العلاقة الفعلية بين فلسطين ودول الخليج
العلاقات بين فلسطين ودول الخليج ضاربة في القدم، لكن الدراسات المحايدة المعنية بدراستها نادرة، حسب ماتصفها المؤرخة روزماري سعيد.
في أطروحة الدكتوراه التي قدمها الدكتور طلال الرشود لقسم الدراسات الشرق أوسطية والأفريقية في جامعة لندن بعنوان “التعليم الحديث والقومية العربية في الكويت ما بين عامي 1911-1961″، أشار من ضمن المراجع إلى دراسة للباحثة روزماري سعيد عن الصلات بين فلسطين ودول الخليج، ولأني لم أطلع مسبقًا على مؤلفاتها بحثت عنها علّي أجد المزيد.
روزماري سعيد
في البداية، روزماري سعيد مؤرخةٌ فلسطينية أميركية مختصة بالدراسات عن دول الخليج، رعت مع زوجها مشروع مكتبة غزة لتوريد الكتب إلى فلسطين، وكانت راعية لحملة التضامن الفلسطينية في بريطانيا.
تخصصت في الدراسات عن الخليج العربي فكان لها إصدارات مثل “أصول دولة الإمارات العربية المتحدة: التاريخ السياسي والاجتماعي للولايات المتصالحة” و”إنشاء قطر” و”تكوين دول الخليج الحديثة: الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وعمان”.
كما نشرت دراسات حول مواضيع مختلفة عن الخليج مثل “طريق البحر الأحمر إلى الهند في القرن التاسع عشر” و”العلاقات السعودية مع دول الخليج” و”التنافس الأميركي/الإنقليزي في الخليج” و”التأثير الاجتماعي الاقتصادي للامتيازات النفطية المبكرة”.
فلسطين ودول الخليج
روزماري سعيد هي شقيقةُ الناقد الأكاديمي إدوارد سعيد، لكن اسمها وإنتاجها الأكاديمي لم يحظَ بالانتشار في الدول العربية مثل شقيقها. وقد تُرجم من مؤلفاتها كتاب واحد فقط وهو “فلسطين ودول الخليج: العلاقات الفعلية” عبر مركز دراسات الوحدة.
كان هذا الكتاب آخر مؤلفاتها وصدر بعد وفاتها بثلاث سنوات عام 2009 بعد أن أتم زوجها المخطوط الذي كتبته وهي تعاني من المرض. وبسبب أهمية الكتاب وعدم إلقاء الضوء على أبحاث روزماري سعيد بشكل كاف، أعرض تقديمًا له.
جاء الكتاب في سبعة فصول تحدثت فيها عن فلسطين ودول الخليج ما قبل النفط والخليج وفلسطين بعد حرب السويس وعن الخليج وفلسطين بعد آثار حرب 1967، وما بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 وقطع النفط، ثم عن الخليج وفلسطين في عقد الثمانينات ثم عقد التسعينات. واعتمدت في الكتاب على كثير من أرشيف الأمن القومي البريطاني.
خليجُ الثلاثينات
بدأَت الكتاب بالعلاقات بين فلسطين والخليج منذ الثلاثينات وأشارت إلى شح المراجع التي تتحدث عن العلاقات في تلك الفترة وأنها بقيت مجهولة باستثناء بعض المصادر النادرة، فكان الخليج يعاني من العزلة بسبب الفقر وغياب التعليم والبعد الجغرافي والسيطرة البريطانية وغياب وسائل الاتصالات الحديثة.
لكن حصل تغيير في أواخر الثلاثينات جعل لدول الخليج دينامية جديدة، منها قيام الدولة السعودية وفتح المجال لشركات النفط للبحث عن النفط، وإقامة بريطانيا ممرًا جويًا بريطانيًّا للهند مع محطات إمدادٍ بالوقود على سواحل الخليج ودخول البث الإذاعي للخليج.
