ليست المرة الأولى التي أقلب فيها «التايملاين» وتظهر لي تغريدة في تمجيد التأني بالنشر، فينقسم «المنشن» بين متعجّلين نادمين وبين مادحين للمتأنين. المشترك بين الفئتين أنهم جميعًا تعتلي تغريداتهم صورة رجل بملامح ثابتة و«مشخّص».
لسبب ما، لا أستطيع تجاوز هذا التعالق بين صفات هؤلاء وأفكارهم. فأنا أتحدث عن أفراد من فرط جديتهم لا يستطيعون حتى استخدام صورة «كاجوال» لحسابات شخصية يفترض أن تكون بعيدة كل البعد عن هذه الرسمية. إذا ما استنطقت «سيمياء» الدرجة الثانية لصورهم كما يفعل رولان بارت (هذا هو نوع الجمل التي يعشقونها)، فإن هذه الصور تستبطن جدية ضحلة في شؤون حياتهم الأخرى، بما فيها تعاطيهم مفهومَ الثقافة نفسه.
جيل كامل من هؤلاء، لا يزال يؤمن بأن المثقفين والكتّاب أصحاب رسالة وحملٍ ثقيل لا يقدر عليهما أحد. يتقمصون النبوّة، ويُغذّون هذا الهوس الثقافي بتوهُّم النضال والتنوير. من صفاتهم أيضًا إيمانهم التام بالموضوعية، وبها تكتمل عندهم مقادير الممارسة الثقافية.
عودًا إلى التغريدة التي ابتدأت بها، دعنا نفككها ونفسر الظاهرة خلفها. هناك إذن فرد يؤمن بالموضوعية والقيم المطلقة؛ أي يؤمن بوجود حق وباطل مطلقين، وجمال موضوعي، ومعارف حقيقية وأخرى زائفة. وفي سبيل القبض على كل ذلك، يجب عليه الصبر والكفاح ونهل العلوم والمعارف للوصول إلى حقيقتها الموضوعية، ومن ثم يستطيع أن يشارك معارفه وكتاباته، ويقود الأمة وتصبح كل كلمة مسؤولية عظيمة.
حبره ذخيرة، ويقف خلفه جيشٌ من المريدين، وكل هذه العملية هي غاية الجدية، ولا ينبغي له بتاتًا الاستعجال وقيادة الجماعة نحو الهاوية.
في رأيي، أن تكون مثقفًا أسهل من ذلك بكثير، اهدأ وارتخِ.. كتاباتك ليست نصوصًا مقدسة وليست ملاحم. تخيل أن يكتب أحدهم اليوم عملًا أدبيًّا يشبه «الأوديسة»، سيكون محل تندّر أكثر منه محل إعجاب! أنا مثلًا، في كل مرة أرى نصًّا أو مقالًا قديمًا لي، أقول: مَن هذا الأبله؟
أستطيع حذف نصوصي القديمة بسهولة، خاصة تلك المراجعات التي كتبتها على منصة قودريدز، ولكنني لا أفعل ذلك أبدًا، لماذا؟ الأمر بكل بساطة، أننا نعيش في صيرورة دائمة، كل نص هو ابن زمانه وظروفه، وليس وثائق تدينك، أو تعاليم وتقاليد يُقتدى بها بعد موتك.
نصٌّ كُتِبَ في عمر محدد وبتراكم معرفي محدد، ومن خلال تجربة حياتية محددة، هو نصٌّ يشهد بتطور معرفي وفكري طبيعي. وربما يكون وثيقة تاريخية لسيرة فردٍ عادي، وليس كتابًا مقدسًا لنبي.
لذلك اجتهد، اقرأ، ابحث، اكتب، غرّد… وكن ظريفًا، فذلك أفضل من أن تكون نبيًّا.
مقالات أخرى من نشرة أها!
التسويف ليس كسلًا، بل مشكلة عقلية
حل التسويف يكمن في مواجهة الخوف الذي يثيره، وذلك من خلال التدوين عن المشاعر السلبية ومواجهتها بدلًا من التهرّب منها.
رويحة عبدالربالسعادة هي أن تسكن حيث تعمل
لا يجد بعض الزملاء بدًّا من إسداء النصيحة: «ليش ما تسكن في الخبر أقرب لك؟» فيأتيهم ردي: «من قال إني أبغى الدوام يصير محور حياتي؟!»
حسين الإسماعيلاقرأ النشرة قبل الحذف
لأني أكتب هذه السطور عالمًا أنها ستصل لمشتركي نشرة أها!، فذلك يمنحني مساحة أكبر نسبيًا تعفيني من الإشارة لأي فضائح تثير فضول القراء.
حسين الإسماعيلآلامك الجسدية قد يكون أصلها نفسيًّا
تنبهت أنَّ الآلام تتصاعد حدتها تحت القلق. لذا، بدلًا من التركيز على التفسير الظاهري للألم الجسدي، بدأت رحلة التركيز على معالجة أصله النفسي.
بثينة الهذلولضياع أصالة اللعبة في عصر الريميكات
الريميكات تلعب على وتر النوستالجيا، وفي الوقت نفسه تتكيّف مع تطلعات الأجيال اللاحقة، الأمر الذي يحقق أرباحًا عالية.
حسين الإسماعيلما الذي تخفيه في استعراض مشترياتك؟
لا يرى الكثيرون في مجتمعاتنا عيبًا في السلوك الاستعراضيّ، بل نجد أنفسنا نشارك فيه. فنعبّر للآخرين من خلال ما اشتريناه عن تحقيق نجاح.
أحمد مشرف