خلال دراستي في باكستان سكنت في بيت جدتي، وكان لا بد من تأقلمي مع روتينها الثابت، الذي كان يبدأ يوميًّا بالمشهد الدافئ ذاته: قراءة الصحيفة صباحًا مع احتساء كوب من الشاي.
عادة جدتي في قراءة الصحيفة كانت موجودة في منزل والدَيّ في أبوظبي أيضًا، إذ كنا نجد صحيفة «قلف نيوز» (Gulf News) على عتبة باب بيتنا كل صباح. وأجزم أن قراءة الصحف شكّلت بداياتي في التعرّف إلى أساسيات الصحافة، وبناء ثقافتي من خلال القراءة والتصفح. ومع اكتساح منصات التواصل الاجتماعي وانتقال الصحافة من صورتها الورقية إلى مواقع إلكترونية، تغيّرت طريقتي في تلقي الأخبار. إذ أصبحتُ أفتح تويتر كل صباح لأقرأ عمّا يدور في العالم.
لكن تلقي الأخبار من تويتر يأتي بتحدٍ؛ فطبيعة تويتر متطايرة، وتبقى الأخبار على صفحتي للحظات قليلة، إلى أن يأتي خبر جديد ويخطف انتباهي. فعلى نقيض الصحف التي كانت تتراكم وتنتظر قراءتي لها بفارغ الصبر، افتقر تويتر إلى الاستقرار، وإلى الشعور بالدفء الذي ارتبط بذكريات قراءة الصحيفة صباحًا.
استمررتُ في قراءة الأخبار من تويتر كل صباح حتى اكتشفتُ الحل الذي يجمع بين سهولة القراءة الإلكترونية ودفء الصحيفة الورقية: النشرة البريدية.
يتجاوز عدد مستخدمي البريد الإلكتروني أربعة مليار مستخدم، ومتوقّع ارتفاع العدد في عام 2025 إلى 4.6 مليار مستخدم؛ ما يجعلنا في عصر ذهبي للنشرات البريدية. إذ تحظى نشرة «مورننق بريفنق» (Morning Briefing) بأكثر من 17 مليون مشترك؛ ما يجعلها ضمن أنجح النشرات البريدية في العالم.
يكمن نجاح هذه النشرة في محتواها واستمراريتها؛ إذ تصل إليَّ في ميعادها المعتاد: منتصف الليل بتوقيت السعودية كل يوم عمل. فيتسنى لي الاطلاع على موجز أخبار العالم مرتَّبة في مكان واحد في بداية يومي. وكما كان الحال مع الاشتراك في جرائد ومجلات متخصصة، يمكنني الاشتراك في نشرة ذات توجّه دقيق، مثل نشرة متخصصة بتوصيات الكتب.
وفي حال فوات وِرد القراءة، ستنتظرني النشرة في صندوق الوارد، كما كانت تنتظر الصُحف على منضدة جدتي.
إضافةً إلى استقرارها واستمراريتها، تُضفي النشرات البريدية طابعًا حميميًّا إلى الأخبار تفتقده الصحف الورقية. فالنشرة البريدية تخاطبني بدفء، كأني صديقة قريبة -بل حتى باسمي أحيانًا- وتُشعرني بأن المحتوى مصمّم خصيصًا لي؛ أني القارئ الوحيد المتلقّي للنشرة.
ومع مرور عام أها! الأول هذا الصباح، يُسعدني أني نقلت هذا الدفء إليك، ضمن نخبة من الكتّاب، وأن نحظى بمكان على عتبة باب بريدك لنُطلّ عليك في تمام الساعة السابعة، ونصبّح عليك بالخير. 💌☀️
مقالات أخرى من نشرة أها!
زمن العطالة الروبوتية
تنبئنا الأخبار بحلول الروبوتات في الكثير من الوظائف، ما يهدد بمستقبل تحكمه البطالة البشرية. لكن كيف سيستفيد السوق من اختفائنا كمستهلكين؟
أشرف فقيهأخلاقيات الآلة المقاتلة
يظلُّ السؤال عن إطار الآلة المقاتلة الأخلاقي في زمن الحرب قائمًا. هل ستهدم كل المستشفيات؟ هل ستفرق بين الرجال والنساء؟ هل ستستهدف المدارس؟
أشرف فقيهأنا أفكِّر خارج الصندوق، إذن أنا تيس
إن كنت يومًا «التيس الغريب» في مجموعتك فأنت تعرف تمامًا أنَّ الحافز الحقيقي هنا هو إثبات جدارتك أمام مجموعة لا تراك تنتمي إليها.
إيمان أسعدبين ميزاني ودوائر أبل
منذ اقتنيت ساعة أبل وأنا سعيد بإقفالي دوائرها الحركيَّة بنجاح. لكن ما لم تخبرني به ساعتي أنَّ الرقم الأهم على ميزاني لا يعتمد عليها.
ثمود بن محفوظماذا يقول بوربوينت في عيد ميلاده
كل تقنية جديدة وسيلة لا غاية. فلا أرى أن الرفض التام هو الحل، بل ينبغي لنا التعامل معها كأداة تساعدنا على تحقيق أهدافنا.
حسن عليهل صوت آلتك الذكية ذكوري أم أنثوي؟
إن الطبيعة البشرية عامّةً تفضل الصوت الأنثوي. لكن لو أسقطت هذه النتيجة على التعاملات اليومية، فسوف أجد أنَّها ليست صحيحة دائمًا.
أنس الرتوعي