أنا وتك توك ودموعي

إنَّ بقاء تك توك على هاتفي مسألة وقت، لأنه مرتبط ببحث شخصي وسأودُّعه، وأكفكف دموعي بعدها وأخرج من مزاجي الحزين.

تك توك والمزاج الحزين / عمران

أهلًا بك صديقًا لنا،

وصلتك الآن رسالتنا الأولى على بريدك الإلكتروني.

إذا لم تجدها ابحث في رسائل السبام وتأكد من اتباع الخطوات التالية في حسابك على خدمة بريد «Gmail» حتى تُحررها من التراكم في فيض الرسائل المزعجة.

* تعبّر النشرات البريدية عن آراء كتّابها، ولا تمثل رأي ثمانية.
19 يناير، 2023

خلال الشهر الماضي لاحظت في نفسي تغيّرًا، إذ لازمتني حالةٌ من الشحن العاطفي. كنت سريع التأثر والغضب، كمن بداخله رغبة مُلحّة في البكاء! حين نظرت في أحوالي الشخصية لم أجد مسوغًا لحالتي النفسية؛ فلا مشكلات عائلية أو وظيفية، ومنغصات الحياة الاعتيادية التي تعايشت معها ما زالت على حالها.

لكن حين نظرت إلى السلوكيات الجديدة التي تبنيتها، وجدت أني أكثرتُ من استهلاك مقاطع تك توك وإنستقرام في الشهرين الماضيين. جُل المقاطع المقترحة كانت مؤثرة: والدان يلتقيان بابنهما الغائب منذ سنين، أطفال يسمعون لأول مرة، موقف إنساني «الدنيا لسة بخير!» مع موسيقا تصويرية مؤثرة تُدمِع الحجر.

بعد ملاحظتي هذه، قررت أن أعيد تدريب الخوارزميات قليلًا. فتك توك -وغيره- يراقب المقاطع التي تقف عليها وتعيدها، ويستمر في جلب المزيد منها. لذا فور إحساسي بأنَّ المقطع يحمل رتمًا حزينًا أتجاوزه، كما أتجاوز مقاطع تطوير الذات التي تزرع فيك إحساس «أنا سوبرمان!»، «أنا قادر!»، «أنا الكينق كونق!».

استمررتُ على هذا الحال بضعة أيام، ولاحظت أن تك توك بدأ يقترح مقاطع عن ألعاب الفيديو وكرة القدم وغيرها، في تحوُّل جميل من مقاطع الغم النفسي.

وفي خضم بحثي عن مصادر ودراسات تتناول تأثيرات المقاطع الحزينة في النفسية، وجدت دراستين: الأولى كشفت ازديادًا في مستوى تحمل الألم الجسدي بعد مشاهدة الأفلام الحزينة، إلا أنَّ تأثيرها سلبيٌّ في المزاج.

والثانية خلصت إلى أن لمشاهدة الأفلام الحزينة والعنيفة تأثيرًا سلبيًّا في نظرتك للحياة وقراراتك. فحين سُئل أشخاص بعد مشاهدة أفلام حزينة عن تطلعاتهم للحياة، كانت نظراتهم تشاؤمية أكثر.

وهنا سأفترض -بالنظر إلى هاتين الدراستين المبنيتين على الأفلام التي قد تشاهدها في فترات متباعدة- أنَّ مشاهدة كمية مقاطع حزينة ومؤثرة على أوقات متقطعة ولأيام متعددة سيكون لها تأثيرٌ أسوأ، فأنت تستمر طوال اليوم في إعادة شحن مزاجك الحزين!

ما زلتُ عند رأيي حين كتبت سابقًا أنه سيأتي وقت تصنَّف فيه الشبكات الاجتماعية بأنها أدوات ممنوعة طبيًّا لأثرها السلبي، وستتحول إلى «هروين العصر». فلو كنتَ تجهل، فإن الهيروين كان في بداية القرن العشرين علاجًا لبعض الأمراض، ولم يُمنع إلا بعدما ظهر أن المريض يتحول مع الوقت إلى مدمن له!

بالعودة إلى معضلتي الشخصية، فإنَّ بقاء تك توك على هاتفي مسألة وقت، لأنه مرتبط ببحث شخصي وسأودُّعه، وأكفكف دموعي بعدها وأخرج من مزاجي الحزين. على الأقل، إلى أن يأتي الوقت وأُجبَر على تنزيله مرة أخرى. 


مقالات أخرى من نشرة أها!
26 يونيو، 2022

اختر بطاقتك الائتمانيّة بعناية قبل سفرك

أداتك في دفع مصروفات سفرك تستحق منك التفكير والوعي بمتطلباتك، ثم البحث عن أفضل بطاقة تدفع فيها أقل رسوم ممكنة مع أكثر فائدة لك.

تركي القحطاني
18 سبتمبر، 2022

عين دور النشر على كتابك المستعمل

تنظر بعض دور النشر إلى سوق الكتب المستعملة بعينٍ حاقدة. فما يباع هناك من كتب ربحٌ ضائع لأنهم ليسوا جزءًا من عملية البيع.

ثمود بن محفوظ
6 يوليو، 2022

خرافة «من الصفر» في حكاية رائد الأعمال

إن نقطة الصفر التي ينطلق منها دعاة الاستثمار خرافة، والتنظير الفوقي المتعالي منهم ليس إلا إمعانًا فيها وإهانة ضمنية لظروف الآخرين.

حسين الإسماعيل
6 سبتمبر، 2022

كم دقيقة تضيعها على جوالك؟

نعتقد أن الصباح سيكون طويلًا بما يكفي للقيام بكل ما نريد، فنستسهل الدقائق العشر المصروفة على الجوال والتي في الواقع تمتد إلى ساعات متفرقة.

أحمد مشرف
12 يناير، 2023

التدوين علاجك للتصالح مع الذات

القيمة الأكبر للتدوين هي في تمكين المدوّن على التبصّر وفَهم ذاته، وتفسير مواقفه بوضوح، وخاصة ما يتعلق بفهم الأحاسيس والمشاعر.

حسين الضو
15 ديسمبر، 2022

أن تكون نادرًا أمرٌ في غاية الصعوبة

حتى تكون «نادرًا» فاعلم أنَّ النُدرة لا تتطلب فقط مهارات استثنائية، بل جهودًا استثنائية تفوق ما يستطيع معظم الناس تحقيقه.

أحمد مشرف