بدأت الصلات بين شعوب دول الخليج والفلسطينيين بشكل واضح عام 1948 مع وصول الفلسطينيين المهجرين بعد النكبة إلى دول الخليج بحثًا عن العمل. ونشأت صلة أخرى قبل ذلك عن طريق التبرعات المالية السخية التي منحها حكام الخليج ومواطنوهم فلسطين، وهنا إشارة مهمة من روزماري إلى أن التبرعات بدأت منذ الثلاثينات أي قبل النفط عندما كانت دول الخليج دولًا فقيرة. ورغم أنه لا يوجد تقدير دقيق لمقدار هذا الدعم، لكنها تُعَد تبرعات ضخمة وفرت سندًا لشريحة كبيرة من الفلسطينيين أفرادًا ومؤسسات داخل فلسطين وفي الشتات.
مواقف الخليج الأولى
تسرد روزماري ردود أفعال دول الخليج على أحداث عام 1936، وتحديدًا عندما دعا الفلسطينيون إلى إضراب عام احتجاجًا على تصاعد الهجرة اليهودية، وإعلان المفتي الحسيني عن الإضراب وحظر بيع الأراضي العربية لليهود. ورغم أن الكويت مثلًا في حينها -بموجب معاهدتها مع بريطانيا- لم تقدم الدعم بشكل رسمي ورغم فقر بلدان الخليج قبل النفط وخاصة فترة الثلاثينات بسبب الكساد العالمي وتراجع سوق اللؤلؤ، استطاع الخليجيون جمع التبرعات وأرسلوها لفلسطين دعمًا للإضراب.
فمثلًا تشكلت لجنة كويتية لمساعدة الفلسطينيين خاصة من عائلات الغانم وخضير وبحر وحميدي والقناعي، وتذكر الكاتبة قصصًا للتفاعل الشعبي مثل قصة زوجة أحد التجار وهو حمد الصقر التي تبرعت بأرضها لفلسطين. وحدث مثل هذا التضامن أيضًا في البحرين عبر توزيع منشورات مناصرة لفلسطين، ونُظمت مظاهرات في جدة وتشكلت لجنة مركزية للدفاع عن فلسطين وجُمعت التبرعات كذلك في دبي والشارقة التي تبرع حاكمها سلطان بن صقر بمبلغ كبير من المال.
وما بين عاميْ 1936 و1939، حاولت بريطانيا احتواء الإضراب وإقناع العرب بالتقسيم، وكانت تتواصل مع الملك عبد العزيز باعتباره حاكم بلدِ مقدسات المسلمين وبسبب كبر مساحة المملكة وأهميتها. لكن الوزير البريطاني المفوض في المملكة ريدر بولارد وموفد الخارجية البريطانية جورج رندل تواصلا مع الحكومة البريطانية وأفاداها بأنه لا يوجد ما يُعرَض على الملك وإغرائه به حتى يدعم التقسيم.
أرسل الملك عبد العزيز توصياته الشخصية إلى بريطانيا التي تتضمن العفو العام عن كافة الأعمال التي اُرتكبت أثناء الإضراب، ووقْف الهجرة اليهودية لمدة عشر سنوات، واستحداث تشريع لحماية الأرض وحماية صغار ملاك الأراضي من الاضطرار إلى بيع أراضيهم لليهود. وقد نقلت روزماري هذه التوصيات من تقرير السيد بولارد السنوي للخارجية البريطانية عام 1937. هذا الموقف والتضامن العربي جعل بريطانيا تتخلى عن خيار التقسيم بصفته حلًّا للأزمة.
أميركا في الصورة
عندما التقى الملك عبد العزيز بالرئيس الأميركي روزفلت عام 1945، عارض الملك بحزم أي ذكرٍ لوطن لليهود وأوصى بمنح أراض لليهود في البلدان الأوربية التي اضطهدتهم، وتعهد روزفلت للملك بأن أميركا لن تتخذ قرارًا يتعلق بفلسطين دون إجراء مشاورات مع العرب.
