خلال الشهر الماضي لاحظت في نفسي تغيّرًا، إذ لازمتني حالةٌ من الشحن العاطفي. كنت سريع التأثر والغضب، كمن بداخله رغبة مُلحّة في البكاء! حين نظرت في أحوالي الشخصية لم أجد مسوغًا لحالتي النفسية؛ فلا مشكلات عائلية أو وظيفية، ومنغصات الحياة الاعتيادية التي تعايشت معها ما زالت على حالها.
لكن حين نظرت إلى السلوكيات الجديدة التي تبنيتها، وجدت أني أكثرتُ من استهلاك مقاطع تك توك وإنستقرام في الشهرين الماضيين. جُل المقاطع المقترحة كانت مؤثرة: والدان يلتقيان بابنهما الغائب منذ سنين، أطفال يسمعون لأول مرة، موقف إنساني «الدنيا لسة بخير!» مع موسيقا تصويرية مؤثرة تُدمِع الحجر.
بعد ملاحظتي هذه، قررت أن أعيد تدريب الخوارزميات قليلًا. فتك توك -وغيره- يراقب المقاطع التي تقف عليها وتعيدها، ويستمر في جلب المزيد منها. لذا فور إحساسي بأنَّ المقطع يحمل رتمًا حزينًا أتجاوزه، كما أتجاوز مقاطع تطوير الذات التي تزرع فيك إحساس «أنا سوبرمان!»، «أنا قادر!»، «أنا الكينق كونق!».
استمررتُ على هذا الحال بضعة أيام، ولاحظت أن تك توك بدأ يقترح مقاطع عن ألعاب الفيديو وكرة القدم وغيرها، في تحوُّل جميل من مقاطع الغم النفسي.
وفي خضم بحثي عن مصادر ودراسات تتناول تأثيرات المقاطع الحزينة في النفسية، وجدت دراستين: الأولى كشفت ازديادًا في مستوى تحمل الألم الجسدي بعد مشاهدة الأفلام الحزينة، إلا أنَّ تأثيرها سلبيٌّ في المزاج.
والثانية خلصت إلى أن لمشاهدة الأفلام الحزينة والعنيفة تأثيرًا سلبيًّا في نظرتك للحياة وقراراتك. فحين سُئل أشخاص بعد مشاهدة أفلام حزينة عن تطلعاتهم للحياة، كانت نظراتهم تشاؤمية أكثر.
وهنا سأفترض -بالنظر إلى هاتين الدراستين المبنيتين على الأفلام التي قد تشاهدها في فترات متباعدة- أنَّ مشاهدة كمية مقاطع حزينة ومؤثرة على أوقات متقطعة ولأيام متعددة سيكون لها تأثيرٌ أسوأ، فأنت تستمر طوال اليوم في إعادة شحن مزاجك الحزين!
ما زلتُ عند رأيي حين كتبت سابقًا أنه سيأتي وقت تصنَّف فيه الشبكات الاجتماعية بأنها أدوات ممنوعة طبيًّا لأثرها السلبي، وستتحول إلى «هروين العصر». فلو كنتَ تجهل، فإن الهيروين كان في بداية القرن العشرين علاجًا لبعض الأمراض، ولم يُمنع إلا بعدما ظهر أن المريض يتحول مع الوقت إلى مدمن له!
بالعودة إلى معضلتي الشخصية، فإنَّ بقاء تك توك على هاتفي مسألة وقت، لأنه مرتبط ببحث شخصي وسأودُّعه، وأكفكف دموعي بعدها وأخرج من مزاجي الحزين. على الأقل، إلى أن يأتي الوقت وأُجبَر على تنزيله مرة أخرى.
مقالات أخرى من نشرة أها!
من تهشتق فقد تزندق
إذا كان الخوف من العواقب السوشال ميديائية وتهم «الزندقة» عاملًا رئيسًا في استخدامنا لغة «صائبة»، فذلك يعني نفاقًا جماعيًا.
حسين الإسماعيللسنا مسؤولين عن الشركات اللاأخلاقيّة
علينا معاينة الأمور عن كثب بغية التحقق ما إذا كنا بالفعل مسؤولين أفرادًا، أم أنَّ أنظارنا تُصرف عن الآليات المؤسساتية المبطنة اللاأخلاقية.
حسين الإسماعيلالتطبيق يغنيك عن الطبيب
مع التوسع في استخدام التطبيقات الطبيَّة، سيُمكِّن الطب الاتصالي الطبيب من اختصار وقت الموعد، وبالتالي تقليل الوقت المهدر عليه وعلى المريض.
أنس الرتوعيبين ميزاني ودوائر أبل
منذ اقتنيت ساعة أبل وأنا سعيد بإقفالي دوائرها الحركيَّة بنجاح. لكن ما لم تخبرني به ساعتي أنَّ الرقم الأهم على ميزاني لا يعتمد عليها.
ثمود بن محفوظلا تنجرف وراء الاستقالة 🤐
ظاهريًّا، قد تقيك الاستقالة الصامتة من الآثار السلبية للتوتر ومن الإنتاجية السامة، إلا أنَّ لها تأثيرًا سلبيًّا عليك.
بثينة الهذلولهذه ليست توصية شراء
يعلمني المجتمع أنني يجب أن أصطاد (أستثمر) ويمنحني أدوات الصيد (البنوك)، لكن لا يساعدني في اختيار أفضل أنواع السمك السعودي (الأسهم).
أنس الرتوعي