بيئة العمل تعلّمك التدخين
لا مانع أن تكتسب بعض العادات من صديق أو قريب، ولكن احذر أن تكتسب عدة عادات سلبية من المجموعة نفسها، فتصبح هذه العادات من مكوّنات شخصيتك.
لم أدخّن سيجارة في حياتي! حتى أنني لم أفكر في ذلك مطلقًا. صحيح أنَّ البيئة التي نشأت فيها كانت خالية تقريبًا من المدخنين، ولكن بيئة العمل ومن قبلها الجامعة والمدرسة لم تكن كذلك.
في الجامعة كانت الأمور عادية، لأن معظم أصدقائي ليسوا من المدخنين؛ لكن في العمل يزداد عدد المدخنين من حولي. وقد اكتسب معظم المدخنين الجدد هذه العادة تحت ضغط الأقران، من خلال أوقات الاستراحة التي يقضونها في مساحة التدخين غير الرسمية الموجودة تحت الدرج! شخصيًّا أكره المرور بالقرب من ذاك التجمّع، لأن رائحة السجائر تعلق في ملابسي بمجرد اقترابي منه.
لا أدَّعي أنني لا أتأثر بالمحيط من حولي، ففي الواقع كثيرٌ من عاداتي اليومية مكتسبة من أصدقائي؛ القهوة السوداء، واشتراك الوجبات الصحية، واستخدام أكثر من شاشة في أثناء العمل، كلها أمور تعلمتها واكتسبتها من بيئة العمل.
بل أستطيع القول إن مكونات شخصيتي اليوم نابعة من شخصيات أهلي وأصدقائي والمحيطين بي عمومًا، وجميع تصرفاتي السلبية والإيجابية في الغالب نابعة من تأثري بالمحيط. تقول آمبر جافني، عالمة نفس اجتماعي في جامعة هومبولت، «كلما زادت مكونات هويتك المكتسبة من مجموعة ما؛ زادت احتمالية تمسكك بعادات هذه المجموعة، حتى عندما تكون بعيدًا عنها.»
بمعنى لو كان أصدقاؤك في العمل مدخنين وأكلهم غير صحي ويأتون إلى الدوام متأخرًا، ومع الوقت اكتسبت كل عاداتهم؛ فسوف تتمسك مستقبلًا بهذه العادات. حتى لو غيرت عملك، ستكون هذه العادات قد أصبحت جزءًا من هويتك.
انظر إلى الجالسين على طاولات المقاهي، فدائمًا ستجد الجالسين على طاولة واحدة متشابهين نوعًا ما في المظهر؛ كلهم يلبسون ثيابًا بيضاء، أو كلهم بمظهر رياضي، أو ربما كلهم يمتلكون نوع الجوال نفسه.
صعب جدًّا أن نتحكم بكل عادتنا، وأصعب من ذلك أن نتحكم بعادات غيرنا. ولا مانع أن تكتسب بعض العادات من صديق أو قريب، ولكن احذر أن تكتسب عدة عادات سلبية من المجموعة نفسها، فتصبح هذه العادات من مكوّنات شخصيتك، وتُناوِل يومًا ما زميلًا غير مدخّن «زقارة» دافيدوف أو كنت.