لكن بوفاة روزفلت انتهت مرحلة مميزة من السياسة الأميركية تجاه فلسطين، فقد اتخذ الرئيس التالي هاري ترومان موقفًا مختلفًا مؤيدًا لإقامة دولة للاحتلال الإسرائيلي. ومرت المنطقة بداية الخمسينات بمرحلة تغيير جذري جعلت الصلة بين فلسطين ودول الخليج أقل بروزًا، لكن في تلك الفترة اتخذ الملك عبد العزيز قرارًا مهمًّا بخصوص فلسطين وهو أخْذ ضمانات خطية من أرامكو بعدم شحن النفط السعودي إلى الاحتلال الإسرائيلي.
زاد العدوان الثلاثي عام 1956 على مصر من بروز الصلة بين فلسطين ودول الخليج، خاصة عندما قطعت السعودية النفط عن فرنسا وإنقلترا. وحدث العدوان الثلاثي عندما قرر جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، فكان رد بريطانيا وفرنسا أن وضعتا خطة لهجومٍ إسرائيلي على مصر وبعدها يتدخل الجيشان البريطاني والفرنسي في الحرب.
انضمت السعودية إلى باقي الدول العربية في مساندة مصر فقدمت مساعدات بقيمة عشرة ملايين دولار، كما قطعت علاقتها الدبلوماسية ببريطانيا وفرنسا ووصلت العلاقات السعودية الأميركية لأدنى مستوياتها.
وفي عام 1961، رفضت المملكة تجديد اتفاقية الظهران الجوية مع أميركا وبعث الملك سعود رسالة للرئيس الأميركي كينيدي يشرح فيها أسباب تردي العلاقة بين البلدين ورفض تجديد الاتفاقية بسبب الموقف الأميركي من النزاع العربي الإسرائيلي الموالي للاحتلال. واستمرت المملكة في المحافظة على علاقتها بأميركا وفي نفس الوقت المحافظة على موقفها الثابت من أميركا فيما يتعلق بفلسطين.
في حرب 1967 فرض الملك فيصل حظرًا على مبيعات النفط للولايات المتحدة، لكن الحظر لم يستمر سوى أسابيع معدودة. وكان سببُ فشل محاولة السعودية القائمة على استغلال هذا السلاح توافرَ كميات كبيرة من الإمدادات النفطية في الأسواق العالمية، وكان الإنتاج النفطي للولايات المتحدة ضخمًا، كما أن الإمدادات النفطية حينها كانت خاضعة لما يسمى بـ”الأخوات السبع” وهي الشركات النفطية التي لم تكن بعد تواجه جهود منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
أوهنت حرب 67 عبد الناصر، وانتقل مركز القوى والقيادة العربية من مصر إلى الخليج. وحاولت الخارجية الأميركية فصل الخليج عن القضايا العربية وعن القضية الفلسطينية، لكن السعودية وليبيا والكويت التزموا بتقديم الدعم؛ حيث أنشؤوا صندوقًا بقيمة 378 مليون دولار بعد القمة العربية التي عُقِدت في الخرطوم عقب الحرب وقدموا 125 مليون دولار للدول المشاركة في الحرب. كما أوقفت قطر تصدير النفط لبريطانيا وأميركا لمدة شهرين تقريبًا، وقدمت الإمارات مبلغ 1.3 مليون جنيه إسترليني إلى الأردن.
بعد مضي عام من الحرب حاول الأميركيون استئناف المحادثات بشأن القضية الفلسطينية، لكن الملك فيصل رفض وكان موقفه متشددًا خاصة فيما يخص السيادة على القدس، وتوترت كذلك العلاقات السياسية والدبلوماسية البريطانية الكويتية وكان المسؤولون البريطانيون غير متوقعين لردة الفعل الكويتية القوية المتضامنة مع فلسطين.
