، وأفضل المباريات هي تلك المباراة التي تابعتها وتفهمت فنياتها وحللتها في عقلي وتأثرت بكل تفاصيلها، علّي أستعيد بهذا الاقتناع بهجة «السبت الممتاز».
مقالات أخرى من نشرة أها!
تحيا الإقطاعيّة الإلكترونية
تطوَّرت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها ميتا.
إيمان أسعدعلِّمني لغة في ثلاثين يومًا
تعدنا تطبيقات تعليم اللغات بتعلُّم لغة ثانية في فترة قصيرة، بسهولة وسعرٍ رخيص. لكن ثمة عنصر أساسي تفتقد إليه تلك التطبيقات.
رويحة عبدالربلسنا مسؤولين عن الشركات اللاأخلاقيّة
علينا معاينة الأمور عن كثب بغية التحقق ما إذا كنا بالفعل مسؤولين أفرادًا، أم أنَّ أنظارنا تُصرف عن الآليات المؤسساتية المبطنة اللاأخلاقية.
حسين الإسماعيلالحرب العالمية الثالثة لن تندلع في أوكرانيا
تصاعد هاشتاق «الحرب العالمية الثالثة» مع أحداث الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن أوكرانيا لن تكون فتيل الحرب العالمية الثالثة، بل تايوان.
نايف العصيميالتطبيق يغنيك عن الطبيب
مع التوسع في استخدام التطبيقات الطبيَّة، سيُمكِّن الطب الاتصالي الطبيب من اختصار وقت الموعد، وبالتالي تقليل الوقت المهدر عليه وعلى المريض.
أنس الرتوعيالموظف غير المدخّن يستحق إجازة أطول
اعترف صديقي أنه لم يبدأ رحلته في التدخين إلا حين صار موظفًا، إذ منحته السجائر في المقام الأول فرصةً للتعرف على الناس في بيئة جديدة.
حسين الإسماعيل