عندما عرضت نتفلكس الإعلان التشويقي لمسلسل «الصفقة» الكويتي، ظهرت بطلتا العمل بمشاهد حماسية تعِد المشاهدين بوجبة تلفزيونية دسمة؛ قصة مستوحاة من الواقع، جرت أحداثها في الثمانينيات الماضية لنساء رياديات يقتحمن عالم البورصة الكويتية في عزّها، ويتمردن على «العقلية الذكورية». بدا لي وكأنَّ الدراما الكويتية وجدت في نتفلكس أخيرًا مفتاح عودتها لعصرها الذهبي. للأسف هذا الانطباع تبدّل بعد المشاهدة.
في الواقع، ثمة جوانب جيدة بالعمل، مثل تقنيات التصوير، وتقديم الحلقات الست تباعًا بلا تمطيط، والجرأة في طرح الشخصيتين الرئيستين بعيدًا عن النمطية المعتادة في قولبة الشخصيات النسائية الخليجية. أيضًا نجح العمل في الاعتماد على عنصر النوستالجيا الجمعيّة في الكويت إلى «العصر الذهبي» في تصميم الأزياء والديكورات وصولًا إلى «جبن قلاص مالك» في الثلاجة (حتى وإن لم يخلُ العمل من تفاصيل خاطئة استمتع مغردو تويتر بتصيّدها).
لكن بالرغم من ذلك كله، فإن كل تلك العناصر لم تلغِ حقيقة أن قلب العمل كان هزيلًا.
فقد اتسم الحوار ببعده عن الأصالة المحلية. على سبيل المثال: في أحد المشاهد التي تفتتح فيها زوجة مدير البنك المزاد الخيري أمام جمع من العائلات الكويتية، تقول: (may the best man or woman win). لا أعلم إن كان هذا النوع من العبارات دارجًا في ذلك الوقت في الأوساط البرجوازية الكويتية، لكنه لم يبدُ متّسقًا مع السياق الدرامي لحقبة الثمانينيات.
كما كانت أغلب حوارات «فريدة» مع ابنتها بالإنجليزية المعاصرة، وكأنه مشهد من الألفية بدلًا من الثمانينيات. وفي مشهد آخر على لسان إحدى بطلات العمل، أُدرِجت عبارة «ما راح تعدّي الليلة إلا وانتي بايقة الأنوار كلها»، كناية عن (steal the spotlight) العبارة الشائعة الاستخدام بالإنجليزية عند إبداء الإعجاب بالطرف الآخر.
كما خُصصت حلقة كاملة للاحتفال بدخول جدّة كويتية عامها الثمانين، بل ودعوة الآخرين إليه، وهو أمر نادر الحدوث ودخيل على المجتمع الخليجي في ذلك الوقت.
شعرتُ إلى حدٍ كبير أنني أمام قالب غربي مستورد بلغة عربية. حتى الموسيقا التصويرية كانت بعيدة عن الأصالة، وتحمل بصمة أعمال غربية لم تضفِ حميمية لعمل من المفترض أنه يحمل الهم النسائي الكويتي.
وبينما تزدحم إنتاجات نتفلكس بالوثائقيات والأعمال الدرامية الوثائقية الكاشفة للحقائق، فقد جاء الوعد في الإعلان التشويقي عن مسلسل يحكي جانبًا من حقبة مالية حساسة في تاريخ الاقتصاد الكويتي مخيبًا للآمال.
إذ تبيّن أنَّ فكرة المسلسل مستوحاة من واقع والدة الكاتبة نادية أحمد (كاتبة المسلسل الكويتية إلى جانب الكاتبين الأمريكيين آدم وآن سوبيل) ونضالها في بيئة عمل ذكورية. وهذه ثيمة درامية مميزة تنطلق من ذاكرة شخصية، لكن لا ينكر حقيقة احتياج العمل إلى إجراء المزيد من الأبحاث حول الخلفية الاجتماعية للشخصيات النسائية الكويتية عمومًا وسياق الأحداث التاريخي.
بالنتيجة تحول المسلسل إلى وجبة «تشكن نقتس»، مسلسل تستمتع بمشاهدته كوجبة خفيفة، لكن فنيًّا لا يضيف لحركة الدراما الكويتية. وكان من الأولى أن يسخّر فريق العمل الكويتي إمكانات نتفلكس المادية والفنية للاشتغال على جوهر العمل، بدلًا من التركيز على القالب حتى تنجح الصفقة.
مقالات أخرى من نشرة أها!
لماذا نفتقد باث وبي بي إم؟
إنَّ القاسم المشترك بين المنصتين -باث وبلاك بيري مسنجر- هو سماحهما للمستخدمين بتشكيل ثقافة مستترة مغايرة للفضاء العام.
حسين الإسماعيليوتيوب يُشبع حاجتك العاطفية
على أي شيء يدل الطلب العالي لمنتج الـ«ASMR»؟ أهو انعكاس لحاجة الإنسان الأساسية إلى الاهتمام؟ أم أنه أسلوب الحياة العصرية؟
معاذ العميرينلماذا يصعب عليك الاستيقاظ من نومك؟
أستطيع التغلب على أغلب النهارات الخاملة تلك بالقفز فورًا خارج الفراش، والبدء في ممارسة اليوم، فأتناسى في زخم النهار خمولي.
ياسمين عبداللهأعترف، أحب المواعيد النهائية
تذكّر أنَّ المواعيد النهائية حليفتك، وليست ذلك الوجه المتجهم الذي يراقبك وسيظل يراقبك إلى أن تنجز عملك.
ياسمين عبداللهرتّب مكانك خارج التطبيقات
من يحرص على ترتيب مكانه أكثر جدوى في تنظيمه لمشاعره وأفكاره وأعماله. وهذا النوع من التنظيم لا يحتاج إلى تطبيقات إلكترونية خارقة.
أحمد مشرفكن ممتنًّا لذكريات فيسبوك
أجده الضامن الوحيد لئلا نقع في فخ الاعتقاد بأنَّ آراءنا القديمة سطحية. الكثير من تلك الآراء تعبير لحظي عن موضوع ما، إنها نحن خلال وقت معين.
محمود عصام