القضية بين الموقف الحكومي والشعبي
ذكرت روزماري سعيد أن تأثر الشعوب الخليجية بالقضية الفلسطينية لم يكن فقط بين أفراد الشعب، بل وصل التأثر لاأفراد الأسرة الحاكمة الكويتية. وسردت سيرة الشيخ فهد الأحمد الذي كرس نفسه للقضية وشارك كجندي في حرب 67 وتطوع بعد الحرب في حركة فتح الذراع العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية.
في عام 1973 قطعت الدول الخليجية النفط عن أميركا وداعمي الاحتلال الإسرائيلي وشمل الحظر دولًا أوربية للضغط عليها للتدخل والتأثير على أميركا لكي تتخلى عن دعم الاحتلال الإسرائيلي وإصدار بيان يطالب الاحتلال بالانسحاب لحدود 1967. وعجل من اتخاذ قرار حظر النفط استخدام أميركا الفيتو ضد قرار مجلس الأمن الذي يستنكر استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية، وكان من الممكن أن يمتد الحظر فترةً أطول لولا استغلال مخاوف الملك فيصل من الشيوعية والراديكالية والثوريين؛ حيث انتشرت مخاوف تقول أن قطع النفط يؤثر على الإمدادات البحرية الأميركية لمحاربة الشيوعية خاصة في فيتنام.
كان من أبرز منافع حظر النفط دفع أغلب الدول الأوربية لتعديل مسار سياساتها المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي. كما أن حظر إنتاج النفط وبعد ذلك قرار زيادة سعر النفط أربع أضعاف أعطيا دول الخليج دفعة اقتصادية نمت على إثرها ثروات الفلسطينيين المقيمين في الخليج، فأرسلوا حوالات مالية للداخل الفلسطيني، وتبرع حكام الخليج بمبالغ ضخمة لمنظمة التحرير، وتجاوز الدعم لمنظمة التحرير الدعم المالي إلى الدعم السياسي، فكانت حكومة الكويت داعمًا قويًا لمنظمة التحرير إذ رفعت مستوى مكتبها التمثيلي إلى مرتبة سفارة واعتُبر ممثل المنظمة سفيرًا يحصل على جميع مزايا السفير.
وفي المؤتمر الإسلامي في لاهور عام 1974 اصطحب أمير الكويت ياسر عرفات معه وأصر أن يكون عرفات بجانبه في مراسم الاستقبال التي أقيمت في المطار، وأن يتم الترحيب به بصفته ممثلًا للشعب الفلسطيني.
تُعلق روزماري على قطع دول الخليج النفط بقولها:
إن فرض حظر النفط بعد سنوات قليلة من سحب بريطانيا قواتها من الخليج أظهر الطبيعة العربية الأصيلة لدول الخليج على الرغم من مائة وخمسين عامًا من المحاولات البريطانية عزلها
تغيرت الأوضاع الإقليمية في عقد الثمانينات وتعزز تحالف المملكة مع أميركا بسبب تنامي قوة إيران وكذلك الاحتلال السوفيتي لأفغانستان عام 1980، وأدى نشوب الحرب العراقية الإيرانية إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية بشكل عام.
منظمة التحرير وغزو الكويت
انتهى كتاب روزماري بذكر عقد التسعينات وقت حدوث الشرخ الكبير في العلاقة حين لم تدرك منظمة التحرير أخطار المسار الذي اتخذته حيال غزو العراق للكويت بداية التسعينات؛ عندما امتنعت عن التصويت على قرار الانسحاب الفوري للعراق من الكويت. تُعلل روزماري ذلك بتأثر المنظمة وقتها بمشاعر الغضب القوية بسبب المعايير المزدوجة التي تجلت في رد الفعل على احتلال الكويت فيما يغض العالم الطرف عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
كانت المنظمة تفتقد العمقَ المؤسسي لقياس نتائج أعمالها على المدى البعيد وتفتقر إلى الأدوات لتقييم ستين سنة من الصلات مع دول الخليج، لذلك لم تنتبه إلى التبعات الكارثية لسياستها. فمن تبعات موقف منظمة التحرير النزوح الجماعي للفلسطينيين من دول الخليج حيث كان في الكويت وحدها أربعمائة ألف فلسطيني كانوا يشكلون قوة مزدهرة، وكانت الحكومة الكويتية تسمح لمنظمة التحرير باقتطاع ضريبة تبلغ 5% من الفلسطينيين المقيمين على أرضها ما يقدّر بخمسين مليون دولار سنويًا. بالإضافة لتقليل وتوقف التبرعات المالية الضخمة من الخليج سواء من الحكومات أو المؤسسات أو الأفراد.
أدى كل ذلك إلى تهميش منظمة التحرير عربيًا ودوليًا وأعطى الاحتلال الإسرائيلي فرصة لحصد كثير من المكاسب، ففي أكتوبر 1992 وافق الكونقرس على رزمة مساعدات خارجية للاحتلال الإسرائيلي منها قروض كانت معلقة ومساعدات من فرنسا والمجموعة الأوربية، واستأنف الاحتلال علاقته الدبلوماسية مع روسيا وعزز علاقته بالصين والهند.
وفي المقابل ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين على يد الاحتلال بنسبة 62% واستمر تدهور المكانة الإقليمية والدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية. بيّنت روزماري سعيد بالأرقام والشواهد أن من أكثر الأحداث التي أضعفت القضية الفلسطينية حربُ العراق المتهورة على الكويت وموقف المنظمة منها. ورغم توتر العلاقة مع المنظمة، استمر حكام الخليج في محاولة حث رعاة السلام على إرغام الاحتلال الإسرائيلي على الوفاء بالتزاماته. ولم تتوقف الدول العربية والخليجية عن استخدام كل السبل عبر الأمم المتحدة لتحقيق مكاسب سياسية للفلسطينيين.
فلسطين وخليج اليوم: بين الصورة والواقع
وبجانب رغبتي في التعريف بأبحاث روزماري سعيد التي تستحق الانتشار بشكل أكبر، فروزماري نفسها تتحدث عن قلة الإنتاج المحايد والعلمي عن دول الخليج حيث أتاح ضعف الإنتاج المحلي سابقًا هيمنة الإنتاج الأجنبي على المؤلفات عن دول الخليج.
وتنظر هذه المؤلفات لدول الخليج على أنها مصدر لرأس المال وفرص العمل وسوق دولية للأسلحة والسلع الاستهلاكية ولا تعكس هذه الدراسات المصالح والاهتمامات الداخلية، كما كان هناك تهميش متعمد للكتابة عن دور دول الخليج في القضايا العربية.
كان المحرض للكتابة عن روزماري سعيد -بجانب قيمة طرحها- هو أن التوقيت الحالي مُلح لعرض مثل هذه الكتابات الرصينة الحيادية في زمن تصدر الحديث فيه عن القضايا الكبرى مجموعاتٌ تسطّح القضايا وتقتطع العبارات والأحداث من سياقها، وتلتقط أحداثًا عابرة لتبني عليها مواقف من قضايا إسلامية وعربية كبرى.
وفي هذه البيئة يتم التراشق -خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي- بين بعض الشباب العربي الحانق المحتدم الذي ينفي أي إسهام لدول الخليج في القضية الفلسطينية ويصل الأمر إلى أن يصفها بالخيانة، وربما سادت عند بعض من الجيل الخليجي الحالي قناعة أن من شروط الوطنية التخلي عن كل ما هو غير وطني ومحلي ونسف جهود سنوات طويلة، باعتبار أن ذلك تركيز على الداخل لبناء قوة، رغم أنه لا يمكن لأي بلد أن تكوّن قوة إقليمية واقتصادية وهي منكفئة على قضاياها الداخلية فقط ناهيك عن قضايا مصيرية تتعلق بمشتركات الهوية والدين والأمن الإقليمي.